السؤال:
ما صحة هذا الحديث أو هذا النص وبارك الله فيكم .
جواب بني كنانة لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين عرض نفسه على القبائل ،
وكانوا أول قبيلة دعاها إلى دين الحق بعد قريش لكنهم لم يجيبوه آنذاك لحكمة
من الله سبحانه وتعالى .
فقد ورد بكتاب " المناقب المزيدية في أخبار الملوك الأسدية " لأبي المناقب
الحلي: " حين عرض نفسه على القبائل حتى انتهى إليهم فدعاهم إلى نصره
وإعانته على تبليغ رسالة ربه عز وجل ، فإنه كان قبل ذلك قد خرج أبو بكر
وعلي صلوات الله عليهما إلى عكاظ في مجتمع العرب بها، فبدأ بكنانة ، فوقف
عليهم فدعاهم فقالوا له: قد عرفنا الذي تريد وما تدعونا إليه قبل اليوم،
فإن أحببت أن نمنعك ممن يريد ظلمك منعناك ، فكنت بين أظهرنا ممنوعا غير
مضام، وإن كنت تريد منا أن نفارق دينناً ، ونكافح العرب من دونك ، فهذا شيء
لو دعانا إليه سيدنا يعمر بن عوف الشداخ ما أجبناه إليه أبداً ؛ لأن قريشا
منا ونحن منهم ، وبيننا وبينهم أرحام ، وجوار وقرابات، فانصرف عنا يا محمد
وعليك بغيرنا ، فانصرف وهو يقرأ : ( فان تولوا فإنما عليك البلاغ و علينا
الحساب) " .
الجواب :
الحمد لله
هذا الخبر ذكره أبو البقاء هبة الله محمد بن نما الحلي في كتابه " المناقب المزيدية
في أخبار الملوك الأسدية" (ص 415-416) مطولا دون أن يذكر إسناده أو يعزوه إلى أحد .
وهذا الرجل من رؤساء الشيعة الإمامية ، قال الحافظ في "لسان الميزان" (6/ 190) :
" هبة الله بن نما الحلي ، عفيف الدين أبو البقاء ؛ كان من رؤساء الإمامية " انتهى
.
وهذه الطائفة ، الشيعة
الإمامية ، من أكذب الطوائف في دين الله ، وأغرقهم في أنواع البدع ؛ حتى إنهم
ليعدون الكذب خصلة من خصال دينها ، فلا يعتد بما يذكرونه في كتبهم ، ولا يعول على
ما ينفردون به .
وهذا الخبر لم يذكره – فيما
نعلم – أحد من أهل العلم بالتفسير ، ولا ذكره أحد ممن صنف في أسباب النزول أو أخبار
السيرة ، ولا رواه أحد من أهل الحديث . فإذا كان مع ذلك قد انفرد بذكره رجل من
رؤساء الشيعة الإمامية - وهي من الشيعة الغالية المتطرفة - فلا ريب أنه خبر منحول
وحديث غير مقبول .
والمشهور ما رواه البيهقي في
"دلائل النبوة" (2/422) وأبو نعيم في "دلائل النبوة" (214) وابن عساكر في "تاريخه"
(17/293) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: لَمَّا أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَعْرِضَ نَفْسَهُ عَلَى قَبَائِلِ الْعَرَبِ خَرَجَ -
وَأَنَا مَعَهُ وَأَبُو بَكْرٍ - إِلَى مِنًى حَتَّى دَفَعْنَا إِلَى مَجْلِسٍ مِنْ
مَجَالِسِ الْعَرَبِ فَتَقَدَّمَ أَبُو بَكْرٍ فَسَلَّمَ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ
مُقَدَّمًا فِي كُلِّ حِينٍ وكَانَ رَجُلًا نَسَّابَةً فَقَالَ: مِمَّنِ الْقَوْمُ؟
قَالُوا: مِنْ رَبِيعَةَ قَالَ: وَأَيُّ رَبِيعَةَ أَنْتُمْ؟ مِنْ هَامَتِهَا أَمْ
مِنْ لَهَازِمِهَا؟ قَالُوا: بَلْ مِنْ هَامَتِهَا الْعُظْمَى فَقَالَ أَبُو
بَكْرٍ: مِنْ أَيِّ هَامَتِهَا الْعُظْمَى؟ قَالُوا: ذُهْلٌ الْأَكْبَرُ ... إلى أن
