[size=29]بسم الله الرحمان الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم سيد الأولين والآخرين
وعلى آله وصحبه أجمعين إلـى يوم الدين اما بعد :
قرأت هذه الآية :
" قل أرأيتم إن أخذ الله سمعكم و أبصاركم و ختم على قلوبكم من إله غير الله يأتيكم به"
فلاحت لي فيها إشرة كدت أطيش منها .
و ذلك أنه إن كان عني بالآية نفس السمع و البصر ،
فإن السمع آلة لإدراك المسموعات ، و البصر آلة لإدراك المبصرات ، فهما يعرضان ذلك على القلب ، فيتدبر ، و يعتبر .
فإذا عرضت المخلوقات على السمع و البصر ، أوصلا إلى القلب أخبارها من أنها تدل على الخالق ،
و تحمل على طاعة الصانع ، و تحذر من بطشه عند مخالفته .
و إن عنى معنى السمع و البصر ، فذلك يكون بذهولها عن حقائق ما أدركا ، شغلا بالهوى ،
فيعاقب الإنسان بسلب معاني تلك الآلات ،
فيرى و كأنه ما رأى ،
و يسمع كأنه ما سمع ،
و القلب ذاهل عما يتأدى به لا يدري ما يراد به ،
لا يؤثر عنده أنه يبلى ،
و لا تنفعه موعظة تجلى ،
و لا يدري أين هو ،
و لا ما المراد منه ،
و لا إلى أين يحمل ،
و إنما يلاحظ بالطبع مصالح عاجلته و لا يتفكر في خسران آجلته ،
لا يتعبر برفيقه ، و لا يتعظ بصديقه ،
و لا يتزود لطريقة
و هذه حالة أكثر الناس ، فنعوذ بالله من سلب فوائد الآلات ، فإنها أقبح الحالات .