الإيمان بالنار
قال
تعالى: {إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم نارًا كلما نضجت جلودهم
بدلناهم جلودنا غيرها ليذوقوا العذاب إن الله كان عزيزًا حكيمًا}
[النساء:
65] وقال أيضًا: {إنا أعتدنا للظالمين نارًا أحاط بهم سرادقها وإن
يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقًا}
[الكهف: 29].
فالمسلم يؤمن بوجود النار، وأن الله -عز وجل- أعدها لمن
كفر به وعصاه وكذب رسله، والمسلم يؤمن أن حرارتها ليست كنار الدنيا،
فحرارة نار الدنيا جزء من سبعين جزءًا من نار جهنم، قال (: (ناركم هذه جزء
من سبعين جزءًا من نار جهنم). قيل: يا رسول الله، إن كانت
لكافية -أي
نار الدنيا-، قال: فضلت عليهن بتسعة وستين جزءًا، كلهن مثل حرها) [متفق
عليه]. والله -عز وجل- جعل النار دركات، كما جعل الجنة درجات، جعلها دركات
مختلفة في الجحيم والعذاب، فمنها: سقر، قال تعالى: {وما أدراك ما سقر. لا
تبقي ولا تذر. لواحة للبشر. عليها تسعة عشر} [المدثر: 27-30].
ومنها
الحطمة، قال تعالى: {وما أدراك ما الحطمة. نار الله الموقدة. التي تطلع
على الأفئدة. إنها عليهم مؤصدة. في عمد ممددة} [الهمزة: 5-9].
ومنها لظى، قال تعالى: {كلا إنها لظى. نزاعة للشوى. تدعو من أدبر وتولى. وجمع فأوعى} [المعارج: 15-17].
ومنها الهاوية، قال تعالى: {وأما من خفت موازينه. فأمه هاوية. وما أدراك ماهيه. نار حامية} [_القارعة: 8-11].
ومنها جهنم، قال تعالى: {وإن جهنم لموعدهم أجمعين} [الحجر: 43].
والمسلم يؤمن بأن لجهنم سبعة أبواب، يدخل منها أصحاب السيئات على قدر سيئاتهم، قال تعالى: {لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم}
[الحجر: 44].
والمسلم
يعلم أن الله -عز وجل- جعل وقود النار من الناس والحجارة، فهي لا تشبع
أبدًا، وكلما ألقي فيها ناس طلبت من الله المزيد، قال تعالى: {فاتقوا
النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين} [_البقرة: 42]، وقال:
{يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد} [ق: 30].
قال (: (لا يزال
يلقي فيها (أي جهنم)، وتقول: هل من مزيد؟ حتى يضع فيها رب العالمين قدمه
فينزوي ببعضها إلى بعض، ثم تقول قد قد بعزتك وكرمك، ولا تزال الجنة تفضل
حتى ينشئ الله لها خلقًا، فيسكنهم فضل الجنة) [متفق عليه].
والمسلم
يعلم أن الله -عز وجل- جعل على النار خزنة من الملائكة، موكلين بالتعذيب،
غلاظ القلوب، شداد الأبدان، لم يخلق الله فيهم رحمة، ويمسكون في أيديهم
سياطًا ومقامع يعذبون بها أهل النار، وقد وصفهم الله -عز وجل- فقال:
{عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون}
[التحريم: 6]. وعددهم تسعة عشر، قال تعالى: {عليها تسعة عشر} [المدثر: 30].
وجعل
الله عددهم قليلا ليختبر بهم الكافرين، قال تعالى: {وما جعلنا عدتهم إلا
فتنة للذين كفروا} [المدثر: 31]، ورئيس ملائكة النار هو (مالك) قال تعالى:
{ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك قال إنكم ماكثون} [الزخرف: 77].
والمسلم
يعلم أن جهنم حرها شديد، وأن فيها أودية وجبالاً، يعذب فيها المشركون، قال
(: (الويل، واد في جهنم، يهوي فيها الكافر أربعين خريفًا -عامًا- قبل أن
يبلغ قعرها). وقال: (تعوذوا بالله من جُبِّ الحَزَن- أو وادي الحزن-) قيل:
يا رسول الله، وما جب الحزن أو وادي الحزن؟ قال: (واد في جهنم تتعوذ منه
جهنم كل يوم سبعين مرة أعده الله للقراء المرائين) [البيهقي].
وقال تعالى: {فسوف يلقون غيًا} [مريم: 59]، قال ابن مسعود: الغي واد في جهنم يقذف فيه الذين يتبعون الشهوات.
