هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

دخول

الاستخارة والاستشارة

+8
nour aliman
Saya minatsuki
VaMoS AmR
المحترف الذهبي
AhmedRami
Judy
AmEr DeSiGN
Sa3B 2nSaK
12 مشترك

descriptionالاستخارة والاستشارة Emptyالاستخارة والاستشارة

more_horiz
الاستخارة والاستشارة


د. حسام الدين السامرائي


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، سيِّدنا محمد وعلى آله وأصحابه وسلِّم تسليمًا كثيرًا.


ففي كل يوم يَمُر في حياة المسلم، فإنه لا بد له من جُمْلة من القرارات بعضها حاسمة وبعضها أقل من ذلك، وربما تَمُر أيام ليُقرِّر فيها قراراتٍ مصيرية، ربما تتعلَّق بشخص المسلم أو أسرته وأبنائه وعشيرته، أو مؤسسته التي يعمل فيها، أو ربما دولته التي ينتمي إليها، قرارات : كبيع أو شراء، نِكاح أو تجارة أو عمل أو سفر أو غيرها.


وهنا تبدأ القصة في قرارات مصيرية لا يَتبيَّن فيها للمسلم وجهُ النفع والضر فيتردَّد كثيرًا في اتخاذها.


كانت الجاهليَّة سابقًا لها وسائلها في مِثْل هذه القرارات المصيرية التي يتردَّد صاحبها في اتخاذها، فكانوا يلجؤون إلى الكُهَّان والعرَّافين والدجَّالين والذين يضربون بالرمل والمنجِّمين، فيتكهَّنون لهم بالسير في هذا الاتجاه أو ذاك، وربما كانوا يتطيَّرون من شكل طير أو صوته فيدفعهم للمضي أو يُحجِّمهم عن السير، وقد ذكَر ربنا عز وجل في كتابه فقال : ﴿ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ ﴾ [المائدة: 3]، وهو نوع من الخيرة بالسِّهام كان مشهورًا عند الجاهلية فحرَّمه الله تعالى : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [المائدة: 90].


وكما أن الله عز وجل حرَّم الربا فقد فتح باب التجارة، وحرَّم الزنا وفتح باب النكاح، وحرَّم الخمرَ وفتح باب بقيَّة المشروبات، فكذا في الخِيَرة فإن الله حرَّم الاستقسام بالسِّهام وأباحها بصلاة عظيمة أسماها صلاة الاستخارة، قال فيها جابر - والحديث عند الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه -: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُعلِّمنا الاستخارةَ في الأمور كما يُعلِّمنا السورةَ من القرآن يقول : ((إذا همَّ أحدُكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة، ثم ليَقُل : اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستَقدِرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم، فإنك تَقدِر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، أو قال عاجل أمري وآجله، فاقدره لي ويسِّره لي، ثم بارِك لي فيه وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شرٌّ لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري، أو قال في عاجل أمري وآجله فاصرفه عني واصرفني عنه، واقْدُر لي الخيرَ حيث كان، ثم أرضني به))، ثم قال : ((ويُسمِّي حاجتَه)).


حيث كان النبي صلى الله عليه وسلم دائمًا ما يُردِّد : ((اللهم خِرْ لي واختر لي))، وهو ما روته عائشة رضي الله عنها في الشُّعب للبيهقي، وكان يَحُث أصحابَه على ذلك بقوله : ((يا أنس، إذا هممتَ بأمر فاستَخِر ربك عز وجل))، بل ربما جعل الأمر يتعلَّق بالسعادة والشقاوة كما أخرج الحاكمُ في مُستدركه من حديث سعد بن أبي وقاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((من سعادة ابن آدم : استخارته إلى الله، ومن شقاوة ابن آدم : تَرْكه استخارة الله)).


من هنا نفهم قولَ جابر في حديث الاستخارة : "كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يُعلِّمنا الاستخارةَ في الأمور كما يُعلِّمنا السورةَ من القرآن"؛ نظرًا لأهميتها في حياة المسلم وقراراته، وقد ذكر ابن كثير في البداية والنهاية أن داود عليه السلام سأل ربَّه فقال : ((أيُّ عبادك أبغض إليك؟ قال : عبد استخارني في أمر، فخِرْتُ له فلم يرضَ به)).


ومع الاستخارة هناك أمر مهم وهو الاستشارة؛ كما قال تعالى : ﴿ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ﴾ [آل عمران: 159]، وقال : ﴿ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ ﴾ [الشورى: 38]، ويُقصَد منها سؤال العارف بمقاصد ما تنوي القيام به، فالإنسان بطبيعة خِلْقته عاجز عن إدراك جميع جزئيات الحياة وبتعاونه مع مَن يَثِق بهم بالاستشارة ربما يستطيع أن يجمع أطرافَ القرار، ومع الفَهْم الجمعي بالاستشارة فإنه لا غنى للخَلْق عن الخالق، فيتوجَّهوا إليه بدعاء الاستخارة لاحتمال أن تتوافَق العقول على خلل أو نَقْص أو تقصير.



والسؤال هنا : أيهما يُقدَّم : الاستخارة أم الاستشارة؟


فمن العلماء مَن يُقدِّم هذه على تلك، ومنهم مَن يرى أن الأمر سواء، والأخير هو الأقرب... والله أعلم.


