روجر هاردي
محلل شؤون الشرق الأوسط
يتردد الغرب بشأن الأزمة في مصر - حيث ينتقد القادة العسكريين المصريين لكن يتحفظ على قطع الروابط معهم. لكن في الوقت نفسه، لا يواجه حلفاء للغرب في الشرق الأوسط مثل هذا الأمر.
هؤلاء الحلفاء شعروا بالفراغ السياسي الذي خلّفه الغرب، ويسارعون لسد هذا الفراغ.
وتضع السعودية تحديدا نفسها كأكبر داعم لنظام الحكم المدعوم من الجيش في القاهرة. ففي زجر محسوب لواشنطن، أعلن أمراء سعوديون أنهم سيزيدوا الدعم لمصر إذا قطعه الأمريكيون.
ويأتي هذا في أعقاب تعهدهم - مع حلفائهم الخليجيين في الكويت والإمارات - بتقديم 12 مليار دولار إلى مصر، مباشرة بعد عزل الرئيس محمد مرسي في يوليو/ تموز.
وحيث يرى الغرب معضلة، يرى السعوديون فرصة لإضعاف أو حتى تدمير عدوهم الإقليمي: الإخوان المسلمين
من الخوف إلى جنون الشك
ولا يخلو الموقف من سخرية.
فقد ظلت السعودية على مدى عقود تستخدم ثروتها من عوائد النفط في تمويل الإخوان وحركات إسلامية أخرى في أنحاء العالم. لكن في السنوات الأخيرة، اعتبر حكام السعودية على نحو متزايد الإسلاموية بمثابة تهديد لهم ولأصدقائهم.
هذا الخوف تحوّل في عام 2011 إلى جنون الشك عندما أطيح بالرئيس حسني مبارك الذي كان أحد حلفائهم الرئيسيين.
بالنسبة للسعوديين، لم تتخل إدارة الرئيس الأمريكي باراك اوباما عن صديق وفي فحسب، وإنما ألقت مصر في براثن الإسلاميين.
وكان كابوس الكثير من السعوديين والخليجيين أن الإسلاموية التي احتلت مساحة كبيرة من شمال أفريقيا ستسيطر كذلك على بلادهم.
ومع خروج نظريات المؤامرة، فإنها تكون بالكاد مقنعة.
لكنها تساعد على فهم الإسراف في دبلوماسية الشيكات السعودية، والدوافع وراء اعتقال العشرات في الإمارات بزعم التخطيط لقلب نظام الحكم.
عكس التيار
دولتان في المنطقة سلكتا مسارا معاكسا. فمنذ بداية الربيع العربي، دعمت تركيا وقطر الحركات الإسلامية في مصر وتونس وغيرها.
وبالنسبة لهما، كان خلع الإخوان المسلمين في مصر بمثابة صدمة وانتكاسة. والسياسة الخارجية التي بدت منذ عام فقط، تبدو الآن بوضوح محفوفة بالمخاطر.
وأصبحت الدولتان كمشجعي حركة مصابة بكدمات وتتخذ موقفا دفاعيا.
وبالمثل، فإن إطاحة الرئيس مرسي لم تكن بأقل من كارثة بالنسبة للإسلاميين الذين يقودون الحكومة في تونس. فقد خسروا حليفا رئيسا فيما يتدنى التوافق السياسي في بلدهم بشدة.
في هذه الأثناء، إذا استطاع القادة العسكريون في مصر الاعتماد على العرب الأثرياء بالنفط، فإنهم سيتمتعون بنوع آخر من الدعم - لأسباب مختلفة - من إسرائيل.
فالإسرائيليون ينظرون لمصر من المنظور الضيق لمخاوفهم الأمنية. فمع اضطراب المنطقة، يريد الإسرائيليون نظام حكم في القاهرة يمارس أقصى ضغط ممكن على حركة حماس الإسلامية التي تحكم قطاع غزة، وهو ما يدعم معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل.