قَالَ: ثُمَّ انْتَهَيْنَا إِلَى مَجْلِسٍ عَلَيْهِ السَّكِينَةُ وَالْوَقَارُ
وَإِذَا مَشَايِخُ لَهُمْ أَقْدَارٌ وَهَيْئَاتٌ فَتَقَدَّمَ أَبُو بَكْرٍ
فَسَلَّمَ. قَالَ عَلِيٌّ: وَكَانَ مُقَدَّمًا فِي كُلِّ حِينٍ، فَقَالَ لَهُمْ
أَبُو بَكْرٍ: مِمَّنِ الْقَوْمُ؟ قَالُوا: نَحْنُ بَنُو شَيْبَانَ بْنِ ثَعْلَبَةَ
فَالْتَفَتَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ:
بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي لَيْسَ بَعْدَ هَؤُلَاءِ مِنْ عِزٍّ فِي قَوْمِهِمْ ،
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنْ كَانَ بَلَغَكُمْ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ فَهَا هُوَ ذَا
فَقَالَ مَفْرُوقٌ: وَقَدْ بَلَغَنَا أَنَّهُ يَذْكُرُ ذَلِكَ ثُمَّ الْتَفَتَ
إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِلَامَ تَدْعُو
يَا أَخَا قُرَيْشٍ؟ فَتَقَدَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَجَلَسَ ، وَقَامَ أَبُو بَكْرٍ يُظَلِّلُهُ بِثَوْبِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَدْعُوكُمْ إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ
إِلَى اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ ، وَأَنْ
تُؤُوُونِي ، وَتَمْنَعُونِي ، وَتَنْصُرُونِي ، حَتَّى أُؤَدِّيَ عَنِ اللَّهِ
تَعَالَى مَا أَمَرَنِي بِهِ ، فَإِنَّ قُرَيْشًا قَدْ تَظَاهَرَتْ عَلَى أَمْرِ
اللَّهِ ، وَكَذَّبَتْ رَسُولَهُ ، وَاسْتَغْنَتْ بِالْبَاطِلِ عَنِ الْحَقِّ ،
وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ، قَالَ لَهُ: وَإِلَامَ تَدْعُو أَيْضًا يَا
أَخَا قُرَيْشٍ؟ فَتَلَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( قُلْ
تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ
شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ) إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى : ( فَتَفَرَّقَ
بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) وَقَالَ
لَهُ مَفْرُوقٌ: وَإِلَامَ تَدْعُو أَيْضًا يَا أَخَا قُرَيْشٍ؟ فَوَاللَّهِ مَا
هَذَا مِنْ كَلَامِ أَهْلِ الْأَرْضِ ، وَلَوْ كَانَ مِنْ كَلَامِهِمْ
لَعَرَفْنَاهُ فَتَلَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِنَّ
اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ ) إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: (
لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) فَقَالَ لَهُ مَفْرُوقٌ: دَعَوْتَ وَاللَّهِ يَا
قُرَشِيُّ إِلَى مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَمَحَاسِنِ الْأَعْمَالِ وَلَقَدْ أُفِكَ
قَوْمٌ كَذَّبُوكَ وَظَاهَرُوا عَلَيْكَ ، وَكَأَنَّهُ أَحَبَّ أَنْ يَشْرَكَهُ فِي
الْكَلَّامِ هَانِئُ بْنُ قَبِيصَةَ فَقَالَ: وَهَذَا هَانِئُ بْنُ قَبِيصَةَ
شَيْخُنَا وَصَاحِبُ دِينِنَا ، فَقَالَ لَهُ هَانِئٌ: قَدْ سَمِعْتُ مَقَالَتَكَ
يَا أَخَا قُرَيْشٍ ، وَصَدَّقْتُ قَوْلَكَ ، وَإِنِّي أَرَى أَنَّ تَرْكَنَا
