السؤال : لو معي من المال لأتصدق به في رمضان ففي أي باب أتصدق : إفطار الصائمين ، أم كفالة اليتيم ؟
الجواب:
الحمد لله
أولا :
المفاضلة بين العبادات من أدق أبواب الفقه التي ينبغي أن يتأمل فيها الفقيه ؛ لأن
العبادات طاعات لله تعالى ، والمفاضلة بين الطاعات مفاضلة في درجات ما يحبه الله عز
وجل ، ولا سبيل إلى ذلك إلا بالنص الصحيح الصريح ، أو القياس المستقيم .
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
"
وأما ما سألت عنه من أفضل الأعمال بعد الفرائض ؛ فإنه يختلف باختلاف الناس فيما
يقدرون عليه ، وما يناسب أوقاتهم ، فلا يمكن فيه جواب جامع مفصل لكل أحد ،
لكن مما هو كالإجماع بين العلماء بالله وأمره : أن ملازمة ذكر الله دائما هو أفضل
ما شغل العبد به نفسه في الجملة " انتهى.
"
مجموع الفتاوى " (10/660)
ويقول ابن القيم رحمه الله :
" تفاضل الأعمال ليس بكثرتها وعددها ، وإنما بإكمالها وإتمامها وموافقتها لرضا الرب
وشرعه
" انتهى.
"
المنار المنيف " (ص/41)
ويقول العلامة المقبلي رحمه الله :
"
إن الخوض في المفاضلة من دون توقيف مجازفة وتخمين ، إذ مواقع الأعمال متركبة من عدة
أمور ، وملاحظة جهات وكيفيات بعيدة عن إحاطة العقول بها " انتهى.
"
العلم الشامخ " (ص/50)
ثانيا :
وقد
بين العلماء مسائل وأوجه دقيقة في مسائل المفاضلة بين العبادات ، من أهمها قاعدة
المفاضلة بحسب المنفعة المتعدية المتحققة من هذه العبادة ، فالعبادة الأكثر نفعا هي
العبادة الأعظم أجرا وفضلا ، وهذا ما ينبغي على العامل المتعبد أن يراعيه .
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية :
"
ولو قيل : ( الأجر على قدر منفعة العمل وفائدته ) لكان صحيحا " انتهى.
"
مجموع الفتاوى " (10/621)
ثالثا :
ولذلك ، فالذي نراه في مسألة المفاضلة بين تفطير الصائم ، وكفالة اليتيم : أن ينظر
الأخ السائل في الظرف والحال من حوله :
فقد
يكون أكثر توجه الناس نحو كفالة الأيتام ونسيان سد جوعة الفقراء الصائمين ، أو قد
تقوم مؤسسات كبرى على رعاية الأيتام ولكن الصائمين الفقراء لا يجدون من يطعمهم ، أو
قد يكون الفقير الصائم من قرابته أو جيرانه أو أصحابه ، أو يتعرض له السائل الصائم
لحاجة عاجلة من طعام أو شراب يسد به رمقه ورمق عياله ، ففي كل هذه الحالات ينبغي
تقديم تفطير الصائم على كفالة اليتيم .
أما
إذا كان الحال عكس الظروف السابقة ، كأن يكثر الأيتام ، وخاصة في أيام الجهاد حيث
يكثر أبناء الشهداء ، وتصيب المسغبة الصغار والأطفال ، فهم أولى حينئذ من الصدقة
على الصائمين الكبار .
وهذا التفصيل بناء على أن تفطير الصائم وكفالة اليتيم يشتملان على إطعام الطعام ،
بل إن كفالة اليتيم تتضمن أمرا زائدا على ذلك : وهي الرعاية والتربية :
يقول النووي رحمه الله :
"
كافل اليتيم القائم بأموره من نفقة وكسوة وتأديب وتربيه وغير ذلك " انتهى.
"
شرح مسلم " (13/118).
يقول ابن العربي رحمه الله :
"
إطعام الطعام مع السغب ، الذي هو الجوع : أفضل من إطعامه لمجرد الحاجة ، أو على
مقتضى الشهوة ، وإطعام اليتيم الذي لا كافل له : أفضل من إطعام ذي الأبوين لوجود
الكافل وقيام الناصر " انتهى.