والمسلم
يعلم أن النار شديدة العمق، قال أبو هريرة -رضي الله عنه-: كنا مع رسول
الله ( إذ سمع وجبة (أي: صوت وقوع الشيء الثقيل). فقال رسول الله (:
(أتدرون ما هذا؟). قلنا: الله ورسوله أعلم. قال: (هذا حجر رمي به في النار
منذ سبعين خريفًا فهو يهوي في النار إلى الآن، حتى انتهى إلى قعرها)
[مسلم]. وقال: (إن الصخرة العظيمة لتلقي من شفير جهنم فتهوي فيها سبعين
خريفًا، وما تفضي إلى قرارها) [الترمذي].
والمسلم يؤمن بأن الملائكة
يسوقون أهل النار إليها مكبلين -مقيدين- بالسلاسل، وهم يضربون ويعذبون.
{وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرًا} [الزمر: 71]. وقال: {وترى المجرمين
يومئذ مقرنين في الأصفاد. سرابيلهم من قطران وتغشى وجوههم النار}
[إبراهيم: 49-50]، فهم في كرب عظيم تحيطهم النار من كل جانب، النار من
فوقهم ومن تحتهم، ويشربون من النار، ويأكلون من النار، ويعرفون بعلامات
فيهم، فيضربون ويعذبون: {يعرف المجرمون بسيماهم فيؤخذ بالنواصي والأقدام}
[الرحمن: 41]، وأهل النار ليسوا على صورتهم في الدنيا، بل يزيد الله في
خلقهم حتى يزداد عذابهم، قال (: (ضرس الكافر أو ناب الكافر مثل أحد، وغلظ
جلده مسيرة ثلاث) [مسلم].
والمسلم يعلم أن أهل النار يتفاوتون في
العذاب، قال (: (إن أهون أهل النار عذابًا من له نعلان وشراكان من نار،
يغلي منهما دماغه، كما يغلي المرجل، ما يرى أن أحدًا أشد منه عذابًا، وإنه
لأهونهم عذابًا) [مسلم].
والمسلم يعلم أن النار سوداء مظلمة، قال (:
(أوقد على النار ألف سنة حتى احمرت، ثم أوقد عليها ألف سنة حتى ابيضت، ثم
أوقد عليها ألف سنة حتى اسودت، فهي سوداء مظلمة) [الترمذي، وابن ماجه].
والمسلم
يعلم أن أول مَنْ يلقي في النار ثلاثة: من جاهد ليقال: مجاهد، وقارئ
القرآن ليقال عنه قارئ، ومن أنفق من ماله ليقال كريم، قال (: (إن أول
الناس يقضي يوم القيامة عليه رجل استشهد فأتى به، فعرفه نعمه فعرفها، قال:
فما عملت فيها؟ قال: قاتلتُ فيك حتى استشهدت. قال: كذبت، ولكنك قاتلت لأن
يقال جريء، فقد قيل. ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار.
ورجل
تعلم العلم وعلمه، وقرأ القرآن فأتى به فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت
فيها؟ قال: تعلمتُ العلم وعلمته، وقرأت فيك القرآن. قال: كذبت، ولكنك
تعلمت العلم ليقال عالم، وقرأت القرآن ليقال هو قارئ، فقد قيل. ثم أمر به
فسحب على وجهه حتى ألقي في النار.
ورجل وسع الله عليه وأعطاه من أصناف
المال كله، فأتى به فعرفه نعمه فعرفها. قال فما عملت فيها؟ قال: ما تركتُ
من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك. قال: كذبت، ولكنك فعلت ليقال
هو جواد. فقد قيل. ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار)، وزاد
الترمذي في روايته: ثم ضرب رسول الله ( على ركبة أبي هريرة وقال: (أولئك
الثلاثة أول خلق الله تسعر بهم النار يوم القيامة) [مسلم والترمذي
والنسائي].
فعلى المسلم أن يكون عمله كله خالصًا لوجه الله -تعالى-،
ولا يشرك بعبادة ربه أحدًا، والمسلم يؤمن أن طعام أهل النار من الزقوم
والضريع والغسلين، وكلها أطعمة في غاية الحرارة والنتن، لا يستسيغها مَنْ
يأكلها وهي تقطع الأمعاء، وتصهر الجلود.
قال تعالى: {إن لدينا أنكالاً وجحيمًا. وطعامًا ذا غصة وعذابًا أليمًا}
[المزمل: 12-13].
وقال: {إن شجرت الزقوم. طعام الأثيم. كالمهل يغلي في البطون. كغلي الحميم} [_الدخان: 43-46].