دِينَنَا وَاتِّبَاعَنَا إِيَّاكَ عَلَى دِينِكَ لِمَجْلِسٍ جَلَسْتَهُ إِلَيْنَا
لَيْسَ لَهُ أَوَّلٌ وَلَا آخِرٌ إِنْ لَمْ نَتَفَكَّرْ فِي أَمْرِكَ وَنَنْظُرْ
فِي عَاقِبَةِ مَا تَدْعُونَا إِلَيْهِ إِنَّهُ زَلَّةٌ فِي الرَّأْيِ ، وَطَيْشَةٌ
فِي الْعَقْلِ وَقِلَّةُ نَظَرٍ فِي الْعَاقِبَةِ ، وَإِنَّمَا تَكُونُ الزَّلَّةُ
مَعَ الْعَجَلَةِ ، وَإِنَّ مِنْ وَرَائِنَا قَوْمًا نَكْرَهُ أَنْ نَعْقِدَ
عَلَيْهِمْ عَقْدًا وَلَكِنْ تَرْجِعُ وَنَرْجِعُ وَتَنْظُرُ وَنَنْظُرُ ،
وَكَأَنَّهُ أَحَبَّ أَنْ يَشْرَكَهُ فِي الْكَلَامِ الْمُثَنَّى بْنُ حَارِثَةَ
فَقَالَ: وَهَذَا الْمُثَنَّى شَيْخُنَا وَصَاحِبُ حَرْبِنَا فَقَالَ الْمُثَنَّى:
قَدْ سَمِعْتُ مَقَالَتَكَ وَاسْتَحْسَنْتُ قَوْلَكَ يَا أَخَا قُرَيْشٍ
وَأَعَجْبَنِي مَا تَكَلَّمْتَ بِهِ ، وَالْجَوَابُ هُوَ جَوَابُ هَانِئِ بْنِ
قَبِيصَةَ ، إِنَّمَا نَزَلْنَا بَيْنَ صِيرَيْنِ أَحَدُهُمَا الْيَمَامَةُ
وَالْأُخْرَى السَّمَاوَةُ ، وَإِنَّمَا نَزَلْنَا عَلَى عَهْدٍ أَخَذَهُ عَلَيْنَا
كِسْرَى أَنْ لَا نُحْدِثَ حَدَثًا وَلَا نُؤْوِيَ مُحْدِثًا ، وَلَعَلَّ هَذَا
الْأَمْرَ الَّذِي تَدْعُو إِلَيْهِ تَكْرَهُهُ الْمُلُوكُ ، فَأَمَّا مَا كَانَ
مِمَّا يَلِي بِلَادَ الْعَرَبِ فَذَنْبٌ صَاحِبُهُ مَغْفُورٌ ، وَعُذْرُهُ
مَقْبُولٌ ، وَأَمَّا مَا كَانَ مِمَّا يَلِي بِلَادَ فَارِسَ فَذَنْبٌ صَاحِبُهُ
غَيْرُ مَغْفُورٍ وَعُذْرُهُ غَيْرُ مَقْبُولٍ ، فَإِنْ أَرَدْتَ أَنْ نَنْصُرَكَ
مِمَّا يَلِي الْعَرَبَ فَعَلْنَا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: ( مَا أَسَأْتُمُ الرَّدَّ إِذْ أَفْصَحْتُمْ بِالصِّدْقِ إِنَّهُ لَا
يَقُومُ بِدِينِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ حَاطَهُ مِنْ جَمِيعِ جَوَانِبِهِ ) ، ثُمَّ
نَهَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَابِضًا عَلَى يَدِ أَبِي
بَكْرٍ ، ثُمَّ دَفَعْنَا إِلَى مَجْلِسِ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ فَمَا نَهَضْنَا
حَتَّى بَايَعُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ
عَلِيٌّ: وَكَانُوا صُدُقًا صُبُرًا رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ " .
حسنه الحافظ في "الفتح" (7/220) وقال ابن كثير رحمه الله :
" هذا حديث غريب جدا كتبناه لما فيه من دلائل النبوة ومحاسن الأخلاق ومكارم الشيم
وفصاحة العرب ، وقد ورد هذا من طريق أخرى " انتهى من "البداية والنهاية" (3 /178) .
وضعفه الألباني في "الضعيفة" (6457) .
ثم إن قوله في خبر هذا الشيعي : " فانصرف وهو يقرأ : ( فإن تولوا فإنما عليك البلاغ
وعلينا الحساب) " تحريف لكتاب الله أو خطأ ؛ فإن الآية إما أن تكون :
( فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ) النحل/ 82 .
أو تكون : ( وَإِنْ مَا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ
نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ ) الرعد/
40 .
والله تعالى أعلم .
