الطيب صالح وظف التراث الشعبي معتمدا التصوُّف
خلال ملتقى استغافته البحرين... الناقد محمد المهدي:
المصلى - حبيب حيدر
18 فبراير 2010
قدم الأكاديمي والناقد السوداني محمد المهدي بشرى ورقة نقدية في أدب الطيب صالح وذلك في ملتقى (الطيب صالح) الذي نظمه النادي السوداني بالشراكة مع مركز كانو الثقافي، والتقينا به في برنامج «مسامرات ثقافية» لنتحاور معه حول أدب الطيب صالح.
- الباحث الأكاديمي السوداني محمد المهدي بشرى هل لك أن تحدثنا عن الورقة التي قدمتها خلال الملتقى في أدب الطيب صالح ؟
الورقة بعنوان « الصوت والصدى: قراءة في حوارات وأفكار وأراء الطيب صالح» وفكرة الورقة بإيجاز هي بعيدا عن إبداع الطيب صالح ورواياته وقصصه، وتأملا فيما ذكره من أراء وأفكار إلى آخره في الحوارات الكثيرة والمتعددة التي تمت معه، إذ حاولت أن أرى ما هي آراء الطيب صالح؟ من هم أساتذته؟ ما هو رأيه في النقد ما رأيه في كتاباته؟ من خلال أقواله المباشرة أو ما يتفوه به في هذه المقابلات.
توقفتَ مع الطيب صالح وسألته عن بعض شخوصه في روايته (موسم الهجرة إلى الشمال) وكان التساؤل الكبير مَن هو بطل رواية موسم الهجرة للشمال؟ هل الطيب صالح هو فعلا شخصية مصطفى سعيد أم لا، فماذا وجدت بعد تفتيشك في حوارات الطيب صالح؟
- هذا السؤال يكاد يكون سؤال أي كاتب، ويكاد يكون سؤالا مركزيا، فالطيب صالح كما لاحظته في الورقة وذكرت هو أصلا يرفض الربط بين الكاتب وشخوصه، وإلا فإنه يكون بذلك المرأة بنت المجذوب، أو يكون هو شخصية الزين، فهو يقول أنا أكتب من الخيال، ولكن قد تحمل إحدى الشخصيات بعضا مما عندي وسمة مني فأنا صاحب مصطفى سعيد، وعشت في لندن وتزوجت إنجليزية وليس هذا التطابق بالضرورة تطابقا حقيقيا لأن كثيرا من المثقفين وأبناء السودان الذين سافروا إلى انجلترا في الخمسينيات في نفس فترة الطيب صالح هم يقتربون من شخصية مصطفى سعيد بشكل أو بآخر لكن الطيب صالح نظريا يرفض هذا الأمر ويقول إذا هناك شخصية قريبة مني فهي إما شخصية الزين لأنه أهبل، أو شخصية « محيميد» هذه الشخصية أقرب إلى نفسي وأنا أتمنى أن يصفوني الناس به أو يقولون أنها تشبهني.
ما المسافة التي عادة يأخذها الكاتب ما بين واقعه وبين ما يكتبه ويبدعه، هل هي مسافة من الخيال، الاستلهام، التوظيف؟
- الرواية دائما تحتاج إلى اختمار الرواية ليست مثل الشعر، إذ أن الشعر انفعال سريع لكن الرواية اختمار، وربما لهذا الأمر نجد الطيب صالح مقلا في الرواية لأنها تحتاج إلى زمان طويل لكي تختمر التجربة ويعبر عنها الكاتب.
ما خلاصة سبرك لهذه الحوارات الكثيرة التي أدلى بها الطيب صالح وحاولت أن تتفحصها؟
- الخلاصة أن الطيب صالح كاتب جاد، على رغم أنه لا يحب الكتابة، لكنه عندما يكتب فهو يحترق، ويقرأ، ويطلع، وهو مثقف موسوعي ويحفظ الكثير جدا من الشعر ويعجب بالمتنبي وأبو نواس، ويعجب بشكسبير، هذا الجهد وهذا النجاح الكبير، لم يتأت من فراغ إنما هو حصيلة تجربة ضخمة جدا من الاطلاع، والتجربة الحياتية المعاشة.
