هل يوجد دعاء يحفظك من موت الفجأة ? وما هو ؟
الجواب :
الحمد لله
أولا
:
موت
الفجأة من أقدار الله التي يقضي بها في عباده ، بأن يصيب الموتُ العبدَ مفاجأة من
غير إمهال ولا إخطار ، وإنما هجوما تنسل به الروح من غير معاناة سكرات الموت
ومقدماته .
وهو
صورة من صور الموت التي وجدت قديما ، وزاد انتشارها حديثا بسبب حوادث السير
المعروفة اليوم ، والعدوان على الشعوب والأفراد بآلات القتل الحديثة الفاتكة .
وقد
جاء في بعض الآثار والأحاديث أن انتشار موت الفجأة من علامات الساعة ، حسَّن هذه
الآثار الحافظ السخاوي في " المقاصد الحسنة " (ص/506) وقال : له طرق يقوي بعضها
بعضا ، والألباني في " السلسلة الصحيحة " (5/370)، ويمكن الاطلاع عليها في كتاب :
"إتحاف الجماعة بما جاء في الفتن والملاحم وأشراط الساعة " (2/236) للشيخ حمود
التويجري .
ثانيا
:
ثم
إن موت الفجأة يحتمل أن يكون خيرا ، ويحتمل أن يكون شرا ، وذلك بحسب اختلاف حال
المتوفى ، وما له عند الله عز وجل :
1- فإذا كان المتوفَّى من أهل الصلاح والخير ، وله عند الله من الحسنات والأعمال
الصالحة ما يُرجَى أن تكون نورا بين يديه يوم القيامة : فجميع صور الموت بالنسبة له
من الخير ، سواء موت الفجأة ، أو بعد معاناة سكرات الموت : موت الفجأة رحمة وتخفيف
وعفو من رب العباد ، فلا يجد من ألم الموت وشدة سكراته ومعاناة مرضه شيئا يذكر ،
وإن وقع له ذلك ولم يكن موته فجأة كان تكفيرا لسيئاته ، ورفعة لدرجاته عند الله ،
وذلك تصديق لما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن أمر المؤمن كله له خير ، وأن موت
المؤمن راحة له من نصب الدنيا وعذابها ، إلى نعيم الآخرة .
2- أما إذا كان المتوفَّى من المقصرين أو الفسقة الظلمة أو الكفرة : فموت الفجأة
بالنسبة له نقمة وغضب ، إذ عوجل بالموت قبل التوبة ، ولم يمهل كي يستدرك ما مضى من
تفريطه وتقصيره ، فأُخِذَ أخذةَ انتقام وغضب كما وصف النبي صلى الله عليه وسلم فقال
: (مَوْتُ الْفَجْأَةِ أَخْذَةُ أَسَفٍ ) رواه أبو داود (رقم/3110) .
ولما كان الجزم بصلاح النفس أو تقصيرها من الأمور العسرة ، وتتفاوت فيها القلوب ،
وتتنازعها أسباب الورع والخوف أو الثبات واليقين ، وجدنا في الآثار عن السلف بعض
الاختلاف في نظرتهم لموت الفجأة ، فمَن غَلَّبَ جانب الخوف من الله ، وظنَّ في نفسه
التقصير : كان يستعيذ من موت الفجأة ، ويرجو أن يكفر الله خطاياه بمعالجة سكرات
الموت، ومَن غَلَّب جانب الرجاء ، وسعة رحمة الله : رأى في موت الفجأة فرجا ورحمة
وعفوا من الله عز وجل .
فإذا قرأنا عن السلف كلاما عن موت الفجأة ظاهره التعارض ، فهو في الحقيقة والباطن
ليس اختلاف تعارض ، وإنما اختلاف تنوع .
عن
عبد الله بن مسعود وعائشة رضي الله عنهما قالا :
"
أسف على الفاجر وراحة للمؤمن : يعني الفجأة " انتهى.
"
مصنف ابن أبي شيبة " (3/370)، " السنن الكبرى " للبيهقي (3/379).