ما صحة هذا الحديث أو هذا النص وبارك الله فيكم .
جواب بني كنانة لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين عرض نفسه على القبائل ،
وكانوا أول قبيلة دعاها إلى دين الحق بعد قريش لكنهم لم يجيبوه آنذاك لحكمة
من الله سبحانه وتعالى .
فقد ورد بكتاب " المناقب المزيدية في أخبار الملوك الأسدية " لأبي المناقب
الحلي: " حين عرض نفسه على القبائل حتى انتهى إليهم فدعاهم إلى نصره
وإعانته على تبليغ رسالة ربه عز وجل ، فإنه كان قبل ذلك قد خرج أبو بكر
وعلي صلوات الله عليهما إلى عكاظ في مجتمع العرب بها، فبدأ بكنانة ، فوقف
عليهم فدعاهم فقالوا له: قد عرفنا الذي تريد وما تدعونا إليه قبل اليوم،
فإن أحببت أن نمنعك ممن يريد ظلمك منعناك ، فكنت بين أظهرنا ممنوعا غير
مضام، وإن كنت تريد منا أن نفارق دينناً ، ونكافح العرب من دونك ، فهذا شيء
لو دعانا إليه سيدنا يعمر بن عوف الشداخ ما أجبناه إليه أبداً ؛ لأن قريشا
منا ونحن منهم ، وبيننا وبينهم أرحام ، وجوار وقرابات، فانصرف عنا يا محمد
وعليك بغيرنا ، فانصرف وهو يقرأ : ( فان تولوا فإنما عليك البلاغ و علينا
الحساب) " .
الجواب :
الحمد لله
هذا الخبر ذكره أبو البقاء هبة الله محمد بن نما الحلي في كتابه " المناقب المزيدية
في أخبار الملوك الأسدية" (ص 415-416) مطولا دون أن يذكر إسناده أو يعزوه إلى أحد .
وهذا الرجل من رؤساء الشيعة الإمامية ، قال الحافظ في "لسان الميزان" (6/ 190) :
" هبة الله بن نما الحلي ، عفيف الدين أبو البقاء ؛ كان من رؤساء الإمامية " انتهى
.
وهذه الطائفة ، الشيعة
الإمامية ، من أكذب الطوائف في دين الله ، وأغرقهم في أنواع البدع ؛ حتى إنهم
ليعدون الكذب خصلة من خصال دينها ، فلا يعتد بما يذكرونه في كتبهم ، ولا يعول على
ما ينفردون به .
وهذا الخبر لم يذكره – فيما
نعلم – أحد من أهل العلم بالتفسير ، ولا ذكره أحد ممن صنف في أسباب النزول أو أخبار
السيرة ، ولا رواه أحد من أهل الحديث . فإذا كان مع ذلك قد انفرد بذكره رجل من
رؤساء الشيعة الإمامية - وهي من الشيعة الغالية المتطرفة - فلا ريب أنه خبر منحول
وحديث غير مقبول .
والمشهور ما رواه البيهقي في
"دلائل النبوة" (2/422) وأبو نعيم في "دلائل النبوة" (214) وابن عساكر في "تاريخه"
(17/293) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: لَمَّا أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَعْرِضَ نَفْسَهُ عَلَى قَبَائِلِ الْعَرَبِ خَرَجَ -
وَأَنَا مَعَهُ وَأَبُو بَكْرٍ - إِلَى مِنًى حَتَّى دَفَعْنَا إِلَى مَجْلِسٍ مِنْ
مَجَالِسِ الْعَرَبِ فَتَقَدَّمَ أَبُو بَكْرٍ فَسَلَّمَ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ
مُقَدَّمًا فِي كُلِّ حِينٍ وكَانَ رَجُلًا نَسَّابَةً فَقَالَ: مِمَّنِ الْقَوْمُ؟
قَالُوا: مِنْ رَبِيعَةَ قَالَ: وَأَيُّ رَبِيعَةَ أَنْتُمْ؟ مِنْ هَامَتِهَا أَمْ
مِنْ لَهَازِمِهَا؟ قَالُوا: بَلْ مِنْ هَامَتِهَا الْعُظْمَى فَقَالَ أَبُو
بَكْرٍ: مِنْ أَيِّ هَامَتِهَا الْعُظْمَى؟ قَالُوا: ذُهْلٌ الْأَكْبَرُ ... إلى أن
