بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يا من سلكت طريق الإلحاد تب وعد إلى طريق الرشاد
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
لقد بدأ الإسلام قبل 1400 سنة برجل أمي لا يقرأ ولا
يكتب هو نبينا ورسولنا محمد - صلى الله عليه وسلم -، وأصبح عدد المسلمين
الذين يتبعونه اليوم أكثر من ألف وأربع مئة مليون مسلم جلهم حصدوا مراتب
علمية عالية وتقول الإحصائيات العالمية عن أعداد المسلمين اليوم في
العالم؟ يوجد اليوم أكثر من 4200 ديانة في العالم! وتدل الإحصائيات على أن
الدين الإسلامي هو الأسرع انتشاراً بين جميع الأديان في العالم!، قال الله
- تعالى-: ( هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ
لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ)،
وكلمة (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ)، تدل على أن الإسلام سيكون
الديانة الأولى في العالم؟ وهذا ما سيحدث قريباً إن شاء الله - تعالى -،
فالإحصائيات تقول بأنه عام 2025 سيكون الإسلام هو الدين الأول من حيث
العدد على مستوى العالم، تجربة طويلة بين الشك واليقين عاشها مصطفى محمود:
أكبر مفكر مصري الذي ألف 89 كتاباً منها الكتب العلمية والدينية والفلسفية
والاجتماعية والسياسية، يقول عن نفسه: "عشت ثلاثين سنة من الغرق في الكتب،
وآلاف الليالي من الخلوة والتأمل مع النفس، وتقليب الفكر على كل وجه لأقطع
الطرق الشائكة، من الله والإنسان إلى لغز الحياة والموت، إلى ما أكتب
اليوم على درب اليقين" ثلاثون عاماً من المعاناة والشك والنفي والإثبات،
ثلاثون عاماً من البحث عن الله قرأت عن البوذية والبراهمية والزرادشيتة
ومارست تصوف الهندوس القائم عن وحدة الوجود حيث الخالق هو المخلوق والرب
هو الكون في حد ذاته وهو الطاقة الباطنة في جميع المخلوقات، وفي نهاية
المطاف أنهيت ثلاثين عاماً بأجمل كتبي (حوار مع صديقي الملحد)، (رحلتي من
الشك إلى الإيمان) فيا من سلكت طريق الإلحاد هذه خلاصة تجربة الإلحاد
ونهايته فاقطع طريق الضلال، وعد إلى طريق الرشاد قبل أن يأخذك شديد المحال.
وقفات مع بعض شبهات الملحدين:
كثيراً ما نسمع من الملحدين قولهم لماذا يخلق الله الطفل مشوهاً، ولماذا يمهل الله الظالم ولا ينتصر للمظلوم، ولهؤلاء نقول:
إن الله - تعالى- أجرى في هذا الكون سنن وبين للناس
جميعاً أن هذه السنن تجري تحت سمعه وبصره وبعلمه فقال - سبحانه -: (
وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ
إِلا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا
يَابِسٍ إِلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ)، وقال - تعالى-: ( مَا أَصَابَ مِنْ
مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ
قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ)، ولا يمكن
لنا بحال أن نحيط بعلم الله أو بعدله أو بحكمته في سننه، قال - تعالى-: (
ولا يحيطون به علما)، فما يبدو للخلق من ظلم في شيء، فإن عدل الله قائم
فيه، لكننا لم نحط به، ومن يتأمل أفعال الله في كونه من سماء وأرض، وشمس
وقمر، وليل ونهار، وحر وبرد، وبر وبحر، يشعر بعظم خالق هذا النظام المتضاد
في كل شيء والدقيق المحكم ويشعر بعظم علم الله وحكمته ورحمته بعباده ويشعر
بعظم منافع وجريان هذه السنن في هذه الكون، قال - تعالى-: ( صُنْعَ
اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ)، وقال - سبحانه -: ( مَا تَرَى
فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ) وسنن الله في كونه لا تتغير ولا
تتبدل كما قال - سبحانه-: ( فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا
وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلًا) ليل ونهار، وحر وبرد، ومرض
وصحة، وفقر وغنى، وذكر وأنثى، وطويل وقصر، ورحمة وقسوة، وحب وكره، وذكر
وأنثى، وصغير وكبير، ومؤمن وكافر، وضعيف وقوي، وظلم وعدل، وطاعة ومعصية،
وجنة ونار، ودنيا وآخرة، متضادات لا يقوم الكون إلا بها، فسنة الله -
تعالى- في الجنة أن ليس فيها شيء من المنغصات بل هي النعيم المطلق كما بين
الله ذلك في كتابه، وسنة الله - تعالى- في الدنيا الكبد والمشقة والاختبار
