قرأت في حديث أن من بنى بيوتاً زيادة عن حاجته فإنه
سيأتي يوم القيامة يحمل هذه البيوت على ظهره . إذا دفع الشخص الزكاة
المفروضة عن البيوت الزائدة ، فهل سيحمل هذا الحمل يوم القيامة أيضاً ؟ .
أولاً :
لا نعلم هذا الحديث الذي أشرت إليه ، والذي ثبت أنه يحمل على ظهره شيئاً
يوم القيامة هو الذي يأخذ الأشياء في الدنيا من الناس بغير حقٍّ
جحداً أو سرقة أو غلولاً من المعركة قبل توزيع الغنائم .
كما ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قام فينا النبي صلى الله عليه
وسلم فذكر الغلول فعظَّمه وعظَّم أمره ، قال : " لا ألفين أحدكم
يوم القيامة على رقبته شاة لها ثغاء ، على رقبته فرس له حمحمة ، يقول : يا
رسول الله أغثني ، فأقول : لا أملك لك شيئاً قد أبلغتك ، وعلى رقبته بعير
له رغاء
، يقول : يا رسول الله أغثني ، فأقول : لا أملك لك شيئاً قد أبلغتك ، وعلى
رقبته صامت ، فيقول : يا رسول الله أغثني ، فأقول : لا أملك لك شيئاً قد
أبلغتك ،
أو على رقبته رقاع تخفق ، فيقول : يا رسول الله أغثني ، فأقول : لا أملك لك
شيئاً قد أبلغتك . رواه البخاري ( 2908 ) ومسلم ( 1831 ) .
ثغاء : صوت الشاة .
حمحمة : صوت الفرس .
رغاء : صوت البعير .
صامت : الذهب والفضة .
رقاع تخفق : ثياب تتحرك .
ثانياً :أما بناء المسلم وتوسعه إلى حد يزيد عن حاجته وحاجة من يعولهم فقد قال ابن حزم :
( اتفقوا على أن بناء ما يستتر به المرء هو وعياله من العيون والبرد
والحر والمطر فرض ، أو اكتساب منزل أو مسكن يستر ما ذكرنا … واتفقوا
أن الاتساع في المكاسب والمباني من حل إذا أدى جميع حقوق الله تعالى مباح ،
ثم اختلفوا فمن كاره ومن غير كاره ) اهـ . مراتب الإجماع (ص155) .
والذي ينبغي أن يكون عليه المسلم هو عدم التوسع في أمور الدنيا ،
والاقتصار على ما يحتاج إليه استدلالا بعموم الآيات الناهية عن الإسراف
كقوله تعالى : ( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ
الْمُسْرِفِينَ ) الأعراف/31 . وقوله تعالى : ( وَالَّذِينَ
إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ
قَوَامًا ) الفرقان/67 .
وروى الترمذي (4283)عن خباب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال : ( إن العبد ليؤجر في نفقته كلها إلا في التراب أو قال في
البناء ) . صححه الألباني في صحيح الترمذي . ورواه البخاري (5672) من قول
خباب رضي الله عنه . قال ابن حجر : وهو محمول على ما زاد عن
الحاجة اهـ .
ويستدل على هذا أيضا بما كان عليه حال النبي صلى الله عليه وسلم من
الترفع عن الانشغال بالدنيا ، وتحذيره أمته عن انفتاح الدنيا عليهم
كما في الحديث : ( فَوَاللَّهِ لا الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ وَلَكِنْ
أَخَشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمْ الدُّنْيَا كَمَا بُسِطَتْ
عَلَى مَنْ
كَانَ قَبْلَكُمْ فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا وَتُهْلِكَكُمْ
كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ ) . رواه البخاري (3158) ومسلم (2961) .
ثالثاً :
والبيوت التي يبنيها المسلم لأهله وأولاده ليست فيها زكاة ، ولو ارتفعت
قيمتها ، والبيوت التي يبنيها ليؤجرها ليس فيها زكاة في ذاتها ،
بل تجب الزكاة في الأجرة إذا بلغت النصاب ومضى عليها حول كامل .
والبيوت التي يبنيها ليبيعها فيها الزكاة ؛ إذ هي من عروض التجارة ،
فعليه في نهاية الحول تقدير أثمانها وإخراج زكاتها ، ومقدار الزكاة :
ربع العشر من إجمالي قيمتها . وانظر في تفصيل المسألة وأدلتها إجابة السؤال
(10823) .
