باختصار أنا اشتكي من القلق على ديني وعقيدتي ، أتمنى أن لا يحاسبني الله على سؤالي ولكني فعلا بحث عن الإجابة الشافية .
حين أرى النصارى واليهود أو حتى الفئات التي ضلت عن العقيدة الإسلامية
الصحيحة حين ألحظ عليهم مدى تمسكهم باعتقادهم وتصديقهم به بل والراحة
النفسية التي يشعرون بها أو - لا أدري إن كان حقيقيا- أسأل نفسي كيف يعرف
المسلم أنه على العقيدة الصحيحة ؟ طالما أن الراحة النفسية موجودة لدى
الجميع ، خاصة أنه بعلم النفس وارد أن ما تؤمن به فعليا هو ما يجعلك تطمئن
إليه وتثق به ولو كان غير صحيح ؟ وما يحيرني خاصة الفئات الخاطئة التي
تفرعت من الإسلام مثل الصوفية والشيعة ؟ أنا فقط بدأت أشعر بهذه الوساوس
بعد أن أصبحت والحمد لله أقرب إلى ربي من قبل بعد ترك الأغاني ، وقيام
الليل والنوافل والاستغفار.
فقد أحسنتِ حينما أطلقتِ على هذه الخواطر التي تجول في نفسك
بأنها وساوس ، ومعلوم أن الوسوسة من الشيطان ، والشيطان لا يحب من العبد أن يعود
لخالقه تائباً نادما مقبلاً على الخير ، بل يحرص أن يصده عن دينه بسائر أنواع الفتن
والشهوات ، فإذا أعجزته الحيل لجأ إلى الوسوسة والتشكيك ، ليشعره بالقلق وعدم
الطمأنينة ، ولذا تجدين أنك لم تشعري بهذه الوساوس إلا بعد أن تركت بعض المعاصي
التي كان يزينها لك ، فلما انتصرت عليه في هذا الميدان ، لجأ إلى أضعف حيله وهي
الوسوسة ، وقد شكا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم له أنه ينتابهم بعض الوساوس
التي يكرهونها ولا يحبون التكلم بها ، فقال لهم عليه الصلاة والسلام : ( الحمد لله
الذي رد كيده إلى الوسوسة ) رواه أبو داود عن عبد الله بن عباس ( 5112 )
وصححه الألباني كما في صحيح أبي داود .
فحيث عجز عن صدهم عن الخير لجأ إلى الوسوسة .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" والوسواس يعرض لكل من توجه إلى الله تعالى بذكر أو بغيره ، لا
بد له من ذلك ، فينبغي للعبد أن يثبت ويصبر ، ويلازم ما هو فيه من الذكر والصلاة
ولا يضجر ، فإنه بملازمة ذلك ينصرف عنه كيد الشيطان ( إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ
كَانَ ضَعِيفاً ) النساء/76 .
وكلما أراد العبد توجهاً إلى الله تعالى بقلبه جاءه من الوسوسة
أمور أخرى ، فإن الشيطان بمنزلة قاطع الطريق ، كلما أراد العبد السير إلى الله
تعالى ، أراد قطع الطريق عليه ، ولهذا قيل لبعض السلف : إن اليهود و النصارى يقولون
: لا نوسوس . قال : صدقوا ! وما يصنع الشيطان بالبيت الخرب ؟!! .
"مجموع الفتاوى" (22/608) .
لذا فعليك ألا تلتفتي لهذه الوساوس ، ولا تجعليها عائقاً عن
مواصلة طريقك في السير إلى الله تعالى .
وأما ما ذكرتِه عن بعض الكفار وأهل البدع من أنهم يكونون في راحة
نفسية ، فجميل منك أنك قلت في ثنايا سؤالك : ( لا أدري إن كان حقيقياً ) فإن كثيراً
من هذه السعادات زائفة ، تكون في الظاهر بينما يبقى الباطن يشعر بفراغ وضيق قاتل ،
لا يزيله إلا صدق العبد مع الله في عبوديته وتحقيق مرضاته .
