كثيراً ما نقرأ من العلماء مثل ابن تيمية وابن
القيم والشيخ محمد عبد الوهاب وغيرهم , أن من سب الله أو الرسول أو الساحر
أو من استهزأ بالدين أنه كافر حلال الدم (هذا مثال) .
السؤال : هل كل كافر الآن حلال الدم ؟ لو نفرض أن الدعوة بلغته أو لم تبلغه
حتى ؟
الحمد لله
أولاً :
قول العلماء : "من فعل كذا وكذا فهو كافر حلال الدم" مرادهم به المرتد الذي خرج عن
الإسلام بارتكابه ناقضاً من نواقضه .
والردة تكون بالاعتقاد أو بالقول أو بالفعل أو بالترك .
قال ابن مفلح في تعريف المرتد : "هو الراجع عن دين الإسلام إلى الكفر ، إما نطقاً
أو اعتقاداً أو شكاً ، وقد يحصل بالفعل" انتهى .
"المبدع" لابن مفلح (9/175) .
والدليل على أن ذلك هو حكم المرتد : قوله صلى الله عليه وسلم : (من بدل دينه
فاقتلوه) رواه البخاري (6922) .
قال ابن عبد البر عند ذكره لهذا الحديث : "وقال مالك رحمه الله : إنما عنى بهذا
الحديث من خرج من الإسلام إلى الكفر ، وأما من خرج من اليهودية أو النصرانية أو من
كفر إلى كفر فلم يُعن بهذا الحديث . وعلى قول مالك هذا جماعة الفقهاء..."
انتهى .
"التمهيد" (5/311-312) .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : (لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث : الثيب
الزاني ، والنفس بالنفس ، والتارك لدينه المفارق للجماعة) رواه البخاري
(6878) ومسلم (1676).
قال الحافظ ابن رجب الحنبلي : "وأما التارك لدينه المفارق للجماعة فالمراد به من
ترك الإسلام وارتد عنه ، وفارق جماعة المسلمين ، كما جاء التصريح بذلك في حديث
عثمان" انتهى .
"جامع العلوم والحكم" (1/318) .
ثم قال (1/327) : "وأما ترك الدين ومفارقة الجماعة فمعناه الارتداد عن دين الإسلام
ولو أتى بالشهادتين ، فلو سبَّ الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وهو مقر بالشهادتين
أبيح دمه ، لأنه قد ترك بذلك دينه" انتهى .
وعقوبة المرتد أشد من عقوبة الكافر الأصلي ، ولهذا ... يمكن أن
يُقَرَّ الكافر الأصلي على دينه ولا يقتل بشروط معروفة عند العلماء ، أما المرتد
فيجب قتله إن لم يرجع إلى الإسلام .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
"وقد استقرت السنة بأن عقوبة المرتد أعظم من عقوبة الكافر الأصلي من وجوه متعددة ،
منها : أن المرتد يقتل بكل حال ، ولا يضرب عليه جزية ، ولا تعقد له ذمة ، بخلاف
الكافر الأصلي .
ومنها : أن المرتد يقتل وإن كان عاجزا عن القتال ، بخلاف الكافر الأصلي الذي ليس هو
من أهل القتال ، فإنه لا يقتل عند أكثر العلماء كأبي حنيفة ومالك وأحمد .
ومنها : أن المرتد لا يرث ولا يناكح ولا تؤكل ذبيحته ، بخلاف الكافر الأصلي ... إلى
غير ذلك من الأحكام" انتهى .
"مجموع الفتاوى" (28/534) . وانظر : "الدرر السنية" (10/104) .
وانظر جواب السؤال رقم (14231)
.
ثانياً :
أما سؤالك : (هل كل كافر الآن حلال الدم ، سواء كانت الدعوة بلغته أم لا) ؟
فالجواب : لا ، ليس كل كافر حلال الدم والمال ، بل الكفار قسمان ، القسم الأول :
معصوم الدم والمال ، يحرم الاعتداء عليه ، وهم المعاهَدون ، الذين بيننا وبينهم عهد
على ترك القتال مدة معينة ، كما عاهد النبي صلى الله عليه وسلم كفار مكة على ترك
القتال عشر سنوات ، في صلح الحديبية .
