من فوائد السجود
عن
ربيعة بن كعب الأسلمي رضي الله عنه قال: كنت أبيت مع رسول الله صلى الله
عليه وسلم فأتيته بوضوئه وحاجته فقال لي: " سل؟ ". فقلت: أسألك مرافقتك في
الجنة، قال: " أو غير ذلك" قلت: هو ذاك. قال: " فأعني على نفسك بكثرة
السجود "1.
في هذا الحديث فوائد فريدة، وحكم سديدة؛ منها:
1-
أن السجود سبب لرفع الدرجات، وحط الخطايا والسيئات؛ كما جاء في حديث عبادة
بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما من
مسلم يسجد لله سجدة إلا يرفعه الله بها درجة وحط عنه خطيئة " 5.
2-
أن السجود سبب من أسباب حصول الشفاعة والفوز بالجنة؛ لما روي عن كعب قوله:
أسألك أن تشفع لي إلى ربك فيعتقني من النار؟...فقال: " أعني بكثرة السجود
"6.
3
- أن أقرب حالة، وأفضل هيئة السجود، فإذا ما دعا الساجد ربه وهو على تلك
الحالة أجابه، وإذا ما سأله أعطاه، لما روي عنه صلى الله عليه وسلم " أقرب
ما يكون العبد من ربه وهو ساجد " 7. وقال الله - تعالى- لنبيه: { كَلَّا
لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} 8.
4-
أن السجود سمة من سمات عباد الله الصالحين، قال تعالى: { رُكَّعًا
سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي
وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ } 9.
5-
فضيلة ومنقبة لربيعة بن كعب رضي الله عنه، وذلك أنه كان ممن يخدم النبي
صلى الله عليه وسلم, وعلو همته، وشرف وحسن مقصده، ورغبته عن الدنيا، وحبه
للآخرة.
6- الحث والترغيب في كثرة السجود.
7- أن السجود غاية التواضع والعبودية لله – تعالى -.
8-
أن الجنة غالية، وأنه لابد من دفع الثمن، وذلك ببذل النفس والمال في
نيلها، ولذلك فقد طلب النبي صلى الله عليه وسلم من ربيعة المعاونة على
نيلها وحصولها بكثرة السجود.
9-
أن الجنة قليل من ينالها، ويحصل عليها، وهي لا تنال بمجرد الأقوال فقط،
وإنما تنال بالأقوال والأعمال، وذلك بعد إذن الله ومشيئته وفضله ورحمته،
ولذلك فقد قال ابن القيم - رحمه الله-:
يا سلعة الرحمن لست رخيصة بل أنت غالية على الكسلان
يا سلعة الرحمن ليس ينالها في الألف إلا واحد لا اثنـان
يا سلعة الرحمن ماذا كفؤها إلا أولو التقوى من الإيمـان
يا سلعة الرحمن سوقك كاسد بين الأراذل سفلـة الحيـوان
يا سلعة الرحمن أين المشتري فلقد عرضت بأيسر الأثمــان
يا سلعة الرحمن هل من خاطب فالمهر قبل الموت ذو إمكـان
يا سلعة الرحمن كيف تصبر الخطاب عنك وهم ذوو إيمـان
يا سلعة الرحمن لولا أنها حجبت بكل مكاره الإنســان
ما كان عنها فقط من متخلف وتعطلت دار الجـزاء الثانـي
لكنها حجبت بكل كريهة ليصد عنها المبطـل المتوانـي
وتنالها الهمم التي تسمو إلى رب العـلا بمشيئـة الرحمـن
يا سلعة الرحمن لست رخيصة بل أنت غالية على الكسـلان
يا سلعة الرحمـن ليس ينالهـا في الألف إلا واحد لا اثنـان
10- أن السجود سبب في إصلاح العبد نفسه، وإزالة أمراض قلبه، وذلك لما فيه من الإخبات والتذلل بين يدي الله.
11-
أن الجنة تحتاج إلى مجاهدة النفس على شهواتها وملذاتها، ولا يكون قهر
النفس إلا بترك الكبر، والتواضع لله رب العالمين، والانطراح بين يديه،
والاعتراف بالتقصير في حقه سبحانه وتعالى.