تحدثت في ورقة أخرى حول توظيف المبدع السوداني لتراثه، وكيف استلهم هذا التراث، هل لك أن تحدثنا عن أهم ما طرحته في هذه الورقة؟
- الورقة تتحدث عن تجارب توظيف المبدع السوداني للتراث، وكيف فهمه هذا المبدع في أشكال مختلفة، في الرصد، في التشكيل، في الدراما، في الرواية إلى آخره، وكيف تعامل المبدع مع هذا التراث، وكيف أعاد إنتاجه، وما هي مستويات توظيف التراث، وإلى أي مدى نجح الكاتب في توظيف وفهم هذا التراث؟، وركزت على تجربة الطيب صالح التي أرى أنها تجربة ناجحة جدا وتجربة نموذجية في توظيف الكاتب للتراث.
ما الأنماط التي لجأ إليها الطيب صالح في توظيفه للتراث؟
الطيب صالح يعتمد على التراث الديني أو التصوف وعقلية أو ذهنية التصوف فكل شخوص الطيب صالح أو أغلب شخصياته من أولياء الله والصالحين أو الذين يدورون حول هؤلاء الأولياء والصالحين، وللتصوف سطوة كبيرة، وهذا أمر واقع في السودان فهذا الأمر مركزي وقيمة أساسية في كتابات الطيب صالح.
نلجأ إلى قراءة التراث من خلال الأدب الحديث، وما في الأدب الحديث من تراث. ألا يعيدنا هذا إلى نظرة ماضوية أو نظرة فيها شيء من الماضي حينما نرصد ما مضى في نص حديث؟
- هذا مهم إذ لا أستطيع أن أقرأ مثلا لكاتب من البحرين عندما يتحدث عن الخليج وأنا لا أفهم الخليج وليس عندي بحر، هذا الكاتب بطبيعة الحال وبالضرورة يتحدث عن بيئته وخصوصية هذه البيئة، فإذا لم يعبر عنها وإذا لم يفهمها لا يستطيع أن يعبر عنها بصدق، فيكون هذا الكاتب منبت ومنقطع الدور.
يشير البعض إلى أن توظيف التراث في الأدب هو حالة تصالحية مع الذات ومع هذا التراث ما تعليقك على ذلك؟
- هذا سليم واتفق مع هذا القول تماما.
العدد 2722 - الخميس 18 فبراير 2010م الموافق 04 ربيع الاول 1431هـ
صحيفة الوسط
خلال ملتقى استغافته البحرين... الناقد محمد المهدي:
المصلى - حبيب حيدر
18 فبراير 2010
قدم الأكاديمي والناقد السوداني محمد المهدي بشرى ورقة نقدية في أدب الطيب صالح وذلك في ملتقى (الطيب صالح) الذي نظمه النادي السوداني بالشراكة مع مركز كانو الثقافي، والتقينا به في برنامج «مسامرات ثقافية» لنتحاور معه حول أدب الطيب صالح.
- الباحث الأكاديمي السوداني محمد المهدي بشرى هل لك أن تحدثنا عن الورقة التي قدمتها خلال الملتقى في أدب الطيب صالح ؟
الورقة بعنوان « الصوت والصدى: قراءة في حوارات وأفكار وأراء الطيب صالح» وفكرة الورقة بإيجاز هي بعيدا عن إبداع الطيب صالح ورواياته وقصصه، وتأملا فيما ذكره من أراء وأفكار إلى آخره في الحوارات الكثيرة والمتعددة التي تمت معه، إذ حاولت أن أرى ما هي آراء الطيب صالح؟ من هم أساتذته؟ ما هو رأيه في النقد ما رأيه في كتاباته؟ من خلال أقواله المباشرة أو ما يتفوه به في هذه المقابلات.
توقفتَ مع الطيب صالح وسألته عن بعض شخوصه في روايته (موسم الهجرة إلى الشمال) وكان التساؤل الكبير مَن هو بطل رواية موسم الهجرة للشمال؟ هل الطيب صالح هو فعلا شخصية مصطفى سعيد أم لا، فماذا وجدت بعد تفتيشك في حوارات الطيب صالح؟
- هذا السؤال يكاد يكون سؤال أي كاتب، ويكاد يكون سؤالا مركزيا، فالطيب صالح كما لاحظته في الورقة وذكرت هو أصلا يرفض الربط بين الكاتب وشخوصه، وإلا فإنه يكون بذلك المرأة بنت المجذوب، أو يكون هو شخصية الزين، فهو يقول أنا أكتب من الخيال، ولكن قد تحمل إحدى الشخصيات بعضا مما عندي وسمة مني فأنا صاحب مصطفى سعيد، وعشت في لندن وتزوجت إنجليزية وليس هذا التطابق بالضرورة تطابقا حقيقيا لأن كثيرا من المثقفين وأبناء السودان الذين سافروا إلى انجلترا في الخمسينيات في نفس فترة الطيب صالح هم يقتربون من شخصية مصطفى سعيد بشكل أو بآخر لكن الطيب صالح نظريا يرفض هذا الأمر ويقول إذا هناك شخصية قريبة مني فهي إما شخصية الزين لأنه أهبل، أو شخصية « محيميد» هذه الشخصية أقرب إلى نفسي وأنا أتمنى أن يصفوني الناس به أو يقولون أنها تشبهني.