2- الذمي ، وهو الكافر الذي يعيش في بلاد المسلمين ، وقد عقد معه عقد الذمة .
3- المستأمِن ، وهو الكافر الذي دخل بلاد المسلمين بأمان ، كالتاجر الذي دخل من أجل
تجارته أو لغير ذلك من الأسباب ، وإعطاء التأشيرة للشخص لدخول البلد ، يعتبر
تأميناً له ، وتعهداً بالدفاع عنه وعدم ظلمه .
القسم الثاني من الكفار : وهم الذين يحاربون المسلمين ، فليس بيننا وبينهم عهد ولا
ذمة ولا أمان ، فهذا هو الذي يقال عنه : إنه مباح الدم والمال .
قال القرطبي في تفسير قوله تعالى : ( وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ
اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ) الأنعام/151 : "وهذه الآية نهي
عن قتل النفس المحرمة مؤمنة كانت أو معاهَدةً إلا بالحق الذي يوجب قتلها"
انتهى .
"الجامع لأحكام القرآن" (7/134) . وانظر : "تفسير ابن كثير" (2/190) .
وقال الشيخ السعدي : "وهي النفس المسلمة من ذكر وأنثى ، صغير وكبير ، بَر وفاجر ،
والكافرة التي قد عصمت بالعهد والميثاق" انتهى .
"تيسير الكريم الرحمن" ( ص257) .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : (مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ
الْجَنَّةِ ، وَإِنَّ رِيحَهَا تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا)
رواه البخاري (3166) .
قال الحافظ ابن حجر : "والمراد به : من له عهد مع المسلمين ، سواء كان بعقد جزية ،
أو هدنة من سلطان ، أو أمان من مسلم" انتهى .
"فتح الباري" (12/259) .
ثالثاً :
الذي يقيم العقوبة الشرعية على المرتد أو المعاهد الذي نقض عهده إنما هو الحاكم أو
نائبه ، وليس ذلك لعامة الناس لما يفضي إليه ذلك من الفوضى وفتح باب الشرور والفتن
.
قال ابن مفلح عن المرتد : "لا يقتله إلا الإمام أو نائبه حرا كان أو عبدا في قول
عامة العلماء" انتهى .
"المبدع" لابن مفلح (9/175) . وانظر : "الدرر السنية" (10/394-395) .
وقال الشيخ ابن عثيمين في "الشرح الممتع" (14/455) : "ولا يحل لأحد قتله – يعني
المرتد – مع أنه مباح الدم ، لأن في قتله افتياتاً على ولي الأمر [يعني : تعديا على
حقه] ، ولأن في قتله سبباً للفوضى بين الناس .... ولهذا لا يتولى قتله إلا الإمام
أو نائبه" انتهى .
رابعاً :
هناك فرق بين التكفير على وجه الإطلاق والتكفير على وجه التعيين ، فإن تكفير الشخص
المعيَّن لابد فيه من وجود شروط وانتفاء موانع .
قال ابن تيمية رحمه الله : "فإن نصوص الوعيد التي في الكتاب والسنة ونصوص الأئمة
بالتكفير والتفسيق ونحو ذلك لا يستلزم ثبوت موجَبها في حق المعين إلا إذا وجدت
الشروط وانتفت الموانع لا فرق في ذلك بين الأصول والفروع" انتهى .
"مجموع الفتاوى" (10/372) .
فيقال مثلاً : من قال كذا أو فعل كذا فهو كافر ، لكن الشخص المعيَّن الذي يقول ذلك
أو يفعله يجب التثبت في الحكم عليه بالكفر ، فقد يكون جاهلاً أو متأولاً أو مكرهاً
، مما يمنع الحكم عليه بالكفر ، وإن كان قد قال أو فعل ما هو كفر .
وانظر جواب السؤال رقم (85102)
.
