أود أن اسأل عن مدى مصداقية كتاب نهج البلاغة ورأي فضيلتكم فيه .
الحمد لله
كتاب "نهج البلاغة"من الكتب المنسوبة إلى أمير
المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وفيه كثير من الأمور التي وقع فيها الخلاف
بين المنتسبين إلى الإسلام ، وتبعا للقاعدة العلمية العظيمة التي سار عليها أئمة
الإسلام امتثالاً للأمر الشرعي بالتثبُّت فإننا لا بدَّ أن نرجع إلى أهل العلم
والاختصاص للتأكد من صدق ما ينسب إلى علي رضي الله عنه لأن ما ينقل عن الصحابة رضي
الله عنهم له أثره في الشريعة ، لا سيما من كان مثل أمير المؤمنين علي رضي الله عنه
الذي غلا في حقه من غلا وقصَّر من قصَّر ووفق الله أهل السنة للتوسط .
وبالرجوع إلى كلام أهل العلم في هذا الكتاب
وبالنظر والمقارنة بين ما فيه وما ثبت بالأسانيد الصحيحة عن علي رضي الله عنه ،
يتبيَّن ما في هذا الكتاب من أمور تخالف ما ثبت عنه رضي الله عنه ، ولنترك الكلام
لبعض هؤلاء الأئمة الأعلام :
قال الإمام الذهبي رحمه الله في ترجمة المرتضى
علي بن حسين بن موسى الموسوي (المتوفى سنة436هـ) قلت : هو جامع كتاب " نهج البلاغة"
, المنسوبة ألفاظه إلى الإمام علي -رضي الله عنه- , ولا أسانيد لذلك , وبعضها باطل
, وفيه حق , ولكن فيه موضوعات حاشا الإمام من النطق بها , ولكن أين المنصف؟! وقيل :
بل جمع أخيه الشريف الرضي ... وفي تواليفه سب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
, فنعوذ بالله من علم لا ينفع . سير أعلام النبلاء 17/589 .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ( أكثر
الخطب التي ينقلها صاحب "نهج البلاغة "كذب على علي ، وعليٌّ رضي الله عنه أجلُّ
وأعلى قدرا من أن يتكلم بذلك الكلام ، ولكن هؤلاء وضعوا أكاذيب وظنوا أنها مدح ،
فلا هي صدق ولا هي مدح ، ومن قال إن كلام علي وغيره من البشر فوق كلام المخلوق فقد
أخطأ ، وكلام النبي صلى الله عليه وسلم فوق كلامه ، وكلاهما مخلوق ... وأيضا
فالمعاني الصحيحة التي توجد في كلام علي موجودة في كلام غيره ، لكن صاحب نهج
البلاغة وأمثاله أخذوا كثيرا من كلام الناس فجعلوه من كلام علي ، ومنه ما يحكى عن
علي أنه تكلم به ، ومنه ما هو كلام حق يليق به أن يتكلم به ولكن هو في نفس الأمر من
كلام غيره ، ولهذا يوجد في كلام البيان والتبيين للجاحظ وغيره من الكتب كلام منقول
عن غير علي وصاحب نهج البلاغة يجعله عن علي ، وهذه الخطب المنقولة في كتاب نهج
البلاغة لو كانت كلها عن علي من كلامه لكانت موجودة قبل هذا المصنف منقولة عن علي
بالأسانيد وبغيرها ، فإذا عرف من له خبرة بالمنقولات أن كثيرا منها بل أكثرها لا
يعرف قبل هذا علم أن هذا كذب ، وإلا فليبيِّن الناقل لها في أي كتاب ذكر ذلك ، ومن
الذي نقله عن علي ، وما إسناده ، وإلا فالدعوى المجردة لا يعجز عنها أحد ، ومن كان
له خبرة بمعرفة طريقة أهل الحديث ومعرفة الآثار والمنقول بالأسانيد وتبين صدقها من
كذبها ؛ علم أن هؤلاء الذين ينقلون مثل هذا عن علي من أبعد الناس عن المنقولات
والتمييز بين صدقها وكذبها ).
