هل من أدرك الإمام قبل أن يركع الركعة الأولى مدركاً لتكبيرة الإحرام وفضلها ؟
الجواب :
الحمد لله:
أولا :
من
الأمور المستحبة والمندوبة : إدراك تكبيرة الإحرام مع الإمام في صلاة الجماعة ، وقد
ورد في فضل ذلك جملة من النصوص والآثار .
ومن
ذلك : ما رواه الترمذي (241) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (مَنْ صَلَّى لِلَّهِ
أَرْبَعِينَ يَوْمًا فِي جَمَاعَةٍ يُدْرِكُ التَّكْبِيرَةَ الْأُولَى ، كُتِبَتْ
لَهُ بَرَاءَتَانِ : بَرَاءَةٌ مِنْ النَّارِ ، وَبَرَاءَةٌ مِنْ النِّفَاقِ) .
وهذا الحديث يروى موقوفا على أنس بن مالك رضي الله عنه ، ومرفوعا إلى النبي صلى
الله عليه وسلم ، وقد رجح الترمذي والدارقطني وقفه ، واختار الشيخ الألباني تحسينه
مرفوعا . وللكلام حول الحديث ينظر جواب السؤال رقم (34605)
.
وسواء صح مرفوعا أو موقوفا فله حكم الرفع ؛ لأن مثل هذا الحكم لا يقوله أنس رضي
الله عنه اجتهاداً من عند نفسه ، فالظاهر أنه علم ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم
.
وقد
ورد في فضل إدراك تكبيرة الإحرام أحاديث أخرى مرفوعة ولكنها لا تخلو من ضعف .
ينظر: "مجمع الزوائد" (2/123) ، "التلخيص الحبير" (2 /27).
وأما الآثار عن السلف في الحرص على إدراك تكبيرة الإحرام فكثيرة جداً ، ومنها :
1-
ما جاء عن مجاهد قال : سمعت رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم - لا أعلمه إلا
ممن شهد بدرا- قال لابنه : أدركت الصلاة معنا ؟
قال
: نعم
قال
: أدركت التكبيرة الأولى ؟.
قال
: لا .
قال
: لَمَا فاتك منها خير من مئة ناقة كلها سود العين . "مصنف عبد الرزاق" (2021).
2-
قال سعيد بن المسيب : ما فاتتني التكبيرة الأولى منذ خمسين سنة . "حلية الأولياء"
(2 /163) .
3-
قال وكيع : كان الأعمش قريبا من سبعين سنة ، لم تفته التكبيرة الأولى ، واختلفت
إليه قريبا من سنتين ، فما رأيته يقضي ركعة . "مسند ابن الجعد" (755) .
4-وعن إبراهيم قال: إذا رأيت الرجل يتهاون في التكبيرة الأولى فاغسل يدك منه [يعني
: لا خير فيه] . "حلية الأولياء" (4 /215) .
5-
قال يحيى بن معين : سمعت وكيعاً ، يقول : (من لم يدرك التكبيرة الأولى فلا ترج
خيره) . "شعب الإيمان" للبيهقي (2652) .
قال
ابن حجر: " وَالْمَنْقُولُ عَنْ السَّلَفِ فِي فَضْلِ التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى
آثَارٌ كَثِيرَةٌ " . "التلخيص الحبير" (2 /131) .
فينبغي الحرص على إدراك تكبيرة الإحرام مع الإمام .
ثانياً :
بماذا يدرك المأموم فضل تكبيرة الإحرام؟
للعلماء في ذلك عدة أقوال:
الأول: أن المأموم يدرك فضلها بحضوره تكبيرة إحرام إمامه ، وتكبيره بعده دون تأخير
.
الثاني : أنه يدركها ما لم يشرع الإمام في الفاتحة .
الثالث : يدركها إذا أدرك الإمام قبل أن ينتهي من قراءة الفاتحة ، وهو قول وكيع حيث
سئل عن حد التكبيرة الأولى ، فقال : " ما لم يختم الإمام بفاتحة الكتاب " . "طبقات
المحدثين" للأصبهاني (3/219) .
الرابع : أنها تُدرك بإدرك القيام مع الإمام لأنه محل تكبيرة الإحرام .
الخامس : أنها تحصل بإدراك الركوع الأول مع الإمام ، وهو مذهب الحنفية .
ينظر: "رد المحتار" (4/131) ، " الفتاوى الهندية " (3 /11) ، " المجموع " (4/ 206)
.
والقول الأول هو الأقرب ، وهو مذهب جمهور العلماء من الشافعية والحنابلة وغيرهم .