وقال:
{أذلك خير نزلاً أم شجرة الزقوم. إنا جعلناها فتنة للظالمين. إنها شجرة
تخرج في أصل الجحيم. طلعها كأنه رءوس الشياطين. فإنهم لآكلون منها فمالئون
منها البطون} [الصافات: 62-66].
وقال (: (لو أن قطرة من الزقوم قطرت في دار الدنيا لأفسدت على أهل الدنيا معايشهم، فكيف بمن يكون طعامه؟!)
[الترمذي وابن ماجه وأحمد].
والمسلم يعلم أن الغِسلين من طعام أهل النار. قال تعالى: {فليس له اليوم هاهنا حميم ولا طعام إلا من غسلين} [الحاقة: 35-36].
والمسلم
يؤمن أن شراب أهل النار من الحميم والغساق والمهل والصديد، قال تعالى:
{وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقًا}
[الكهف: 29]، وقال: {من ورائه جهنم ويسقى من ماء صديد. يتجرعه ولا يكاد
يسيغه ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت ومن ورائه عذاب غليظ}
[إبراهيم: 16-17]. وقال: {لا يذوقون فيها بردًا ولا شرابًا. إلا حميمًا
وغساقًا} [النبأ: 24-25].
وقال: {يصب من فوق رءوسهم الحميم. يصهر به ما في بطونهم والجلود. ولهم مقامع من حديد} [الحج: 19-21].
وقال
(: (إن الحميم ليصب على رءوسهم، فينفذ الحميم حتى يخلص إلى جوفه، فيسلت ما
في جوفه حتى يمرق من قدميه، وهو الصهر ثم يعاد كما كان) [الترمذي وأحمد]،
والمسلم يعلم أن الماء الشديد الغليان من شراب أهل النار، وهذا الماء لو
سقط على الجبال لأذابها. قال تعالى: {هل أتاك حديث الغاشية. وجوه يومئذ
خاشعة. عاملة ناصبة. تصلى نارًا حامية. تسقى من عين آنية} [الغاشية: 1-5].
والمسلم
يؤمن بأن الله -عز وجل- يقطع لأهل النار ثيابًا على حجمهم، يعذبون فيها،
قال تعالى: {فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار يصب من فوق رءوسهم الحميم.
يصهر به ما في بطونهم والجلود. ولهم مقامع من حديد} [الحج: 19-21].
وقال: {سرابيلهم من قطران وتغشى وجوههم النار} [إبراهيم: 50].
والمسلم
يؤمن أن من أشد الناس عذابًا الذي يأمر غيره بالمعروف ولم يفعله، وينهي عن
المنكر ثم هو يفعل ما يغضب الله. قال (: (يجاء برجل فيطرح في النار، فيطحن
فيها كما يطحن الحمار برحاه، فيطيف به أهل النار، فيقولون: أي فلان! ألست
كنت تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر؟ فيقول: إني كنت آمر بالمعروف ولا
أفعله، وأنهي عن المنكر وأفعله)
[البخاري وأحمد].
والمسلم يؤمن أن
أهل النار يتحدثون مع أهل الجنة ويرونهم، وهذا عذاب يضاف إلى ما هم فيه من
العذاب، ينادونهم ويطلبون منهم بعض ما هم فيه من النعيم، ولكن المؤمنين
يردون عليهم بأن نسيم الجنة محرم على الكافرين في هذا اليوم، قال تعالى:
{ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم
الله قالوا إن الله حرمهما على الكافرين} [الأعراف: 50].
ويتوجه أهل النار بخطابهم إلى خزنة جهنم يطلبون منهم أن يخفف
الله
-عز وجل- العذاب عنهم، ولكن لا ينفع سؤالهم، قال تعالى: {وقال الذين في
النار لخزنة جهنم ادعوا ربكم يخفف عنا يومًا من العذاب. قالوا أو لم تك
تأتيكم رسلكم بالبينات قالوا بلي قالوا فادعوا وما دعاء الكافرين إلا في
ضلال} [غافر: 49-50].
ثم ينادون مالكًا -خازن النار-، يطلبون الهلاك
بسبب شدة العذاب: {ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك قال إنكم ماكثون. لقد
جئناكم بالحق ولكن أكثركم للحق كارهون} [الزخرف: 77-78].
فييأسوا من تخفيف العذاب، فيقولون: {سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص} [إبراهيم: 21].
