سمعت أحد الدعاة في الصين يقول : إن مس المصحف بغير
طهارة حرام بالنسبة للمسلم ، وأما الكافر فيجوز له ذلك ، حتى يتمكن من
معرفة الإسلام ، فهل هذا الكلام صحيح .
الحمد لله
لا يجوز للمحدث مس المصحف ؛ لما جاء في كتاب عمرو بن حزم الذي كتبه النبي صلى الله
عليه وسلم إلى أهل اليمن وفيه : ( ألا يمس القرآن إلا طاهر )
رواه مالك (468) وابن حبان (793) والبيهقي (1/87)
. قال الحافظ ابن حجر : " وقد صحح الحديث بالكتاب المذكور جماعة من الأئمة لا من
حيث الإسناد بل من حيث الشهرة ، فقال الشافعي في رسالته : لم يقبلوا هذا الحديث حتى
ثبت عندهم أنه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وقال ابن عبد البر : هذا كتاب مشهور عند أهل السير معروف ما فيه عند أهل العلم
معرفة يستغنى بشهرتها عن الإسناد لأنه أشبه التواتر في مجيئه لتلقي الناس له
بالقبول والمعرفة" انتهى من "التلخيص الحبير"
(4/17).
والحديث صححه الشيخ الألباني في "إرواء
الغليل" (1/158).
وهذا يشمل المحدث حدثا أصغر أو أكبر ، والكافر جامع للحدثين ، إذ تصيبه الجنابة ،
فلا يغتسل منها ، ولو اغتسل لم يصح غسله .
ولهذا ذهب جمهور الفقهاء إلى منع الكافر من مس المصحف ، وتحريم تمكينه منه ، وهو
أولى بالمنع من المسلم ؛ لأنه يُخشى من امتهانه له ، ولهذا نهي النبي صلى الله عليه
وسلم عن السفر بالقرآن إلى أرض العدو ، كما روى البخاري (2990) ومسلم (1869) عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يُسَافَرَ بِالْقُرْآنِ إِلَى أَرْضِ
الْعَدُوِّ .
قال النووي رحمه الله في "المجموع" (2/85) : " قال أصحابنا : لا يمنع الكافر سماع
القرآن ، ويمنع مس المصحف " انتهى
.
وقال الرملي رحمه الله : " ويمنع الكافر من وضع يده على المصحف لتجليده ، كما قاله
ابن عبد السلام ، وإن رجي إسلامه " انتهى من
"نهاية المحتاج" (3/389).
وقال الباجي في "المنتقى" (3/165)
: " ولو أن أحدا من الكفار رغب أن يرسل إليه بمصحف يتدبره لم يرسل إليه به ؛ لأنه
نجس جنب ولا يجوز له مس المصحف ، ولا يجوز لأحد أن يسلمه إليه ذكره ابن الماجشون "
انتهى.
وجاء في "الموسوعة الفقهية" : " مس الكافر المصحف وعمله في نسخ المصاحف وتصنيعها :
يمنع الكافر من مسّ المصحف , كما يمنع منه المسلم الجنب , بل الكافر أولى بالمنع "
انتهى
.
وفيها أيضا : " ذهب المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة وأبو يوسف من الحنفيّة إلى
أنّه لا يجوز للكافر مس المصحف لأنّ في ذلك إهانةً للمصحف .
وقال محمّد بن الحسن : لا بأس أن يمسّ الكافر المصحف إذا اغتسل , لأنّ المانع هو
الحدث وقد زال بالغسل , وإنّما بقي نجاسة اعتقاده وذلك في قلبه لا في يده "
انتهى
.
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله : ما حكم مس النصراني للمصحف ، وكذلك مسه لترجمة
معاني القرآن الكريم ؟
فأجاب : " هذا فيه نزاع بين أهل العلم ، والمعروف عند أهل العلم منع النصراني
واليهودي وسائر الكفرة ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى أن يسافر بالقرآن إلى
أرض العدو، قال: لئلا تناله أيديهم ، فدل ذلك على أنهم لا يمكنون منه ، وإنما
يمكنون من السماع، قال تعالى: ( وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ
فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ) الآية، يعني: يتلى عليهم حتى يسمعوه
ولكن لا يدفع إليهم القرآن. وذهب بعض أهل العلم إلى جواز ذلك إذا رجي إسلام الكافر
واحتجوا على هذا بأنه صلى الله عليه وسلم كتب إلى هرقل عظيم الروم قوله جل وعلا : (
قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا
وَبَيْنَكُمْ ) الآية
،
قالوا: هذه الآية العظيمة آية من كتاب الله وقد كتبها إلى هرقل .
والصواب أنه ليس بحجة ، وإنما يدل على جواز الكتابة للآية والآيتين من كتاب الله.
أما تسليم المصحف فليس بثابت عنه صلى الله عليه وسلم.
أما بالنسبة لكتاب ترجمة معاني القرآن فلا حرج في أن يمسه الكافر؛ لأن المترجم
معناه أنه كتاب تفسير وليس بقرآن، أي أن الترجمة تفسير لمعاني القرآن، فإذا مسه
الكافر أو من ليس على طهارة فلا حرج ؛ لأنه ليس له حكم القرآن، وحكم القرآن يختص
بما إذا كان مكتوبا بالعربية وحدها وليس فيه تفسير، أما إذا كان معه الترجمة فحكمه
حكم التفسير، والتفسير يجوز أن يحمله المحدث والمسلم والكافر؛ لأنه ليس كتاب القرآن
ولكنه يعتبر من كتب التفسير " انتهى من
"مجموع فتاوى الشيخ ابن باز" (24/340).
وعُلم من هذا جواز مس الكافر للترجمة ، لأن الترجمة ليست قرآنا ، فإذا أريد دعوته
أعطي ترجمةً لمعاني القرآن الكريم .
وانظر جواب السؤال رقم (96646)
وفق الله الجيع لما يحب ويرضى .
والله أعلم .
طهارة حرام بالنسبة للمسلم ، وأما الكافر فيجوز له ذلك ، حتى يتمكن من
معرفة الإسلام ، فهل هذا الكلام صحيح .
الحمد لله
لا يجوز للمحدث مس المصحف ؛ لما جاء في كتاب عمرو بن حزم الذي كتبه النبي صلى الله
عليه وسلم إلى أهل اليمن وفيه : ( ألا يمس القرآن إلا طاهر )
رواه مالك (468) وابن حبان (793) والبيهقي (1/87)
. قال الحافظ ابن حجر : " وقد صحح الحديث بالكتاب المذكور جماعة من الأئمة لا من
حيث الإسناد بل من حيث الشهرة ، فقال الشافعي في رسالته : لم يقبلوا هذا الحديث حتى
ثبت عندهم أنه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وقال ابن عبد البر : هذا كتاب مشهور عند أهل السير معروف ما فيه عند أهل العلم
معرفة يستغنى بشهرتها عن الإسناد لأنه أشبه التواتر في مجيئه لتلقي الناس له
بالقبول والمعرفة" انتهى من "التلخيص الحبير"
(4/17).
والحديث صححه الشيخ الألباني في "إرواء
الغليل" (1/158).
وهذا يشمل المحدث حدثا أصغر أو أكبر ، والكافر جامع للحدثين ، إذ تصيبه الجنابة ،
فلا يغتسل منها ، ولو اغتسل لم يصح غسله .
ولهذا ذهب جمهور الفقهاء إلى منع الكافر من مس المصحف ، وتحريم تمكينه منه ، وهو
أولى بالمنع من المسلم ؛ لأنه يُخشى من امتهانه له ، ولهذا نهي النبي صلى الله عليه
وسلم عن السفر بالقرآن إلى أرض العدو ، كما روى البخاري (2990) ومسلم (1869) عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ يُسَافَرَ بِالْقُرْآنِ إِلَى أَرْضِ
الْعَدُوِّ .