وعن
تميم بن سلمة ، قال : مات منا رجل بغتة ، فقال رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه
وسلم أخذة غضب , فذكرته لإبراهيم - وقل ما كنا نذكر لإبراهيم حديثا إلا وجدنا عنده
فيه - فقال : كانوا يكرهون أخذة كأخذة الأسف .
"
مصنف ابن أبي شيبة " (3/370)
ثالثا:
أما
الأحاديث المرفوعة فلم يصح منها شيء سوى الحديث المذكور سابقا : ( موت الفجأة أخذة
أسف ) ، مع أن بعض أهل العلم تكلم فيه ، وأشار الحافظ ابن حجر رحمه الله إلى أنه
روي مرفوعا وموقوفا ، وذكر أنه الإمام البخاري رحمه الله أشار بترجمته إلى أنه في
إسناده مقالا.
ينظر: فتح الباري ، للحافظ ابن حجر (3/254) .
أما
غيره من الأحاديث المتعلقة بموت الفجأة مدحا أو ذما ، وأن النبي صلى الله عليه وسلم
كان يستعيذ منها : فلم يصح منها شيء .
ولذلك قال الفيروزأبادي رحمه الله :
"
ما ثبت فيه شيء " انتهى.
"
سفر السعادة " (ص/353)
رابعاً
:
لم
يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم دعاء خاص يحفظ من موت الفجأة ، وما ينتشر في
المنتديات عن ذلك الدعاء الذي يكتب لمن قاله أجر (360) حجة ، ويحفظ من موت الفجأة
وغير ذلك ، إنما هو كذب موضوع لا أصل له في كتب السنة ، وقد سبق أن بينا ذلك في
جواب السؤال رقم :
(126635) ، (127615)
.
والأولى أن يدعو الإنسان بما كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو به :
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ :
كَانَ مِنْ دُعَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (
اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ
، وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ ، وَجَمِيعِ سَخَطِكَ )
رواه مسلم (2739)
والله أعلم .
الجواب :
الحمد لله
أولا
:
موت
الفجأة من أقدار الله التي يقضي بها في عباده ، بأن يصيب الموتُ العبدَ مفاجأة من
غير إمهال ولا إخطار ، وإنما هجوما تنسل به الروح من غير معاناة سكرات الموت
ومقدماته .
وهو
صورة من صور الموت التي وجدت قديما ، وزاد انتشارها حديثا بسبب حوادث السير
المعروفة اليوم ، والعدوان على الشعوب والأفراد بآلات القتل الحديثة الفاتكة .
وقد
جاء في بعض الآثار والأحاديث أن انتشار موت الفجأة من علامات الساعة ، حسَّن هذه
الآثار الحافظ السخاوي في " المقاصد الحسنة " (ص/506) وقال : له طرق يقوي بعضها
بعضا ، والألباني في " السلسلة الصحيحة " (5/370)، ويمكن الاطلاع عليها في كتاب :
"إتحاف الجماعة بما جاء في الفتن والملاحم وأشراط الساعة " (2/236) للشيخ حمود
التويجري .
ثانيا
:
ثم
إن موت الفجأة يحتمل أن يكون خيرا ، ويحتمل أن يكون شرا ، وذلك بحسب اختلاف حال
المتوفى ، وما له عند الله عز وجل :
1- فإذا كان المتوفَّى من أهل الصلاح والخير ، وله عند الله من الحسنات والأعمال
الصالحة ما يُرجَى أن تكون نورا بين يديه يوم القيامة : فجميع صور الموت بالنسبة له
من الخير ، سواء موت الفجأة ، أو بعد معاناة سكرات الموت : موت الفجأة رحمة وتخفيف
وعفو من رب العباد ، فلا يجد من ألم الموت وشدة سكراته ومعاناة مرضه شيئا يذكر ،
وإن وقع له ذلك ولم يكن موته فجأة كان تكفيرا لسيئاته ، ورفعة لدرجاته عند الله ،
وذلك تصديق لما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن أمر المؤمن كله له خير ، وأن موت
المؤمن راحة له من نصب الدنيا وعذابها ، إلى نعيم الآخرة .