والمسلم
يؤمن أن أصحاب النار يلجئون إلى الله -عز وجل- فيعترفون بذنوبهم، ويطلبون
الرجوع إلى الدنيا مرة أخري لعمل الصالحات، قال تعالى: {ربنا أبصرنا
وسمعنا فارجعنا نعمل صالحًا إنا موقنون} [السجدة: 12].
فيرد الله عليهم: {فذوقوا بما نسيتم لقاء يومكم هذا إنا نسيناكم وذوقوا عذاب الخلد بما كنتم تعملون} [السجدة: 14].
فيقولون: {ربنا أخرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل}
[إبراهيم: 44].
فيجيبهم:{أو
لم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال} [_إبراهيم: 44]. فيقولون:{ربنا
أخرجنا نعمل صالحًا غير الذي كنا نعمل} [فاطر: 37].
فيجيبهم الله -عز وجل-: {أو لم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير} [فاطر: 37].
فيقولون: {ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قومًا ضالين. ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون} [المؤمنون:106-107].
فيجيبهم الله: {اخسئوا فيها ولا تكلمون} [المؤمنون: 108]. عند ذلك ييأس أهل النار ولا يتكلمون بعد هذا أبدًا.
والمسلم
يعلم أن المشركين والكفار خالدون في النار، كما أن أهل الجنة فيها خالدون.
قال تعالى: {إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين
فيها أولئك هم شر البرية. إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير
البرية. جزاؤهم عند ربهم جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها
أبدًا رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشي ربه}
[البينة: 6-8]، وقال:
{فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق. خالدين فيها ما دامت
السموات والأرض إلا ما شاء ربك إن ربك فعال لم يريد. وأما الذين سعدوا ففي
الجنة خالدين فيها ما دامت السموات والأرض إلا ما شاء ربك عطاء غير مجذوذ}
[_هود: 106-108].
والمسلم يعلم أن الخلود في النار لا يكون لكل من
يدخلها، فقد يدخلها المسلم الموحد الذي فعل الكبائر والذنوب، ولكنه لا
يخلد فيها، بل يخرجه
الله -عز وجل- بعد تنقيته من ذنوبه، قال (: (يدخل
أهل الجنة الجنة وأهل النار النار، ثم يقول الله -تعالى-: أخرجوا من كان
في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان، فيخرجون منها قد اسودوا، فيلقون في
نهر الحياة فينبتون كما تنبت الحبة في جانب السيل، ألم تر أنها تخرج صفراء
ملتوية)
[متفق عليه].
وقال (: (يخرج من النار من قال: لا إله إلا
الله وفي قلبه وزن شعيرة من خير، ويخرج من النار من قال: لا إله إلا الله
وفي قلبه وزن برة من خير، ويخرج من النار من قال لا إله إلا الله وفي قلبه
وزن ذرة من خير)
[متفق عليه].
والمسلم يعلم أن الْمَنْجَي من عذاب
الله يكون بالاعتصام بالله -عز وجل- وتوحيده وطاعته في كل الأمور سبحانه،
قال (: (من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة) [أبو داود].
والمسلم
يطيع الله -عز وجل- ورسوله، ويعلم أن الذي يحب إنسانًا فإن الله يحشره مع
الذي يحبه، وقد جاء رجل إلى رسول الله ( فقال: يا رسول الله، إنك لأحب إلى
من نفسي، وإنك لأحب إلى من ولدي، وإني لأكون في البيت فأذكرك فما أصبر حتى
آتي فأنظر إليك، وإذا ذكرت موتي وموتك، عرفت أنك إذا دخلت الجنة، رفعت مع
النبيين، وإني إذا دخلت الجنة خشيت ألا أراك، فلم يرد عليه النبي ( حتى
نزل جبريل -عليه السلام- بهذه الآية: {ومن يطع الله والرسول فأولئك مع
الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن
أولئك رفيقًا}
[النساء: 69]_[الطبراني].
وسأل رجل رسول الله (: متى
الساعة؟ قال: (وماذا أعددت لها؟) قال: لا شيء إلا أني أحب الله ورسوله.
فقال: (أنت مع من أحببت) [متفق عليه].
والمسلم يؤمن بأن هناك أناسًا
استوت حسناتهم وسيئاتهم، فمنعتهم حسناتهم من دخول النار، ومنعتهم سيئاتهم
من دخول الجنة، فأولئك هم أصحاب الأعراف، فيجب على المسلم أن يتقرب إلى
الله -عز وجل- عسى أن يكون من الفائزين الخالدين في الجنة، الناجين من
النار. قال تعالى: {لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة أصحاب الجنة هم
الفائزون} [الحشر: 20].