"
أحكام القرآن " (4/370)
ويقول ابن القيم رحمه الله :
"
أفضل الصدقة ما صادفت حاجة من المتصدق عليه وكانت دائمة مستمرة ، ومنه قول النبي
صلى الله عليه وسلم : ( أفضل الصدقة سقي الماء ) –
رواه أبو داود بإسناد حسن
-، وهذا في موضع يقل فيه الماء ويكثر فيه العطش ، وإلا فسقي الماء على الأنهار
والقنى لا يكون أفضل من إطعام الطعام عند الحاجة " انتهى.
"
الروح " (ص/142)
ويقول الشيخ سليمان النجران :
"
والصدقة من العبادات الفاضلة ، وأفضل الصدقات ما اجتمع فيها أكثر أسباب التفضيل ،
فتزداد فضيلتها مع شدة الحاجة للمتصدق عليه ، وتكون أفضل مع كونه قريبا ، وتكون
أفضل مع كون القريب مبطنا للعداوة ، وتكون أفضل مع كون المتصدق صحيحا شحيحا ، وتكون
أفضل إذا كانت عن ظهر غنى ، وتكون أفضل مع كون الصدقة في زمان ومكان فاضلين...فبحسب
استطاعة المكلف تكميل أسباب التفضيل يكون علو منزلة العمل عند الله عز وجل "
"
المفاضلة بين العبادات " (ص/162)
رابعا :
ينبغي أن نعلم أن من أهم أسباب تفاضل الأعمال في الأجور ما يقوم في قلب العامل من
إقبال على الله ، وصدق في سؤاله عز وجل ، واستسلام وانقياد تامَّيْن لأمره ، فمن
قام في قلبه استشعار العبادة كان أعظم أجرا من غيره .
يقول ابن القيم رحمه الله :
"
تفاضل الأعمال عند الله تعالى بتفاضل ما في القلوب من الإيمان والإخلاص والمحبة
وتوابعها " انتهى.
"
الوابل الصيب " (ص/15).
وانظر جواب السؤال رقم :
(12598) ،
(67280)
والله أعلم .
الجواب:
الحمد لله
أولا :
المفاضلة بين العبادات من أدق أبواب الفقه التي ينبغي أن يتأمل فيها الفقيه ؛ لأن
العبادات طاعات لله تعالى ، والمفاضلة بين الطاعات مفاضلة في درجات ما يحبه الله عز
وجل ، ولا سبيل إلى ذلك إلا بالنص الصحيح الصريح ، أو القياس المستقيم .
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
"
وأما ما سألت عنه من أفضل الأعمال بعد الفرائض ؛ فإنه يختلف باختلاف الناس فيما
يقدرون عليه ، وما يناسب أوقاتهم ، فلا يمكن فيه جواب جامع مفصل لكل أحد ،
لكن مما هو كالإجماع بين العلماء بالله وأمره : أن ملازمة ذكر الله دائما هو أفضل
ما شغل العبد به نفسه في الجملة " انتهى.
"
مجموع الفتاوى " (10/660)
ويقول ابن القيم رحمه الله :
" تفاضل الأعمال ليس بكثرتها وعددها ، وإنما بإكمالها وإتمامها وموافقتها لرضا الرب
وشرعه
" انتهى.
"
المنار المنيف " (ص/41)
ويقول العلامة المقبلي رحمه الله :
"
إن الخوض في المفاضلة من دون توقيف مجازفة وتخمين ، إذ مواقع الأعمال متركبة من عدة
أمور ، وملاحظة جهات وكيفيات بعيدة عن إحاطة العقول بها " انتهى.
"
العلم الشامخ " (ص/50)
ثانيا :
وقد
بين العلماء مسائل وأوجه دقيقة في مسائل المفاضلة بين العبادات ، من أهمها قاعدة
المفاضلة بحسب المنفعة المتعدية المتحققة من هذه العبادة ، فالعبادة الأكثر نفعا هي
العبادة الأعظم أجرا وفضلا ، وهذا ما ينبغي على العامل المتعبد أن يراعيه .
