هل يجوز أن نقول لنبينا : يا محمد؟
الحمد لله
أولاً :
لا يجوز مخاطبة النبي صلى الله عليه وسلم حال حياته بـ : "يا محمد " لقوله تعالى :
(لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً)
النور/63 .
قال الضحاك عن ابن عباس : كانوا يقولون : يا محمد ، يا أبا القاسم ، فنهاهم الله عز
وجل عن ذلك ؛ إعظامًا لنبيه صلوات الله وسلامه عليه ، قال : فقالوا : يا رسول الله
، يا نبي الله . وهكذا قال مجاهد ، وسعيد بن جُبَير .
وقال قتادة : أمر الله أن يهاب نبيه صلى الله عليه وسلم ، وأن يُبَجَّل ، وأن
يعظَّم ، وأن يسوَّد .
وقال مقاتل بن حَيَّان : لا تُسَمّوه إذا دَعَوتموه : يا محمد ، ولا تقولوا : يا
ابن عبد الله ، ولكن شَرّفوه فقولوا : يا نبي الله ، يا رسول الله .
وقال مالك عن زيد بن أسلم : أمرهم الله أن يشرِّفوه .
فلا ينادى النبي صلى الله عليه وسلم باسمه المجرد ، بل يقال : يا رسول الله ، يا
نبي الله .
ثانياً :
لا يجوز أن يدعى النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته ؛ لأن الدعاء عبادة لا تكون
إلا الله تعالى ، قال تعالى : (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ
اللَّهِ أَحَدًا) الجن/13 ، وقال : (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ
يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ
وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ) الأحقاف/5 ، وقال صلى
الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله : (إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلْ اللَّهَ وَإِذَا
اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ) رواه الترمذي (2516) وصححه الألباني في
صحيح سنن الترمذي .
والدعاء هو طلب جلب النفع أو دفع الضر ، وليس مجرد النداء بـ (يا) لكن صار في عرف
الناس استعمال هذا النداء للدعاء ، لا سيما عند نزول الشدائد ، وحصول الكروب ،
فيقولون : (يا الله) أي : يا الله نجنا ، أو أغثنا ، أو انصرنا .
هذا صنيع الموحدين الذين لا يدعون غير الله تعالى ، وأما عباد القبور والأضرحة
فإنهم يلجأون إلى أوليائهم ومعظَّميهم ، فيقولون : يا بدوي ، يا رفاعي ، يا جيلاني
، ومقصودهم : يا بدوي أغثنا أو انصرنا أو نجنا .
ومنهم من يقول : يا رسول الله ، يا محمد ، بهذا الاعتبار أيضا ، وهو دعاؤه
والاستغاثة به واللجأ إليه .
ومعلوم أن هذا من أعظم المخالفة لما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم وجاءت به الرسل
، وأنزلت به الكتب ، من الدعوة إلى توحيد الله تعالى ، وإفراده بالعبادة ، وترك
عبادة غيره .
فلا يشرع في دين الإسلام الذي ارتضاه الله لعباده دعاء أحد غير الله تعالى ، لا نبي
مرسل ، ولا ملَك مقرب ، بل الدعاء له سبحانه وحده ، ولهذا قال عز وجل : (أَمْ مَنْ
يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ
الْأَرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ) النمل/62 .
وعُلم بهذا أن قول القائل : "يا محمد" ، أو (يا رسول الله) إن لم يُرد به الدعاء
والطلب ، فلا شيء فيه ، كأن يريد استحضار صورته وتذكره ، كما لو قرأ حديثا فقال :
صلى الله عليك يا رسول الله ، أو ما أعظم وأجمل كلامك يا رسول الله ، لكن قوله : (
يا محمد ) فيه منافاة للأدب ، كما سبق .
وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله : هل يكون من الشرك إذا قال أحد في أي بقاع الأرض
: يا محمد يا رسول الله ، يناديه؟
فأجاب : "قد بَيَّن الله سبحانه في كتابه الكريم وعلى لسان رسوله الأمين عليه من
ربه أفضل الصلاة والتسليم أن العبادة حق الله ليس فيها حق لغيره ، وأن الدعاء من
العبادة ، فمن قال من الناس في أي بقعة من بقاع الأرض : يا رسول الله ، أو يا نبي
الله ، أو يا محمد ، أغثني أو أدركني أو انصرني أو اشفني أو انصر أمتك أو اشف مرضى
المسلمين أو اهد ضالهم أو ما أشبه ذلك فقد جعله شريكا لله في العبادة ، وهكذا من
صنع مثل ذلك مع غيره من الأنبياء أو الملائكة أو الأولياء أو الجن أو الأصنام أو
غيرهم من المخلوقات ، لقول الله عز وجل : ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ
إِلا لِيَعْبُدُونِ ) وقوله سبحانه : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ
الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) ... "
انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن باز" (2/453) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : بعض الناس عند الشدة : "يا محمد أو يا علي ، أو
يا جيلاني" فما الحكم ؟
فأجاب: "إذا كان يريد دعاء هؤلاء والاستغاثة بهم فهو مشرك شركاً أكبر مخرجاً عن
الملة ، فعليه أن يتوب إلى الله عز وجل وأن يدعو الله وحده ، كما قال تعالى : (أَمْ
مَنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ
خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ) النمل/62 ، وهو
مع كونه مشركاً ، سفيه مضيع لنفسه ، قال الله تعالى : (وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ
مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ) . وقال : (وَمَنْ أَضَلُّ
مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ
الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ)" انتهى من "فتاوى الشيخ
ابن عثيمين" (2/133) .