قال
تعالى: {إن الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم نارًا كلما نضجت جلودهم
بدلناهم جلودنا غيرها ليذوقوا العذاب إن الله كان عزيزًا حكيمًا}
[النساء:
65] وقال أيضًا: {إنا أعتدنا للظالمين نارًا أحاط بهم سرادقها وإن
يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقًا}
[الكهف: 29].
فالمسلم يؤمن بوجود النار، وأن الله -عز وجل- أعدها لمن
كفر به وعصاه وكذب رسله، والمسلم يؤمن أن حرارتها ليست كنار الدنيا،
فحرارة نار الدنيا جزء من سبعين جزءًا من نار جهنم، قال (: (ناركم هذه جزء
من سبعين جزءًا من نار جهنم). قيل: يا رسول الله، إن كانت
لكافية -أي
نار الدنيا-، قال: فضلت عليهن بتسعة وستين جزءًا، كلهن مثل حرها) [متفق
عليه]. والله -عز وجل- جعل النار دركات، كما جعل الجنة درجات، جعلها دركات
مختلفة في الجحيم والعذاب، فمنها: سقر، قال تعالى: {وما أدراك ما سقر. لا
تبقي ولا تذر. لواحة للبشر. عليها تسعة عشر} [المدثر: 27-30].
ومنها
الحطمة، قال تعالى: {وما أدراك ما الحطمة. نار الله الموقدة. التي تطلع
على الأفئدة. إنها عليهم مؤصدة. في عمد ممددة} [الهمزة: 5-9].
ومنها لظى، قال تعالى: {كلا إنها لظى. نزاعة للشوى. تدعو من أدبر وتولى. وجمع فأوعى} [المعارج: 15-17].
ومنها الهاوية، قال تعالى: {وأما من خفت موازينه. فأمه هاوية. وما أدراك ماهيه. نار حامية} [_القارعة: 8-11].
ومنها جهنم، قال تعالى: {وإن جهنم لموعدهم أجمعين} [الحجر: 43].
والمسلم يؤمن بأن لجهنم سبعة أبواب، يدخل منها أصحاب السيئات على قدر سيئاتهم، قال تعالى: {لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم}
[الحجر: 44].
والمسلم
يعلم أن الله -عز وجل- جعل وقود النار من الناس والحجارة، فهي لا تشبع
أبدًا، وكلما ألقي فيها ناس طلبت من الله المزيد، قال تعالى: {فاتقوا
النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين} [_البقرة: 42]، وقال:
{يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد} [ق: 30].
قال (: (لا يزال
يلقي فيها (أي جهنم)، وتقول: هل من مزيد؟ حتى يضع فيها رب العالمين قدمه
فينزوي ببعضها إلى بعض، ثم تقول قد قد بعزتك وكرمك، ولا تزال الجنة تفضل
حتى ينشئ الله لها خلقًا، فيسكنهم فضل الجنة) [متفق عليه].
والمسلم
يعلم أن الله -عز وجل- جعل على النار خزنة من الملائكة، موكلين بالتعذيب،
غلاظ القلوب، شداد الأبدان، لم يخلق الله فيهم رحمة، ويمسكون في أيديهم
سياطًا ومقامع يعذبون بها أهل النار، وقد وصفهم الله -عز وجل- فقال:
{عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون}
[التحريم: 6]. وعددهم تسعة عشر، قال تعالى: {عليها تسعة عشر} [المدثر: 30].
وجعل
الله عددهم قليلا ليختبر بهم الكافرين، قال تعالى: {وما جعلنا عدتهم إلا
فتنة للذين كفروا} [المدثر: 31]، ورئيس ملائكة النار هو (مالك) قال تعالى:
{ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك قال إنكم ماكثون} [الزخرف: 77].
والمسلم
يعلم أن جهنم حرها شديد، وأن فيها أودية وجبالاً، يعذب فيها المشركون، قال
(: (الويل، واد في جهنم، يهوي فيها الكافر أربعين خريفًا -عامًا- قبل أن
يبلغ قعرها). وقال: (تعوذوا بالله من جُبِّ الحَزَن- أو وادي الحزن-) قيل:
يا رسول الله، وما جب الحزن أو وادي الحزن؟ قال: (واد في جهنم تتعوذ منه
جهنم كل يوم سبعين مرة أعده الله للقراء المرائين) [البيهقي].
وقال تعالى: {فسوف يلقون غيًا} [مريم: 59]، قال ابن مسعود: الغي واد في جهنم يقذف فيه الذين يتبعون الشهوات.