منهاج السنة النبوية 8/55 .
وممن أشار إلى الكذب فيه أيضاً الخطيب البغدادي
في الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع 2/161 ، وكذلك القاضي ابن خلكان ، والصفدي
وغيرهم ، وخلاصة المآخذ التي قيلت فيه يمكن حصرها في التالي :
بين مؤلف الكتاب وبين علي رضي الله عنه سبع
طبقات من الرواة وقد قام بحذفهم كلهم ، ولهذا لا يمكن قبول كلامه من غير إسناد
لو ذكر هؤلاء الرواة فلا بد من البحث عنهم وعن
عدالتهم .
عدم وجود أكثر هذه الخطب قبل ظهور الكتاب يدل
على وضعها .
المرتضى ـ صاحب الكتاب ـ ليس من أهل الرواية
بل إنه من المتكلم في دينه وعدالته .
ما فيه من سب لسادات الصحابة كافٍ في إبطاله .
ما فيه من الهمز واللمز والسب مما ليس هو من
أخلاق المؤمنين فضلا عن أئمتهم كعلي رضي الله عنه .
فيه من التناقض والعبارات الركيكة ما يعلم
قطعاً أنه لا يصدر عن أئمة البلاغة واللغة .
كونه أصبح عند الرافضة مسلَّماً به ومقطوعاً
بصحته كالقرآن مع كل هذه الاعتراضات يدل على عدم مراعاتهم في أمور دينهم لأصول
التثبت والتأكد السليمة .
وبناءً على ما تقدم ذكره يتبين عدم ثبوت نسبة
هذا الكتاب لعلي رضي الله عنه ، وعليه ؛ فإن كل ما فيه فإنه لا يحتج به في المسائل
الشرعية أيًّا كانت ، أما من قرأه ليطالع بعض ما فيه من الجمل البلاغية فإن حكمه
حكم بقية كتب اللغة ، من غير نسبة ما فيه لأمير المؤمنين علي رضي الله عنه .
(أنظر كتاب " كتب حذًّر منها العلماء" 2/250 ) .
الحمد لله
كتاب "نهج البلاغة"من الكتب المنسوبة إلى أمير
المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وفيه كثير من الأمور التي وقع فيها الخلاف
بين المنتسبين إلى الإسلام ، وتبعا للقاعدة العلمية العظيمة التي سار عليها أئمة
الإسلام امتثالاً للأمر الشرعي بالتثبُّت فإننا لا بدَّ أن نرجع إلى أهل العلم
والاختصاص للتأكد من صدق ما ينسب إلى علي رضي الله عنه لأن ما ينقل عن الصحابة رضي
الله عنهم له أثره في الشريعة ، لا سيما من كان مثل أمير المؤمنين علي رضي الله عنه
الذي غلا في حقه من غلا وقصَّر من قصَّر ووفق الله أهل السنة للتوسط .