قال
النووي : " يستحب المحافظة على إدراك التكبيرة الأولى مع الإمام ، وفيما يدركها به
أوجه : أصحها بأن يشهد تكبيرة الإمام ويشتغل عقبها بعقد صلاته ، فإن أخر لم
يدركها..." . "روضة الطالبين وعمدة المفتين" (1 /446).
وقال ابن رجب : " ونص [الإمام] أحمد فِي رِوَايَة إِبْرَاهِيْم بْن الحارث عَلَى
أَنَّهُ إذا لَمْ يدرك التكبيرة مَعَ الإمام لَمْ يدرك التكبيرة الأولى " .
وقال أيضاً : " وقد قال وكيع : من أدرك آمين مع إمامه فقد أدرك معه فضلية تكبيرة
الإحرام.
وأنكر الإمام أحمد ذلك ، وقال : لا تُدرك فضلية تكبيرة الإحرام إلا بإدراكها مع
الإمام " .
وقال ابن مفلح رحمه الله : " قَالَ جَمَاعَةٌ : وَفَضِيلَةُ التَّكْبِيرَةِ
الْأُولَى لَا تَحْصُلُ إلَّا بِشُهُودِ تَحْرِيمِ الْإِمَامِ ". "الفروع" لابن
مفلح (1/521(
.
وقال الحجاوي : " وإدراك تكبيرة الإحرام مع الإمام فضيلة، وإنما تحصل بالاشتغال
بالتحرم عقب تحرم إمامه مع حضوره تكبيرة إحرامه". " الإقناع " (1 / 151) .
وقال الشيخ ابن عثيمين : " السنة : إذا كبر الإمام أن تبادر وتكبر حتى تدرك فضل
تكبيرة الإحرام ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إذا كبر فكبروا
) والفاء تدل على الترتيب والتعقيب ، يعني : من حين أن يكبر وينقطع صوته من الراء
بقوله : ( الله أكبر ) فكبر أنت ولا تشتغل لا بدعاء ولا بتسوك ولا بمخاطبة من
بجانبك ، فإن هذا يفوت عليك إدراك فضل تكبيرة الإحرام " . "لقاء الباب المفتوح"
(2/192).
وفي
"الملخص الفقهي" (1/140) للشيخ صالح الفوزان : " ولا تحصل فضيلتها المنصوصة إلا
بشهود تحريم الإمام " .
والله أعلم .
الجواب :
الحمد لله:
أولا :
من
الأمور المستحبة والمندوبة : إدراك تكبيرة الإحرام مع الإمام في صلاة الجماعة ، وقد
ورد في فضل ذلك جملة من النصوص والآثار .
ومن
ذلك : ما رواه الترمذي (241) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (مَنْ صَلَّى لِلَّهِ
أَرْبَعِينَ يَوْمًا فِي جَمَاعَةٍ يُدْرِكُ التَّكْبِيرَةَ الْأُولَى ، كُتِبَتْ
لَهُ بَرَاءَتَانِ : بَرَاءَةٌ مِنْ النَّارِ ، وَبَرَاءَةٌ مِنْ النِّفَاقِ) .
وهذا الحديث يروى موقوفا على أنس بن مالك رضي الله عنه ، ومرفوعا إلى النبي صلى
الله عليه وسلم ، وقد رجح الترمذي والدارقطني وقفه ، واختار الشيخ الألباني تحسينه
مرفوعا . وللكلام حول الحديث ينظر جواب السؤال رقم (34605)
.
وسواء صح مرفوعا أو موقوفا فله حكم الرفع ؛ لأن مثل هذا الحكم لا يقوله أنس رضي
الله عنه اجتهاداً من عند نفسه ، فالظاهر أنه علم ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم
.
وقد
ورد في فضل إدراك تكبيرة الإحرام أحاديث أخرى مرفوعة ولكنها لا تخلو من ضعف .
ينظر: "مجمع الزوائد" (2/123) ، "التلخيص الحبير" (2 /27).
وأما الآثار عن السلف في الحرص على إدراك تكبيرة الإحرام فكثيرة جداً ، ومنها :
1-
ما جاء عن مجاهد قال : سمعت رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم - لا أعلمه إلا
ممن شهد بدرا- قال لابنه : أدركت الصلاة معنا ؟
قال
: نعم
قال
: أدركت التكبيرة الأولى ؟.
قال
: لا .
قال
: لَمَا فاتك منها خير من مئة ناقة كلها سود العين . "مصنف عبد الرزاق" (2021).
2-
قال سعيد بن المسيب : ما فاتتني التكبيرة الأولى منذ خمسين سنة . "حلية الأولياء"
(2 /163) .