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية :
"
ولو قيل : ( الأجر على قدر منفعة العمل وفائدته ) لكان صحيحا " انتهى.
"
مجموع الفتاوى " (10/621)
ثالثا :
ولذلك ، فالذي نراه في مسألة المفاضلة بين تفطير الصائم ، وكفالة اليتيم : أن ينظر
الأخ السائل في الظرف والحال من حوله :
فقد
يكون أكثر توجه الناس نحو كفالة الأيتام ونسيان سد جوعة الفقراء الصائمين ، أو قد
تقوم مؤسسات كبرى على رعاية الأيتام ولكن الصائمين الفقراء لا يجدون من يطعمهم ، أو
قد يكون الفقير الصائم من قرابته أو جيرانه أو أصحابه ، أو يتعرض له السائل الصائم
لحاجة عاجلة من طعام أو شراب يسد به رمقه ورمق عياله ، ففي كل هذه الحالات ينبغي
تقديم تفطير الصائم على كفالة اليتيم .
أما
إذا كان الحال عكس الظروف السابقة ، كأن يكثر الأيتام ، وخاصة في أيام الجهاد حيث
يكثر أبناء الشهداء ، وتصيب المسغبة الصغار والأطفال ، فهم أولى حينئذ من الصدقة
على الصائمين الكبار .
وهذا التفصيل بناء على أن تفطير الصائم وكفالة اليتيم يشتملان على إطعام الطعام ،
بل إن كفالة اليتيم تتضمن أمرا زائدا على ذلك : وهي الرعاية والتربية :
يقول النووي رحمه الله :
"
كافل اليتيم القائم بأموره من نفقة وكسوة وتأديب وتربيه وغير ذلك " انتهى.
"
شرح مسلم " (13/118).
يقول ابن العربي رحمه الله :
"
إطعام الطعام مع السغب ، الذي هو الجوع : أفضل من إطعامه لمجرد الحاجة ، أو على
مقتضى الشهوة ، وإطعام اليتيم الذي لا كافل له : أفضل من إطعام ذي الأبوين لوجود
الكافل وقيام الناصر " انتهى.
"
أحكام القرآن " (4/370)
ويقول ابن القيم رحمه الله :
"
أفضل الصدقة ما صادفت حاجة من المتصدق عليه وكانت دائمة مستمرة ، ومنه قول النبي
صلى الله عليه وسلم : ( أفضل الصدقة سقي الماء ) –
رواه أبو داود بإسناد حسن
-، وهذا في موضع يقل فيه الماء ويكثر فيه العطش ، وإلا فسقي الماء على الأنهار
والقنى لا يكون أفضل من إطعام الطعام عند الحاجة " انتهى.
"
الروح " (ص/142)
ويقول الشيخ سليمان النجران :
"
والصدقة من العبادات الفاضلة ، وأفضل الصدقات ما اجتمع فيها أكثر أسباب التفضيل ،
فتزداد فضيلتها مع شدة الحاجة للمتصدق عليه ، وتكون أفضل مع كونه قريبا ، وتكون
أفضل مع كون القريب مبطنا للعداوة ، وتكون أفضل مع كون المتصدق صحيحا شحيحا ، وتكون
أفضل إذا كانت عن ظهر غنى ، وتكون أفضل مع كون الصدقة في زمان ومكان فاضلين...فبحسب
استطاعة المكلف تكميل أسباب التفضيل يكون علو منزلة العمل عند الله عز وجل "
"
المفاضلة بين العبادات " (ص/162)
رابعا :
ينبغي أن نعلم أن من أهم أسباب تفاضل الأعمال في الأجور ما يقوم في قلب العامل من
إقبال على الله ، وصدق في سؤاله عز وجل ، واستسلام وانقياد تامَّيْن لأمره ، فمن
قام في قلبه استشعار العبادة كان أعظم أجرا من غيره .
يقول ابن القيم رحمه الله :
"
تفاضل الأعمال عند الله تعالى بتفاضل ما في القلوب من الإيمان والإخلاص والمحبة
وتوابعها " انتهى.
"
الوابل الصيب " (ص/15).
وانظر جواب السؤال رقم :
(12598) ،
(67280)
والله أعلم .