سورة السجدة
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله تعالى: تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ 16 .
قال مالك بن دينار: سألت أنس بن مالـك عن هذه الآية فيمن
نـزلت، فقال: كان أُناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلُّون من
صلاة المغرب إلى صلاة العشاء الآخرة، فأنـزل الله تعالى فيهم هذه الآية.
أخبرنا أبو إسحاق المقري قال: أخبرني أبو الحسين بن محمد الدِّينوري قال:
أخبرنا موسى بن محمد قال: أخبرنا الحسين بن علويه قال: أخبرنا إسماعيل بن
عيسى قال: أخبرنا المسيب، عن سعيد، عن قتادة، عن أنس بن مالك قال: فينا
نـزلت معاشر الأنصار: تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ
الآية. كنا نصلي المغرب فلا نرجع إلى رحالنا حتى نصلي العشاء الآخرة مع
النبيّ صلى الله عليه وسلم، وقال الحسن ومجاهد: نـزلت في المتهجدين الذين
يقومون الليل إلى الصلاة. ويدل على صحة هذا ما أخبرنا أبو بكر محمد بن عمر
الخشاب قال: أخبرنا إبراهيم بن عبد الله الأصفهاني قال: أخبرنا محمد بن
إسحاق السّرّاج قال: أخبرنا قتيبة بن سعيد قال: أخبرنا جرير عن الأعمش، عن
الحكم، عن ميمون، عن ابن أبي شبيب، عن معاذ بن جبل قال: بينما نحن مع رسول
الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك وقد أصابنا الحرّ فتفرق القوم، فنظرت
فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم أقربهم مني فدنوت منه، فقلت: يا رسول
الله أنبئني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني عن النار، قال: "لقد سألت عن عظيم
وإنه ليسير على من يسره الله تعالى عليه: تعبد الله ولا تشرك به شيئًا،
وتقيم الصلاة المكتوبة، وتؤدي الزكاة المفروضة، وتصوم رمضان؛ وإن شئت
أنبأتك بأبواب الخير كلها"، فقال: قلت: أجل يا رسول الله، قال: "الصوم
جُنة، والصدقة تكفّر الخطيئة، وقيام الرجل في جوف الليل يبتغي وجه الله
تعالى"؛ قال: ثم قرأ هذه الآية: تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ .
</h2>