إن المتتبِّع لقرارات الإنسان في حياته، سيلمِس بوضوح وجود رؤيتين واضحتين وهما : العشوائية والفردية، وليس لهاتين الخَصلتين إلا بعلاجين من مِثْلهما، فالعشوائية علاجها الاستخارة، والفردية علاجها الاستشارة.


وإن المتأمِّل في حياة الصحابة يَلمِس وبشكل واضح أهمية الاستخارة والاستشارة في واقعهم؛ فهذه زينب، وكما جاء حديثها في الصحيحين عن أنس قال : لما انقضتْ عِدَّة زينب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لزيد : ((اذهب فاذكُرها عليَّ))، قال : فانطلق زيدٌ حتى أتاها، فقلت : يا زينب، أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم يَذكُرك، قالت : ما أنا بصانعة شيئًا حتى أؤامر ربي، فقامت إلى مسجدها ونزل القرآن.


وهنا مسألة مهمَّة، وهي هل يستخار في المسائل الواضحة الفضل؟ كزواج زينب بنت جحش من رسول الله صلى الله عليه وسلم، يذكر العلماء أن استخارتها لم تكن من أجل زواجها من رسول الله عليه الصلاة والسلام، إنما كانت استخارتها خوفًا من تقصيرها في حقِّه كنبي، وإلا فإن الأمور الواضحة البيان في الفضل : كالصلاة والحج والزكاة والطاعات والقربات، لا يُستخار لها، بل ولا حتى للمباحات كطعام أو شراب أو غيره، نعم ربما يستخار ويستشار في الوسائل التي تُقام بها تلك الفرائض كالسفر بالطائرة للحج أو برًّا، أو سلوك هذا السبيل أو ذاك، أما أصل الفريضة فلا يُستخار له؛ لأن الأصل في الاستخارة الجهالة بالنفع والضر المترتِّب على ذلك القرار.


يروي أهلُ السير عن حادثة إعادة بناء الكعبة زمن إمارة ابن الزبير : لما احترق البيتُ الحرام في إمارة عبدالله بن الزبير رضي الله عنهما، جمَع الناس واستشارَهم في هدم الكعبة وإعادة بنائها، فقال له ابن عباس رضي الله عنهما : أرى أن تُصلِح ما تَضرَّر وتُبقي الحجارة التي أسلم عليها الناس، وأسلم عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال ابن الزبير : أيرضى أحدكم أن يحرق بيته ثم لا يُعيد بناءه؟ فإني مستخير لربي ثلاثًا، فاستخار ثم عزم بعد ذلك على هدم البيت فهدمه، وأعاد بناءه من جديد على قواعد إبراهيم عليه وعلى نبينا أفضل صلاة وسلام.



إخوتي الكرام، قالت العرب سابقًا : "ما خاب من استخار ولا نَدِم من استشار".


فالاستخارة والاستشارة ركنان أساسيان لكل قرار حكيم وموفَّق .. والله من وراء القصد.

descriptionالاستخارة والاستشارة Emptyرد: الاستخارة والاستشارة

more_horiz
يعطيك العافية ,,
~

descriptionالاستخارة والاستشارة Emptyرد: الاستخارة والاستشارة

more_horiz

يعطيك العافيه على الطرح القيم والرائع
جزاك الله كل خير وجعله فى ميزان
حسناتك يوم القيمه تسلم

descriptionالاستخارة والاستشارة Emptyرد: الاستخارة والاستشارة

more_horiz
شكرا لك على الموضوع المميز
بالتوفيق

descriptionالاستخارة والاستشارة Emptyرد: الاستخارة والاستشارة

more_horiz
جزاك الله الجنه

descriptionالاستخارة والاستشارة Emptyرد: الاستخارة والاستشارة

more_horiz
كل الشكر والامتنان على روعهـ بوحـكـ
..
وروعهـ مانــثرت .. وجماليهـ طرحكـ

descriptionالاستخارة والاستشارة Emptyرد: الاستخارة والاستشارة

more_horiz
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ألف شكر لكَ على هذا الموضوع المميز و المعلومات القيمة
إنـجاز أكثر رائــــــع
لكن أرجو منكَ عدم التوقف عند هذا الحد
مـنتظرين ابداعتــــــك
دمتـ ودام تألقـك

تحياتــي

descriptionالاستخارة والاستشارة Emptyرد: الاستخارة والاستشارة

more_horiz
موضوع قيم جدا
جزاكم الله خيرا
و بارك فيكم
دمتم بخير

descriptionالاستخارة والاستشارة Emptyرد: الاستخارة والاستشارة

more_horiz
موضوع رائع وجميل
جزاك الله الف خير
في ميزان حسناتك يارب
بالتوفيق الاستخارة والاستشارة 235873

descriptionالاستخارة والاستشارة Emptyرد: الاستخارة والاستشارة

more_horiz
شكرا ع الموضوع المميز  gg444g واصل الإبداع في المواضيع الإسلامية  rendeer

descriptionالاستخارة والاستشارة Emptyرد: الاستخارة والاستشارة

more_horiz
جُزيتم خيرًا على ذلك الموضوع القيم ،،

descriptionالاستخارة والاستشارة Emptyرد: الاستخارة والاستشارة

more_horiz
بارك الله فيك وجزاك الله خيرا على الطرح المميز
جعله الله في موازين حسناتك وثبتك اجره
تقبل مروري وتقديري
الاستخارة والاستشارة 886773 



privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى

جميع الحقوق محفوظة لدليل الاشهار العربي