السؤال :
هل صحيح أن خالد بن الوليد رضي الله عنه لم يكن يحفظ من القرآن إلا ثلاث
سور لانشغاله بالجهاد في سبيل الله ، وإن كان ذلك صحيحا فأين ذكر ؟
الجواب :
الحمد لله
خالد بن الوليد رضي الله عنه فارس الإسلام ، وسيف الله المسلول على أعدائه ، صاحب
الفتوح العظيمة ، والمواقف الكبيرة في المعارك الفاصلة في التاريخ الإسلامي ، تحلى
بالشجاعة والقوة والبأس على الأعداء ، حتى كُسر يوم مؤتة في يده تسعة أسياف ، كما
روى ذلك البخاري في صحيحه .
وكان يحب الجهاد حبا عظيما ، نصرةً لدين الله ، وإرغاماً لقوى الشر والكفر والطغيان
، فشغله الجهاد عن كل مشاغل الدنيا ، حتى كان يقول رضي الله عنه : (ما مِنْ ليلةٍ
يُهدى إليَّ فيه عروسٌ أنا لها مُحِبّ أحبُّ إليَّ مِن ليلة شديدةِ البرد ، كثيرة
الجليد ، في سريَّةٍ أصبِّحُ فيها العَدُوَّ) . رواه أبو يعلى .
وكان من كلامه رضي الله عنه في ساعة الاحتضار : لقد طلبت القتل في مظانّه فلم
يُقدَّر لي إلا أن أموت على فراشي ، وما من عملي شيءٌ أرجى عندي بعد أن لا إله إلا
الله من ليلة بِتُّها وأنا متترِّس ، والسماء تُهلُّني تمطر إلى الصبح حتى نُغير
على الكفار .
ثم
قال : إِذا أنا متّ فانظروا في سلاحي وفرسي فاجعلوه عُدّةً في سبيل الله .
فلما توفي خرج عمر رضي الله عنه إلى جنازته فقال : ما على نساء آل الوليد أن يسفحن
على خالد دموعهن ما لم يكن نقعاً أو لقلقة .
وكان حبه وانشغاله بهذه العبادة العظيمة (الجهاد في سبيل الله) قد أشغله عن عبادات
أخرى كرواية الحديث ، وحفظ القرآن الكريم .
حتى
قال رضي الله عنه : (لقد منعني كثيراً من القراءة الجهادُ في سبيل الله) رواه ابن
أبي شيبة في " المصنف " (4/214)، وأبو يعلى في " المسند " (13/111)، والإمام أحمد
كما في " فضائل الصحابة " (2/814) وأبو عبيد القاسم بن سلام في " فضائل القرآن "
(رقم/254) جميعهم من طريق قيس بن أبي حازم قال : سمعت خالدا يقول: ..فذكره ، وصححه
الحافظ ابن حجر في " المطالب العالية " (4/277)، والهيثمي في " مجمع الزوائد "
(9/353) .
وهو
انشغال ليس بالمذموم بل انشغال أنار التاريخ الإسلامي كله ، وعبق الحضارة العالمية
بأنوار الإسلام التي حاول طمسها الطغاة الكافرون ، فليس في هذا ما يُذم ، فـ "كلٌّ
مُيَسرٌ لما خُلق له" فقد كان من الصحابة : العلماء والفقهاء ، والقضاة ، والشجعان
، والمجاهدون ، والمتصدقون ، والعُبَّاد ... على حسب تنوع قدرات الناس وما حباهم
الله به .
وليس من الحكمة أن يترك الإنسان ما يحسنه ويتقنه ويبرع فيه إلى عمل يكون فيه مثل
غيره ، أو أقل ، ولا يبرع فيه .
ولا
يعني كلامه رضي الله عنه السابق أنه لم يكن يحفظ سوى سور ثلاث ، كما ذُكر في
السؤال، ولكن يعني أنه لم يكن كحفاظ الصحابة وعلمائهم كعبد الله بن مسعود وأبي بن
كعب وغيرهم ، بدليل أنه قال : (منعني كثيرا من القراءة) ، ولم يقل : (منعني
القراءة) ، فالجهاد شغله عن الإكثار من القراءة ، وليس عن القراءة كلها .
ولكن إثارة مثل هذه الشبهات والطعون في خالد رضي الله عنه قد يكون الحامل عليها أن
خالداً كان سيفا مصلتا على الأصنام والطواغيت ، فتجد أعداء الإسلام اليوم جادين في
الطعن في شخصيته ، ومحاولة طمس آثارها ومعالمها ، ولا يعلمون أن سيفا سله الله على
الكفار لا يغمد أبدا ، وأن هذا القائد العظيم غدا رمزا من رموز الشجاعة والقيادة
والحنكة الحربية ، وهكذا كان الرجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم ، منارات للعمل
والتضحية وبناء الأمم والقيم والأخلاق.
نسأل الله تعالى أن يوفقنا للسير على منهاجهم ، ويجعلنا ممن اتبعوهم بإحسان .
والله أعلم .
