والأمر الثاني: وهو فرض صوم رمضان على مؤمني هذه الأمة، فإن صوم رمضان هو أحد أركان هذا الدين العظام، بدليل قوله عليه الصلاة والسلام: { بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان } رواه البخاري(8 / 4524)، ومسلم (16)، من حديث عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما.
وقد فُرض الصيام على الأمة الإسلامية بعد هجرة المصطفى عليه الصلاة والسلام من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، وذلك في السنة الثانية في شهر شعبان على رأس ثمانية عشر شهرا من هجرة نبينا عليه الصلاة والسلام ( انظر نيل المآرب في تهذيب شرح عمدة الطالب لعبد الله البسام: 2 /93. ) .
والأمر الثالث: وهو أنَّ فَرْض الصيام لم تختص به هذه الأمة، بل ذلك كان مشروعا ومفروضا على من سبق من الأمم، فإنه قبل أن يُفرض الله تعالى صيام رمضان على هذه الأمة، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما وصل إلى المدينة المنورة قد وجد اليهود يصومون يوم عاشوراء وهو العاشر من شهر محرم، فسألهم عن سبب صومهم لذلك اليوم، فأجابوه بأنه يوم صالح نجَّى الله سبحانه وتعالى فيه موسى عليه السلام وقومَه من عدوِّهم فرعون وجنوده، فصامه موسى عليه السلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: { نحن أحق بموسى منكم فصامه رسول الله عليه الصلاة والسلام وأمر المؤمنين بصومه، } كما ( أخرجه البخاري من حديث عبد الله بن عباس ) .
ولا أشكُّ أن هذا قد كفاك دليلا على أن عبادة الصيام قد كانت معروفة ومشروعة في الأمم قبلنا، فما سبق هو شيء من صيام اليهود من بني إسرائيل لليوم العاشر من شهر محرم، وأما النصارى وهم أتباع نبي الله عيسى عليه السلام، فقد كان كُتب عليهم أن لا يأكلوا ولا يشربوا بعد النوم ولا ينكحوا النساء شهر رمضان، فاشتد ذلك على النصارى، وجعل يتقلب عليهم في الشتاء والصيف، فلما رأوا ذلك اجتمعوا فجعلوا صياما في الفصل بين الشتاء والصيف. وقالوا: نزيد عشرين يوما نُكفِّر بها ما صنعنا، فجعل صيامهم خمسين يوما ( التوضيح لشرح الجامع الصحيح، لابن الملقن، 13 /13. ) .
وبهذا يتبيَّن لك ما جاء في قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ ، ( سورة البقرة آية: 183 ) فإنه أخبرنا بهذا أنه فرض الصوم على الذين من قبلنا، فذكر الله تعالى أنه فرضه على من قبلنا تسلية لنا؛ لأن الإنسان إذا علم أن هذا الشيء له ولغيره هان عليه، وذكر الله تعالى فرض الصيام أيضا من أجل أن يبين أنه جل وعلا أكمل لنا الفضائل، كما أكمل لمن سبقنا ما شاء من الفضائل ( انظر شرح رياض الصالحين لابن عثيمين: 5 / 260. ) ؛ ولأن الصوم من الشرائع والأوامر التي هي مصلحة للخلق في كل زمان، ففيه تنشيط لهذه الأمة بأنه ينبغي لها أن تنافس غيرها في تكميل الأعمال، والمسارعة إلى صالح الخصال، وأنه ليس من الأمور الثقيلة التي اختصت بها ( انظر تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان لابن السعدي: ص 86 . ) .
الأمر الرابع: ذكر الغاية والمقصود أو لنَقُلْ الحكمة من فرض الصيام، وهو ما يتحقق بالصوم من تقوى الله جل وتعالى، نعم تقوى الله جل شأنه، التي هي وصيته للأوَّلين والآخرين، كما قال تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا ﴾ . ( سورة النساء: 131 ) ، وقال هنا في ختام آية فريضة الصيام: ﴿ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ ( سورة البقرة آية: 183 ) ، التقوى تلك الخصلة التي من أُوتيَها كُفي مؤونة الدنيا والآخرة، أتقول: كيف؟؟! إذن لا نكثر عليك فإليك هذه الآيات، وقِفْ معها وقفة تأمُّل: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا. وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ﴾ . ( سورة الطلاق: 2-3. )
فشكرا لله تعالى أوَّلا وآخرا، على ما هدى إليه هذه الأمة، بتنزيل أعظم منزَّل من السماء، وإرسال أفضل رسل من الأنبياء، فاللهم سدِّدْنا ووفقنا ومسِّكنا على الإسلام إلى يوم اللقاء.
