حوار اليوم مع سلوم حداد
_________________________________
سلوم حداد: "سنوات الجمر" كان رهيبا .. والدراما السورية رابحة بكل المقاييس
ما زال أحد أبرز وحوش الشاشة السورية .. تنقل هذا العام بين البيئي الشامي
تارة والاجتماعي تارة أخرى...أدى واحدة من أغرب الشخصيات في الدراما
السورية ، فهو الرجل الذي مات ودفن، وبعد ذلك يعود إلى الحياة مجددا ويعجز
عن كشف الحقيقة لأولاده الذين كبروا أمامه...
هو الغائب عن ساعات الجمر والحاضر فيه عبر صورة في جدار منزل ما...
إنه سلوم حداد وقد حل ضيفا في الحوار التالي...
قصة غريبة وشخصية عجيبة قدمتها في مسلسل "رفة عين" .. كيف توجز ما قدمته في هذا المسلسل؟
القصة غريبة والأغرب منها أن القصة بحد ذاتها كانت عبارة عن منام طويل
تغرق فيه امرأة فيما سمته كاتبة العمل الصديقة النجمة أمل عرفة بـ " رفة
عين" .
غرابة شخصيتي هي في أنه تعلن وفاتي ويكون علم أولادي أنني دفنت،
لكن فيما بعد ، بطريقة أو بأخرى أعود إلى الحياة وتكون زوجتي قد ماتت
وأولادي يعيشون أيتاما وأتعذب كثيرا في سبيل كشف الحقيقة لهم ، لكن لا
يمكنني ذلك ويبقى السر إلى أن تستيقظ المرأة النائمة من حلمها الطويل ويكون
كل شيء عبارة عن منام.
الفكرة جديدة وقوية جدا وفيها خروج عن الروتين
الاجتماعي في الدراما الذي يتحدث عن مشكلات فقط ، وهذا يصب في صالح الدراما
السورية التي تتحرك نحو الأمام عبر تجديد نفسها بالأفكار.
يمكننا القول إن أفكارا كهذه كانت ممنوعة أو غير مستحبة في الدراما قبل سنوات .. كيف تم تمرير فكرة ميت يعود إلى الحياة؟
لم تتضمن فصول العمل طريقة موته أو دفنه ولا طريقة عودته للحياة بل تم
الاكتفاء بإظهاره قد عاد بطريقة او بأخرى للحياة، فكانت الضرورة أن يعود
فقط وليس بكيفية عودته، وبالتالي، لا يوجد ما يزعج الرقابة او المجتمع.
أضف إلى ذلك مسألة الانفتاح الدرامي على الواقع والمجتمع حيث لم يعد ما
كان ممنوعا قبل سنوات ممنوعا اليوم وإن كانت ما تزال هناك خطوط حمر يجب
الالتزام بها.
عرف عنك أنك تشارك في بعض المسلسلات احتراما لزملاء
لك، ورفة عين من تأليف زميلة قديمة هي أمل عرفة.. هل كانت مشاركتك معها
لهذا السبب؟
هي صديقة عزيزة وبالفعل قديمة وخضنا معا ، مع زملاء آخرين،
الدراما السورية بأصعب أيامها ، لكن، في رفة عين، كانت الصورة المنبعثة من
النص لامعة وكان السيناريو المكتوب قد أعد بعناية فائقة، حتى لم يعد هناك
مجال لأي ممثل للتفكير مرتين قبل الموافقة، فضلا عن وجود مخرج بثقل وقيمة
المثنى صبح الذي لي معه تجارب سابقة كلها عالية الجودة...كل ذلك يؤكد أن
العمل كان قويا ومشاركتي فيه ليست عائدة إلى مجرد العلاقات الطيبة مع
زملاء.
لكن في الأميمي حضرت للعمل بديلا عن الراحل خالد تاجا .. كيف تفسر الأمر؟
أنا أرى أنه من واجب الفنان السوري اليوم أن يسند الدراما السورية بما
أوتي من قوة وألا يسمح للظروف أن تتلاعب بها ، فهي بيتنا الذي أوينا فيه ،
ايام الفقر وأيام الرخاء وأيام الهدوء في سورية وفي هذه الايام العصيبة.
عندما يتعثر مخرج ما لوفاة فنان قدير وكبير بحجم الراحل خالد تاجا ، لا
يجوز ان نتركه في عثرته بل أن ننهض لمساعدته، وان نوافق على المسلسل بغض
النظر عن النص وبغض النظر عن الفكرة التي يتناولها المسلسل.
لكن من
جانب آخر لا يسعني إلا أن أعبر عن عميق إعجابي بالنص الذي كتب لمسلسل
الأميمي وحتى بالشخصية التي أديتها والتي يكفي أن نذكر أنها كانت مسنودة
لنجم عبقري في التمثيل هو خالد تاجا.
نأتي إلى زمن البرغوت... ما الذي أنجح العمل برأيك .. تكديس النجوم فيه أم أشياء أخرى؟
بل اشياء أخرى وليس تجميع النجوم، لأن كل مسلسل في اي مكان وزمان وفي اي بلد وفي اي ظرف يتجمع فيه نجوم وبلا يوجد مسلسل بلا نجوم.
أما ما أنجح العمل فهو بعده عن التراثية والفلكلورية ودخوله المباشر
بالواقع الذي كان معاشا في الفترة التي يتناولها العمل والواقعة بين خروج
العثمانيين ودخول الفرنسيين إلى سورية.
نجح النص ونجح المخرج ونجح كل ممثل في أداء دوره، وتلك هي الشروط التي ما إن تتوفر حتى ينجح العمل.
ماذا عن الأجزاء التالية للعمل؟
بعد العيد مباشرة سندخل في تصوير الجزء الثاني من العمل في نفس المنطقة
التي تم تصوير الجزء الاول فيه، والنص المكتوب للجزء الثاني معروف بالنسبة
إلينا، وهناك تفاصيل أعمق مما تم تقديمه في الجزء الاول حيث هناك اقتراب من
الأمور السياسية في الفترة ما بين 1916 و1925 ، وهناك دخول لبعض الشخصيات
على ما أعتقد لم تكن موجودة في أول جزء.
قيل إن هناك سبعة أجزاء للعمل...ما رأيك؟
لا يوجد شيء رسمي حتى الآن .. نحن نعلم حتى الآن أن هناك جزء ثان ، وإذا
كان هناك سبعة أجزاء كما أشيع فالمسألة تحتاج إلى وقت لإقرارها من الشركة
المنتجة والسبب بسيط برأيي وهو أن سبعة أجزاء ستلزم المخرج والمنتج على
دراسة المدى الذي سيبلغه العمل .. هل سيتحدث عن سبع أو ثمان سنوات، أم إنه
سيتناول مراحل اخرى ومتقدمة من حياة البلاد. لكن حتى نصل إلى ذلك اليوم ،
أقول إنني متواجد في جزأين من مسلسل زمن البرغوت.
ظهرت صورتك معلقة في الحائط بمسلسل " ساعات الجمر " الذي كنت بطل جزئه الأول.. هل تابعت هذا الجزء وما كان شعورك؟
تابعت بعض حلقاته ومقاطع من حلقات أخرى وذلك لضيق الوقت .. المسلسل كان
رهيبا بجزأيه ، الأول الذي كنت فيه، والثاني الذي غبت عنه لانتحار شخصيتي
في نهاية الجزء الاول.
شعوري حول العمل أنه لامس الواقع في مواضع كثيرة
ووضع الإصبع على الجرح في جوانب عديدة من المجتمع السوري، وأرى أن على
القائمين على الشؤون العامة والاجتماعية في البلد الاستفادة مما طرحه
الولادة من الخاصرة وساعات الجمر لأنه نبّه إلى مشكلات ربما كان المعنيون
يحتاجون إلى من يشير إليها.
مع نهاية الموسم الدرامي .. كيف ترى ميزان الدراما السورية .. ربح أم اعتدل ام خسر؟
بل رابح وبكل المقاييس وأثبتت هذه الدراما أنها تعرف كل شيء عدا والخسارة
والاعتدال الذي قد يتحدث عنه البعض هو ربح بحساب الظروف العامة التي تمر
بها سورية منذ عام ونصف.
العرب وفي مختلف الدول العربية، تركوا دراما
بلدانهم والتفتوا ليشاهدوا الدراما السورية فقط وكانت نسبة متابعتها قد
فاقت التصور، لذا كان هذا درسا لمن يفكر بمعاقبة الدراما السورية أو
المساومة والمبازرة عليها في السنوات القادمة.
أين ستمضي عيد الفطر هذا العام؟
في المكان الذي أمضيت فيه كل أعيادي في السنوات الماضية.. هنا في سورية
التي لا عيد يعلو أعيادها، ولو ساءت الظروف ولو اضطربت الاحوال قليلا فهي
العيد بذاته.
أتقدم من الشعب السوري بهذه المناسبة بالتهنئة، للمسلمين
وللمسيحيين ولكافة الطوائف وأقول لهم كل عام وانتم بألف خير، على أمل أن لا
يأتي العيد المقبل بعد فترة إلا والسوريون حلوا كل مشاكلهم لأنهم من أقدر
الشعوب على التكيف مع المشكلات ومعالجتها.