والله أعلم .
الحمد لله
أولاً :
لا يجوز مخاطبة النبي صلى الله عليه وسلم حال حياته بـ : "يا محمد " لقوله تعالى :
(لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً)
النور/63 .
قال الضحاك عن ابن عباس : كانوا يقولون : يا محمد ، يا أبا القاسم ، فنهاهم الله عز
وجل عن ذلك ؛ إعظامًا لنبيه صلوات الله وسلامه عليه ، قال : فقالوا : يا رسول الله
، يا نبي الله . وهكذا قال مجاهد ، وسعيد بن جُبَير .
وقال قتادة : أمر الله أن يهاب نبيه صلى الله عليه وسلم ، وأن يُبَجَّل ، وأن
يعظَّم ، وأن يسوَّد .
وقال مقاتل بن حَيَّان : لا تُسَمّوه إذا دَعَوتموه : يا محمد ، ولا تقولوا : يا
ابن عبد الله ، ولكن شَرّفوه فقولوا : يا نبي الله ، يا رسول الله .
وقال مالك عن زيد بن أسلم : أمرهم الله أن يشرِّفوه .
فلا ينادى النبي صلى الله عليه وسلم باسمه المجرد ، بل يقال : يا رسول الله ، يا
نبي الله .
ثانياً :
لا يجوز أن يدعى النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته ؛ لأن الدعاء عبادة لا تكون
إلا الله تعالى ، قال تعالى : (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ
اللَّهِ أَحَدًا) الجن/13 ، وقال : (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ
يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ
وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ) الأحقاف/5 ، وقال صلى
الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله : (إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلْ اللَّهَ وَإِذَا
اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ) رواه الترمذي (2516) وصححه الألباني في
صحيح سنن الترمذي .
والدعاء هو طلب جلب النفع أو دفع الضر ، وليس مجرد النداء بـ (يا) لكن صار في عرف
الناس استعمال هذا النداء للدعاء ، لا سيما عند نزول الشدائد ، وحصول الكروب ،
فيقولون : (يا الله) أي : يا الله نجنا ، أو أغثنا ، أو انصرنا .
هذا صنيع الموحدين الذين لا يدعون غير الله تعالى ، وأما عباد القبور والأضرحة
فإنهم يلجأون إلى أوليائهم ومعظَّميهم ، فيقولون : يا بدوي ، يا رفاعي ، يا جيلاني
، ومقصودهم : يا بدوي أغثنا أو انصرنا أو نجنا .
ومنهم من يقول : يا رسول الله ، يا محمد ، بهذا الاعتبار أيضا ، وهو دعاؤه
والاستغاثة به واللجأ إليه .
ومعلوم أن هذا من أعظم المخالفة لما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم وجاءت به الرسل
، وأنزلت به الكتب ، من الدعوة إلى توحيد الله تعالى ، وإفراده بالعبادة ، وترك
عبادة غيره .
فلا يشرع في دين الإسلام الذي ارتضاه الله لعباده دعاء أحد غير الله تعالى ، لا نبي
مرسل ، ولا ملَك مقرب ، بل الدعاء له سبحانه وحده ، ولهذا قال عز وجل : (أَمْ مَنْ
يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ
الْأَرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ) النمل/62 .
وعُلم بهذا أن قول القائل : "يا محمد" ، أو (يا رسول الله) إن لم يُرد به الدعاء
والطلب ، فلا شيء فيه ، كأن يريد استحضار صورته وتذكره ، كما لو قرأ حديثا فقال :
صلى الله عليك يا رسول الله ، أو ما أعظم وأجمل كلامك يا رسول الله ، لكن قوله : (
يا محمد ) فيه منافاة للأدب ، كما سبق .
وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله : هل يكون من الشرك إذا قال أحد في أي بقاع الأرض
: يا محمد يا رسول الله ، يناديه؟
فأجاب : "قد بَيَّن الله سبحانه في كتابه الكريم وعلى لسان رسوله الأمين عليه من
ربه أفضل الصلاة والتسليم أن العبادة حق الله ليس فيها حق لغيره ، وأن الدعاء من
العبادة ، فمن قال من الناس في أي بقعة من بقاع الأرض : يا رسول الله ، أو يا نبي
الله ، أو يا محمد ، أغثني أو أدركني أو انصرني أو اشفني أو انصر أمتك أو اشف مرضى
المسلمين أو اهد ضالهم أو ما أشبه ذلك فقد جعله شريكا لله في العبادة ، وهكذا من
صنع مثل ذلك مع غيره من الأنبياء أو الملائكة أو الأولياء أو الجن أو الأصنام أو
غيرهم من المخلوقات ، لقول الله عز وجل : ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ
إِلا لِيَعْبُدُونِ ) وقوله سبحانه : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ
الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) ... "
انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن باز" (2/453) .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : بعض الناس عند الشدة : "يا محمد أو يا علي ، أو
يا جيلاني" فما الحكم ؟
فأجاب: "إذا كان يريد دعاء هؤلاء والاستغاثة بهم فهو مشرك شركاً أكبر مخرجاً عن
الملة ، فعليه أن يتوب إلى الله عز وجل وأن يدعو الله وحده ، كما قال تعالى : (أَمْ
مَنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ
خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ) النمل/62 ، وهو
مع كونه مشركاً ، سفيه مضيع لنفسه ، قال الله تعالى : (وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ
مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ) . وقال : (وَمَنْ أَضَلُّ
مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ
الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ)" انتهى من "فتاوى الشيخ
ابن عثيمين" (2/133) .
والله أعلم .