وهنا ينبغي أن تنتبهي إلى عدة أمور :
الأول : أن مقياس العقيدة الصحيحة لا يعرف بالراحة النفسية أو
عدمها ، وإنما تعرف العقيدة بما جاء في كتاب الله وسنة رسول الله على وفق ما التزمه
صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأي أمر أشكل عليك فاعرضيه على كلام الله
تعالى ، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وكلام صحابته ، فإن وجدت أصحاب رسول الله
قائلين به فاعلمي أنه الحق ، وما سواه فهو باطل ، فإن عجزت عن ذلك فاسألي أهل العلم
الذين يسيرون في علمهم وطريقتهم على منهج الصحابة والسلف الصالح ؛ فهذا هو المقياس
الصحيح الوحيد .
وأما السعادة والراحة النفسية فهي نتيجة لصدق العبد في تحصيل رضى
ربه ، ومتابعة سنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، قال الله تعالى : ( مَنْ عَمِلَ
صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً
طَيِّبَةً ) النحل/97 .
الثاني : أن الشعور بالضيق والضنك أمر نسبي ، وهو يختلف من شخص
لآخر ، وأحيانا يكون الإنسان يعيش في أشد حالات الضيق ولا يشعر بشيء من ذلك لأنه
ميت القلب ، ألست ترين الأعمى يكون في أشد أنواع الظلمة ولا يشعر بالظلام ، وما ذلك
إلا لأنه لا بصر عنده أصلاً ، فكذلك ميت القلب ، ليس عنده حياة أصلاً ليشعر بألم
ضيق الصدر من عدمه ، وقديما قال الشاعر :
ما لجرحٍ بميت إيلام
لكن الله عز وجل قال وقوله الحق : ( وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ
ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى
) طـه/124.
والضنك : قد فسر بعدة تفسيرات ، ففي تفسير ابن كثير رحمه الله ما
ملخصه :
" أي : ضَنْك فِي الدُّنْيَا ، فَلا طُمَأْنِينَة لَهُ ، وَلا
اِنْشِرَاح لِصَدْرِهِ ، بَلْ صَدْره ضَيِّق حَرَج لِضَلالِهِ ، وَإِنْ تَنَعَّمَ
ظَاهِره وَلَبِسَ مَا شَاءَ وَأَكَلَ مَا شَاءَ وَسَكَنَ حَيْثُ شَاءَ فَإِنَّ
قَلْبه مَا لَمْ يَخْلُص إِلَى الْيَقِين وَالْهُدَى فَهُوَ فِي قَلَق وَحِيرَة
وَشَكّ ، فَلا يَزَال فِي رِيبه يَتَرَدَّد فَهَذَا مِنْ ضَنْك الْمَعِيشَة .
وَقَالَ الضَّحَّاك : هُوَ الْعَمَل السَّيِّئ وَالرِّزْق
الْخَبِيث .
وعَنْ أَبِي سَعِيد فِي قَوْله : ( مَعِيشَة ضَنْكًا ) قَالَ :
يُضَيِّق عَلَيْهِ قَبْره حَتَّى تَخْتَلِف أَضْلاعه فِيهِ .
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَة عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ( فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَة ضَنْكًا ) قَالَ ( عَذَاب الْقَبْر )
إِسْنَاد جَيِّد " انتهى .
فلو فرض أن الكافر أو الفاجر عاش في هذه الدنيا في سعادة حتى لو
كانت داخلية ، فإنه فاقد للطمأنينة والسكينة التي يتنعم بها المؤمنون الصادقون ، ثم
إن ما ينتظره من العذاب في البرزخ وما بعده ضنك وأي ضنك ، نسأل الله أن يعيذنا
وإياكِ من عذاب القبر ، وأن يثبتنا وإياكِ على الحق حتى نلقاه .
وختاماً : عليك بالاجتهاد في الطاعات وعمل الصالحات ، والابتعاد
عن الوساوس الجالبة للهموم ، وعليك بتعلم العلم النافع ، فإنه يقيك بإذن الله من
أنواع الفتن والشبهات .
