السؤال :
هل غرق جميع من في الأرض - عدا من كان مع نوح - على ظهر السفينة عندما
أرسل الله الطوفان ؟ وهل كل مَن في الأرض الآن يعتبرون مِن نسل مَن كان في
السفينة ؟
الجواب :
الحمد لله
يدل
صريح القرآن الكريم على أن جميع من على الأرض أغرقوا بالطوفان ، ولم ينج من البشر
ولا من الحيوان إلا مَن حمله نوح عليه السلام معه في السفينة .
قال
الله تعالى : (فَأَنْجَيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ . ثُمَّ
أَغْرَقْنَا بَعْدُ الْبَاقِينَ) الشعراء/119-120 .
وقال عز وجل : (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ
فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ
الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ) هود/40 .
وقال تعالى : (فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ
وَجَعَلْنَاهُمْ خَلَائِفَ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا
فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ) يونس/73 .
كما
جاء النص في القرآن الكريم على أن الأرض إنما عمرت بعد ذلك من نسل ذرية نوح عليه
السلام فقط ، وأما المؤمنون الذين نجوا معه في السفينة فلم تبق لهم ذرية ، فجميع
أهل الأرض الآن من ذرية نوح عليه السلام .
قال
الله تعالى : (وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ . وَنَجَّيْنَاهُ
وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ . وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ
الْبَاقِينَ . وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ . سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِي
الْعَالَمِينَ . إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ . إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا
الْمُؤْمِنِينَ . ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ) الصافات/77-81 .
قال
علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : لم تبق إلا ذرية نوح عليه السلام .
وقال قتادة في قوله : (وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ) قال : الناس
كلهم من ذرية نوح عليه السلام .
"تفسير القرآن العظيم" لابن كثير (7/22) .
قال
الحافظ ابن كثير رحمه الله :
"وقد
اختلف العلماء في عدة من كان معه في السفينة :
فعن
ابن عباس رضي الله عنهما : كانوا ثمانين نفسا معهم نساؤهم . وعن كعب الأحبار :
كانوا اثنين وسبعين نفسا ، وقيل : كانوا عشرة .
قال
جماعة من المفسرين : ارتفع الماء على أعلى جبل بالأرض خمسة عشر ذراعا ، وهو الذي
عند أهل الكتاب ، وقيل : ثمانين ذراعا ، وعَمَّ جميع الأرض طولها والعرض ، سهلها
وحزنها وجبالها وقفارها ورمالها ولم يبق على وجه الأرض ممن كان بها من الأحياء عين
تطرف ، ولا صغير ولا كبير .
قال
الإمام مالك عن زيد بن أسلم : كان أهل ذلك الزمان قد ملؤوا السهل والجبل .
...
فإن
الله لم يجعل لأحد ممن كان معه من المؤمنين نسلا ولا عقبا سوى نوح عليه السلام .
قال تعالى : (وَجَعَلْنَا
ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ)
فكل من على وجه الأرض اليوم من سائر أجناس بني آدم ينسبون إلى أولاد نوح الثلاثة ،
وهم : سام وحام ويافث" انتهى باختصار .
"البداية والنهاية" (1/111-114) .
وقال العلامة الطاهر بن عاشور رحمه الله :
"
ضمير الفصل في قوله : ( هُمُ الْبَاقِينَ ) للحصر ، أي : لم يبق أحد من الناس إلا
من نجاه الله مع نوح في السفينة من ذريته ، ثم من تناسل منهم ، فلم يبق من أبناء
آدم غير ذرية نوح ، فجميع الأمم من ذرية أولاد نوح الثلاثة ، وظاهر هذا أن من آمن
مع نوح غير أبنائه لم يكن لهم نسل . قال ابن عباس : لما خرج نوح من السفينة مات من
معه من الرجال والنساء إلا ولده ونساءه . وبذلك يندفع التعارض بين هذه الآية وبين
قوله في سورة هود : ( قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ
وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ
إِلَّا قَلِيلٌ ) هود/40 ، وهذا جار على أن الطوفان قد عم الأرض كلها ، واستأصل
جميع البشر ، إلا من حملهم نوح في السفينة" انتهى .
"التحرير والتنوير" (23/47) .
وأما قوله سبحانه وتعالى : ( ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ
عَبْدًا شَكُورًا ) الإسراء/3 . وقوله عز وجل : (أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ
اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا
مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا
وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا
وَبُكِيًّا) مريم/58.
فلا
يدل على استمرار نسل المؤمنين الذين حملهم نوح عليه السلام معه ، بل المقصود أبناء
نوح عليه السلام الذين استمر نسلهم دون باقي المؤمنين .
قال
العلامة الأمين الشنقيطي رحمه الله : "قوله تعالى : (ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا
مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا) ، بين أن ذرية من حمل من نوح لم يبق
منها إلا ذرية نوح في قوله : (وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ)" انتهى .
"أضواء البيان" (3/13) .
والله أعلم .