ما المسافة التي عادة يأخذها الكاتب ما بين واقعه وبين ما يكتبه ويبدعه، هل هي مسافة من الخيال، الاستلهام، التوظيف؟
- الرواية دائما تحتاج إلى اختمار الرواية ليست مثل الشعر، إذ أن الشعر انفعال سريع لكن الرواية اختمار، وربما لهذا الأمر نجد الطيب صالح مقلا في الرواية لأنها تحتاج إلى زمان طويل لكي تختمر التجربة ويعبر عنها الكاتب.
ما خلاصة سبرك لهذه الحوارات الكثيرة التي أدلى بها الطيب صالح وحاولت أن تتفحصها؟
- الخلاصة أن الطيب صالح كاتب جاد، على رغم أنه لا يحب الكتابة، لكنه عندما يكتب فهو يحترق، ويقرأ، ويطلع، وهو مثقف موسوعي ويحفظ الكثير جدا من الشعر ويعجب بالمتنبي وأبو نواس، ويعجب بشكسبير، هذا الجهد وهذا النجاح الكبير، لم يتأت من فراغ إنما هو حصيلة تجربة ضخمة جدا من الاطلاع، والتجربة الحياتية المعاشة.
تحدثت في ورقة أخرى حول توظيف المبدع السوداني لتراثه، وكيف استلهم هذا التراث، هل لك أن تحدثنا عن أهم ما طرحته في هذه الورقة؟
- الورقة تتحدث عن تجارب توظيف المبدع السوداني للتراث، وكيف فهمه هذا المبدع في أشكال مختلفة، في الرصد، في التشكيل، في الدراما، في الرواية إلى آخره، وكيف تعامل المبدع مع هذا التراث، وكيف أعاد إنتاجه، وما هي مستويات توظيف التراث، وإلى أي مدى نجح الكاتب في توظيف وفهم هذا التراث؟، وركزت على تجربة الطيب صالح التي أرى أنها تجربة ناجحة جدا وتجربة نموذجية في توظيف الكاتب للتراث.
ما الأنماط التي لجأ إليها الطيب صالح في توظيفه للتراث؟
الطيب صالح يعتمد على التراث الديني أو التصوف وعقلية أو ذهنية التصوف فكل شخوص الطيب صالح أو أغلب شخصياته من أولياء الله والصالحين أو الذين يدورون حول هؤلاء الأولياء والصالحين، وللتصوف سطوة كبيرة، وهذا أمر واقع في السودان فهذا الأمر مركزي وقيمة أساسية في كتابات الطيب صالح.
نلجأ إلى قراءة التراث من خلال الأدب الحديث، وما في الأدب الحديث من تراث. ألا يعيدنا هذا إلى نظرة ماضوية أو نظرة فيها شيء من الماضي حينما نرصد ما مضى في نص حديث؟
- هذا مهم إذ لا أستطيع أن أقرأ مثلا لكاتب من البحرين عندما يتحدث عن الخليج وأنا لا أفهم الخليج وليس عندي بحر، هذا الكاتب بطبيعة الحال وبالضرورة يتحدث عن بيئته وخصوصية هذه البيئة، فإذا لم يعبر عنها وإذا لم يفهمها لا يستطيع أن يعبر عنها بصدق، فيكون هذا الكاتب منبت ومنقطع الدور.
يشير البعض إلى أن توظيف التراث في الأدب هو حالة تصالحية مع الذات ومع هذا التراث ما تعليقك على ذلك؟
- هذا سليم واتفق مع هذا القول تماما.
العدد 2722 - الخميس 18 فبراير 2010م الموافق 04 ربيع الاول 1431هـ
صحيفة الوسط