والمسلم
يعلم أن النار شديدة العمق، قال أبو هريرة -رضي الله عنه-: كنا مع رسول
الله ( إذ سمع وجبة (أي: صوت وقوع الشيء الثقيل). فقال رسول الله (:
(أتدرون ما هذا؟). قلنا: الله ورسوله أعلم. قال: (هذا حجر رمي به في النار
منذ سبعين خريفًا فهو يهوي في النار إلى الآن، حتى انتهى إلى قعرها)
[مسلم]. وقال: (إن الصخرة العظيمة لتلقي من شفير جهنم فتهوي فيها سبعين
خريفًا، وما تفضي إلى قرارها) [الترمذي].
والمسلم يؤمن بأن الملائكة
يسوقون أهل النار إليها مكبلين -مقيدين- بالسلاسل، وهم يضربون ويعذبون.
{وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرًا} [الزمر: 71]. وقال: {وترى المجرمين
يومئذ مقرنين في الأصفاد. سرابيلهم من قطران وتغشى وجوههم النار}
[إبراهيم: 49-50]، فهم في كرب عظيم تحيطهم النار من كل جانب، النار من
فوقهم ومن تحتهم، ويشربون من النار، ويأكلون من النار، ويعرفون بعلامات
فيهم، فيضربون ويعذبون: {يعرف المجرمون بسيماهم فيؤخذ بالنواصي والأقدام}
[الرحمن: 41]، وأهل النار ليسوا على صورتهم في الدنيا، بل يزيد الله في
خلقهم حتى يزداد عذابهم، قال (: (ضرس الكافر أو ناب الكافر مثل أحد، وغلظ
جلده مسيرة ثلاث) [مسلم].
والمسلم يعلم أن أهل النار يتفاوتون في
العذاب، قال (: (إن أهون أهل النار عذابًا من له نعلان وشراكان من نار،
يغلي منهما دماغه، كما يغلي المرجل، ما يرى أن أحدًا أشد منه عذابًا، وإنه
لأهونهم عذابًا) [مسلم].
والمسلم يعلم أن النار سوداء مظلمة، قال (:
(أوقد على النار ألف سنة حتى احمرت، ثم أوقد عليها ألف سنة حتى ابيضت، ثم
أوقد عليها ألف سنة حتى اسودت، فهي سوداء مظلمة) [الترمذي، وابن ماجه].
والمسلم
يعلم أن أول مَنْ يلقي في النار ثلاثة: من جاهد ليقال: مجاهد، وقارئ
القرآن ليقال عنه قارئ، ومن أنفق من ماله ليقال كريم، قال (: (إن أول
الناس يقضي يوم القيامة عليه رجل استشهد فأتى به، فعرفه نعمه فعرفها، قال:
فما عملت فيها؟ قال: قاتلتُ فيك حتى استشهدت. قال: كذبت، ولكنك قاتلت لأن
يقال جريء، فقد قيل. ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار.
ورجل
تعلم العلم وعلمه، وقرأ القرآن فأتى به فعرفه نعمه فعرفها، قال: فما عملت
فيها؟ قال: تعلمتُ العلم وعلمته، وقرأت فيك القرآن. قال: كذبت، ولكنك
تعلمت العلم ليقال عالم، وقرأت القرآن ليقال هو قارئ، فقد قيل. ثم أمر به
فسحب على وجهه حتى ألقي في النار.
ورجل وسع الله عليه وأعطاه من أصناف
المال كله، فأتى به فعرفه نعمه فعرفها. قال فما عملت فيها؟ قال: ما تركتُ
من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك. قال: كذبت، ولكنك فعلت ليقال
هو جواد. فقد قيل. ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار)، وزاد
الترمذي في روايته: ثم ضرب رسول الله ( على ركبة أبي هريرة وقال: (أولئك
الثلاثة أول خلق الله تسعر بهم النار يوم القيامة) [مسلم والترمذي
والنسائي].
فعلى المسلم أن يكون عمله كله خالصًا لوجه الله -تعالى-،
ولا يشرك بعبادة ربه أحدًا، والمسلم يؤمن أن طعام أهل النار من الزقوم
والضريع والغسلين، وكلها أطعمة في غاية الحرارة والنتن، لا يستسيغها مَنْ
يأكلها وهي تقطع الأمعاء، وتصهر الجلود.
قال تعالى: {إن لدينا أنكالاً وجحيمًا. وطعامًا ذا غصة وعذابًا أليمًا}
[المزمل: 12-13].
وقال: {إن شجرت الزقوم. طعام الأثيم. كالمهل يغلي في البطون. كغلي الحميم} [_الدخان: 43-46].
