السؤال:
يوجد مقطع فيديو يظهر فيه لحظة نزع روح إنسان ، حيث تم التصوير باستخدام
الأشعة ، والأشعة تبين أماكن الحرارة والبرودة ، إذ أن جسم الإنسان يبرد
بعد نزع الروح .
فاللهم إنّا نسألك حسن الخاتمة .
الجواب :
الحمد لله
أولاً:
لا نستطيع الجزم بصحة المقطع من حيث
الواقع ، فلا نعلم عن مصدره شيئاً ، ومرجع معرفة ذلك والجزم به إلى أهل الاختصاص من
أهل الطب ، لكننا نجزم أن ما صوِّر ليس هو الروح كما يسوِّقه بعض ناشري ذلك المقطع
؛ لأن الروح لا تُعرف كنهها ولا حقيقتها ، فمِن أين لهذا القائل أن يجزم بأن هذا
تصوير لروح ذلك الشخص ؟! نعم يمكن الجزم بأن هذا هو حال البدن حين الوفاة ، لكن لا
تُنسب تلك الصور أنها للروح .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين –
رحمه الله - :
والروح لا نستطيع أن نعرف كنهها
وحقيقتها ومادتها ، أما الجسد : فأصله من التراب ، ثم في أرحام النساء من النطفة ،
لكن الروح لا نعرف من أي جوهر هي ؟ ولا من أي مادة ( ويسألونك عن الروح قل الروح من
أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً ) الإسراء/ 85 .
" لقاءات الباب المفتوح " ( مقدمة
اللقاء 82 ) .
ثانياً:
الوعظ بالموت ونهاية الحياة والقبر من
أساليب الدعوة الشرعية ، فقد جاء في الكتاب والسنَّة ما يدل على هذا الأسلوب في
الوعظ عموماً ، وفيما ذكرناه خصوصاً ، ومن الأدلة في ذلك :
1. قوله تعالى (
ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن
سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ) النحل/ 125 .
2.
وعن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال : وَعَظَنَا رَسُولُ الَّلهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيهِ وَسَلَّم مَوعِظَةً بَلِيغَةً ذَرَفَت مِنهَا العُيونُ وَوَجِلَت مِنهَا
القُلوبُ ) .
رواه الترمذي (2676) وقال : حسن صحيح ، وأبو داود ( 4607
) ، وابن ماجه ( 42 )
،
وصححه الألباني في " صحيح الترمذي " .
ومن
حكَم تشريع زيارة القبور " التذكير بالآخرة " ، وقد وعظ النبي صلى الله عليه وسلم
أصحابه على قبر.
قال
القرطبي – رحمه الله - :
قال
العلماء : ينبغي لمن أراد علاج قلبه وانقياده بسلاسل القهر إلى طاعة ربه : أن يُكثر
من ذكر هاذم اللذات ، ومفرِّق الجماعات ، وموتم البنين والبنات ، ويواظب على
مشاهدة المحتضَرين ، وزيارة قبور أموات المسلمين ، فهذه ثلاثة أمور ، ينبغي لمن
قسا قلبه ، ولزمه ذنبه ، أن يستعين بها على دواء دائه ، ويستصرخ بها على فتن
الشيطان وأعوانه ؛ فإن انتفع بالإكثار من ذكر الموت ، وانجلت به قساوة قلبه : فذاك
، وإن عظم عليه ران قلبه ، واستحكمت فيه دواعي الذنب : فإن مشاهدة المحتضرين ،
وزيارة قبور أموات المسلمين ، تبلغ في دفع ذلك ما لا يبلغه الأول ؛ لأن ذكر الموت
إخبار للقلب بما إليه المصير ، وقائم له مقام التخويف والتحذير ، وفي مشاهدة من
احتُضر ، وزيارة قبر من مات من المسلمين : معاينة ومشاهدة ؛ فلذلك كان أبلغ من
الأول ؛ قال صلى الله عليه وسلم : ( ليس الخبر كالمعاينة" – رواه أحمد ( 3 / 341 )
بسند جيِّد - رواه ابن عباس ، فأما الاعتبار بحال المحتضرين فغير ممكن في كل
الأوقات ، وقد لا يتفق لمن أراد علاج قلبه في ساعة من الساعات ، وأما زيارة القبور
: فوجودها أسرع ، والانتفاع بها أليق وأجدر ... .
