بقايا الماضي!! - قصة قصيرة
بقايا الماضي!!
قصة قصيرة
جاءها يقدِّم رِجْلاً ويؤخِّرُ أخرى ؛ يسأل الله القبول .
يتحسَّسُ جيبه الفارغ ، ويدعو الله : رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ (القصص : 24).
يعترض الأب ، تـثور الأم ..
تصرُّ هي على القبول ..
- أليس ذا دين ؟ ! ألم يوصِ الرسول بمثله ؟ ! لقد رضينا دينه وخُلُقَهُ ، زوِّجه يا أبي
إِن يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (النور : 32).
- حجتها قوية .. ونحن ربَّيناها على ذلك .
هي صورة منك يا سيدتي ، يا أمَّ البنات .
وبين الحَوقَلاتِ والبَسْمَلاتِ والتكبيرات تعلو الهتافات وتُعَلَّق الرايات ، ويضئ الفرح في القلوب ؛ لقد تزوجتْ هيامُ من محمود .
تَحْمِلُ معه الفأس .. تلعقُ عنه العرقَ .. تسقيه بيدها العزم .
ينطلق ... تعاني .. وينطلق ...
تأوي إلى ركعاتِ الفجر ... يحنو عليها القرآن .. تدعو لشريك المحراب .
تحمل ... تلد ... تربي ...
تذبل ، لولا عبير في ثنايا الأوراق ..
تسقط ورقةٌ خلفَ العيالِ ، وورقةُ همٍّ ..
تنسى صلاةً خلفَ صلاة ..
تنسى حتى صلاة الليل ... تنسى أن تنضح في وجهه الماءَ قبل آذانِ الفجرِ ..
بَعْدَ الحثِّ على الأوراد ، بعد تنافسٍ في الأذكار ، أصبح كلُّ الهمِّ دفعَ الهمِّ ! !
يعمل ... يكبر .. يتألق ..
تدبُّ القوةُ في عروقه .. يتحسَّس جيـبه .. يزهو .
يستشعر ثقل بقايا الماضي ، تخرج مِنْ فمه بقايا زفرات .
قالت من بين دموع العزة :
- لست بقايا .. ! !
أنا دفء ليالي البرد ، أنا ذراعاك ، أنا دقاتُ القلبِ اللاهثِ خلفك في الطرقات .
سددت من أنفاسي ديونك ؛ أَتَذْكُرُ آخرَ قِسْطٍ ؟ أتذكر يومَ بعتُ ضفائري يا أيوب ؟
لست الماضي! ! أنا جناحاك .. هل يكبر جسدٌ دون أن يقوى جناحاه ؟ !
فلتقطعهما إن شئتَ وحَلِّق .. وتذكَّر يومَ العَقْدِ … وتذكر فقرات العهد ، وتذكَّر آخر قُبْلَةٍ على تلك اليد .
تنـزل دمعة عزة ..
يتماسك قلبٌ كاد أن ينهار .
يرفع رأسه ... يجذبه ضميرٌ مكدودٌ ، وجسد مُنْهَكٌ .
منذ سنين لم يغسله نسيم الفجر ..
ضمَّ اليدَ إلى شفتيه ... أراح الرأسَ بين الجناحين ... وعاد الدفء .
وقال يتلمَّس عبيرَ عطرِ الماضي :
- تلومي ؟ !
لكِ كل ما قلتِ وأكثر .. أذكر ...
لكنَّ لَومِي عليكِ يوم تركتِ اللومَ ..
أين النفحاتُ الأولى ؟ !
يوم الذكر ..
يوم الفرقان وطه والشعراء ..
يوم التوبة والأنفال ..
أين ضمير التقوى ينادي : حرام وحلال ؟ !
لماذا يذوب العمر في حَرِّ المال ، وتذوبين صرعى العيال ؟ !
لماذا زاد الشق ، وتركتِ الكفَ ، وأوليتِ الظهر ؟
لُومِي وأَلُومُكِ على أولِ هَجْرٍ ..
يوم أضعنا صلاةَ الفجرِ .
د . أكرم رضا
منقول من صفحتنا على الفيس بوك
انا هكون يوسف وانتى هتكونى مريم ومش هنحب الا ازواجنا