وقد فُرض الصيام على الأمة الإسلامية بعد هجرة المصطفى عليه الصلاة والسلام من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، وذلك في السنة الثانية في شهر شعبان على رأس ثمانية عشر شهرا من هجرة نبينا عليه الصلاة والسلام ( انظر نيل المآرب في تهذيب شرح عمدة الطالب لعبد الله البسام: 2 /93. ) .
والأمر الثالث: وهو أنَّ فَرْض الصيام لم تختص به هذه الأمة، بل ذلك كان مشروعا ومفروضا على من سبق من الأمم، فإنه قبل أن يُفرض الله تعالى صيام رمضان على هذه الأمة، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما وصل إلى المدينة المنورة قد وجد اليهود يصومون يوم عاشوراء وهو العاشر من شهر محرم، فسألهم عن سبب صومهم لذلك اليوم، فأجابوه بأنه يوم صالح نجَّى الله سبحانه وتعالى فيه موسى عليه السلام وقومَه من عدوِّهم فرعون وجنوده، فصامه موسى عليه السلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: { نحن أحق بموسى منكم فصامه رسول الله عليه الصلاة والسلام وأمر المؤمنين بصومه، } كما ( أخرجه البخاري من حديث عبد الله بن عباس ) .
ولا أشكُّ أن هذا قد كفاك دليلا على أن عبادة الصيام قد كانت معروفة ومشروعة في الأمم قبلنا، فما سبق هو شيء من صيام اليهود من بني إسرائيل لليوم العاشر من شهر محرم، وأما النصارى وهم أتباع نبي الله عيسى عليه السلام، فقد كان كُتب عليهم أن لا يأكلوا ولا يشربوا بعد النوم ولا ينكحوا النساء شهر رمضان، فاشتد ذلك على النصارى، وجعل يتقلب عليهم في الشتاء والصيف، فلما رأوا ذلك اجتمعوا فجعلوا صياما في الفصل بين الشتاء والصيف. وقالوا: نزيد عشرين يوما نُكفِّر بها ما صنعنا، فجعل صيامهم خمسين يوما ( التوضيح لشرح الجامع الصحيح، لابن الملقن، 13 /13. ) .
وبهذا يتبيَّن لك ما جاء في قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ ، ( سورة البقرة آية: 183 ) فإنه أخبرنا بهذا أنه فرض الصوم على الذين من قبلنا، فذكر الله تعالى أنه فرضه على من قبلنا تسلية لنا؛ لأن الإنسان إذا علم أن هذا الشيء له ولغيره هان عليه، وذكر الله تعالى فرض الصيام أيضا من أجل أن يبين أنه جل وعلا أكمل لنا الفضائل، كما أكمل لمن سبقنا ما شاء من الفضائل ( انظر شرح رياض الصالحين لابن عثيمين: 5 / 260. ) ؛ ولأن الصوم من الشرائع والأوامر التي هي مصلحة للخلق في كل زمان، ففيه تنشيط لهذه الأمة بأنه ينبغي لها أن تنافس غيرها في تكميل الأعمال، والمسارعة إلى صالح الخصال، وأنه ليس من الأمور الثقيلة التي اختصت بها ( انظر تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان لابن السعدي: ص 86 . ) .
الأمر الرابع: ذكر الغاية والمقصود أو لنَقُلْ الحكمة من فرض الصيام، وهو ما يتحقق بالصوم من تقوى الله جل وتعالى، نعم تقوى الله جل شأنه، التي هي وصيته للأوَّلين والآخرين، كما قال تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا ﴾ . ( سورة النساء: 131 ) ، وقال هنا في ختام آية فريضة الصيام: ﴿ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ ( سورة البقرة آية: 183 ) ، التقوى تلك الخصلة التي من أُوتيَها كُفي مؤونة الدنيا والآخرة، أتقول: كيف؟؟! إذن لا نكثر عليك فإليك هذه الآيات، وقِفْ معها وقفة تأمُّل: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا. وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ﴾ . ( سورة الطلاق: 2-3. )
فشكرا لله تعالى أوَّلا وآخرا، على ما هدى إليه هذه الأمة، بتنزيل أعظم منزَّل من السماء، وإرسال أفضل رسل من الأنبياء، فاللهم سدِّدْنا ووفقنا ومسِّكنا على الإسلام إلى يوم اللقاء.