والامتحان؛ ليتميز أهل الجنة من أهل النار فهذه سنة الابتلاء في الصغير
والكبير على السواء فليس الابتلاء مقصور على الكبار دون الصغار ولا على
الصغار دون الكبار، قال - تعالى-: ( لقد خلقنا الإنسان في كبد)، قال ابن
القيم - رحمه الله -: " فلولا أنه - سبحانه - يداوي عباده بأدوية المحن
والابتلاء لطغوا وبغوا وعتوا " عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ - رضي
الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: (( إِذَا
مَاتَ وَلَدُ الْعَبْدِ قَالَ اللَّهُ لِمَلائِكَتِهِ: قَبَضْتُمْ وَلَدَ
عَبْدِي؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، فَيَقُولُ: قَبَضْتُمْ ثَمَرَةَ
فُؤَادِهِ؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، فَيَقُولُ: مَاذَا قَالَ عَبْدِي؟
فَيَقُولُونَ: حَمِدَكَ وَاسْتَرْجَعَ، فَيَقُولُ اللَّهُ: " ابْنُوا
لِعَبْدِي بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَسَمُّوهُ بَيْتَ الْحَمْدِ)) فعاقبة
هذا الكبد وهذه المشقة وهذا الألم وهذه المصيبة حميدة عند الله - تعالى
-فبذلك ترفع الدرجات وتكفر السيئات ويحضى العبد المؤمن الصابر بدخول الجنة
برحمة رب الأرض والسموات، فالابتلاء للخلق نعمة عظيمة، ضرره قصير في حياة
قصيرة لكن نفعه طويل في حياة أبدية سرمدية في جنة فيها مالا عين رأت ولا
أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، وجرت سنة الله في البلاء أن يكون بألم
ومعاناة؛ ليتحقق التطهير وليظهر الصبر والاحتساب وإلا فلو خلا من ذلك لما
احتاج لصبر، ولما نال فضل ورفعة، ومن قدر أن يقتل مظلوماً فسيموت شهيداً
وسيتبوأ منزلةً لا يتبوأها بغير الاستشهاد، وهذه غاية الفضل من الله؛ لذلك
المظلوم والشهيد كل من مات في معركة أو مات دون نفسه أو عرضه أو ماله، ثبت
عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من حديث المقدام بن معْدي كرب أنه قال:
(( إن للشهيد عند الله سبع خصال: يُغفر له في أول دفعة، ويُرى مقعده من
الجنة، ويجار من فتنة القبر، ويأمن يوم الفزع الأكبر، ويوضع على رأسه تاج
الوقار الياقوتة منه خير من الدنيا وما فيها، ويزوج ثنتين وسبعين زوجة من
الحور العين، ويشفع في سبعين من أقاربه))، وكل نفس ستذوق الموت وسكراته
وتجد ألمه وكرباته إلا الشهيد، فعن أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه -
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: (( مَا يَجِدُ
الشَّهِيدُ مِنْ مَسِّ الْقَتْلِ إِلا كَمَا يَجِدُ أَحَدُكُمْ مَسَّ
الْقَرْصَةِ)). صححه الألباني - رحمه الله -، وإذا لم ينصر الله هذا
المظلوم ويعجل بهلاك ظالمه وقاتله في الحال فقد كساه الله حلل الشهداء
وبوأه الفردوس الأعلى من الجنة والله - تعالى -يبتلي عباده ليطهرهم من
الذنوب ويرفع درجاتهم وهو - سبحانه - يتفضل على من شاء من خلقه بمنازل
عالية في الجنة لا يصلون إليها إلا بالصبر على البلاء وهذا فضل محض، فالله
- تعالى -أجرى سننه على جميع خلقه من الأنبياء وغيرهم فمن الرسل
والأنبياء، من قتل كما قال - سبحانه -: ( وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ
بِغَيْرِ الْحَقِّ)، ومنهم من نشر، كزكريا - عليه السلام -، ومنهم من ذبح،
كحيي - عليه السلام -، ومنهم من أخرج من داره كلوط ومحمد - صلى الله عليه
وسلم - ومنهم من هدد بالرجم كنوح - عليه السلام - ومنهم من ابتلي بالسجن
السنين الطوال كيوسف - عليه السلام - ومنهم من ابتلي بالبلاء السنين
الطوال حتى عافه الناس كأيوب - عليه السلام - وهكذا تجري سنن الله على
خلقه أجمعين، عَنْ جَابِرٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
- صلى الله عليه وسلم -: (( يَوَدُّ أَهْلُ الْعَافِيَةِ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ حِينَ يُعْطَى أَهْلُ الْبَلاءِ الثَّوَابَ لَوْ أَنَّ
جُلُودَهُمْ كَانَتْ قُرِضَتْ فِي الدُّنْيَا بِالْمَقَارِيضِ)) السلسلة
الصحيحة للألباني - رحمه الله-، وكذلك جرت سنة الله - تعالى -في إمهال
الكافرين ثم أخذهم في الدنيا قبل الآخرة وكتاب الله يبين ذلك والتاريخ