وبالرجوع إلى كلام أهل العلم في هذا الكتاب
وبالنظر والمقارنة بين ما فيه وما ثبت بالأسانيد الصحيحة عن علي رضي الله عنه ،
يتبيَّن ما في هذا الكتاب من أمور تخالف ما ثبت عنه رضي الله عنه ، ولنترك الكلام
لبعض هؤلاء الأئمة الأعلام :
قال الإمام الذهبي رحمه الله في ترجمة المرتضى
علي بن حسين بن موسى الموسوي (المتوفى سنة436هـ) قلت : هو جامع كتاب " نهج البلاغة"
, المنسوبة ألفاظه إلى الإمام علي -رضي الله عنه- , ولا أسانيد لذلك , وبعضها باطل
, وفيه حق , ولكن فيه موضوعات حاشا الإمام من النطق بها , ولكن أين المنصف؟! وقيل :
بل جمع أخيه الشريف الرضي ... وفي تواليفه سب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
, فنعوذ بالله من علم لا ينفع . سير أعلام النبلاء 17/589 .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ( أكثر
الخطب التي ينقلها صاحب "نهج البلاغة "كذب على علي ، وعليٌّ رضي الله عنه أجلُّ
وأعلى قدرا من أن يتكلم بذلك الكلام ، ولكن هؤلاء وضعوا أكاذيب وظنوا أنها مدح ،
فلا هي صدق ولا هي مدح ، ومن قال إن كلام علي وغيره من البشر فوق كلام المخلوق فقد
أخطأ ، وكلام النبي صلى الله عليه وسلم فوق كلامه ، وكلاهما مخلوق ... وأيضا
فالمعاني الصحيحة التي توجد في كلام علي موجودة في كلام غيره ، لكن صاحب نهج
البلاغة وأمثاله أخذوا كثيرا من كلام الناس فجعلوه من كلام علي ، ومنه ما يحكى عن
علي أنه تكلم به ، ومنه ما هو كلام حق يليق به أن يتكلم به ولكن هو في نفس الأمر من
كلام غيره ، ولهذا يوجد في كلام البيان والتبيين للجاحظ وغيره من الكتب كلام منقول
عن غير علي وصاحب نهج البلاغة يجعله عن علي ، وهذه الخطب المنقولة في كتاب نهج
البلاغة لو كانت كلها عن علي من كلامه لكانت موجودة قبل هذا المصنف منقولة عن علي
بالأسانيد وبغيرها ، فإذا عرف من له خبرة بالمنقولات أن كثيرا منها بل أكثرها لا
يعرف قبل هذا علم أن هذا كذب ، وإلا فليبيِّن الناقل لها في أي كتاب ذكر ذلك ، ومن
الذي نقله عن علي ، وما إسناده ، وإلا فالدعوى المجردة لا يعجز عنها أحد ، ومن كان
له خبرة بمعرفة طريقة أهل الحديث ومعرفة الآثار والمنقول بالأسانيد وتبين صدقها من
كذبها ؛ علم أن هؤلاء الذين ينقلون مثل هذا عن علي من أبعد الناس عن المنقولات
والتمييز بين صدقها وكذبها ).
منهاج السنة النبوية 8/55 .
وممن أشار إلى الكذب فيه أيضاً الخطيب البغدادي
في الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع 2/161 ، وكذلك القاضي ابن خلكان ، والصفدي
وغيرهم ، وخلاصة المآخذ التي قيلت فيه يمكن حصرها في التالي :
بين مؤلف الكتاب وبين علي رضي الله عنه سبع
طبقات من الرواة وقد قام بحذفهم كلهم ، ولهذا لا يمكن قبول كلامه من غير إسناد
لو ذكر هؤلاء الرواة فلا بد من البحث عنهم وعن
عدالتهم .
عدم وجود أكثر هذه الخطب قبل ظهور الكتاب يدل
على وضعها .
المرتضى ـ صاحب الكتاب ـ ليس من أهل الرواية
بل إنه من المتكلم في دينه وعدالته .
ما فيه من سب لسادات الصحابة كافٍ في إبطاله .
ما فيه من الهمز واللمز والسب مما ليس هو من
أخلاق المؤمنين فضلا عن أئمتهم كعلي رضي الله عنه .
فيه من التناقض والعبارات الركيكة ما يعلم
قطعاً أنه لا يصدر عن أئمة البلاغة واللغة .
كونه أصبح عند الرافضة مسلَّماً به ومقطوعاً
بصحته كالقرآن مع كل هذه الاعتراضات يدل على عدم مراعاتهم في أمور دينهم لأصول
التثبت والتأكد السليمة .
وبناءً على ما تقدم ذكره يتبين عدم ثبوت نسبة
هذا الكتاب لعلي رضي الله عنه ، وعليه ؛ فإن كل ما فيه فإنه لا يحتج به في المسائل
الشرعية أيًّا كانت ، أما من قرأه ليطالع بعض ما فيه من الجمل البلاغية فإن حكمه
حكم بقية كتب اللغة ، من غير نسبة ما فيه لأمير المؤمنين علي رضي الله عنه .
(أنظر كتاب " كتب حذًّر منها العلماء" 2/250 ) .