والله أعلم .
القيم والشيخ محمد عبد الوهاب وغيرهم , أن من سب الله أو الرسول أو الساحر
أو من استهزأ بالدين أنه كافر حلال الدم (هذا مثال) .
السؤال : هل كل كافر الآن حلال الدم ؟ لو نفرض أن الدعوة بلغته أو لم تبلغه
حتى ؟
الحمد لله
أولاً :
قول العلماء : "من فعل كذا وكذا فهو كافر حلال الدم" مرادهم به المرتد الذي خرج عن
الإسلام بارتكابه ناقضاً من نواقضه .
والردة تكون بالاعتقاد أو بالقول أو بالفعل أو بالترك .
قال ابن مفلح في تعريف المرتد : "هو الراجع عن دين الإسلام إلى الكفر ، إما نطقاً
أو اعتقاداً أو شكاً ، وقد يحصل بالفعل" انتهى .
"المبدع" لابن مفلح (9/175) .
والدليل على أن ذلك هو حكم المرتد : قوله صلى الله عليه وسلم : (من بدل دينه
فاقتلوه) رواه البخاري (6922) .
قال ابن عبد البر عند ذكره لهذا الحديث : "وقال مالك رحمه الله : إنما عنى بهذا
الحديث من خرج من الإسلام إلى الكفر ، وأما من خرج من اليهودية أو النصرانية أو من
كفر إلى كفر فلم يُعن بهذا الحديث . وعلى قول مالك هذا جماعة الفقهاء..."
انتهى .
"التمهيد" (5/311-312) .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : (لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث : الثيب
الزاني ، والنفس بالنفس ، والتارك لدينه المفارق للجماعة) رواه البخاري
(6878) ومسلم (1676).
قال الحافظ ابن رجب الحنبلي : "وأما التارك لدينه المفارق للجماعة فالمراد به من
ترك الإسلام وارتد عنه ، وفارق جماعة المسلمين ، كما جاء التصريح بذلك في حديث
عثمان" انتهى .
"جامع العلوم والحكم" (1/318) .
ثم قال (1/327) : "وأما ترك الدين ومفارقة الجماعة فمعناه الارتداد عن دين الإسلام
ولو أتى بالشهادتين ، فلو سبَّ الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وهو مقر بالشهادتين
أبيح دمه ، لأنه قد ترك بذلك دينه" انتهى .
وعقوبة المرتد أشد من عقوبة الكافر الأصلي ، ولهذا ... يمكن أن
يُقَرَّ الكافر الأصلي على دينه ولا يقتل بشروط معروفة عند العلماء ، أما المرتد
فيجب قتله إن لم يرجع إلى الإسلام .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
"وقد استقرت السنة بأن عقوبة المرتد أعظم من عقوبة الكافر الأصلي من وجوه متعددة ،
منها : أن المرتد يقتل بكل حال ، ولا يضرب عليه جزية ، ولا تعقد له ذمة ، بخلاف
الكافر الأصلي .
ومنها : أن المرتد يقتل وإن كان عاجزا عن القتال ، بخلاف الكافر الأصلي الذي ليس هو
من أهل القتال ، فإنه لا يقتل عند أكثر العلماء كأبي حنيفة ومالك وأحمد .
ومنها : أن المرتد لا يرث ولا يناكح ولا تؤكل ذبيحته ، بخلاف الكافر الأصلي ... إلى
غير ذلك من الأحكام" انتهى .
"مجموع الفتاوى" (28/534) . وانظر : "الدرر السنية" (10/104) .
وانظر جواب السؤال رقم (14231)
.
ثانياً :
أما سؤالك : (هل كل كافر الآن حلال الدم ، سواء كانت الدعوة بلغته أم لا) ؟
فالجواب : لا ، ليس كل كافر حلال الدم والمال ، بل الكفار قسمان ، القسم الأول :
معصوم الدم والمال ، يحرم الاعتداء عليه ، وهم المعاهَدون ، الذين بيننا وبينهم عهد
على ترك القتال مدة معينة ، كما عاهد النبي صلى الله عليه وسلم كفار مكة على ترك
القتال عشر سنوات ، في صلح الحديبية .
