سمعت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( من
صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر الله له ما تقدم من ذنبه ) هل يدخل في ذلك
الذنوب التي ارتكبها المرء متعمداً في حق إخوانه المسلمين وندم عليها أشد
الندم ولكنه لا يستطيع أن يعترف لهم بما فعله معهم لأن ذلك سيؤدي إلى
الكثير من المشاكل ؟.
مكفرات الذنوب كثيرة ، منها : التوبة والاستغفار والقيام
بالطاعات ، وإقامة الحدود على من فعل ما يوجب حدّاً ، وغير ذلك .
وفضائل الأعمال كالصلاة الصيام والحج وغيرها لا تكفر إلا الصغائر
عند جمهور أهل العلم ، وتكفر حقوق الله فقط .
أما المعاصي المتعلقة بحقوق العباد فإنها لا تُكَفَّر إلا
بالتوبة منها ، ومن شروط التوبة منها : رَدُّ المظلم إلى أهلها .
روى مسلم (1886) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ
رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (
يُغْفَرُ لِلشَّهِيدِ كُلُّ ذَنْبٍ إِلا الدَّيْنَ ) .
قال النووي في "شرح مسلم" :
" وَأَمَّا قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (إِلا
الدَّيْن) فَفِيهِ تَنْبِيه عَلَى جَمِيع حُقُوق الآدَمِيِّينَ , وَأَنَّ الْجِهَاد
وَالشَّهَادَة وَغَيْرهمَا مِنْ أَعْمَال الْبِرّ لا يُكَفِّر حُقُوق الآدَمِيِّينَ
, وَإِنَّمَا يُكَفِّر حُقُوق اللَّه تَعَالَى " انتهى .
وقال ابن مفلح في "الفروع" (6/193) :
" وتكفر الشهادة غيرَ الدين . قال شيخنا (يعني شيخ الإسلام ابن
تيمية رحمه الله) : وغير مظالم العباد كقتل وظلم " انتهى .
وجاء في "الموسوعة الفقهية" (14/129) :
" التوبة بمعنى الندم على ما مضى والعزم على عدم العود لمثله لا
تكفي لإسقاط حق من حقوق العباد ، فمن سرق مال أحد أو غصبه أو أساء إليه بطريقة أخرى
لا يتخلص من المسائلة بمجرد الندم والإقلاع عن الذنب والعزم على عدم العود , بل لا
بد من رد المظالم , وهذا الأصل متفق عليه بين الفقهاء " انتهى
.
هذا فيما يتعلق بالحقوق المادية كالمال المأخوذ غصباً أو باحتيال
، أما الحقوق المعنوية كالقذف والغيبة فإن كان المظلوم قد علم بالظلم فلا بد من
الاعتذار إليه وطلب المسامحة ، وإن لم يكن علم بذلك فإنه لا يُعْلِمُه ، بل يدعو
ويستغفر له ، لأن إخباره بذلك قد يسبب نفوراً ويوقع بينهما العداوة والبغضاء .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
" وفي الحديث الصحيح : ( من كان عنده لأخيه مظلمة في دم أو مال
أو عرض فليأته فليستحل منه قبل أن يأتي يوم ليس فيه درهم ولا دينار إلا الحسنات
والسيئات . فإن كان له حسنات وإلا أُخِذَ من سيئات صاحبه فطرحت عليه ثم يلقى في
النار ) أو كما قال . وهذا فيما علمه المظلوم ، فأما إذا اغتابه أو قذفه ولم يعلم
بذلك فقد قيل : من شرط توبته إعلامه . وقيل : لا يشترط ذلك ، وهذا قول الأكثرين
وهما روايتان عن أحمد . لكن قوله (في) مثل هذا أن يفعل مع المظلوم حسنات كالدعاء له
والاستغفار وعمل صالح يُهدى إليه يقوم مقام اغتيابه وقذفه . قال الحسن البصري :
كفارة الغيبة أن تستغفر لمن اغتبته " انتهى .
"مجموع الفتاوى" (18/189) .
وقال علماء اللجنة الدائمة في رجل سرق مالا من عبدٍ :
إن كان يعرف العبدَ أو يعرف من يعرفه : فيتعين عليه البحث عنه
ليسلم له نقوده فضة أو ما يعادلها أو ما يتفق معه عليه ، وإن كان يجهله وييأس من
العثور عليه : فيتصدق بها أو بما يعادلها من الورق النقدي عن صاحبها ، فإن عثر عليه
بعد ذلك فيخبره بما فعل فإن أجازه فبها ونعمت ، وإن عارضه في تصرفه وطالبه بنقوده :
ضمنها له وصارت له الصدقة ، وعليه أن يستغفر الله ويتوب إليه ويدعو لصاحبها .
"فتاوى إسلاميَّة" (4/165) .
والله أعلم .
صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر الله له ما تقدم من ذنبه ) هل يدخل في ذلك
الذنوب التي ارتكبها المرء متعمداً في حق إخوانه المسلمين وندم عليها أشد
الندم ولكنه لا يستطيع أن يعترف لهم بما فعله معهم لأن ذلك سيؤدي إلى
الكثير من المشاكل ؟.
الحمد لله
مكفرات الذنوب كثيرة ، منها : التوبة والاستغفار والقيام
بالطاعات ، وإقامة الحدود على من فعل ما يوجب حدّاً ، وغير ذلك .
وفضائل الأعمال كالصلاة الصيام والحج وغيرها لا تكفر إلا الصغائر
عند جمهور أهل العلم ، وتكفر حقوق الله فقط .
أما المعاصي المتعلقة بحقوق العباد فإنها لا تُكَفَّر إلا
بالتوبة منها ، ومن شروط التوبة منها : رَدُّ المظلم إلى أهلها .
روى مسلم (1886) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ
رضي الله عنهما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (
يُغْفَرُ لِلشَّهِيدِ كُلُّ ذَنْبٍ إِلا الدَّيْنَ ) .
قال النووي في "شرح مسلم" :
" وَأَمَّا قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (إِلا
الدَّيْن) فَفِيهِ تَنْبِيه عَلَى جَمِيع حُقُوق الآدَمِيِّينَ , وَأَنَّ الْجِهَاد
وَالشَّهَادَة وَغَيْرهمَا مِنْ أَعْمَال الْبِرّ لا يُكَفِّر حُقُوق الآدَمِيِّينَ
, وَإِنَّمَا يُكَفِّر حُقُوق اللَّه تَعَالَى " انتهى .
وقال ابن مفلح في "الفروع" (6/193) :
" وتكفر الشهادة غيرَ الدين . قال شيخنا (يعني شيخ الإسلام ابن
تيمية رحمه الله) : وغير مظالم العباد كقتل وظلم " انتهى .
وجاء في "الموسوعة الفقهية" (14/129) :
" التوبة بمعنى الندم على ما مضى والعزم على عدم العود لمثله لا
تكفي لإسقاط حق من حقوق العباد ، فمن سرق مال أحد أو غصبه أو أساء إليه بطريقة أخرى
لا يتخلص من المسائلة بمجرد الندم والإقلاع عن الذنب والعزم على عدم العود , بل لا
بد من رد المظالم , وهذا الأصل متفق عليه بين الفقهاء " انتهى
.
هذا فيما يتعلق بالحقوق المادية كالمال المأخوذ غصباً أو باحتيال
، أما الحقوق المعنوية كالقذف والغيبة فإن كان المظلوم قد علم بالظلم فلا بد من
الاعتذار إليه وطلب المسامحة ، وإن لم يكن علم بذلك فإنه لا يُعْلِمُه ، بل يدعو
ويستغفر له ، لأن إخباره بذلك قد يسبب نفوراً ويوقع بينهما العداوة والبغضاء .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
" وفي الحديث الصحيح : ( من كان عنده لأخيه مظلمة في دم أو مال
أو عرض فليأته فليستحل منه قبل أن يأتي يوم ليس فيه درهم ولا دينار إلا الحسنات
والسيئات . فإن كان له حسنات وإلا أُخِذَ من سيئات صاحبه فطرحت عليه ثم يلقى في
النار ) أو كما قال . وهذا فيما علمه المظلوم ، فأما إذا اغتابه أو قذفه ولم يعلم
بذلك فقد قيل : من شرط توبته إعلامه . وقيل : لا يشترط ذلك ، وهذا قول الأكثرين
وهما روايتان عن أحمد . لكن قوله (في) مثل هذا أن يفعل مع المظلوم حسنات كالدعاء له
والاستغفار وعمل صالح يُهدى إليه يقوم مقام اغتيابه وقذفه . قال الحسن البصري :
كفارة الغيبة أن تستغفر لمن اغتبته " انتهى .
"مجموع الفتاوى" (18/189) .
وقال علماء اللجنة الدائمة في رجل سرق مالا من عبدٍ :
إن كان يعرف العبدَ أو يعرف من يعرفه : فيتعين عليه البحث عنه
ليسلم له نقوده فضة أو ما يعادلها أو ما يتفق معه عليه ، وإن كان يجهله وييأس من
العثور عليه : فيتصدق بها أو بما يعادلها من الورق النقدي عن صاحبها ، فإن عثر عليه
بعد ذلك فيخبره بما فعل فإن أجازه فبها ونعمت ، وإن عارضه في تصرفه وطالبه بنقوده :
ضمنها له وصارت له الصدقة ، وعليه أن يستغفر الله ويتوب إليه ويدعو لصاحبها .
"فتاوى إسلاميَّة" (4/165) .
والله أعلم .