يشهد عليه، روى البخاري ومسلم عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: (( إِنَّ اللَّهَ - عز وجل - يُمْلِي
لِلظَّالِمِ فَإِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ، ثُمَّ قَرَأَ: (
وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ
أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ))، وقال - تعالى-: ( بَل لَّهُم مَّوْعِدٌ لَّن
يَجِدُواْ مِن دُونِهِ مَوْئِلاٍ)، وقال - تعالى-: ( وَلا يَحْسَبَنَّ
الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لأَنْفُسِهِمْ
إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ
مُهِينٌ)، وقال - تعالى -: ( فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ
لَهُمْ عَدًّا)، وقال - سبحانه -: ( إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً *
وَأَكِيدُ كَيْداً * فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً)،
وقال - تعالى-: ( ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون * إنما يؤخرهم
ليوم تشخص فيه الأبصار)، وإمهال الكافرين هي سنة ابتلاء للمؤمنين، كذلك
قال - تعالى-: ( ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لانْتَصَرَ مِنْهُمْ *
وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ)، فاقتضت حكمته - جل وعلا- أن
يكون هناك إيمان وكفر ويتبين الصادق من الكاذب، وهذه سنته التي لا تتبدل
ولا تتحول، قال - تعالى-: ( أَلم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا
أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا
الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا
وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ)، وقال - تعالى-: ( أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ
تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ
قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى
يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا
إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يا من سلكت طريق الإلحاد تب وعد إلى طريق الرشاد
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
لقد بدأ الإسلام قبل 1400 سنة برجل أمي لا يقرأ ولا
يكتب هو نبينا ورسولنا محمد - صلى الله عليه وسلم -، وأصبح عدد المسلمين
الذين يتبعونه اليوم أكثر من ألف وأربع مئة مليون مسلم جلهم حصدوا مراتب
علمية عالية وتقول الإحصائيات العالمية عن أعداد المسلمين اليوم في
العالم؟ يوجد اليوم أكثر من 4200 ديانة في العالم! وتدل الإحصائيات على أن
الدين الإسلامي هو الأسرع انتشاراً بين جميع الأديان في العالم!، قال الله
- تعالى-: ( هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ
لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ)،
وكلمة (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ)، تدل على أن الإسلام سيكون
الديانة الأولى في العالم؟ وهذا ما سيحدث قريباً إن شاء الله - تعالى -،
فالإحصائيات تقول بأنه عام 2025 سيكون الإسلام هو الدين الأول من حيث
العدد على مستوى العالم، تجربة طويلة بين الشك واليقين عاشها مصطفى محمود:
أكبر مفكر مصري الذي ألف 89 كتاباً منها الكتب العلمية والدينية والفلسفية
والاجتماعية والسياسية، يقول عن نفسه: "عشت ثلاثين سنة من الغرق في الكتب،
وآلاف الليالي من الخلوة والتأمل مع النفس، وتقليب الفكر على كل وجه لأقطع
الطرق الشائكة، من الله والإنسان إلى لغز الحياة والموت، إلى ما أكتب
اليوم على درب اليقين" ثلاثون عاماً من المعاناة والشك والنفي والإثبات،
ثلاثون عاماً من البحث عن الله قرأت عن البوذية والبراهمية والزرادشيتة
ومارست تصوف الهندوس القائم عن وحدة الوجود حيث الخالق هو المخلوق والرب
هو الكون في حد ذاته وهو الطاقة الباطنة في جميع المخلوقات، وفي نهاية
المطاف أنهيت ثلاثين عاماً بأجمل كتبي (حوار مع صديقي الملحد)، (رحلتي من
الشك إلى الإيمان) فيا من سلكت طريق الإلحاد هذه خلاصة تجربة الإلحاد
ونهايته فاقطع طريق الضلال، وعد إلى طريق الرشاد قبل أن يأخذك شديد المحال.
