لله ما بال أرضي هكذا ؟
مخلوعة الجذر والاوراق والثمرِ !
رويتها بالأمس وقد اعتلت
اشجارها الخضراء وناطحت الغيم َ ؟!
لله ما ذنبُ الزيتون الذي غدا
حاله كحال الرمل منبسطا
بعرق جبيني حفرت أرضي
زرعتها حتى بدت جنتي
سهرت لياليّ اسقيها
واليوم !
ويح اليوم ما فعلوا !
فِي كُلِّ لَيلَة
أَصِلُ لِلمَنزِلِ مُنهَكاً بَعدَ عَنَاءِ الاهتِمَامِ بِحقلِ الزّيتُون
يَتَحَلّقُ أَبنَائِي حَولِي أَحَدُهُم يَدعِو لِي وَ آخَرُ يُبدِي رَغبَتَهُ بِالمُسَاعَدَة
ثُمَّ أَشرَعُ بِإخبَارِهِم عَن حَقلِ الزّيتُونِ الذّي أَقُومُ بِزِرَاعَتِه
صَبَاحاً وَ بَعدَ أَن تَتَسَلّلَ أَشِعّةُ الشّمسِ مِن بَينِ حَبّاتِهِ
يَبدُو كَثُريّةٍ مُضَاءَةٍ فِي لَيلَةٍ مُعتِمَة
إِنّه ُشَمعَةُ الأمَلِ وَ النُّورِ الذّي نَنتَظِرُهُ جَمِيعاً
وَ حِينَمَا حَانَ القِطَاف
وَصَلتُ وَ أُسرَتِي إِلَى أَعتَابِ أَرضٍ خَاوِيَة
بِالكَادِ تَعَرّفتُ عَلَيهَا !
أرْضِي أَصبَحتَ " صَعيْدا جُزُرا " !
لَمْ أَجِدْ يَومَاً أَنْ أَجحَظَ بِعينَيّ
، وَلَكّنْ جُحُوظُهُمَا اليَوْمَ صَارَ فَرْضَاً
لَمْ أَتَمنّ يَومَاً أَنْ أُؤديِهِ اِنْدِهَاشَاً لِمَوطِنْي الصّغِيْر
بَعدَ اغتِصَابٍ كَبِيْرٍ
تَعَبُ الأَمسِ وَ كَأنّهُ لَمْ يَكُن بِالأَمسِ!
، هَلْ سَيُجدِي البُكَاءُ أَو العَويْلُ ؟
الصُّرَاخُ ؟
أَعلَمُ أنّهُ لَنْ يُغَيّرَ مِنْ مَجّرى الأُمُورِ شَيْئاً
أَو يَدْفَعَ شَجَرةً لِلحَرَكَةِ وَالعَوْدَةِ إِلى مَكَانِهَا ،
وَلَكِنْ لابُدّ مِنْهُ ، وَلَكِنْ أَيْضَاً لَيسَ أَمَامَ الجَمِيعِ!
، أَسْتَمْتِعُ الآنَ بِتَسَمُّرِ قَدَمَيّ فِيْ الأَرْضِ المَعْشُوقَةِ ،
سَامِحَا لعَينيّ بأن تَحمرّ وَ تَدمَعُ
،
يَتَعلّقُ فَأسِيَ المُخلّصِ بِكَتِفِيْ كَالطّفْلِ المَرْوُعِ ،
الجَميْعُ يتَفَقدُنّيْ بَعْدَ أَنْ بَكَوا وَفَعَلوا الشَيَء ذَاتَهٌ للأشَجَارِ المَنْكُوبَةِ
، كَيْفَ حَدَثَ كُلُّ هَذَا ؟
! أَلَمْ يَكْفِهُم اغْتِصَابُ الأرْضِ وَالعَرضِ ،
الدَمَ وَالأرْواحَ ، الطّاقَةَ وَمَا بَقِيَ مِنْ أَمَلٍ
حَتّى مَا بَقِىَ يَتَلمَسُّ النّورُ مِنْ أحَلامِي قَضَوا عَلّيِهِ !