وقال:
{أذلك خير نزلاً أم شجرة الزقوم. إنا جعلناها فتنة للظالمين. إنها شجرة
تخرج في أصل الجحيم. طلعها كأنه رءوس الشياطين. فإنهم لآكلون منها فمالئون
منها البطون} [الصافات: 62-66].
وقال (: (لو أن قطرة من الزقوم قطرت في دار الدنيا لأفسدت على أهل الدنيا معايشهم، فكيف بمن يكون طعامه؟!)
[الترمذي وابن ماجه وأحمد].
والمسلم يعلم أن الغِسلين من طعام أهل النار. قال تعالى: {فليس له اليوم هاهنا حميم ولا طعام إلا من غسلين} [الحاقة: 35-36].
والمسلم
يؤمن أن شراب أهل النار من الحميم والغساق والمهل والصديد، قال تعالى:
{وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقًا}
[الكهف: 29]، وقال: {من ورائه جهنم ويسقى من ماء صديد. يتجرعه ولا يكاد
يسيغه ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت ومن ورائه عذاب غليظ}
[إبراهيم: 16-17]. وقال: {لا يذوقون فيها بردًا ولا شرابًا. إلا حميمًا
وغساقًا} [النبأ: 24-25].
وقال: {يصب من فوق رءوسهم الحميم. يصهر به ما في بطونهم والجلود. ولهم مقامع من حديد} [الحج: 19-21].
وقال
(: (إن الحميم ليصب على رءوسهم، فينفذ الحميم حتى يخلص إلى جوفه، فيسلت ما
في جوفه حتى يمرق من قدميه، وهو الصهر ثم يعاد كما كان) [الترمذي وأحمد]،
والمسلم يعلم أن الماء الشديد الغليان من شراب أهل النار، وهذا الماء لو
سقط على الجبال لأذابها. قال تعالى: {هل أتاك حديث الغاشية. وجوه يومئذ
خاشعة. عاملة ناصبة. تصلى نارًا حامية. تسقى من عين آنية} [الغاشية: 1-5].
والمسلم
يؤمن بأن الله -عز وجل- يقطع لأهل النار ثيابًا على حجمهم، يعذبون فيها،
قال تعالى: {فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار يصب من فوق رءوسهم الحميم.
يصهر به ما في بطونهم والجلود. ولهم مقامع من حديد} [الحج: 19-21].
وقال: {سرابيلهم من قطران وتغشى وجوههم النار} [إبراهيم: 50].
والمسلم
يؤمن أن من أشد الناس عذابًا الذي يأمر غيره بالمعروف ولم يفعله، وينهي عن
المنكر ثم هو يفعل ما يغضب الله. قال (: (يجاء برجل فيطرح في النار، فيطحن
فيها كما يطحن الحمار برحاه، فيطيف به أهل النار، فيقولون: أي فلان! ألست
كنت تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر؟ فيقول: إني كنت آمر بالمعروف ولا
أفعله، وأنهي عن المنكر وأفعله)
[البخاري وأحمد].
والمسلم يؤمن أن
أهل النار يتحدثون مع أهل الجنة ويرونهم، وهذا عذاب يضاف إلى ما هم فيه من
العذاب، ينادونهم ويطلبون منهم بعض ما هم فيه من النعيم، ولكن المؤمنين
يردون عليهم بأن نسيم الجنة محرم على الكافرين في هذا اليوم، قال تعالى:
{ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم
الله قالوا إن الله حرمهما على الكافرين} [الأعراف: 50].
ويتوجه أهل النار بخطابهم إلى خزنة جهنم يطلبون منهم أن يخفف
الله
-عز وجل- العذاب عنهم، ولكن لا ينفع سؤالهم، قال تعالى: {وقال الذين في
النار لخزنة جهنم ادعوا ربكم يخفف عنا يومًا من العذاب. قالوا أو لم تك
تأتيكم رسلكم بالبينات قالوا بلي قالوا فادعوا وما دعاء الكافرين إلا في
ضلال} [غافر: 49-50].
ثم ينادون مالكًا -خازن النار-، يطلبون الهلاك
بسبب شدة العذاب: {ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك قال إنكم ماكثون. لقد
جئناكم بالحق ولكن أكثركم للحق كارهون} [الزخرف: 77-78].
فييأسوا من تخفيف العذاب، فيقولون: {سواء علينا أجزعنا أم صبرنا ما لنا من محيص} [إبراهيم: 21].
