الجميع يعلم ماتتميز به الكعبة المشرفة من مكانة خاصة في قلوب المسلمين الذين تهفوا قلوبهم شوقاً إليها .. وقد يسر الله لهذه الكعبة المشرفة حكومة المملكة التي طالما بذلت الغالي والنفيس .. ليبدو الحرمين الشريفين على أكمل وجه لاستقبال ضيوف الرحمن .. وسنأخذ في هذا الموضوع طرفا من تلك الرسالة التي تبنتها المملكة العربية السعودية وهي : كسوة الكعبة المشرفة ..
التي تبلغ إجمالي تكلفتها (20 مليون) ريال (5 ملايين دولار)! .. و يستخدم لتجميعها أكبر ماكينة خياطة في العالم بطول (16م)! , ويتم تطريز الحزام بخيوط مطلية بالذهب الخالص .. ويشارك في صنعها (160 عاملاً وفنياً) .. ويستخدم فيها قرابة (280 كيلو) من الذهب الخالص .. نذهب للتفاصيل
تم تأسيس مصنع كسوة الكعبة في مكة المكرمة عام 1346هـ الموافق 1927هـ بأمر من الملك عبد العزيز آل سعود رحمة الله .
ومنذ تأسيسه وهو يزود بأحدث ما توصلت إليه تقنيات الخياطة والنسيج .. حيث تدخل إليه كميات من أفضل أنواع الحرير الطبيعي الخالص في العالم المستورد من إيطاليا , لتمر بعدة مراحل تبدأ أولاً بصياغة ذلك الحرير
حيث يكون الحرير الخام مغطى بمادة تسمى (سرسين) يتم إزالتها في هذه الماكينات تحت حرارة 95درجة مئوية وتضاف إليها بعض المواد.ويتم صبغه باللون الأسود.
ثم بعد ذلك تلف تلك الخيوط الحريرية في بكرات وتنتقل إلى قسم (النسيج الآلي) وتُدخَل في ماكينة تعمل بنظام (الجاكارد) لتنتج كسوة الكعبة التي باللون الأسود.
ومن الواضح أن الكسوة من قريب يتضح أنها تشتمل على عبارات (لا اله إلا الله محمد رسول الله)، (سبحان الله وبحمده) ، (سبحان الله العظيم)، (يا حنان يا منان يا الله) وهي لا تتضح إلا عند الاقتراب منها .نسأل الله أن يكتب لنا تلك اللحظة .
ثم تذهب بعض تلك القطع مشدودة بأضلاع من الخشب إلى (قسم الطباعة) ليطبع عليها الأشكال الأولية للآيات كما في الصورة
بعد طباعة الحزام وبعض العبارات التي تكون تحت الحزام في ما بعد , تذهب تلك القطع إلى قسم (قسم التطريز) وهذا القسم يعتمد على العمل اليدوي . لتمر بأولى المراحل وهي حشوها بخيوط قطنية لتبدو بارزة بسمك ( 2.5 سم):
العبارات التي ستكون تحت الحزام وستتضح فيما بعد
ثم تغطى يدوياً بعد ذلك بالخيوط المطلية بالذهب
وهذا القسم أيضاً ينتج تحفة أخرى وهي ستارة باب الكعبة
وهي بارتفاع (6 أمتار) ونصف وبعرض( 3 أمتار) ونصف مكتوبة عليها آيات قرآنية محاطة بزخارف إسلامية
لتكون بعد ذلك تحفة فنية يتجلى فيها روعة الإتقان وجمال الخط العربي
والشيء بالشيء يذكر أن الخطاط الذي أنجز هذه التحفة بخط الثلث هو عبد الرحيم أمين بخاري – رحمه الله- وهو أقدم عامل اشترك في صنع كسوة الكعبة ولازال خطه معتمداً إلى يومنا هذا .
وبعد الانتهاء من الحزام ينتُج من تلك العمليات السابقة قطع كبيرة تقدر بطول ( 14م×1م ) تقريباً لذلك تنقل إلى قسم (تجميع الكسوة):
وقد زود هذا القسم في عام 2001م بأكبر آلة خياطة في العالم بطول 16م وبطاولة خياطة 14م وتعمل بالليزر لتحديد مكان وضع الخامات , بنظام آلي .
ليخرج لنا بعد ذلك أربع قطع ضخمة تمثل واجهات الكعبة المشرفة الأربعة كل جهة بمقاسات معينة يبلغ إجمالي وزنها (طن)! تقريباً.
لتنتهي بذلك قصة الإتقان في هذه الروعة التي تزين الكعبة المشرفة , وتُكَوَن بعد ذلك لجنة من المختصين لمراجعة وتثبيت القطع المطرزة في مكانها المناسب ، وكذلك التأكد من قوة تحملها لعوامل الشد. لتتحمل تغيرات الفصول الأربعة , وكل ما سبق من المراحل يستغرق قرابة ( 9أشهر) .
ليبقى بعد ذلك فقط الانتظار إلى أن يأتي فجر التاسع من شهر ذي الحجة لتنطلق تلك الكسوة من المصنع ليتم تسليمها إلى سدنة بيت الكعبة من (بني شيبة) كما أوصى بذلك الرسول صلى الله عليه وسلم ليتم استبدالها بالكسوة السابقة وفق خطوات محدده مسبقا تبدأ برفع الكسوة الجديدة:
وربطها في حلقات حديدية في سطح الكعبة وإنزال السترة القديمة وفرد السترة الجديدة:
ثم تجمع تلك القطع الأربع
لتضفي بعد ذلك هيبة لذلك المكان المقدس: