من شاعرات العصر الأموي الشاعـــــــــرة الرحّالــــــــة ليلـــــــــى الأخيليـــــــــة




اعداد : خلود غنام
الجمعة 9-3-2007
من أهم شاعرات العرب المتقدمات في الاسلام و لا يتقدمها أحد من النساء سوى الخنساء ، هي ليلى بنت عبد الله بن الرحال و سميت الرحالة . معاصرتها للأحداث السياسية : عاصرت ليلى الأخيلية اهم أحداث عصرها السياسية و لكن شعرها خلا من تلك الاحداث باستثناء رثائها لعثمان

الذي استشهد سنة 35 هـ، برزت ليلى بجمالها الذي سلب عقل توبة ،و شجاعتها التي مكنتها من التصدي لاكبر الشخصيات ،و مقدرتها على اسكات فحول الشعراء بشاعريتها الواضحة في شعرها ، و عفتها التي حافظت عليها مع من تعشقه طوال عمرها .‏

نشأت ليلى منذ صغرها مع ابن عمها توبة بن الحمير والمشهور عنها انها عشقت توبة و عشقها ،و كان يوصف بالشجاعة و مكارم الاخلاق و الفصاحة ، و لكن رفض والد ليلى كان عائق زواجهما لانتشار امرهما ، و قصة الحب بين الناس .‏

تزوجت ليلى مرتين ، و كان زوجها الاول من الاذلعي و من أهم صفات زوجها الاول انه كان غيوراً جداً ، و بعض القصص تقول انه طلقها لغيرته الشديدة من توبة ، و قصص اخرى انه مات عنها ، أما عن زوجها الثاني فهو سوار بن اوفي القشيري و الملقب بابن الحيا، و كان سوار شاعراً مخضرماً من الصحابة و يقال انها انجبت له العديد من الاولاد .‏

ليلى و كبار الامراء :‏

كانت ليلى مشهورة بين الامراء و الخلفاء ، فحظيت بمكانة لائقة و احترام كبير :‏

أ- ذات يوم وفدت ليلى على معاوية بن ابي سفيان لديها عدة قصائد مدحته فيها ، و قصيدة لها وصفت فيها ناقتها التي كانت تجوب الارض لتصل الى معاوية فيجود عليها من كرمه .‏

ب- و كانت ليلى على علاقة وثيقة بالحجاج بن يوسف و بالامويين عامة ، و يذكر ذات يوم انها دخلت على الحجاج ، فاستؤذن لليلى فقال الحجاج: من ليلى ؟ قيل الاخيلية صاحبة توبة ، فقال : ادخلوها ، فدخلت امرأة طويلة دعجاء العينين ، حسنة المشية ، حسنة الثغر ، و عند دخولها سلمت فرد عليها الحجاج ورحب بها ، ثم قالت : ألا أنشدك ؟ فقال : اذا شئت ، فقالت :‏

أحجاج لا يفلل سلاحك انما المنايا بكف الله حيث تراها‏

اذا هبط الحجاج ارضاً مريضة تتبع اقصى دائها فشفاها‏

شفاها من الداء العضال الذي بها غلام اذا هز القناة سقاها‏

سقاها دماء المارقين و علها اذا جمحت يوماً و خيف اذاها‏

اذا سمع الحجاج صوت كتيبة اعد لها قبل النزول قراها‏

و بعد انتهائها قال الحجاج : لله ما اشعرها ، و امر لها بخمسمائة درهم ، و خمسة اثواب و خمسة جمال ، و بعد مسيرها اقبل الحجاج على مجلسه ، و قال : اتدرون من هذه ؟ قالوا: لا و الله ما رأينا امرأة افصح و ابلغ و لا احسن انشاداً ، قال : هذه ليلى صاحبة توبة ، و لم يكن الحجاج يظهر بشاشته و لا سماحته في الخلق إلا في اليوم الذي دخلت عليه ليلى الاخيلية .‏

خصائص شعرها :‏

شاعرة فاقت اغلب الفحول من الشعراء ، و شهدوا لها بالفصاحة و الابداع ، و بعضهم كان يقدمها على الخنساء عندما كان أشراف قريش مجتمعين في مجلس يتذاكرون الخنساء الاخيلية ثم اجمعوا ان الاخيلية افصحهما ، و ان ليلى اكثر تصرفاً و اغزر بحراً و اقوى لفظاً و لكن الخنساء اغلب قصائدها الرثاء .‏

و احتواء شعرها على العديد من الحكم و الامثال مثل‏

( و لا تقولن لشيء سوف افعله قد قدر الله ما كل امرئ لاق )‏

امتزاج شعرها بفيض العاطفة و خاصة رثائها لتوبة‏

فآليت لا أنفك ابكيك ما دعت على فنن ورقاء او طار طائر‏

قتيل بني عوف فيا لهفتا له و ما كنت اياهم عليه احاذر‏

و تتسم العاطفة في شعرها بالهدوء و الاستسلام للقدر على شيء من التفلسف و التأمل في الوجود ،‏

و من اشعارها التي كانت تفتخر فيها بقومها :‏

نحن الاخايل لا يزال غلامنا حتى يدب على العصا ، مشهورا‏

تبكي الرماح اذا فقدن اكفنا جزعاً و تعرفنا الرفاق بحورا‏

وفاتها : اقلبت ليلى من سفر و ارادت ان تزور قبر توبة ذات يوم و معها زوجها الذي كان يمنعها ، و لكنها قالت : و الله لا ابرح حتى اسلم على توبة فلما رأى زوجها اصرارها تركها تفعل ما تشاء ، ووقفت امام قبر توبة و قالت : السلام عليك يا توبة ثم قالت لقومها ما عرفت له كذبة قط قبل هذا فلما سألوها عن ذلك: فقالت : أليس هو القائل‏

و لو ان ليلي الاخيلية سلمت علي ، و دوني تربة و صفائح‏

لسلمت يسلم البشاشة اوصاح اليها صدى من جانب القبر صائح‏

فما باله لم يلم علي كما قال ؟! و كانت بجانب القبر بومة فلما رأت الهودج فزعت و طارت في وجه الجمل الذي ادى الى اضطرابه و رمى ليلي على رأسها و ماتت في نفس الوقت و دفنت بجانب قبر توبة ، و كانت المنطقة تعرف بالري ، و كان ذلك في سنة 58 هـ.‏