هل غرق جميع من في الأرض - عدا من كان مع نوح - على ظهر السفينة عندما
أرسل الله الطوفان ؟ وهل كل مَن في الأرض الآن يعتبرون مِن نسل مَن كان في
السفينة ؟
الجواب :
الحمد لله
يدل
صريح القرآن الكريم على أن جميع من على الأرض أغرقوا بالطوفان ، ولم ينج من البشر
ولا من الحيوان إلا مَن حمله نوح عليه السلام معه في السفينة .
قال
الله تعالى : (فَأَنْجَيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ . ثُمَّ
أَغْرَقْنَا بَعْدُ الْبَاقِينَ) الشعراء/119-120 .
وقال عز وجل : (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ
فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ
الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ) هود/40 .
وقال تعالى : (فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ
وَجَعَلْنَاهُمْ خَلَائِفَ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا
فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ) يونس/73 .
كما
جاء النص في القرآن الكريم على أن الأرض إنما عمرت بعد ذلك من نسل ذرية نوح عليه
السلام فقط ، وأما المؤمنون الذين نجوا معه في السفينة فلم تبق لهم ذرية ، فجميع
أهل الأرض الآن من ذرية نوح عليه السلام .
قال
الله تعالى : (وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ . وَنَجَّيْنَاهُ
وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ . وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ
الْبَاقِينَ . وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ . سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِي
الْعَالَمِينَ . إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ . إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا
الْمُؤْمِنِينَ . ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ) الصافات/77-81 .
قال
علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : لم تبق إلا ذرية نوح عليه السلام .
وقال قتادة في قوله : (وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ) قال : الناس
كلهم من ذرية نوح عليه السلام .
"تفسير القرآن العظيم" لابن كثير (7/22) .
قال
الحافظ ابن كثير رحمه الله :
"وقد
اختلف العلماء في عدة من كان معه في السفينة :
فعن
ابن عباس رضي الله عنهما : كانوا ثمانين نفسا معهم نساؤهم . وعن كعب الأحبار :
كانوا اثنين وسبعين نفسا ، وقيل : كانوا عشرة .
قال
جماعة من المفسرين : ارتفع الماء على أعلى جبل بالأرض خمسة عشر ذراعا ، وهو الذي
عند أهل الكتاب ، وقيل : ثمانين ذراعا ، وعَمَّ جميع الأرض طولها والعرض ، سهلها
وحزنها وجبالها وقفارها ورمالها ولم يبق على وجه الأرض ممن كان بها من الأحياء عين
تطرف ، ولا صغير ولا كبير .
قال
الإمام مالك عن زيد بن أسلم : كان أهل ذلك الزمان قد ملؤوا السهل والجبل .
...
فإن
الله لم يجعل لأحد ممن كان معه من المؤمنين نسلا ولا عقبا سوى نوح عليه السلام .
قال تعالى : (وَجَعَلْنَا
ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ)
فكل من على وجه الأرض اليوم من سائر أجناس بني آدم ينسبون إلى أولاد نوح الثلاثة ،
وهم : سام وحام ويافث" انتهى باختصار .
"البداية والنهاية" (1/111-114) .
وقال العلامة الطاهر بن عاشور رحمه الله :
"
ضمير الفصل في قوله : ( هُمُ الْبَاقِينَ ) للحصر ، أي : لم يبق أحد من الناس إلا
من نجاه الله مع نوح في السفينة من ذريته ، ثم من تناسل منهم ، فلم يبق من أبناء
آدم غير ذرية نوح ، فجميع الأمم من ذرية أولاد نوح الثلاثة ، وظاهر هذا أن من آمن
مع نوح غير أبنائه لم يكن لهم نسل . قال ابن عباس : لما خرج نوح من السفينة مات من
معه من الرجال والنساء إلا ولده ونساءه . وبذلك يندفع التعارض بين هذه الآية وبين
قوله في سورة هود : ( قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ
وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَمَا آمَنَ مَعَهُ
إِلَّا قَلِيلٌ ) هود/40 ، وهذا جار على أن الطوفان قد عم الأرض كلها ، واستأصل
جميع البشر ، إلا من حملهم نوح في السفينة" انتهى .
"التحرير والتنوير" (23/47) .
وأما قوله سبحانه وتعالى : ( ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ
عَبْدًا شَكُورًا ) الإسراء/3 . وقوله عز وجل : (أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ
اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا
مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا
وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا
وَبُكِيًّا) مريم/58.
فلا
يدل على استمرار نسل المؤمنين الذين حملهم نوح عليه السلام معه ، بل المقصود أبناء
نوح عليه السلام الذين استمر نسلهم دون باقي المؤمنين .
قال
العلامة الأمين الشنقيطي رحمه الله : "قوله تعالى : (ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا
مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا) ، بين أن ذرية من حمل من نوح لم يبق
منها إلا ذرية نوح في قوله : (وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ)" انتهى .
"أضواء البيان" (3/13) .
والله أعلم .