والله أعلم .
حين أرى النصارى واليهود أو حتى الفئات التي ضلت عن العقيدة الإسلامية
الصحيحة حين ألحظ عليهم مدى تمسكهم باعتقادهم وتصديقهم به بل والراحة
النفسية التي يشعرون بها أو - لا أدري إن كان حقيقيا- أسأل نفسي كيف يعرف
المسلم أنه على العقيدة الصحيحة ؟ طالما أن الراحة النفسية موجودة لدى
الجميع ، خاصة أنه بعلم النفس وارد أن ما تؤمن به فعليا هو ما يجعلك تطمئن
إليه وتثق به ولو كان غير صحيح ؟ وما يحيرني خاصة الفئات الخاطئة التي
تفرعت من الإسلام مثل الصوفية والشيعة ؟ أنا فقط بدأت أشعر بهذه الوساوس
بعد أن أصبحت والحمد لله أقرب إلى ربي من قبل بعد ترك الأغاني ، وقيام
الليل والنوافل والاستغفار.
الحمد لله
فقد أحسنتِ حينما أطلقتِ على هذه الخواطر التي تجول في نفسك
بأنها وساوس ، ومعلوم أن الوسوسة من الشيطان ، والشيطان لا يحب من العبد أن يعود
لخالقه تائباً نادما مقبلاً على الخير ، بل يحرص أن يصده عن دينه بسائر أنواع الفتن
والشهوات ، فإذا أعجزته الحيل لجأ إلى الوسوسة والتشكيك ، ليشعره بالقلق وعدم
الطمأنينة ، ولذا تجدين أنك لم تشعري بهذه الوساوس إلا بعد أن تركت بعض المعاصي
التي كان يزينها لك ، فلما انتصرت عليه في هذا الميدان ، لجأ إلى أضعف حيله وهي
الوسوسة ، وقد شكا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم له أنه ينتابهم بعض الوساوس
التي يكرهونها ولا يحبون التكلم بها ، فقال لهم عليه الصلاة والسلام : ( الحمد لله
الذي رد كيده إلى الوسوسة ) رواه أبو داود عن عبد الله بن عباس ( 5112 )
وصححه الألباني كما في صحيح أبي داود .
فحيث عجز عن صدهم عن الخير لجأ إلى الوسوسة .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" والوسواس يعرض لكل من توجه إلى الله تعالى بذكر أو بغيره ، لا
بد له من ذلك ، فينبغي للعبد أن يثبت ويصبر ، ويلازم ما هو فيه من الذكر والصلاة
ولا يضجر ، فإنه بملازمة ذلك ينصرف عنه كيد الشيطان ( إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ
كَانَ ضَعِيفاً ) النساء/76 .
وكلما أراد العبد توجهاً إلى الله تعالى بقلبه جاءه من الوسوسة
أمور أخرى ، فإن الشيطان بمنزلة قاطع الطريق ، كلما أراد العبد السير إلى الله
تعالى ، أراد قطع الطريق عليه ، ولهذا قيل لبعض السلف : إن اليهود و النصارى يقولون
: لا نوسوس . قال : صدقوا ! وما يصنع الشيطان بالبيت الخرب ؟!! .
"مجموع الفتاوى" (22/608) .
لذا فعليك ألا تلتفتي لهذه الوساوس ، ولا تجعليها عائقاً عن
مواصلة طريقك في السير إلى الله تعالى .
وأما ما ذكرتِه عن بعض الكفار وأهل البدع من أنهم يكونون في راحة
نفسية ، فجميل منك أنك قلت في ثنايا سؤالك : ( لا أدري إن كان حقيقياً ) فإن كثيراً
من هذه السعادات زائفة ، تكون في الظاهر بينما يبقى الباطن يشعر بفراغ وضيق قاتل ،
لا يزيله إلا صدق العبد مع الله في عبوديته وتحقيق مرضاته .