3-
قال وكيع : كان الأعمش قريبا من سبعين سنة ، لم تفته التكبيرة الأولى ، واختلفت
إليه قريبا من سنتين ، فما رأيته يقضي ركعة . "مسند ابن الجعد" (755) .
4-وعن إبراهيم قال: إذا رأيت الرجل يتهاون في التكبيرة الأولى فاغسل يدك منه [يعني
: لا خير فيه] . "حلية الأولياء" (4 /215) .
5-
قال يحيى بن معين : سمعت وكيعاً ، يقول : (من لم يدرك التكبيرة الأولى فلا ترج
خيره) . "شعب الإيمان" للبيهقي (2652) .
قال
ابن حجر: " وَالْمَنْقُولُ عَنْ السَّلَفِ فِي فَضْلِ التَّكْبِيرَةِ الْأُولَى
آثَارٌ كَثِيرَةٌ " . "التلخيص الحبير" (2 /131) .
فينبغي الحرص على إدراك تكبيرة الإحرام مع الإمام .
ثانياً :
بماذا يدرك المأموم فضل تكبيرة الإحرام؟
للعلماء في ذلك عدة أقوال:
الأول: أن المأموم يدرك فضلها بحضوره تكبيرة إحرام إمامه ، وتكبيره بعده دون تأخير
.
الثاني : أنه يدركها ما لم يشرع الإمام في الفاتحة .
الثالث : يدركها إذا أدرك الإمام قبل أن ينتهي من قراءة الفاتحة ، وهو قول وكيع حيث
سئل عن حد التكبيرة الأولى ، فقال : " ما لم يختم الإمام بفاتحة الكتاب " . "طبقات
المحدثين" للأصبهاني (3/219) .
الرابع : أنها تُدرك بإدرك القيام مع الإمام لأنه محل تكبيرة الإحرام .
الخامس : أنها تحصل بإدراك الركوع الأول مع الإمام ، وهو مذهب الحنفية .
ينظر: "رد المحتار" (4/131) ، " الفتاوى الهندية " (3 /11) ، " المجموع " (4/ 206)
.
والقول الأول هو الأقرب ، وهو مذهب جمهور العلماء من الشافعية والحنابلة وغيرهم .
قال
النووي : " يستحب المحافظة على إدراك التكبيرة الأولى مع الإمام ، وفيما يدركها به
أوجه : أصحها بأن يشهد تكبيرة الإمام ويشتغل عقبها بعقد صلاته ، فإن أخر لم
يدركها..." . "روضة الطالبين وعمدة المفتين" (1 /446).
وقال ابن رجب : " ونص [الإمام] أحمد فِي رِوَايَة إِبْرَاهِيْم بْن الحارث عَلَى
أَنَّهُ إذا لَمْ يدرك التكبيرة مَعَ الإمام لَمْ يدرك التكبيرة الأولى " .
وقال أيضاً : " وقد قال وكيع : من أدرك آمين مع إمامه فقد أدرك معه فضلية تكبيرة
الإحرام.
وأنكر الإمام أحمد ذلك ، وقال : لا تُدرك فضلية تكبيرة الإحرام إلا بإدراكها مع
الإمام " .
وقال ابن مفلح رحمه الله : " قَالَ جَمَاعَةٌ : وَفَضِيلَةُ التَّكْبِيرَةِ
الْأُولَى لَا تَحْصُلُ إلَّا بِشُهُودِ تَحْرِيمِ الْإِمَامِ ". "الفروع" لابن
مفلح (1/521(
.
وقال الحجاوي : " وإدراك تكبيرة الإحرام مع الإمام فضيلة، وإنما تحصل بالاشتغال
بالتحرم عقب تحرم إمامه مع حضوره تكبيرة إحرامه". " الإقناع " (1 / 151) .
وقال الشيخ ابن عثيمين : " السنة : إذا كبر الإمام أن تبادر وتكبر حتى تدرك فضل
تكبيرة الإحرام ، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إذا كبر فكبروا
) والفاء تدل على الترتيب والتعقيب ، يعني : من حين أن يكبر وينقطع صوته من الراء
بقوله : ( الله أكبر ) فكبر أنت ولا تشتغل لا بدعاء ولا بتسوك ولا بمخاطبة من
بجانبك ، فإن هذا يفوت عليك إدراك فضل تكبيرة الإحرام " . "لقاء الباب المفتوح"
(2/192).
وفي
"الملخص الفقهي" (1/140) للشيخ صالح الفوزان : " ولا تحصل فضيلتها المنصوصة إلا
بشهود تحريم الإمام " .
والله أعلم .