فليتأمل الزائر حال من مضى من إخوانه ، ودرج من أقرانه الذين بلغوا الآمال ، وجمعوا
الأموال كيف انقطعت آمالهم ، ولم تغنِ عنهم أموالهم ، ومحا التراب محاسن وجوههم ،
وافترقت في القبور أجزاؤهم ، وترمل من بعدهم نساؤهم ، وشمل ذل اليتم أولادهم ،
واقتسم غيرهم طريفهم وتلادهم ، وليتذكر ترددهم في المآرب ، وحرصهم على نيل المطالب
، وانخداعهم لمواتاة الأسباب ، وركونهم إلى الصحة والشباب ، وليعلم أن ميله إلى
اللهو واللعب كميلهم ، وغفلته عما بين يديه من الموت الفظيع ، والهلاك السريع ،
كغفلتهم ، وأنه لا بد صائر إلى مصيرهم ، وليحضر بقلبه ذكر من كان مترددا في أغراضه
، وكيف تهدمت رجلاه ، وكان يتلذذ بالنظر إلى ما خوله وقد سالت عيناه ، ويصول ببلاغة
نطقه وقد أكل الدود لسانه ، ويضحك لمواتاة دهره وقد أبلى التراب أسنانه ، وليتحقق
أن حاله كحاله ، ومآله كمآله .
وعند هذا التذكر والاعتبار تزول عنه جميع الأغيار الدنيوية ، ويقبل على الأعمال
الأخروية ، فيزهد في دنياه ، ويقبل على طاعة مولاه ، ويلين قلبه ، وتخشع جوارحه .
"
تفسير القرطبي " ( 20 / 171 ، 172 ) .
والله أعلم
يوجد مقطع فيديو يظهر فيه لحظة نزع روح إنسان ، حيث تم التصوير باستخدام
الأشعة ، والأشعة تبين أماكن الحرارة والبرودة ، إذ أن جسم الإنسان يبرد
بعد نزع الروح .
فاللهم إنّا نسألك حسن الخاتمة .
الجواب :
الحمد لله
أولاً:
لا نستطيع الجزم بصحة المقطع من حيث
الواقع ، فلا نعلم عن مصدره شيئاً ، ومرجع معرفة ذلك والجزم به إلى أهل الاختصاص من
أهل الطب ، لكننا نجزم أن ما صوِّر ليس هو الروح كما يسوِّقه بعض ناشري ذلك المقطع
؛ لأن الروح لا تُعرف كنهها ولا حقيقتها ، فمِن أين لهذا القائل أن يجزم بأن هذا
تصوير لروح ذلك الشخص ؟! نعم يمكن الجزم بأن هذا هو حال البدن حين الوفاة ، لكن لا
تُنسب تلك الصور أنها للروح .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين –
رحمه الله - :
والروح لا نستطيع أن نعرف كنهها
وحقيقتها ومادتها ، أما الجسد : فأصله من التراب ، ثم في أرحام النساء من النطفة ،
لكن الروح لا نعرف من أي جوهر هي ؟ ولا من أي مادة ( ويسألونك عن الروح قل الروح من
أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً ) الإسراء/ 85 .
" لقاءات الباب المفتوح " ( مقدمة
اللقاء 82 ) .
ثانياً:
الوعظ بالموت ونهاية الحياة والقبر من
أساليب الدعوة الشرعية ، فقد جاء في الكتاب والسنَّة ما يدل على هذا الأسلوب في
الوعظ عموماً ، وفيما ذكرناه خصوصاً ، ومن الأدلة في ذلك :
1. قوله تعالى (
ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن
سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ) النحل/ 125 .
2.
