ديوان الشاعر : البحتري
دَعْ دُمُوعي في ذَلِكَ الإشْتِياقِ | تَتَنَاجَى بِفِعْلِ يَوْمِ الفِرَاقِ |
فعَسَى الدّمْعُ أنْ يُسَكِّنَ بالسّكْـ | ـبِ غَليلاً مِنْ هَائِمٍ مُشْتَاقِ |
إنّ رَيّا لمْ تَسْقِ رَيّاً مِنَ الوَصْـ | ـلِ، وَلمْ تَدْرِ ما جَوَى العُشّاقِ |
بَعَثَتْ طَيْفَهَا إليّ، وَدُوني | وَخْدُ شَهْرَينِ للمَهارِي العِتَاقِ |
زَارَ وَهْناً مِنَ الشّآمِ، فَحَيّا | مُسْتَهَاماً صَبَا بأعْلَى العِرَاقِ |
فَقَضَى ما قَضَى، وَعَادَ إلَيْهَا، | وَالدّجَى في ثِيَابِهِ الأخْلاقِ |
قَدْ أخَذْنَا مِنَ التَّلاقي بِحَظٍّ، | وَالتّلاقي في النّوْمِ عَدْلُ التّلاقي |
يَا أبَا نَهْشَلٍ وَلا زَلتَ يَسْـ | ـقيكَ على حالَةٍ مِنَ الغَيثِ ساقِ |
لَوْ تَرى لوْعَتي ، وَحُزْني،، وَوَجدي | وَغَليلي، وَحُرْقَتي، وَاشتِياقي |
وَالتِفَاتي إلَيكَ مِنْ جَبَلِ القَا | طولِ وَالدّمعُ ساكبٌ ذو انْدِفاقِ |
لَتَيَقّنْتَ أنّني صَادِقُ الوِدّ | وَفيٌّ بالعَهْدِ وَالمِيثَاقِ |
وَبِنَفْسِي وَأُسرَتي حُسْنَ ذاكَ الْـ | ـأدَبِ الأرْيَحيّ، وَالأخْلاقِ |
وَالنّدَى الصّامِتيَّ وَالمَلِكَ الأبْـ | ـلَخَ في أُخْرَياتِ ذاكَ الرُّوَاقِ |
دائِمُ الإنْفِرَادِ بالرّأيِ في | الخَلْوةِ لا يَتّقي اللّيَالي بِوَاقِ |
تَتَفادَى الخُطُوبُ، إنْ وَاجهتَهُ، | حينَ يُغْرَى بالفِكْرِ وَالإطْرَاقِ |
صَامتيٌّ، يَغْدُو فتَغدو بيُمْنَا | هُ طَرِيقَ الآجَالِ وَالأرْزَاقِ |
بِوَعيدٍ وَمَوْعِدٍ كانْسِكَابِ الـ | ـغَيْثِ بَينَ الإرْعادِ وَالإبْرَاقِ |
وَمَعَالٍ أصَارَهَا لاجْتِماعٍ، | شَمْلُ مَالٍ أصَارَهُ لافْتِرَاقِ |
وَعَطَايَا تأَْتَى رِفَاقاً، فَيَصْدُرْ | نَ رِفَاقَ العافِينَ بَعدَ الرّفاقِ |
مُقْبِلٌ مُدْبِرٌ بِعارِضِ جُودٍ، | بَاسِطٌ ظِلّهُ عَلى الآفَاقِ |
وَبِعَزْمٍ لَوْ دافَعَ الفَجْرَ ما أقْـ | ـبَلَ وَجْهٌ للشّرْقِ في إشْرَاقِ |
وَجَلالٍ، لَوْ كانَ للقَمَرِ البَدْ | ـرِ لَمَا جازَ فيهِ حُكْمُ المِحَاقِ |
يَصْدُرُ الجُودُ عَن عَطاءٍ جَزِيلٍ | منهُ، وَالبأسُ عَنْ دَمٍ مُهْرَاقِ |