12-
أن في السجود إرغام للشيطان، ومحاربة له، ولذلك فقد جاء في الحديث قوله
صلى الله عليه وسلم: " إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكي
ويقول: يا ويلاه أمر هذا بالسجود فسجد فله الجنة، وأمرت أنا بالسجود فعصيت
فلي النار " 10.
13-
استحباب الإكثار من الدعاء في السجود، لما رواه مسلم من حديث أبي هريرة
رضي الله عنه قال: " أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء "
11.
14-
أن السجود هو أعظم ما يظهر فيه التذلل والخضوع بالعبودية لله رب العالمين،
وذلك أن العبد جعل أشرف أعضائه، وأعزها عنده، وأغلاها لديه حين عفره على
التراب متواضعاً لله رب العالمين. وقد كان المشركون يأنفون ويستكبرون عن
عبادة الله - عز وجل -، وكان بعضهم يقول: أكره أسجد فتعلوني استي – مؤخرة
الإنسان-. وبعضهم يأخذ كفاً من حصى فيرفعه إلى جبهته ويكتفي بذلك عن
السجود. وإبليس إنما طرده الله لما استكبر عن السجود لمن أمره الله بالسجود
له.
15-
تذكر الآخرة، وأن الإنسان راحل إلى الله - تعالى – وذلك أن في السجود
التصاقاً بالأرض، وذلك يذكر العبد بالبداية والنهاية، فهو يمرغ جبهته في
التراب فيتذكر أصل خلقته – التراب - وأنه عائد إلى هذا التراب.
16-
أن السجود بهيئة صارف عن رؤية الدنيا وفتنتها وزخارفها وملذاتها، فإن
الإنسان عندما يسجد يكون نظره إلى هذه الرقعة الصغيرة من الأرض؛ فيتذكر أن
الدنيا حقيرة فانية، وأنها لا تساوي عند الله جناح بعوضة.
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم...
مع خالص تحياتى
عن
ربيعة بن كعب الأسلمي رضي الله عنه قال: كنت أبيت مع رسول الله صلى الله
عليه وسلم فأتيته بوضوئه وحاجته فقال لي: " سل؟ ". فقلت: أسألك مرافقتك في
الجنة، قال: " أو غير ذلك" قلت: هو ذاك. قال: " فأعني على نفسك بكثرة
السجود "1.
في هذا الحديث فوائد فريدة، وحكم سديدة؛ منها:
1-
أن السجود سبب لرفع الدرجات، وحط الخطايا والسيئات؛ كما جاء في حديث عبادة
بن الصامت رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما من
مسلم يسجد لله سجدة إلا يرفعه الله بها درجة وحط عنه خطيئة " 5.
2-
أن السجود سبب من أسباب حصول الشفاعة والفوز بالجنة؛ لما روي عن كعب قوله:
أسألك أن تشفع لي إلى ربك فيعتقني من النار؟...فقال: " أعني بكثرة السجود
"6.
3
- أن أقرب حالة، وأفضل هيئة السجود، فإذا ما دعا الساجد ربه وهو على تلك
الحالة أجابه، وإذا ما سأله أعطاه، لما روي عنه صلى الله عليه وسلم " أقرب
ما يكون العبد من ربه وهو ساجد " 7. وقال الله - تعالى- لنبيه: { كَلَّا
لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} 8.
4-
أن السجود سمة من سمات عباد الله الصالحين، قال تعالى: { رُكَّعًا
سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي
وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ } 9.
5-
فضيلة ومنقبة لربيعة بن كعب رضي الله عنه، وذلك أنه كان ممن يخدم النبي
صلى الله عليه وسلم, وعلو همته، وشرف وحسن مقصده، ورغبته عن الدنيا، وحبه
للآخرة.
6- الحث والترغيب في كثرة السجود.
7- أن السجود غاية التواضع والعبودية لله – تعالى -.