قَالَ: ثُمَّ انْتَهَيْنَا إِلَى مَجْلِسٍ عَلَيْهِ السَّكِينَةُ وَالْوَقَارُ
وَإِذَا مَشَايِخُ لَهُمْ أَقْدَارٌ وَهَيْئَاتٌ فَتَقَدَّمَ أَبُو بَكْرٍ
فَسَلَّمَ. قَالَ عَلِيٌّ: وَكَانَ مُقَدَّمًا فِي كُلِّ حِينٍ، فَقَالَ لَهُمْ
أَبُو بَكْرٍ: مِمَّنِ الْقَوْمُ؟ قَالُوا: نَحْنُ بَنُو شَيْبَانَ بْنِ ثَعْلَبَةَ
فَالْتَفَتَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ:
بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي لَيْسَ بَعْدَ هَؤُلَاءِ مِنْ عِزٍّ فِي قَوْمِهِمْ ،
قَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنْ كَانَ بَلَغَكُمْ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ فَهَا هُوَ ذَا
فَقَالَ مَفْرُوقٌ: وَقَدْ بَلَغَنَا أَنَّهُ يَذْكُرُ ذَلِكَ ثُمَّ الْتَفَتَ
إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِلَامَ تَدْعُو
يَا أَخَا قُرَيْشٍ؟ فَتَقَدَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَجَلَسَ ، وَقَامَ أَبُو بَكْرٍ يُظَلِّلُهُ بِثَوْبِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَدْعُوكُمْ إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ
إِلَى اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ ، وَأَنْ
تُؤُوُونِي ، وَتَمْنَعُونِي ، وَتَنْصُرُونِي ، حَتَّى أُؤَدِّيَ عَنِ اللَّهِ
تَعَالَى مَا أَمَرَنِي بِهِ ، فَإِنَّ قُرَيْشًا قَدْ تَظَاهَرَتْ عَلَى أَمْرِ
اللَّهِ ، وَكَذَّبَتْ رَسُولَهُ ، وَاسْتَغْنَتْ بِالْبَاطِلِ عَنِ الْحَقِّ ،
وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ، قَالَ لَهُ: وَإِلَامَ تَدْعُو أَيْضًا يَا
أَخَا قُرَيْشٍ؟ فَتَلَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( قُلْ
تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ
شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ) إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى : ( فَتَفَرَّقَ
بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) وَقَالَ
لَهُ مَفْرُوقٌ: وَإِلَامَ تَدْعُو أَيْضًا يَا أَخَا قُرَيْشٍ؟ فَوَاللَّهِ مَا
هَذَا مِنْ كَلَامِ أَهْلِ الْأَرْضِ ، وَلَوْ كَانَ مِنْ كَلَامِهِمْ
لَعَرَفْنَاهُ فَتَلَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِنَّ
اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ ) إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: (
لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) فَقَالَ لَهُ مَفْرُوقٌ: دَعَوْتَ وَاللَّهِ يَا
قُرَشِيُّ إِلَى مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَمَحَاسِنِ الْأَعْمَالِ وَلَقَدْ أُفِكَ
قَوْمٌ كَذَّبُوكَ وَظَاهَرُوا عَلَيْكَ ، وَكَأَنَّهُ أَحَبَّ أَنْ يَشْرَكَهُ فِي
الْكَلَّامِ هَانِئُ بْنُ قَبِيصَةَ فَقَالَ: وَهَذَا هَانِئُ بْنُ قَبِيصَةَ
شَيْخُنَا وَصَاحِبُ دِينِنَا ، فَقَالَ لَهُ هَانِئٌ: قَدْ سَمِعْتُ مَقَالَتَكَ
يَا أَخَا قُرَيْشٍ ، وَصَدَّقْتُ قَوْلَكَ ، وَإِنِّي أَرَى أَنَّ تَرْكَنَا
