قال رسولُ الله صلَّ اللهُ عليهِ وسلَّم : ( إنك لَن تدَع شيئًا للهِ
عزَّ وجلَّ إلا بدَلك اللهُ به ما هو خيرٌ لكَ منه ) صحَّحَ الألبانيُّ
إسنادَه في السلسلة الصحيحة .
تُشْحَذُ الهَمَمُ ، وتُحَثُ على الزُّهدِ في الدنيا وطلب الآخرة ، وعلى
البذل في سبيل الله ؛ طلبًا لثوابِهِ ، مع اليقين أنَّ العِوَضَ لِمَا
تُرِكَ لأجل الله خَيرٌ مِمَّا تُرِك .
ما يتركه المُؤمنُ في هذه الدنيا لله - ولو كان حقًا خاصًّا - سيُعطيه
اللهُ خيرًا منه ، ولا شَكَّ في أنَّه خيرٌ مِمَّا فَقَدَه وتَرَكَه لله .
مِنَ العِوَضِ بعد البَذلِ والتَّركِ لله : ( ما نقُصتْ صدقةٌ مِن مالٍ ،
وما زاد اللهُ عبدًا بعفوٍ إلَّا عزًّا ، وما تواضَع أحدٌ للهِ إلَّا رفعه
اللهُ ) رواه مسلم .
مِمَّا يُستدَلُّ بِهِ على فَضلِ بذلِ الشيءِ للهِ ، وتَركِهِ لله ، قولُه تعالى :
﴿ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ﴾ سبأ/39 .
( وما زاد اللهُ عبدًا بعفوٍ إلَّا عزًّا ) رواه مسلم : مَن تَرَكَ أخذَ حَقِّهِ
مع قُدرتِهِ ، عَوَّضَه اللهُ شَرَفَ النَّفْسِ وعِزَّهَا ، وتَرَفُّعَها بِعِزٍّ ربانيٍّ -
مع أنَّ الحَقَّ له - جزاءًا ليس فيه ذِلَّةٌ أو مَهانة .
مَن تَرَكَ التَّكَبُّرَ والتَّعالِي ، وتَوَاضَعَ ، كانت الرِّفعَةُ ، وعُلُوُّ المكانةِ
مِن نصيبه : ( وما تواضَع أحدٌ للهِ إلَّا رفعه اللهُ ) رواه مسلم .
فماذا بعد رَفْعِ اللهِ لَهُ ؟! ألا يكفي هذا عِوَضًا ..؟!
العِوَضُ مِنَ الله مُختلِفٌ ، وأَجَلُّ ما يُعَوَّضُ بِهِ : الأُنْسُ بالله ،
ومَحَبَّتُهُ ، وطُمأنينةُ القلبِ بِهِ ، مع ما يلقاه مِن جَزاءٍ في الدنيا ،
وما ينتظره مِنَ الجزاءِ الأوفَى في الآخِرة .
العاقِلُ الحَازِمُ يَتَبَصَّرُ في الأمور ، ويَنظُرُ في العَواقِبِ ، ولا يُؤثِر
الَّلذةَ الحاضِرَةَ الفانِيَةَ على الَّلذةِ الآجِلَةِ الباقِيَة . فمَا أعظمَ العِوَضِ
مِنَ اللهِ إنْ كان الترك لَه .
]