2- الذمي ، وهو الكافر الذي يعيش في بلاد المسلمين ، وقد عقد معه عقد الذمة .
3- المستأمِن ، وهو الكافر الذي دخل بلاد المسلمين بأمان ، كالتاجر الذي دخل من أجل
تجارته أو لغير ذلك من الأسباب ، وإعطاء التأشيرة للشخص لدخول البلد ، يعتبر
تأميناً له ، وتعهداً بالدفاع عنه وعدم ظلمه .
القسم الثاني من الكفار : وهم الذين يحاربون المسلمين ، فليس بيننا وبينهم عهد ولا
ذمة ولا أمان ، فهذا هو الذي يقال عنه : إنه مباح الدم والمال .
قال القرطبي في تفسير قوله تعالى : ( وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ
اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ) الأنعام/151 : "وهذه الآية نهي
عن قتل النفس المحرمة مؤمنة كانت أو معاهَدةً إلا بالحق الذي يوجب قتلها"
انتهى .
"الجامع لأحكام القرآن" (7/134) . وانظر : "تفسير ابن كثير" (2/190) .
وقال الشيخ السعدي : "وهي النفس المسلمة من ذكر وأنثى ، صغير وكبير ، بَر وفاجر ،
والكافرة التي قد عصمت بالعهد والميثاق" انتهى .
"تيسير الكريم الرحمن" ( ص257) .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : (مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ
الْجَنَّةِ ، وَإِنَّ رِيحَهَا تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا)
رواه البخاري (3166) .
قال الحافظ ابن حجر : "والمراد به : من له عهد مع المسلمين ، سواء كان بعقد جزية ،
أو هدنة من سلطان ، أو أمان من مسلم" انتهى .
"فتح الباري" (12/259) .
ثالثاً :
الذي يقيم العقوبة الشرعية على المرتد أو المعاهد الذي نقض عهده إنما هو الحاكم أو
نائبه ، وليس ذلك لعامة الناس لما يفضي إليه ذلك من الفوضى وفتح باب الشرور والفتن
.
قال ابن مفلح عن المرتد : "لا يقتله إلا الإمام أو نائبه حرا كان أو عبدا في قول
عامة العلماء" انتهى .
"المبدع" لابن مفلح (9/175) . وانظر : "الدرر السنية" (10/394-395) .
وقال الشيخ ابن عثيمين في "الشرح الممتع" (14/455) : "ولا يحل لأحد قتله – يعني
المرتد – مع أنه مباح الدم ، لأن في قتله افتياتاً على ولي الأمر [يعني : تعديا على
حقه] ، ولأن في قتله سبباً للفوضى بين الناس .... ولهذا لا يتولى قتله إلا الإمام
أو نائبه" انتهى .
رابعاً :
هناك فرق بين التكفير على وجه الإطلاق والتكفير على وجه التعيين ، فإن تكفير الشخص
المعيَّن لابد فيه من وجود شروط وانتفاء موانع .
قال ابن تيمية رحمه الله : "فإن نصوص الوعيد التي في الكتاب والسنة ونصوص الأئمة
بالتكفير والتفسيق ونحو ذلك لا يستلزم ثبوت موجَبها في حق المعين إلا إذا وجدت
الشروط وانتفت الموانع لا فرق في ذلك بين الأصول والفروع" انتهى .
"مجموع الفتاوى" (10/372) .
فيقال مثلاً : من قال كذا أو فعل كذا فهو كافر ، لكن الشخص المعيَّن الذي يقول ذلك
أو يفعله يجب التثبت في الحكم عليه بالكفر ، فقد يكون جاهلاً أو متأولاً أو مكرهاً
، مما يمنع الحكم عليه بالكفر ، وإن كان قد قال أو فعل ما هو كفر .
وانظر جواب السؤال رقم (85102)
.
والله أعلم .