إحدى أقاربي امرأة كبيرة في السن (غير متعلمة) لا
تزال متمسكة بعمل بعض الأشياء التي نخشى أن تؤثر على صحة عقيدتها فعلى سبيل
المثال(إذا اشترى أحد أبنائها سيارة جديدة تقوم بتكسير البيض عند عجلات
السيارة الأربع) وذلك لاعتقادها أن ذلك يحمي السيارة من العين أو الحسد
وعندما ننصحها بأن ذلك لا يجوز وأن الأذكار الواردة عن الرسول صلى الله
عليه وسلم تكفي تقول بأن ما تفعله صدقة لله سبحانه وتعالى. فما حكم مثل هذا
العمل وهل يؤثر على سلامة العقيدة؟
الحمد لله
ما يفعله بعض الناس من تكسير البيض أو رش الملح أو ذبح ذبيحة اتقاء للعين أو الجن
بذبحهم ، هو من أفعال الجاهلية المحرمة ، ومن الشرك الذي يجب الحذر والتحذير منه .
ووجه كونه شركا أن الله سبحانه لم يجعل هذا سببا شرعيا ولا عاديا لدفع العين ، أو
اتقاء شر الجن ، فمن جعل ما ليس سببا سبباً فقد أشرك .
والشرك نوعان : أصغر وأكبر ، وهذا من الشرك الأصغر ، وقد يكون أكبر إن فعل ذلك
تقربا للجن ، أو اعتقد أن هذا السبب يدفع العين بذاته .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " ولبس الحلقة ونحوها إن اعتقد لابسها أنها مؤثرة
بنفسها دون الله ، فهو مشرك شركاً أكبر في توحيد الربوبية، لأنه اعتقد أن مع الله
خالقاً غيره.
وإن اعتقد أنها سبب، ولكنه ليس مؤثراً بنفسه ، فهو مشرك شركاً أصغر ؛ لأنه لما
اعتقد أن ما ليس بسببٍ سبباً فقد شارك الله تعالى في الحكم لهذا الشيء بأنه سبب ،
والله تعالى لم يجعله سبباً.
وطريق العلم بأن الشيء سبب ، إما عن طريق الشرع ، وذلك كالعسل { فيه شفاء للناس }
[النحل: 69]، وكقراءة القرآن فيها شفاء للناس ، قال الله
تعالى: { وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين } [الإسراء: 82].
وإما عن طريق القدر، كما إذا جربنا هذا الشيء فوجدناه نافعاً في هذا الألم أو المرض
، ولكن لا بد أن يكون أثره ظاهراً مباشراً كما لو اكتوى بالنار فبرئ بذلك مثلاً ،
فهذا سبب ظاهر بيّن ، وإنما قلنا هذا لئلا يقول قائل: أنا جربت هذا وانتفعت به ،
وهو لم يكن مباشراً، كالحلقة، فقد يلبسها إنسان وهو يعتقد أنها نافعة، فينتفع لأن
للانفعال النفسي للشيء أثراً بيناً، فقد يقرأ إنسان على مريض فلا يرتاح له، ثم يأتي
آخر يعتقد أن قراءته نافعة، فيقرأ عليه الآية نفسها فيرتاح له ويشعر بخفة الألم،
كذلك الذين يلبسون الحلق ويربطون الخيوط، قد يحسون بخفة الألم أو اندفاعه أو
ارتفاعه بناءً على اعتقادهم نفعها.
وخفة الألم لمن اعتقد نفع تلك الحلقة مجرد شعور نفسي، والشعور النفسي ليس طريقاً
شرعياً لإثبات الأسباب، كما أن الإلهام ليس طريقاً للتشريع.
قوله: "لبس الحلقة والخيط"، الحلقة: من حديد أو ذهب أو فضة أو ما أشبه ذلك، والخيط
معروف.
قوله: "ونحوهما"، كالمرصعات، وكمن يصنع شكلاً معيناً من نحاس أو غيره لدفع البلاء،
أو يعلق على نفسه شيئاً من أجزاء الحيوانات، والناس كانوا يعلقون القرب البالية على
السيارات ونحوها لدفع العين، حتى إذا رآها الشخص نفرت نفسه فلا يعين " انتهى من
"القول المفيد شرح كتاب التوحيد".
وقال رحمه الله : " ما يفعله بعض الناس إذا نزل منزلاً جديداً ذبح ودعا الجيران
والأقارب : هذا لا بأس به ما لم يكن مصحوباً بعقيدة فاسدة ، كما يُفعل في بعض
الأماكن إذا نزل منزلاً فإن أول ما يفعل أن يأتي بشاة ويذبحها على عتبة الباب حتى
يسيل الدم عليها ، ويقول : إن هذا يمنع الجن من دخول البيت ، فهذه عقيدة فاسدة ليس
لها أصل ، لكن من ذبح من أجل الفرح والسرور : فهذا لا بأس به " انتهى من
"الشرح الممتع" ( 7 / 550 ، 551 ) .
والمقصود أن كسر البيض أو ذبح الذبيحة أو رش الملح كل ذلك لا أثر له في دفع العين ،
وإنما هذا من الاعتقاد الشركي الجاهلي ، وليس من الصدقة كما يُزعم ، وأي صدقة في
إهدار الطعام وإلقائه على الأرض !
وإنما تدفع العين بالأسباب المشروعة ، كقراءة القرآن الكريم ، والتحصن بالأذكار
الشرعية .
والواجب نصح هذه المرأة وتحذيرها من هذا الاعتقاد الباطل .