ومن ثم فهم أكثر ارتياحا مع نظام حكم يهيمن عليه القادة العسكريون من نظام يقوده الإخوان المسلمون.
وعندما طالب سناتور جمهوري في واشنطن بقطع الدعم العسكري الأمريكي عن مصر ردا على إطاحة مرسي، تحرك اللوبي الداعم لإسرائيل لمعارضته.
ثمن واجب الدفع
ولا يعني أي من هذا أن القادة العسكريين المصريين ينعمون بالراحة.
فأموال الخليج من عوائد النفط قد تساعدهم في الحفاظ على الاقتصاد المصري المترنح قائما، لكنها لن تفعل شيئا لحل المشاكل الكامنة. ففي واقع الأمر، يخشى خبراء الاقتصاد من أن الدعم الخليجي سيستخدم بالكاد لتجنب قرارات صعبة إزاء الإصلاح الاقتصادي الضروري.
بالإضافة إلى ذلك، إذا أنصت القادة العسكريون لنصح أصدقائهم الخليجيين وفضّلوا الاستقرار على الديمقراطية - بغض النظر عن التكلفة البشرية - سيكون هناك ثمن واجب الدفع.
إذا أصروا على التعامل مع حلفائهم الغربيين باستعلاء أقرب للازدراء، فسوف يجازفون بالتعرض لعزلة دولية، ويغامرون باستمرار الدعم والتعاون الاقتصادي.
ما قد يثير مخاوفهم أكثر أنه إذا استمر العنف ولم توجد عملية سياسية جادة - وهذان تطوران يتوقعهما كثير من الخبراء - فإنهم ربما يبدأوا فقدان دعم الشعب المصري.
حتى هذا اليوم ظل الدعم قويا على نحو لافت. لكن إذا اتضح أن إطاحة مرسي نذير بثورة مضادة - لسحق الآمال التي تولدت في فبراير/ شباط 2011 - فإن الغضب في الشارع قد ينصب على بؤرة جديدة
محلل شؤون الشرق الأوسط
يتردد الغرب بشأن الأزمة في مصر - حيث ينتقد القادة العسكريين المصريين لكن يتحفظ على قطع الروابط معهم. لكن في الوقت نفسه، لا يواجه حلفاء للغرب في الشرق الأوسط مثل هذا الأمر.
هؤلاء الحلفاء شعروا بالفراغ السياسي الذي خلّفه الغرب، ويسارعون لسد هذا الفراغ.
وتضع السعودية تحديدا نفسها كأكبر داعم لنظام الحكم المدعوم من الجيش في القاهرة. ففي زجر محسوب لواشنطن، أعلن أمراء سعوديون أنهم سيزيدوا الدعم لمصر إذا قطعه الأمريكيون.
ويأتي هذا في أعقاب تعهدهم - مع حلفائهم الخليجيين في الكويت والإمارات - بتقديم 12 مليار دولار إلى مصر، مباشرة بعد عزل الرئيس محمد مرسي في يوليو/ تموز.
وحيث يرى الغرب معضلة، يرى السعوديون فرصة لإضعاف أو حتى تدمير عدوهم الإقليمي: الإخوان المسلمين
من الخوف إلى جنون الشك
ولا يخلو الموقف من سخرية.
فقد ظلت السعودية على مدى عقود تستخدم ثروتها من عوائد النفط في تمويل الإخوان وحركات إسلامية أخرى في أنحاء العالم. لكن في السنوات الأخيرة، اعتبر حكام السعودية على نحو متزايد الإسلاموية بمثابة تهديد لهم ولأصدقائهم.
هذا الخوف تحوّل في عام 2011 إلى جنون الشك عندما أطيح بالرئيس حسني مبارك الذي كان أحد حلفائهم الرئيسيين.
بالنسبة للسعوديين، لم تتخل إدارة الرئيس الأمريكي باراك اوباما عن صديق وفي فحسب، وإنما ألقت مصر في براثن الإسلاميين.