هل صحيح أن خالد بن الوليد رضي الله عنه لم يكن يحفظ من القرآن إلا ثلاث
سور لانشغاله بالجهاد في سبيل الله ، وإن كان ذلك صحيحا فأين ذكر ؟
الجواب :
الحمد لله
خالد بن الوليد رضي الله عنه فارس الإسلام ، وسيف الله المسلول على أعدائه ، صاحب
الفتوح العظيمة ، والمواقف الكبيرة في المعارك الفاصلة في التاريخ الإسلامي ، تحلى
بالشجاعة والقوة والبأس على الأعداء ، حتى كُسر يوم مؤتة في يده تسعة أسياف ، كما
روى ذلك البخاري في صحيحه .
وكان يحب الجهاد حبا عظيما ، نصرةً لدين الله ، وإرغاماً لقوى الشر والكفر والطغيان
، فشغله الجهاد عن كل مشاغل الدنيا ، حتى كان يقول رضي الله عنه : (ما مِنْ ليلةٍ
يُهدى إليَّ فيه عروسٌ أنا لها مُحِبّ أحبُّ إليَّ مِن ليلة شديدةِ البرد ، كثيرة
الجليد ، في سريَّةٍ أصبِّحُ فيها العَدُوَّ) . رواه أبو يعلى .
وكان من كلامه رضي الله عنه في ساعة الاحتضار : لقد طلبت القتل في مظانّه فلم
يُقدَّر لي إلا أن أموت على فراشي ، وما من عملي شيءٌ أرجى عندي بعد أن لا إله إلا
الله من ليلة بِتُّها وأنا متترِّس ، والسماء تُهلُّني تمطر إلى الصبح حتى نُغير
على الكفار .
ثم
قال : إِذا أنا متّ فانظروا في سلاحي وفرسي فاجعلوه عُدّةً في سبيل الله .
فلما توفي خرج عمر رضي الله عنه إلى جنازته فقال : ما على نساء آل الوليد أن يسفحن
على خالد دموعهن ما لم يكن نقعاً أو لقلقة .
وكان حبه وانشغاله بهذه العبادة العظيمة (الجهاد في سبيل الله) قد أشغله عن عبادات
أخرى كرواية الحديث ، وحفظ القرآن الكريم .
حتى
قال رضي الله عنه : (لقد منعني كثيراً من القراءة الجهادُ في سبيل الله) رواه ابن
أبي شيبة في " المصنف " (4/214)، وأبو يعلى في " المسند " (13/111)، والإمام أحمد
كما في " فضائل الصحابة " (2/814) وأبو عبيد القاسم بن سلام في " فضائل القرآن "
(رقم/254) جميعهم من طريق قيس بن أبي حازم قال : سمعت خالدا يقول: ..فذكره ، وصححه
الحافظ ابن حجر في " المطالب العالية " (4/277)، والهيثمي في " مجمع الزوائد "
(9/353) .
وهو
انشغال ليس بالمذموم بل انشغال أنار التاريخ الإسلامي كله ، وعبق الحضارة العالمية
بأنوار الإسلام التي حاول طمسها الطغاة الكافرون ، فليس في هذا ما يُذم ، فـ "كلٌّ
مُيَسرٌ لما خُلق له" فقد كان من الصحابة : العلماء والفقهاء ، والقضاة ، والشجعان
، والمجاهدون ، والمتصدقون ، والعُبَّاد ... على حسب تنوع قدرات الناس وما حباهم
الله به .
وليس من الحكمة أن يترك الإنسان ما يحسنه ويتقنه ويبرع فيه إلى عمل يكون فيه مثل
غيره ، أو أقل ، ولا يبرع فيه .
ولا
يعني كلامه رضي الله عنه السابق أنه لم يكن يحفظ سوى سور ثلاث ، كما ذُكر في
السؤال، ولكن يعني أنه لم يكن كحفاظ الصحابة وعلمائهم كعبد الله بن مسعود وأبي بن
كعب وغيرهم ، بدليل أنه قال : (منعني كثيرا من القراءة) ، ولم يقل : (منعني
القراءة) ، فالجهاد شغله عن الإكثار من القراءة ، وليس عن القراءة كلها .
ولكن إثارة مثل هذه الشبهات والطعون في خالد رضي الله عنه قد يكون الحامل عليها أن
خالداً كان سيفا مصلتا على الأصنام والطواغيت ، فتجد أعداء الإسلام اليوم جادين في
الطعن في شخصيته ، ومحاولة طمس آثارها ومعالمها ، ولا يعلمون أن سيفا سله الله على
الكفار لا يغمد أبدا ، وأن هذا القائد العظيم غدا رمزا من رموز الشجاعة والقيادة
والحنكة الحربية ، وهكذا كان الرجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم ، منارات للعمل
والتضحية وبناء الأمم والقيم والأخلاق.
نسأل الله تعالى أن يوفقنا للسير على منهاجهم ، ويجعلنا ممن اتبعوهم بإحسان .
والله أعلم .