وقفات مع بعض شبهات الملحدين:
كثيراً ما نسمع من الملحدين قولهم لماذا يخلق الله الطفل مشوهاً، ولماذا يمهل الله الظالم ولا ينتصر للمظلوم، ولهؤلاء نقول:
إن الله - تعالى- أجرى في هذا الكون سنن وبين للناس
جميعاً أن هذه السنن تجري تحت سمعه وبصره وبعلمه فقال - سبحانه -: (
وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ
إِلا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا
يَابِسٍ إِلا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ)، وقال - تعالى-: ( مَا أَصَابَ مِنْ
مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ
قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ)، ولا يمكن
لنا بحال أن نحيط بعلم الله أو بعدله أو بحكمته في سننه، قال - تعالى-: (
ولا يحيطون به علما)، فما يبدو للخلق من ظلم في شيء، فإن عدل الله قائم
فيه، لكننا لم نحط به، ومن يتأمل أفعال الله في كونه من سماء وأرض، وشمس
وقمر، وليل ونهار، وحر وبرد، وبر وبحر، يشعر بعظم خالق هذا النظام المتضاد
في كل شيء والدقيق المحكم ويشعر بعظم علم الله وحكمته ورحمته بعباده ويشعر
بعظم منافع وجريان هذه السنن في هذه الكون، قال - تعالى-: ( صُنْعَ
اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ)، وقال - سبحانه -: ( مَا تَرَى
فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ) وسنن الله في كونه لا تتغير ولا
تتبدل كما قال - سبحانه-: ( فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا
وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلًا) ليل ونهار، وحر وبرد، ومرض
وصحة، وفقر وغنى، وذكر وأنثى، وطويل وقصر، ورحمة وقسوة، وحب وكره، وذكر
وأنثى، وصغير وكبير، ومؤمن وكافر، وضعيف وقوي، وظلم وعدل، وطاعة ومعصية،
وجنة ونار، ودنيا وآخرة، متضادات لا يقوم الكون إلا بها، فسنة الله -
تعالى- في الجنة أن ليس فيها شيء من المنغصات بل هي النعيم المطلق كما بين
الله ذلك في كتابه، وسنة الله - تعالى- في الدنيا الكبد والمشقة والاختبار
والامتحان؛ ليتميز أهل الجنة من أهل النار فهذه سنة الابتلاء في الصغير
والكبير على السواء فليس الابتلاء مقصور على الكبار دون الصغار ولا على
الصغار دون الكبار، قال - تعالى-: ( لقد خلقنا الإنسان في كبد)، قال ابن
القيم - رحمه الله -: " فلولا أنه - سبحانه - يداوي عباده بأدوية المحن
والابتلاء لطغوا وبغوا وعتوا " عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ - رضي
الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: (( إِذَا
مَاتَ وَلَدُ الْعَبْدِ قَالَ اللَّهُ لِمَلائِكَتِهِ: قَبَضْتُمْ وَلَدَ
عَبْدِي؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، فَيَقُولُ: قَبَضْتُمْ ثَمَرَةَ
فُؤَادِهِ؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، فَيَقُولُ: مَاذَا قَالَ عَبْدِي؟
فَيَقُولُونَ: حَمِدَكَ وَاسْتَرْجَعَ، فَيَقُولُ اللَّهُ: " ابْنُوا
لِعَبْدِي بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَسَمُّوهُ بَيْتَ الْحَمْدِ)) فعاقبة
هذا الكبد وهذه المشقة وهذا الألم وهذه المصيبة حميدة عند الله - تعالى
-فبذلك ترفع الدرجات وتكفر السيئات ويحضى العبد المؤمن الصابر بدخول الجنة
برحمة رب الأرض والسموات، فالابتلاء للخلق نعمة عظيمة، ضرره قصير في حياة
قصيرة لكن نفعه طويل في حياة أبدية سرمدية في جنة فيها مالا عين رأت ولا
أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، وجرت سنة الله في البلاء أن يكون بألم
ومعاناة؛ ليتحقق التطهير وليظهر الصبر والاحتساب وإلا فلو خلا من ذلك لما
احتاج لصبر، ولما نال فضل ورفعة، ومن قدر أن يقتل مظلوماً فسيموت شهيداً
وسيتبوأ منزلةً لا يتبوأها بغير الاستشهاد، وهذه غاية الفضل من الله؛ لذلك
المظلوم والشهيد كل من مات في معركة أو مات دون نفسه أو عرضه أو ماله، ثبت
عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من حديث المقدام بن معْدي كرب أنه قال:
(( إن للشهيد عند الله سبع خصال: يُغفر له في أول دفعة، ويُرى مقعده من
الجنة، ويجار من فتنة القبر، ويأمن يوم الفزع الأكبر، ويوضع على رأسه تاج
