السؤال :
في كل موضع من القرآن يرد فيه كلمة عن " الحج " أو " مكة " أو " الكعبة "
يكون المخاطبون هم الناس ، حتى رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم في حجة
الوداع كان يقول : أيها الناس !
ما السر الذي يربط مكة بالناس ، ففي كل التكاليف والخطابات يكون المخاطبون
هم المؤمنون؟
الجواب:
الحمد لله
أولا :
النداء في القرآن الكريم بـ ( يا أيها الناس ) ورد في عشرين موضعا في القرآن الكريم
، اثنان منها في سورة البقرة ، وأربعة في النساء ، وواحد في الأعراف ، وأربعة في
يونس ، وأربعة في الحج ، وواحد في لقمان ، وثلاثة في فاطر ، وواحد في الحجرات .
والمتأمل في هذه الآيات جميعا يجد أنها تخاطب جميع الناس ، مؤمنهم وكافرهم ، صالحهم
وفاسقهم ، تدعوهم إلى التأمل فيما ينفعهم في آخرتهم ، وتذكرهم بربوبية الله لهم ،
وفقرهم إليه سبحانه ، كي يكون ذلك دافعا إلى عبادته وحده لا شريك له ، وإخلاص الدين
له ، ولما كان المقصود من هذا الخطاب جميع الخلق ، ولم يكن محصورا بفئة معينة ،
ناسب أن يكون بصيغة ( يا أيها الناس ) ، دون النداء بـ ( يا أيها الذين آمنوا ) .
وليس لذلك علاقة بذكر الكعبة أو مكة أو الحج خاصة ، بل إن معظم السور السابقة التي
ورد فيها النداء بـ ( يا أيها الناس ) ليس فيها ذكر الكعبة أو مكة أو الحج مطلقا ،
فلا نرى أن هذا النداء قد خص عند ذكر الكعبة أو مكة دون سائر التكاليف الشرعية .
وقد
ذكر بعض العلماء من الفروق بين السور المكية والسور المدنية ، أن الخطاب بـ (ياأيها
الناس) يكون في السور المكية ، والخطاب بـ (ياأيها الذين آمنوا) يكون في السور
المدنية .
وهذا هو الغالب ، فقد ورد في السور المكية كالبقرة والنساء الخطاب بـ (ياأيها
الناس) ، وورد في بعض السور المكية كالحج الخطاب بـ (ياأيها الذين آمنوا) .
ثانياً :
أما
ما جاء في القرآن الكريم من اقتران خطاب عموم " الناس " عند ذكر الحج ومناسكه فلعل
سببه هو أن أول ما فرض الحج كان بنداء إبراهيم عليه السلام أهل الأرض جميعا ،
يدعوهم إلى زيارة بيت الله الحرام والتنسك فيه ، وذلك في قوله سبحانه وتعالى : (
وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ
يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ ) الحج/27 .
قال
الحافظ ابن كثير رحمه الله :
"
أي : ناد في الناس داعيا لهم إلى الحج إلى هذا البيت الذي أمرناك ببنائه .
فَذُكر أنه قال : يا رب ، وكيف أبلغ الناس وصوتي لا ينفذهم ؟ فقيل : ناد وعلينا
البلاغ . فقام على مقامه ، وقيل : على الحِجْر ، وقيل : على الصفا ، وقيل : على أبي
قُبَيس [جبل عند الكعبة] ، وقال : يا أيها الناس ، إن ربكم قد اتخذ بيتا فحجوه .
فيقال : إن الجبال تواضعت حتى بلغ الصوت أرجاء الأرض ، وأسمَعَ مَن في الأرحام
والأصلاب ، وأجابه كل شيء سمعه من حَجَر ومَدَر وشجر ، ومن كتب الله أنه يحج إلى
يوم القيامة : " لبيك اللهم لبيك ". هذا مضمون ما روي عن ابن عباس ، ومجاهد ،
وعكرمة ، وسعيد بن جُبَير ، وغير واحد من السلف ، والله أعلم .
أوردها ابن جَرير ، وابن أبي حاتم مُطَوّلة " انتهى .
"
تفسير القرآن العظيم " (5/414) .
والله أعلم .