والله أعلم .
سيأتي يوم القيامة يحمل هذه البيوت على ظهره . إذا دفع الشخص الزكاة
المفروضة عن البيوت الزائدة ، فهل سيحمل هذا الحمل يوم القيامة أيضاً ؟ .
الحمد لله
أولاً :
لا نعلم هذا الحديث الذي أشرت إليه ، والذي ثبت أنه يحمل على ظهره شيئاً
يوم القيامة هو الذي يأخذ الأشياء في الدنيا من الناس بغير حقٍّ
جحداً أو سرقة أو غلولاً من المعركة قبل توزيع الغنائم .
كما ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قام فينا النبي صلى الله عليه
وسلم فذكر الغلول فعظَّمه وعظَّم أمره ، قال : " لا ألفين أحدكم
يوم القيامة على رقبته شاة لها ثغاء ، على رقبته فرس له حمحمة ، يقول : يا
رسول الله أغثني ، فأقول : لا أملك لك شيئاً قد أبلغتك ، وعلى رقبته بعير
له رغاء
، يقول : يا رسول الله أغثني ، فأقول : لا أملك لك شيئاً قد أبلغتك ، وعلى
رقبته صامت ، فيقول : يا رسول الله أغثني ، فأقول : لا أملك لك شيئاً قد
أبلغتك ،
أو على رقبته رقاع تخفق ، فيقول : يا رسول الله أغثني ، فأقول : لا أملك لك
شيئاً قد أبلغتك . رواه البخاري ( 2908 ) ومسلم ( 1831 ) .
ثغاء : صوت الشاة .
حمحمة : صوت الفرس .
رغاء : صوت البعير .
صامت : الذهب والفضة .
رقاع تخفق : ثياب تتحرك .
ثانياً :أما بناء المسلم وتوسعه إلى حد يزيد عن حاجته وحاجة من يعولهم فقد قال ابن حزم :
( اتفقوا على أن بناء ما يستتر به المرء هو وعياله من العيون والبرد
والحر والمطر فرض ، أو اكتساب منزل أو مسكن يستر ما ذكرنا … واتفقوا
أن الاتساع في المكاسب والمباني من حل إذا أدى جميع حقوق الله تعالى مباح ،
ثم اختلفوا فمن كاره ومن غير كاره ) اهـ . مراتب الإجماع (ص155) .
والذي ينبغي أن يكون عليه المسلم هو عدم التوسع في أمور الدنيا ،
والاقتصار على ما يحتاج إليه استدلالا بعموم الآيات الناهية عن الإسراف
كقوله تعالى : ( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ
الْمُسْرِفِينَ ) الأعراف/31 . وقوله تعالى : ( وَالَّذِينَ
إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ
قَوَامًا ) الفرقان/67 .
وروى الترمذي (4283)عن خباب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه
وسلم قال : ( إن العبد ليؤجر في نفقته كلها إلا في التراب أو قال في
البناء ) . صححه الألباني في صحيح الترمذي . ورواه البخاري (5672) من قول
خباب رضي الله عنه . قال ابن حجر : وهو محمول على ما زاد عن
الحاجة اهـ .
ويستدل على هذا أيضا بما كان عليه حال النبي صلى الله عليه وسلم من
الترفع عن الانشغال بالدنيا ، وتحذيره أمته عن انفتاح الدنيا عليهم
كما في الحديث : ( فَوَاللَّهِ لا الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ وَلَكِنْ
أَخَشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمْ الدُّنْيَا كَمَا بُسِطَتْ
عَلَى مَنْ
كَانَ قَبْلَكُمْ فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا وَتُهْلِكَكُمْ
كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ ) . رواه البخاري (3158) ومسلم (2961) .
ثالثاً :
والبيوت التي يبنيها المسلم لأهله وأولاده ليست فيها زكاة ، ولو ارتفعت
قيمتها ، والبيوت التي يبنيها ليؤجرها ليس فيها زكاة في ذاتها ،
بل تجب الزكاة في الأجرة إذا بلغت النصاب ومضى عليها حول كامل .
والبيوت التي يبنيها ليبيعها فيها الزكاة ؛ إذ هي من عروض التجارة ،
فعليه في نهاية الحول تقدير أثمانها وإخراج زكاتها ، ومقدار الزكاة :
ربع العشر من إجمالي قيمتها . وانظر في تفصيل المسألة وأدلتها إجابة السؤال
(10823) .
والله أعلم .