السـؤال:
ما حكم امرأةٍ تطهر من الحيض أو تُصيبها جنابةٌ وهي في محلٍّ بعيدٍ عن مقرِّ سكناها، ويوجد به حمَّامٌ منفردٌ، وهي تترك خروجَ الوقتين أو الثلاث من الصلاة ليتسنَّى لها الرجوع إلى مَنْزِلها للاغتسال؛ لأنها سمعت أنَّ المرأة لا يجوز لها أن تضع ثيابها في غير بيتها، فهل يجوز لها ‑والحال هذه‑ أن تتيمَّم وتصلي؟ أم تنتظر حتى ترجع إلى البيت فتغتسل ثمَّ تقضي ما فاتها؟ وجزاكم اللهُ كلَّ خير.
الجـواب:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصَحْبِهِ وإخوانِه إلى يوم الدِّين، أمَّا بعد:
فالمرأةُ كالرجل في الحكم لا يجوز لها أن تؤخِّر صلاتَها عن وقتها المحدَّد شرعًا، لقوله تعالى: ﴿إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا﴾ [النساء : 103]، أي: أجلاً محدَّدًا لا يجوز تجاوزه إلاَّ لعذر، ورفع الجنابة والاغتسال من الحيض من لوازم صِحَّة الصلاة، فإن كان لها حمامٌ منفرد مأمونٌ في المحل الذي نزلت فيه فلها أن تغتسل فيه، ولا تُفوِّت الصلاة عن وقتها، كما لها أن تغتسل في أي مكان في سفر أو حضر يحصل فيه الأمن في الفندق كانت أو في غيره من غير انتياب للحمامات العامَّة أو الشعبية، لقوله صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «الحَمَّامُ حَرَامٌ عَلَى نِسَاءِ أُمَّتِي»(1- أخرجه الحاكم في «المستدرك»: (4/322)، وصححه الألباني في «السلسلة الصحيحة»: (2/1292).)، ولقوله صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ فَلاَ يُدْخِلْ حَلِيلَتَهُ الحَمَّامَ»(2- أخرجه الترمذي في «سننه» كتاب الأدب، باب ما جاء في دخول الحمام: (2801)، والحاكم في «المستدرك»: (4/320)، وأحمد في «مسنده»: (3/339)، من حديث جابر رضي الله عنه. وحسنه الألباني في «صحيح الجامع»: (6506)، وصححه في «صحيح الترغيب والترهيب»: (164)، و«آداب الزفاف»: (67).)؛ لأنَّ في الحمامات الجماعية غالبًا ما لا تستر المرأة عورتها من النساء.
هذا، واغتسال المرأة معلومٌ بالضرورة، وإذا كان اغتسالها لسُنَّة الإحرام في الحجِّ والعمرة على وجه الاستحباب ‑وهي في سفرها‑ فمن بابٍ أولى إذا كان الغسل في حقِّها واجبًا.
أمَّا حديث: «وَالذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا مِنِ امْرَأَةٍ تَضَعُ ثِيَابَهَا فِي غَيْرِ بَيْتِ أَحَدٍ مِنْ أُمَّهَاتِهَا إِلاَّ وَهِيَ هَاتِكَةٌ كُلَّ سِتْرٍ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الرَّحْمَنِ»(3- أخرجه أحمد: (6/361)، والطبراني في «المعجم الكبير»: (24/ 253)، من حديث أم الدرداء رضي الله عنها. والحديث صححه الألباني في «آداب الزفاف»: (60). وانظر: «الترغيب والترهيب» للمنذري: (1/119)، و«مجمع الزوائد» للهيثمي: (1/617)، و«السلسلة الصحيحة» للألباني: (7/1308). )، فإنَّ ظاهرَه محمولٌ على التكشُّف للأجنبي وعدم الاستتار بلباس التقوى ويدخل في النهي ‑أيضًا‑ نزع الثياب في الحمّامات العامَّة؛ ذلك لأنَّ الفضيحة تحصل بالتكشُّف وعدم المحافظة على ما أمرت به بالتستُّر بالجلباب عن الأجنبي، فينال منها ما يحرِّك به شهوته، ويطمع في المزيد فتقع الهتيكة، والجزاء من جنس العمل.
والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.
الجزائر في: 15 جمادى الأولى 1430ه
الموافق ل: 10 مايو 2009م
1- أخرجه الحاكم في «المستدرك»: (4/322)، وصححه الألباني في «السلسلة الصحيحة»: (2/1292).
2- أخرجه الترمذي في «سننه» كتاب الأدب، باب ما جاء في دخول الحمام: (2801)، والحاكم في «المستدرك»: (4/320)، وأحمد في «مسنده»: (3/339)، من حديث جابر رضي الله عنه. وحسنه الألباني في «صحيح الجامع»: (6506)، وصححه في «صحيح الترغيب والترهيب»: (164)، و«آداب الزفاف»: (67).
3- أخرجه أحمد: (6/361)، والطبراني في «المعجم الكبير»: (24/ 253)، من حديث أم الدرداء رضي الله عنها. والحديث صححه الألباني في «آداب الزفاف»: (60). وانظر: «الترغيب والترهيب» للمنذري: (1/119)، و«مجمع الزوائد» للهيثمي: (1/617)، و«السلسلة الصحيحة» للألباني: (7/1308).