قال النووي رحمه الله في "المجموع" (2/85) : " قال أصحابنا : لا يمنع الكافر سماع
القرآن ، ويمنع مس المصحف " انتهى
.
وقال الرملي رحمه الله : " ويمنع الكافر من وضع يده على المصحف لتجليده ، كما قاله
ابن عبد السلام ، وإن رجي إسلامه " انتهى من
"نهاية المحتاج" (3/389).
وقال الباجي في "المنتقى" (3/165)
: " ولو أن أحدا من الكفار رغب أن يرسل إليه بمصحف يتدبره لم يرسل إليه به ؛ لأنه
نجس جنب ولا يجوز له مس المصحف ، ولا يجوز لأحد أن يسلمه إليه ذكره ابن الماجشون "
انتهى.
وجاء في "الموسوعة الفقهية" : " مس الكافر المصحف وعمله في نسخ المصاحف وتصنيعها :
يمنع الكافر من مسّ المصحف , كما يمنع منه المسلم الجنب , بل الكافر أولى بالمنع "
انتهى
.
وفيها أيضا : " ذهب المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة وأبو يوسف من الحنفيّة إلى
أنّه لا يجوز للكافر مس المصحف لأنّ في ذلك إهانةً للمصحف .
وقال محمّد بن الحسن : لا بأس أن يمسّ الكافر المصحف إذا اغتسل , لأنّ المانع هو
الحدث وقد زال بالغسل , وإنّما بقي نجاسة اعتقاده وذلك في قلبه لا في يده "
انتهى
.
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله : ما حكم مس النصراني للمصحف ، وكذلك مسه لترجمة
معاني القرآن الكريم ؟
فأجاب : " هذا فيه نزاع بين أهل العلم ، والمعروف عند أهل العلم منع النصراني
واليهودي وسائر الكفرة ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى أن يسافر بالقرآن إلى
أرض العدو، قال: لئلا تناله أيديهم ، فدل ذلك على أنهم لا يمكنون منه ، وإنما
يمكنون من السماع، قال تعالى: ( وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ
فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ) الآية، يعني: يتلى عليهم حتى يسمعوه
ولكن لا يدفع إليهم القرآن. وذهب بعض أهل العلم إلى جواز ذلك إذا رجي إسلام الكافر
واحتجوا على هذا بأنه صلى الله عليه وسلم كتب إلى هرقل عظيم الروم قوله جل وعلا : (
قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا
وَبَيْنَكُمْ ) الآية
،
قالوا: هذه الآية العظيمة آية من كتاب الله وقد كتبها إلى هرقل .
والصواب أنه ليس بحجة ، وإنما يدل على جواز الكتابة للآية والآيتين من كتاب الله.
أما تسليم المصحف فليس بثابت عنه صلى الله عليه وسلم.
أما بالنسبة لكتاب ترجمة معاني القرآن فلا حرج في أن يمسه الكافر؛ لأن المترجم
معناه أنه كتاب تفسير وليس بقرآن، أي أن الترجمة تفسير لمعاني القرآن، فإذا مسه
الكافر أو من ليس على طهارة فلا حرج ؛ لأنه ليس له حكم القرآن، وحكم القرآن يختص
بما إذا كان مكتوبا بالعربية وحدها وليس فيه تفسير، أما إذا كان معه الترجمة فحكمه
حكم التفسير، والتفسير يجوز أن يحمله المحدث والمسلم والكافر؛ لأنه ليس كتاب القرآن
ولكنه يعتبر من كتب التفسير " انتهى من
"مجموع فتاوى الشيخ ابن باز" (24/340).
وعُلم من هذا جواز مس الكافر للترجمة ، لأن الترجمة ليست قرآنا ، فإذا أريد دعوته
أعطي ترجمةً لمعاني القرآن الكريم .
وانظر جواب السؤال رقم (96646)
وفق الله الجيع لما يحب ويرضى .
والله أعلم .