ابَنَتِي رُقَيّة الصّغِيْرَةَ ،
فَرْحَتُها غَدَت وَجَعَاً ،
عَرَقُ ابْنِي حَسَن الذِيْ
فَاقَ مَا سَقَينَا بِهِ زَيتُونَنَا مِنْ مَاءِ
صَارَ" فُصّ مِلْحٍ وذَابَ " ! ،
شَرِيْطٌ عَامٌ مِنَ الِإرْهَاقِ المُفرِحِ مَر بِمُحَاذَاةِ نَاظِرَيَّ
، لَسْتُ أدَرِي أأقطَعُهُ أَمْ أَتْرُكُهُ يَمُرُّ مِنْ تِلْقاَءِ نَفْسِهِ ،
كُلٌّ مَشْهَدٍ يَعْبُرُ يَتْرُكُ فِيْ قَلْبيِ غُصّة مُوجِعَةً قَاِتَلة ،
، قَاضِيَة عَلى كُلّ أَحْلامِي !
لِوَهلةٍ ، بَدَتْ الأشْجَارُ فِيْ عَيَنَيّ جُثًثًا لِأحِبّةٍ فَارَقُونَا مُنْذٌ أَكْثَرَ مِن سِتّيِنَ عَامَاً وَنَيفٍ ،
فِيٍ دِيِر يَاسِينَ ، لَيتْنَيْ لَحِقْتُ بِكُم ، يَا لَيْتَ ، يَا لَيْتَ !
فَكرتُ للِحَظّةٍ : " وَلَكِنْ لا تَزَالُ أَمَامِيَ الفُرْصَةُ !
أَسْفَلُ سَرِيْري حِزَامٌ نَاسِف ٌ!
السّوُق مَكْتظُّ بالمُسْتَوطِنينَ
. هكذا كَانَ سَيَحْدُثُ كُل شَيءٍّ ، مِنْ تِلقَاءِ نَفْسِهِ ،
تَمَاماً كَمَا يَطْوي الّليلُ النّهَارَ ،
كُنتُ سَأصْعَدُ بِرُوحِي إِلىْ الجَنّةِ ،
بَعدَ رَكلْي أَروَاحَ تِسْعةِ مُسْتَوطِنِينَ إِلى النّارِ ،
ذَهَاباً إِلىَ اللَانِهَايّة ، وَبِلا رَجْعَةٍ "
لكّنني عُدْتُ إلى الوَاقِعِ
لأرَى أسرَتيْ حَوليْ
كَيفَ كُنتُ سَأترَكَهم
يُقاسونَ الحَياةَ لِوحدِهم
هَلْ أستَسلِمُ وَابنْي حَسَن لا زَال يصنَعُ تِلكَ الابتسامة !
صَحيحٌ أن المُستَوطِنُونَ الأوغَاد لاَ يَدَعُونَنَا وَ شَأنُنَاّ !
وَلكَنّهم عَبَثًا يُحَاوِلُونَ قَطعَنَا مِنْ هَذِهِ الأَرضِ !
هَيهَات!
نَحنُ الفِلِسطِينِيين
قَدِ اعتَدنَا الفَقد
فَكُلٌ مِنَّا يَفقِدُ شَيئاً فِي كُلِّ يَوم
مَنزِل، أَم، أَخ، عَائِلَة، صَدِيق، ذِرَاع وَ حَتّى دُميَة!
وَ الحَقلُ لَمْ يَكُن سِوَى أَحَدِ هَذِهِ الأَشيَاء!
تَباً لِهَذَا الرُوتِينِ القَاتِلِ الذِي نَعِيشُهُ كَرَهاً!
مَعَ ذَلكَ سَأحفِرُ أرضيْ
وسَأزرَعُ زَيتونِيْ
سَأحصِدُّ ثَمَريْ
وَسَيُطردُ المُحتَلّ مِنْ وَطَني
صَبرٌ جَمِيل فَقًط ..
واللهُ عَلَى مَا أقولُ شَهيد..
أَنا وَ إنْ أحرقُوا أرضيْ ............................
وَإنْ اقتَلَعوا شَجريْ ...........................
سأبقَى أحمِلُ فَأسي ...........................
وَسأبْنيْ منَ البِدايةِ جَنتيْ ...........................
حتَى وَإنْ لَفظَتُ أَنفَاسي ...........................
سَأوصيْ بِها أبْنائيْ ............,,,,...........
َزوجتِي وَ أحفاديْ ...........................
سَيُثمِر زَيتونِي ...........................
رُغمَ أنفِ المُستَوطِنِ ...........................
لَنْ أيأسَ مِن رَبيْ ...........................
فَهوَ بِنصرٍ قَريبٍ ...........................
قَدْ وَ عَدَني ........................... ..