في كل موضع من القرآن يرد فيه كلمة عن " الحج " أو " مكة " أو " الكعبة "
يكون المخاطبون هم الناس ، حتى رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم في حجة
الوداع كان يقول : أيها الناس !
ما السر الذي يربط مكة بالناس ، ففي كل التكاليف والخطابات يكون المخاطبون
هم المؤمنون؟
الجواب:
الحمد لله
أولا :
النداء في القرآن الكريم بـ ( يا أيها الناس ) ورد في عشرين موضعا في القرآن الكريم
، اثنان منها في سورة البقرة ، وأربعة في النساء ، وواحد في الأعراف ، وأربعة في
يونس ، وأربعة في الحج ، وواحد في لقمان ، وثلاثة في فاطر ، وواحد في الحجرات .
والمتأمل في هذه الآيات جميعا يجد أنها تخاطب جميع الناس ، مؤمنهم وكافرهم ، صالحهم
وفاسقهم ، تدعوهم إلى التأمل فيما ينفعهم في آخرتهم ، وتذكرهم بربوبية الله لهم ،
وفقرهم إليه سبحانه ، كي يكون ذلك دافعا إلى عبادته وحده لا شريك له ، وإخلاص الدين
له ، ولما كان المقصود من هذا الخطاب جميع الخلق ، ولم يكن محصورا بفئة معينة ،
ناسب أن يكون بصيغة ( يا أيها الناس ) ، دون النداء بـ ( يا أيها الذين آمنوا ) .
وليس لذلك علاقة بذكر الكعبة أو مكة أو الحج خاصة ، بل إن معظم السور السابقة التي
ورد فيها النداء بـ ( يا أيها الناس ) ليس فيها ذكر الكعبة أو مكة أو الحج مطلقا ،
فلا نرى أن هذا النداء قد خص عند ذكر الكعبة أو مكة دون سائر التكاليف الشرعية .
وقد
ذكر بعض العلماء من الفروق بين السور المكية والسور المدنية ، أن الخطاب بـ (ياأيها
الناس) يكون في السور المكية ، والخطاب بـ (ياأيها الذين آمنوا) يكون في السور
المدنية .
وهذا هو الغالب ، فقد ورد في السور المكية كالبقرة والنساء الخطاب بـ (ياأيها
الناس) ، وورد في بعض السور المكية كالحج الخطاب بـ (ياأيها الذين آمنوا) .
ثانياً :
أما
ما جاء في القرآن الكريم من اقتران خطاب عموم " الناس " عند ذكر الحج ومناسكه فلعل
سببه هو أن أول ما فرض الحج كان بنداء إبراهيم عليه السلام أهل الأرض جميعا ،
يدعوهم إلى زيارة بيت الله الحرام والتنسك فيه ، وذلك في قوله سبحانه وتعالى : (
وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ
يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ ) الحج/27 .
قال
الحافظ ابن كثير رحمه الله :
"
أي : ناد في الناس داعيا لهم إلى الحج إلى هذا البيت الذي أمرناك ببنائه .
فَذُكر أنه قال : يا رب ، وكيف أبلغ الناس وصوتي لا ينفذهم ؟ فقيل : ناد وعلينا
البلاغ . فقام على مقامه ، وقيل : على الحِجْر ، وقيل : على الصفا ، وقيل : على أبي
قُبَيس [جبل عند الكعبة] ، وقال : يا أيها الناس ، إن ربكم قد اتخذ بيتا فحجوه .
فيقال : إن الجبال تواضعت حتى بلغ الصوت أرجاء الأرض ، وأسمَعَ مَن في الأرحام
والأصلاب ، وأجابه كل شيء سمعه من حَجَر ومَدَر وشجر ، ومن كتب الله أنه يحج إلى
يوم القيامة : " لبيك اللهم لبيك ". هذا مضمون ما روي عن ابن عباس ، ومجاهد ،
وعكرمة ، وسعيد بن جُبَير ، وغير واحد من السلف ، والله أعلم .
أوردها ابن جَرير ، وابن أبي حاتم مُطَوّلة " انتهى .
"
تفسير القرآن العظيم " (5/414) .
والله أعلم .