8-
أن الجنة غالية، وأنه لابد من دفع الثمن، وذلك ببذل النفس والمال في
نيلها، ولذلك فقد طلب النبي صلى الله عليه وسلم من ربيعة المعاونة على
نيلها وحصولها بكثرة السجود.
9-
أن الجنة قليل من ينالها، ويحصل عليها، وهي لا تنال بمجرد الأقوال فقط،
وإنما تنال بالأقوال والأعمال، وذلك بعد إذن الله ومشيئته وفضله ورحمته،
ولذلك فقد قال ابن القيم - رحمه الله-:
يا سلعة الرحمن لست رخيصة بل أنت غالية على الكسلان
يا سلعة الرحمن ليس ينالها في الألف إلا واحد لا اثنـان
يا سلعة الرحمن ماذا كفؤها إلا أولو التقوى من الإيمـان
يا سلعة الرحمن سوقك كاسد بين الأراذل سفلـة الحيـوان
يا سلعة الرحمن أين المشتري فلقد عرضت بأيسر الأثمــان
يا سلعة الرحمن هل من خاطب فالمهر قبل الموت ذو إمكـان
يا سلعة الرحمن كيف تصبر الخطاب عنك وهم ذوو إيمـان
يا سلعة الرحمن لولا أنها حجبت بكل مكاره الإنســان
ما كان عنها فقط من متخلف وتعطلت دار الجـزاء الثانـي
لكنها حجبت بكل كريهة ليصد عنها المبطـل المتوانـي
وتنالها الهمم التي تسمو إلى رب العـلا بمشيئـة الرحمـن
يا سلعة الرحمن لست رخيصة بل أنت غالية على الكسـلان
يا سلعة الرحمـن ليس ينالهـا في الألف إلا واحد لا اثنـان
10- أن السجود سبب في إصلاح العبد نفسه، وإزالة أمراض قلبه، وذلك لما فيه من الإخبات والتذلل بين يدي الله.
11-
أن الجنة تحتاج إلى مجاهدة النفس على شهواتها وملذاتها، ولا يكون قهر
النفس إلا بترك الكبر، والتواضع لله رب العالمين، والانطراح بين يديه،
والاعتراف بالتقصير في حقه سبحانه وتعالى.
12-
أن في السجود إرغام للشيطان، ومحاربة له، ولذلك فقد جاء في الحديث قوله
صلى الله عليه وسلم: " إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكي
ويقول: يا ويلاه أمر هذا بالسجود فسجد فله الجنة، وأمرت أنا بالسجود فعصيت
فلي النار " 10.
13-
استحباب الإكثار من الدعاء في السجود، لما رواه مسلم من حديث أبي هريرة
رضي الله عنه قال: " أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء "
11.
14-
أن السجود هو أعظم ما يظهر فيه التذلل والخضوع بالعبودية لله رب العالمين،
وذلك أن العبد جعل أشرف أعضائه، وأعزها عنده، وأغلاها لديه حين عفره على
التراب متواضعاً لله رب العالمين. وقد كان المشركون يأنفون ويستكبرون عن
عبادة الله - عز وجل -، وكان بعضهم يقول: أكره أسجد فتعلوني استي – مؤخرة
الإنسان-. وبعضهم يأخذ كفاً من حصى فيرفعه إلى جبهته ويكتفي بذلك عن
السجود. وإبليس إنما طرده الله لما استكبر عن السجود لمن أمره الله بالسجود
له.
15-
تذكر الآخرة، وأن الإنسان راحل إلى الله - تعالى – وذلك أن في السجود
التصاقاً بالأرض، وذلك يذكر العبد بالبداية والنهاية، فهو يمرغ جبهته في
التراب فيتذكر أصل خلقته – التراب - وأنه عائد إلى هذا التراب.
16-
أن السجود بهيئة صارف عن رؤية الدنيا وفتنتها وزخارفها وملذاتها، فإن
الإنسان عندما يسجد يكون نظره إلى هذه الرقعة الصغيرة من الأرض؛ فيتذكر أن
الدنيا حقيرة فانية، وأنها لا تساوي عند الله جناح بعوضة.
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم...
مع خالص تحياتى