الوقار الياقوتة منه خير من الدنيا وما فيها، ويزوج ثنتين وسبعين زوجة من
الحور العين، ويشفع في سبعين من أقاربه))، وكل نفس ستذوق الموت وسكراته
وتجد ألمه وكرباته إلا الشهيد، فعن أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه -
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: (( مَا يَجِدُ
الشَّهِيدُ مِنْ مَسِّ الْقَتْلِ إِلا كَمَا يَجِدُ أَحَدُكُمْ مَسَّ
الْقَرْصَةِ)). صححه الألباني - رحمه الله -، وإذا لم ينصر الله هذا
المظلوم ويعجل بهلاك ظالمه وقاتله في الحال فقد كساه الله حلل الشهداء
وبوأه الفردوس الأعلى من الجنة والله - تعالى -يبتلي عباده ليطهرهم من
الذنوب ويرفع درجاتهم وهو - سبحانه - يتفضل على من شاء من خلقه بمنازل
عالية في الجنة لا يصلون إليها إلا بالصبر على البلاء وهذا فضل محض، فالله
- تعالى -أجرى سننه على جميع خلقه من الأنبياء وغيرهم فمن الرسل
والأنبياء، من قتل كما قال - سبحانه -: ( وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ
بِغَيْرِ الْحَقِّ)، ومنهم من نشر، كزكريا - عليه السلام -، ومنهم من ذبح،
كحيي - عليه السلام -، ومنهم من أخرج من داره كلوط ومحمد - صلى الله عليه
وسلم - ومنهم من هدد بالرجم كنوح - عليه السلام - ومنهم من ابتلي بالسجن
السنين الطوال كيوسف - عليه السلام - ومنهم من ابتلي بالبلاء السنين
الطوال حتى عافه الناس كأيوب - عليه السلام - وهكذا تجري سنن الله على
خلقه أجمعين، عَنْ جَابِرٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
- صلى الله عليه وسلم -: (( يَوَدُّ أَهْلُ الْعَافِيَةِ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ حِينَ يُعْطَى أَهْلُ الْبَلاءِ الثَّوَابَ لَوْ أَنَّ
جُلُودَهُمْ كَانَتْ قُرِضَتْ فِي الدُّنْيَا بِالْمَقَارِيضِ)) السلسلة
الصحيحة للألباني - رحمه الله-، وكذلك جرت سنة الله - تعالى -في إمهال
الكافرين ثم أخذهم في الدنيا قبل الآخرة وكتاب الله يبين ذلك والتاريخ
يشهد عليه، روى البخاري ومسلم عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: (( إِنَّ اللَّهَ - عز وجل - يُمْلِي
لِلظَّالِمِ فَإِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ، ثُمَّ قَرَأَ: (
وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ
أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ))، وقال - تعالى-: ( بَل لَّهُم مَّوْعِدٌ لَّن
يَجِدُواْ مِن دُونِهِ مَوْئِلاٍ)، وقال - تعالى-: ( وَلا يَحْسَبَنَّ
الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لأَنْفُسِهِمْ
إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ
مُهِينٌ)، وقال - تعالى -: ( فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ
لَهُمْ عَدًّا)، وقال - سبحانه -: ( إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً *
وَأَكِيدُ كَيْداً * فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً)،
وقال - تعالى-: ( ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون * إنما يؤخرهم
ليوم تشخص فيه الأبصار)، وإمهال الكافرين هي سنة ابتلاء للمؤمنين، كذلك
قال - تعالى-: ( ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لانْتَصَرَ مِنْهُمْ *
وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ)، فاقتضت حكمته - جل وعلا- أن
يكون هناك إيمان وكفر ويتبين الصادق من الكاذب، وهذه سنته التي لا تتبدل
ولا تتحول، قال - تعالى-: ( أَلم * أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا
أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا
الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا
وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ)، وقال - تعالى-: ( أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ
تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ
قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى
يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا
إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ)