ديوان الشاعر : البحتري
لَيسَ الزّمَانُ بمُعْتِبٍ ، فذَرِيني | أرْمِي تَجَهّمَ خَطْبِهِ بجَبيني |
وَخْدُ القِلاَصِ يَرُدُّني لكِ بالغِنَى | في بَعضِ ذا التّطَوَافِ أوْ يُرْديني |
والرّزْقُ لليَقِظِ المُشَبَّعِ رأيُهُ | بالعَزْمِ، لا للعَاجِزِ المأفُونِ |
لَوْلا أبُو إسحاقَ لمْ ألحَقْ بِمَنْ | فَوْقي، وَلَم أفضُلْ على مَنْ دوني |
أقسَمْتُ لا يَخشَى الحَوَادثَ جارُهُ | وَيَمينُهُ قَمِنٌ بِبَرّ يَميني |
سَمْحُ اليَدَينِ، لَهُ أيَادٍ جَمّةٌ | عنْدي، وَمَنٌّ لَيسَ بالمَمْنُونِ |
وَلَقَدْ بَعَثتُ لَهُ الثّنَاءَ فلَمْ يقُمْ | جُهْدُ الثّنَاءِ بِعَفْوِ ما يُوليني |
جُودٌ يَبُذُّ الغَيثَ أحفَلُ ما جَرَتْ | بِسِجَالِهِ فِيَقُ السّحَابِ الجُونِ |
أنّى يكونُ لهُ اتِّصالٌ في النّدى، | وَوُقُوعُهُ في الحِينِ، بعدَ الحينِ |
أفديكَ، والنَّعماءُ عندي، جَمَّةٌ | قَد كَثّرَتْ في النّاسِ من يَفديني |
إنّ الذي حُمّلْتُهُ، فَحَمَلْتُهُ، | ما كانَ مِنْ خُلُقي، وَلاَ من دِيني |
أيَخُونُ في سرّ الصّديقِ لسانُ ذي | كَرَمٍ عَلى سِرّ العَدُوّ أمِينِ |
هذا وَما صَدرِي بمُنصرِفِ الهَوَى | عَنكُمْ، وَلاَ أنا فيكُمُ بِظَنِينِ |
أبَنِي المُدَبِّرِ لاَ تَزَلْ أيّامُكُمْ | مَوصُولَةً بالعِزّ، والتّمكِينِ |
فالمَجدُ يَعلَمُ أنّكُمْ لم تَقصُرُوا | إلاّ على سَبْقٍ إلَيْهِ، مُبِينِ |