وعن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال : وَعَظَنَا رَسُولُ الَّلهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيهِ وَسَلَّم مَوعِظَةً بَلِيغَةً ذَرَفَت مِنهَا العُيونُ وَوَجِلَت مِنهَا
القُلوبُ ) .
رواه الترمذي (2676) وقال : حسن صحيح ، وأبو داود ( 4607
) ، وابن ماجه ( 42 )
،
وصححه الألباني في " صحيح الترمذي " .
ومن
حكَم تشريع زيارة القبور " التذكير بالآخرة " ، وقد وعظ النبي صلى الله عليه وسلم
أصحابه على قبر.
قال
القرطبي – رحمه الله - :
قال
العلماء : ينبغي لمن أراد علاج قلبه وانقياده بسلاسل القهر إلى طاعة ربه : أن يُكثر
من ذكر هاذم اللذات ، ومفرِّق الجماعات ، وموتم البنين والبنات ، ويواظب على
مشاهدة المحتضَرين ، وزيارة قبور أموات المسلمين ، فهذه ثلاثة أمور ، ينبغي لمن
قسا قلبه ، ولزمه ذنبه ، أن يستعين بها على دواء دائه ، ويستصرخ بها على فتن
الشيطان وأعوانه ؛ فإن انتفع بالإكثار من ذكر الموت ، وانجلت به قساوة قلبه : فذاك
، وإن عظم عليه ران قلبه ، واستحكمت فيه دواعي الذنب : فإن مشاهدة المحتضرين ،
وزيارة قبور أموات المسلمين ، تبلغ في دفع ذلك ما لا يبلغه الأول ؛ لأن ذكر الموت
إخبار للقلب بما إليه المصير ، وقائم له مقام التخويف والتحذير ، وفي مشاهدة من
احتُضر ، وزيارة قبر من مات من المسلمين : معاينة ومشاهدة ؛ فلذلك كان أبلغ من
الأول ؛ قال صلى الله عليه وسلم : ( ليس الخبر كالمعاينة" – رواه أحمد ( 3 / 341 )
بسند جيِّد - رواه ابن عباس ، فأما الاعتبار بحال المحتضرين فغير ممكن في كل
الأوقات ، وقد لا يتفق لمن أراد علاج قلبه في ساعة من الساعات ، وأما زيارة القبور
: فوجودها أسرع ، والانتفاع بها أليق وأجدر ... .
فليتأمل الزائر حال من مضى من إخوانه ، ودرج من أقرانه الذين بلغوا الآمال ، وجمعوا
الأموال كيف انقطعت آمالهم ، ولم تغنِ عنهم أموالهم ، ومحا التراب محاسن وجوههم ،
وافترقت في القبور أجزاؤهم ، وترمل من بعدهم نساؤهم ، وشمل ذل اليتم أولادهم ،
واقتسم غيرهم طريفهم وتلادهم ، وليتذكر ترددهم في المآرب ، وحرصهم على نيل المطالب
، وانخداعهم لمواتاة الأسباب ، وركونهم إلى الصحة والشباب ، وليعلم أن ميله إلى
اللهو واللعب كميلهم ، وغفلته عما بين يديه من الموت الفظيع ، والهلاك السريع ،
كغفلتهم ، وأنه لا بد صائر إلى مصيرهم ، وليحضر بقلبه ذكر من كان مترددا في أغراضه
، وكيف تهدمت رجلاه ، وكان يتلذذ بالنظر إلى ما خوله وقد سالت عيناه ، ويصول ببلاغة
نطقه وقد أكل الدود لسانه ، ويضحك لمواتاة دهره وقد أبلى التراب أسنانه ، وليتحقق
أن حاله كحاله ، ومآله كمآله .
وعند هذا التذكر والاعتبار تزول عنه جميع الأغيار الدنيوية ، ويقبل على الأعمال
الأخروية ، فيزهد في دنياه ، ويقبل على طاعة مولاه ، ويلين قلبه ، وتخشع جوارحه .
"
تفسير القرطبي " ( 20 / 171 ، 172 ) .
والله أعلم