والمسلم
يؤمن أن أصحاب النار يلجئون إلى الله -عز وجل- فيعترفون بذنوبهم، ويطلبون
الرجوع إلى الدنيا مرة أخري لعمل الصالحات، قال تعالى: {ربنا أبصرنا
وسمعنا فارجعنا نعمل صالحًا إنا موقنون} [السجدة: 12].
فيرد الله عليهم: {فذوقوا بما نسيتم لقاء يومكم هذا إنا نسيناكم وذوقوا عذاب الخلد بما كنتم تعملون} [السجدة: 14].
فيقولون: {ربنا أخرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل}
[إبراهيم: 44].
فيجيبهم:{أو
لم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال} [_إبراهيم: 44]. فيقولون:{ربنا
أخرجنا نعمل صالحًا غير الذي كنا نعمل} [فاطر: 37].
فيجيبهم الله -عز وجل-: {أو لم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير} [فاطر: 37].
فيقولون: {ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قومًا ضالين. ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون} [المؤمنون:106-107].
فيجيبهم الله: {اخسئوا فيها ولا تكلمون} [المؤمنون: 108]. عند ذلك ييأس أهل النار ولا يتكلمون بعد هذا أبدًا.
والمسلم
يعلم أن المشركين والكفار خالدون في النار، كما أن أهل الجنة فيها خالدون.
قال تعالى: {إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين
فيها أولئك هم شر البرية. إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير
البرية. جزاؤهم عند ربهم جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها
أبدًا رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشي ربه}
[البينة: 6-8]، وقال:
{فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق. خالدين فيها ما دامت
السموات والأرض إلا ما شاء ربك إن ربك فعال لم يريد. وأما الذين سعدوا ففي
الجنة خالدين فيها ما دامت السموات والأرض إلا ما شاء ربك عطاء غير مجذوذ}
[_هود: 106-108].
والمسلم يعلم أن الخلود في النار لا يكون لكل من
يدخلها، فقد يدخلها المسلم الموحد الذي فعل الكبائر والذنوب، ولكنه لا
يخلد فيها، بل يخرجه
الله -عز وجل- بعد تنقيته من ذنوبه، قال (: (يدخل
أهل الجنة الجنة وأهل النار النار، ثم يقول الله -تعالى-: أخرجوا من كان
في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان، فيخرجون منها قد اسودوا، فيلقون في
نهر الحياة فينبتون كما تنبت الحبة في جانب السيل، ألم تر أنها تخرج صفراء
ملتوية)
[متفق عليه].
وقال (: (يخرج من النار من قال: لا إله إلا
الله وفي قلبه وزن شعيرة من خير، ويخرج من النار من قال: لا إله إلا الله
وفي قلبه وزن برة من خير، ويخرج من النار من قال لا إله إلا الله وفي قلبه
وزن ذرة من خير)
[متفق عليه].
والمسلم يعلم أن الْمَنْجَي من عذاب
الله يكون بالاعتصام بالله -عز وجل- وتوحيده وطاعته في كل الأمور سبحانه،
قال (: (من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة) [أبو داود].
والمسلم
يطيع الله -عز وجل- ورسوله، ويعلم أن الذي يحب إنسانًا فإن الله يحشره مع
الذي يحبه، وقد جاء رجل إلى رسول الله ( فقال: يا رسول الله، إنك لأحب إلى
من نفسي، وإنك لأحب إلى من ولدي، وإني لأكون في البيت فأذكرك فما أصبر حتى
آتي فأنظر إليك، وإذا ذكرت موتي وموتك، عرفت أنك إذا دخلت الجنة، رفعت مع
النبيين، وإني إذا دخلت الجنة خشيت ألا أراك، فلم يرد عليه النبي ( حتى
نزل جبريل -عليه السلام- بهذه الآية: {ومن يطع الله والرسول فأولئك مع
الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن
أولئك رفيقًا}
[النساء: 69]_[الطبراني].
وسأل رجل رسول الله (: متى
الساعة؟ قال: (وماذا أعددت لها؟) قال: لا شيء إلا أني أحب الله ورسوله.
فقال: (أنت مع من أحببت) [متفق عليه].
والمسلم يؤمن بأن هناك أناسًا
استوت حسناتهم وسيئاتهم، فمنعتهم حسناتهم من دخول النار، ومنعتهم سيئاتهم
من دخول الجنة، فأولئك هم أصحاب الأعراف، فيجب على المسلم أن يتقرب إلى
الله -عز وجل- عسى أن يكون من الفائزين الخالدين في الجنة، الناجين من
النار. قال تعالى: {لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة أصحاب الجنة هم
الفائزون} [الحشر: 20].