وهنا ينبغي أن تنتبهي إلى عدة أمور :
الأول : أن مقياس العقيدة الصحيحة لا يعرف بالراحة النفسية أو
عدمها ، وإنما تعرف العقيدة بما جاء في كتاب الله وسنة رسول الله على وفق ما التزمه
صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأي أمر أشكل عليك فاعرضيه على كلام الله
تعالى ، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وكلام صحابته ، فإن وجدت أصحاب رسول الله
قائلين به فاعلمي أنه الحق ، وما سواه فهو باطل ، فإن عجزت عن ذلك فاسألي أهل العلم
الذين يسيرون في علمهم وطريقتهم على منهج الصحابة والسلف الصالح ؛ فهذا هو المقياس
الصحيح الوحيد .
وأما السعادة والراحة النفسية فهي نتيجة لصدق العبد في تحصيل رضى
ربه ، ومتابعة سنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، قال الله تعالى : ( مَنْ عَمِلَ
صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً
طَيِّبَةً ) النحل/97 .
الثاني : أن الشعور بالضيق والضنك أمر نسبي ، وهو يختلف من شخص
لآخر ، وأحيانا يكون الإنسان يعيش في أشد حالات الضيق ولا يشعر بشيء من ذلك لأنه
ميت القلب ، ألست ترين الأعمى يكون في أشد أنواع الظلمة ولا يشعر بالظلام ، وما ذلك
إلا لأنه لا بصر عنده أصلاً ، فكذلك ميت القلب ، ليس عنده حياة أصلاً ليشعر بألم
ضيق الصدر من عدمه ، وقديما قال الشاعر :
ما لجرحٍ بميت إيلام
لكن الله عز وجل قال وقوله الحق : ( وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ
ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى
) طـه/124.
والضنك : قد فسر بعدة تفسيرات ، ففي تفسير ابن كثير رحمه الله ما
ملخصه :
" أي : ضَنْك فِي الدُّنْيَا ، فَلا طُمَأْنِينَة لَهُ ، وَلا
اِنْشِرَاح لِصَدْرِهِ ، بَلْ صَدْره ضَيِّق حَرَج لِضَلالِهِ ، وَإِنْ تَنَعَّمَ
ظَاهِره وَلَبِسَ مَا شَاءَ وَأَكَلَ مَا شَاءَ وَسَكَنَ حَيْثُ شَاءَ فَإِنَّ
قَلْبه مَا لَمْ يَخْلُص إِلَى الْيَقِين وَالْهُدَى فَهُوَ فِي قَلَق وَحِيرَة
وَشَكّ ، فَلا يَزَال فِي رِيبه يَتَرَدَّد فَهَذَا مِنْ ضَنْك الْمَعِيشَة .
وَقَالَ الضَّحَّاك : هُوَ الْعَمَل السَّيِّئ وَالرِّزْق
الْخَبِيث .
وعَنْ أَبِي سَعِيد فِي قَوْله : ( مَعِيشَة ضَنْكًا ) قَالَ :
يُضَيِّق عَلَيْهِ قَبْره حَتَّى تَخْتَلِف أَضْلاعه فِيهِ .
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَة عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ( فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَة ضَنْكًا ) قَالَ ( عَذَاب الْقَبْر )
إِسْنَاد جَيِّد " انتهى .
فلو فرض أن الكافر أو الفاجر عاش في هذه الدنيا في سعادة حتى لو
كانت داخلية ، فإنه فاقد للطمأنينة والسكينة التي يتنعم بها المؤمنون الصادقون ، ثم
إن ما ينتظره من العذاب في البرزخ وما بعده ضنك وأي ضنك ، نسأل الله أن يعيذنا
وإياكِ من عذاب القبر ، وأن يثبتنا وإياكِ على الحق حتى نلقاه .
وختاماً : عليك بالاجتهاد في الطاعات وعمل الصالحات ، والابتعاد
عن الوساوس الجالبة للهموم ، وعليك بتعلم العلم النافع ، فإنه يقيك بإذن الله من
أنواع الفتن والشبهات .
والله أعلم .