دِينَنَا وَاتِّبَاعَنَا إِيَّاكَ عَلَى دِينِكَ لِمَجْلِسٍ جَلَسْتَهُ إِلَيْنَا
لَيْسَ لَهُ أَوَّلٌ وَلَا آخِرٌ إِنْ لَمْ نَتَفَكَّرْ فِي أَمْرِكَ وَنَنْظُرْ
فِي عَاقِبَةِ مَا تَدْعُونَا إِلَيْهِ إِنَّهُ زَلَّةٌ فِي الرَّأْيِ ، وَطَيْشَةٌ
فِي الْعَقْلِ وَقِلَّةُ نَظَرٍ فِي الْعَاقِبَةِ ، وَإِنَّمَا تَكُونُ الزَّلَّةُ
مَعَ الْعَجَلَةِ ، وَإِنَّ مِنْ وَرَائِنَا قَوْمًا نَكْرَهُ أَنْ نَعْقِدَ
عَلَيْهِمْ عَقْدًا وَلَكِنْ تَرْجِعُ وَنَرْجِعُ وَتَنْظُرُ وَنَنْظُرُ ،
وَكَأَنَّهُ أَحَبَّ أَنْ يَشْرَكَهُ فِي الْكَلَامِ الْمُثَنَّى بْنُ حَارِثَةَ
فَقَالَ: وَهَذَا الْمُثَنَّى شَيْخُنَا وَصَاحِبُ حَرْبِنَا فَقَالَ الْمُثَنَّى:
قَدْ سَمِعْتُ مَقَالَتَكَ وَاسْتَحْسَنْتُ قَوْلَكَ يَا أَخَا قُرَيْشٍ
وَأَعَجْبَنِي مَا تَكَلَّمْتَ بِهِ ، وَالْجَوَابُ هُوَ جَوَابُ هَانِئِ بْنِ
قَبِيصَةَ ، إِنَّمَا نَزَلْنَا بَيْنَ صِيرَيْنِ أَحَدُهُمَا الْيَمَامَةُ
وَالْأُخْرَى السَّمَاوَةُ ، وَإِنَّمَا نَزَلْنَا عَلَى عَهْدٍ أَخَذَهُ عَلَيْنَا
كِسْرَى أَنْ لَا نُحْدِثَ حَدَثًا وَلَا نُؤْوِيَ مُحْدِثًا ، وَلَعَلَّ هَذَا
الْأَمْرَ الَّذِي تَدْعُو إِلَيْهِ تَكْرَهُهُ الْمُلُوكُ ، فَأَمَّا مَا كَانَ
مِمَّا يَلِي بِلَادَ الْعَرَبِ فَذَنْبٌ صَاحِبُهُ مَغْفُورٌ ، وَعُذْرُهُ
مَقْبُولٌ ، وَأَمَّا مَا كَانَ مِمَّا يَلِي بِلَادَ فَارِسَ فَذَنْبٌ صَاحِبُهُ
غَيْرُ مَغْفُورٍ وَعُذْرُهُ غَيْرُ مَقْبُولٍ ، فَإِنْ أَرَدْتَ أَنْ نَنْصُرَكَ
مِمَّا يَلِي الْعَرَبَ فَعَلْنَا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: ( مَا أَسَأْتُمُ الرَّدَّ إِذْ أَفْصَحْتُمْ بِالصِّدْقِ إِنَّهُ لَا
يَقُومُ بِدِينِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ حَاطَهُ مِنْ جَمِيعِ جَوَانِبِهِ ) ، ثُمَّ
نَهَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَابِضًا عَلَى يَدِ أَبِي
بَكْرٍ ، ثُمَّ دَفَعْنَا إِلَى مَجْلِسِ الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ فَمَا نَهَضْنَا
حَتَّى بَايَعُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ
عَلِيٌّ: وَكَانُوا صُدُقًا صُبُرًا رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ " .
حسنه الحافظ في "الفتح" (7/220) وقال ابن كثير رحمه الله :
" هذا حديث غريب جدا كتبناه لما فيه من دلائل النبوة ومحاسن الأخلاق ومكارم الشيم
وفصاحة العرب ، وقد ورد هذا من طريق أخرى " انتهى من "البداية والنهاية" (3 /178) .
وضعفه الألباني في "الضعيفة" (6457) .
ثم إن قوله في خبر هذا الشيعي : " فانصرف وهو يقرأ : ( فإن تولوا فإنما عليك البلاغ
وعلينا الحساب) " تحريف لكتاب الله أو خطأ ؛ فإن الآية إما أن تكون :
( فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ الْمُبِينُ ) النحل/ 82 .
أو تكون : ( وَإِنْ مَا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ
نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ ) الرعد/
40 .
والله تعالى أعلم .