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى .
والله أعلم .
تزال متمسكة بعمل بعض الأشياء التي نخشى أن تؤثر على صحة عقيدتها فعلى سبيل
المثال(إذا اشترى أحد أبنائها سيارة جديدة تقوم بتكسير البيض عند عجلات
السيارة الأربع) وذلك لاعتقادها أن ذلك يحمي السيارة من العين أو الحسد
وعندما ننصحها بأن ذلك لا يجوز وأن الأذكار الواردة عن الرسول صلى الله
عليه وسلم تكفي تقول بأن ما تفعله صدقة لله سبحانه وتعالى. فما حكم مثل هذا
العمل وهل يؤثر على سلامة العقيدة؟
الحمد لله
ما يفعله بعض الناس من تكسير البيض أو رش الملح أو ذبح ذبيحة اتقاء للعين أو الجن
بذبحهم ، هو من أفعال الجاهلية المحرمة ، ومن الشرك الذي يجب الحذر والتحذير منه .
ووجه كونه شركا أن الله سبحانه لم يجعل هذا سببا شرعيا ولا عاديا لدفع العين ، أو
اتقاء شر الجن ، فمن جعل ما ليس سببا سبباً فقد أشرك .
والشرك نوعان : أصغر وأكبر ، وهذا من الشرك الأصغر ، وقد يكون أكبر إن فعل ذلك
تقربا للجن ، أو اعتقد أن هذا السبب يدفع العين بذاته .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " ولبس الحلقة ونحوها إن اعتقد لابسها أنها مؤثرة
بنفسها دون الله ، فهو مشرك شركاً أكبر في توحيد الربوبية، لأنه اعتقد أن مع الله
خالقاً غيره.
وإن اعتقد أنها سبب، ولكنه ليس مؤثراً بنفسه ، فهو مشرك شركاً أصغر ؛ لأنه لما
اعتقد أن ما ليس بسببٍ سبباً فقد شارك الله تعالى في الحكم لهذا الشيء بأنه سبب ،
والله تعالى لم يجعله سبباً.
وطريق العلم بأن الشيء سبب ، إما عن طريق الشرع ، وذلك كالعسل { فيه شفاء للناس }
[النحل: 69]، وكقراءة القرآن فيها شفاء للناس ، قال الله
تعالى: { وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين } [الإسراء: 82].
وإما عن طريق القدر، كما إذا جربنا هذا الشيء فوجدناه نافعاً في هذا الألم أو المرض
، ولكن لا بد أن يكون أثره ظاهراً مباشراً كما لو اكتوى بالنار فبرئ بذلك مثلاً ،
فهذا سبب ظاهر بيّن ، وإنما قلنا هذا لئلا يقول قائل: أنا جربت هذا وانتفعت به ،
وهو لم يكن مباشراً، كالحلقة، فقد يلبسها إنسان وهو يعتقد أنها نافعة، فينتفع لأن
للانفعال النفسي للشيء أثراً بيناً، فقد يقرأ إنسان على مريض فلا يرتاح له، ثم يأتي
آخر يعتقد أن قراءته نافعة، فيقرأ عليه الآية نفسها فيرتاح له ويشعر بخفة الألم،
كذلك الذين يلبسون الحلق ويربطون الخيوط، قد يحسون بخفة الألم أو اندفاعه أو
ارتفاعه بناءً على اعتقادهم نفعها.
وخفة الألم لمن اعتقد نفع تلك الحلقة مجرد شعور نفسي، والشعور النفسي ليس طريقاً
شرعياً لإثبات الأسباب، كما أن الإلهام ليس طريقاً للتشريع.
قوله: "لبس الحلقة والخيط"، الحلقة: من حديد أو ذهب أو فضة أو ما أشبه ذلك، والخيط
معروف.
قوله: "ونحوهما"، كالمرصعات، وكمن يصنع شكلاً معيناً من نحاس أو غيره لدفع البلاء،
أو يعلق على نفسه شيئاً من أجزاء الحيوانات، والناس كانوا يعلقون القرب البالية على
السيارات ونحوها لدفع العين، حتى إذا رآها الشخص نفرت نفسه فلا يعين " انتهى من
"القول المفيد شرح كتاب التوحيد".
وقال رحمه الله : " ما يفعله بعض الناس إذا نزل منزلاً جديداً ذبح ودعا الجيران
والأقارب : هذا لا بأس به ما لم يكن مصحوباً بعقيدة فاسدة ، كما يُفعل في بعض
الأماكن إذا نزل منزلاً فإن أول ما يفعل أن يأتي بشاة ويذبحها على عتبة الباب حتى
يسيل الدم عليها ، ويقول : إن هذا يمنع الجن من دخول البيت ، فهذه عقيدة فاسدة ليس
لها أصل ، لكن من ذبح من أجل الفرح والسرور : فهذا لا بأس به " انتهى من
"الشرح الممتع" ( 7 / 550 ، 551 ) .
والمقصود أن كسر البيض أو ذبح الذبيحة أو رش الملح كل ذلك لا أثر له في دفع العين ،
وإنما هذا من الاعتقاد الشركي الجاهلي ، وليس من الصدقة كما يُزعم ، وأي صدقة في
إهدار الطعام وإلقائه على الأرض !
وإنما تدفع العين بالأسباب المشروعة ، كقراءة القرآن الكريم ، والتحصن بالأذكار
الشرعية .
والواجب نصح هذه المرأة وتحذيرها من هذا الاعتقاد الباطل .
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى .
والله أعلم .