2- أما إذا كان المتوفَّى من المقصرين أو الفسقة الظلمة أو الكفرة : فموت الفجأة
بالنسبة له نقمة وغضب ، إذ عوجل بالموت قبل التوبة ، ولم يمهل كي يستدرك ما مضى من
تفريطه وتقصيره ، فأُخِذَ أخذةَ انتقام وغضب كما وصف النبي صلى الله عليه وسلم فقال
: (مَوْتُ الْفَجْأَةِ أَخْذَةُ أَسَفٍ ) رواه أبو داود (رقم/3110) .
ولما كان الجزم بصلاح النفس أو تقصيرها من الأمور العسرة ، وتتفاوت فيها القلوب ،
وتتنازعها أسباب الورع والخوف أو الثبات واليقين ، وجدنا في الآثار عن السلف بعض
الاختلاف في نظرتهم لموت الفجأة ، فمَن غَلَّبَ جانب الخوف من الله ، وظنَّ في نفسه
التقصير : كان يستعيذ من موت الفجأة ، ويرجو أن يكفر الله خطاياه بمعالجة سكرات
الموت، ومَن غَلَّب جانب الرجاء ، وسعة رحمة الله : رأى في موت الفجأة فرجا ورحمة
وعفوا من الله عز وجل .
فإذا قرأنا عن السلف كلاما عن موت الفجأة ظاهره التعارض ، فهو في الحقيقة والباطن
ليس اختلاف تعارض ، وإنما اختلاف تنوع .
عن
عبد الله بن مسعود وعائشة رضي الله عنهما قالا :
"
أسف على الفاجر وراحة للمؤمن : يعني الفجأة " انتهى.
"
مصنف ابن أبي شيبة " (3/370)، " السنن الكبرى " للبيهقي (3/379).
وعن
تميم بن سلمة ، قال : مات منا رجل بغتة ، فقال رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه
وسلم أخذة غضب , فذكرته لإبراهيم - وقل ما كنا نذكر لإبراهيم حديثا إلا وجدنا عنده
فيه - فقال : كانوا يكرهون أخذة كأخذة الأسف .
"
مصنف ابن أبي شيبة " (3/370)
ثالثا:
أما
الأحاديث المرفوعة فلم يصح منها شيء سوى الحديث المذكور سابقا : ( موت الفجأة أخذة
أسف ) ، مع أن بعض أهل العلم تكلم فيه ، وأشار الحافظ ابن حجر رحمه الله إلى أنه
روي مرفوعا وموقوفا ، وذكر أنه الإمام البخاري رحمه الله أشار بترجمته إلى أنه في
إسناده مقالا.
ينظر: فتح الباري ، للحافظ ابن حجر (3/254) .
أما
غيره من الأحاديث المتعلقة بموت الفجأة مدحا أو ذما ، وأن النبي صلى الله عليه وسلم
كان يستعيذ منها : فلم يصح منها شيء .
ولذلك قال الفيروزأبادي رحمه الله :
"
ما ثبت فيه شيء " انتهى.
"
سفر السعادة " (ص/353)
رابعاً
:
لم
يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم دعاء خاص يحفظ من موت الفجأة ، وما ينتشر في
المنتديات عن ذلك الدعاء الذي يكتب لمن قاله أجر (360) حجة ، ويحفظ من موت الفجأة
وغير ذلك ، إنما هو كذب موضوع لا أصل له في كتب السنة ، وقد سبق أن بينا ذلك في
جواب السؤال رقم :
(126635) ، (127615)
.
والأولى أن يدعو الإنسان بما كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو به :
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ :
كَانَ مِنْ دُعَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (
اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ
، وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ ، وَجَمِيعِ سَخَطِكَ )
رواه مسلم (2739)
والله أعلم .