وكان كابوس الكثير من السعوديين والخليجيين أن الإسلاموية التي احتلت مساحة كبيرة من شمال أفريقيا ستسيطر كذلك على بلادهم.
ومع خروج نظريات المؤامرة، فإنها تكون بالكاد مقنعة.
لكنها تساعد على فهم الإسراف في دبلوماسية الشيكات السعودية، والدوافع وراء اعتقال العشرات في الإمارات بزعم التخطيط لقلب نظام الحكم.
عكس التيار
دولتان في المنطقة سلكتا مسارا معاكسا. فمنذ بداية الربيع العربي، دعمت تركيا وقطر الحركات الإسلامية في مصر وتونس وغيرها.
وبالنسبة لهما، كان خلع الإخوان المسلمين في مصر بمثابة صدمة وانتكاسة. والسياسة الخارجية التي بدت منذ عام فقط، تبدو الآن بوضوح محفوفة بالمخاطر.
وأصبحت الدولتان كمشجعي حركة مصابة بكدمات وتتخذ موقفا دفاعيا.
وبالمثل، فإن إطاحة الرئيس مرسي لم تكن بأقل من كارثة بالنسبة للإسلاميين الذين يقودون الحكومة في تونس. فقد خسروا حليفا رئيسا فيما يتدنى التوافق السياسي في بلدهم بشدة.
في هذه الأثناء، إذا استطاع القادة العسكريون في مصر الاعتماد على العرب الأثرياء بالنفط، فإنهم سيتمتعون بنوع آخر من الدعم - لأسباب مختلفة - من إسرائيل.
فالإسرائيليون ينظرون لمصر من المنظور الضيق لمخاوفهم الأمنية. فمع اضطراب المنطقة، يريد الإسرائيليون نظام حكم في القاهرة يمارس أقصى ضغط ممكن على حركة حماس الإسلامية التي تحكم قطاع غزة، وهو ما يدعم معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل.
ومن ثم فهم أكثر ارتياحا مع نظام حكم يهيمن عليه القادة العسكريون من نظام يقوده الإخوان المسلمون.
وعندما طالب سناتور جمهوري في واشنطن بقطع الدعم العسكري الأمريكي عن مصر ردا على إطاحة مرسي، تحرك اللوبي الداعم لإسرائيل لمعارضته.
ثمن واجب الدفع
ولا يعني أي من هذا أن القادة العسكريين المصريين ينعمون بالراحة.
فأموال الخليج من عوائد النفط قد تساعدهم في الحفاظ على الاقتصاد المصري المترنح قائما، لكنها لن تفعل شيئا لحل المشاكل الكامنة. ففي واقع الأمر، يخشى خبراء الاقتصاد من أن الدعم الخليجي سيستخدم بالكاد لتجنب قرارات صعبة إزاء الإصلاح الاقتصادي الضروري.
بالإضافة إلى ذلك، إذا أنصت القادة العسكريون لنصح أصدقائهم الخليجيين وفضّلوا الاستقرار على الديمقراطية - بغض النظر عن التكلفة البشرية - سيكون هناك ثمن واجب الدفع.
إذا أصروا على التعامل مع حلفائهم الغربيين باستعلاء أقرب للازدراء، فسوف يجازفون بالتعرض لعزلة دولية، ويغامرون باستمرار الدعم والتعاون الاقتصادي.
ما قد يثير مخاوفهم أكثر أنه إذا استمر العنف ولم توجد عملية سياسية جادة - وهذان تطوران يتوقعهما كثير من الخبراء - فإنهم ربما يبدأوا فقدان دعم الشعب المصري.
حتى هذا اليوم ظل الدعم قويا على نحو لافت. لكن إذا اتضح أن إطاحة مرسي نذير بثورة مضادة - لسحق الآمال التي تولدت في فبراير/ شباط 2011 - فإن الغضب في الشارع قد ينصب على بؤرة جديدة