الفرق بين الأمور الكونية والأمور الشرعية
وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ الْفَرْقَ بَيْنَ " الْإِرَادَةِ " وَ " الْأَمْرِ " وَ " الْقَضَاءِ " وَ " الْإِذْنِ " وَ " التَّحْرِيمِ " وَ " الْبَعْثِ " وَ " الْإِرْسَالِ " وَ " الْكَلَامِ " وَ " الْجَعْلِ " : بَيْنَ الْكَوْنِيِّ الَّذِي خَلَقَهُ وَقَدَّرَهُ وَقَضَاهُ ؛ وَإِنْ كَانَ لَمْ يَأْمُرْ بِهِ وَلَا يُحِبُّهُ وَلَا يُثِيبُ أَصْحَابَهُ وَلَا يَجْعَلُهُمْ مِنْ أَوْلِيَائِهِ الْمُتَّقِينَ ،وَبَيْنَ الدِّينِيِّ الَّذِي أَمَرَ بِهِ وَشَرَعَهُ وَأَثَابَ عَلَيْهِ وَأَكْرَمَهُمْ وَجَعَلَهُمْ مِنْ أَوْلِيَائِهِ الْمُتَّقِينَ وَحِزْبِهِ الْمُفْلِحِينَ وَجُنْدِهِ الْغَالِبِينَ ؛ وَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ الْفُرُوقِ الَّتِي يُفَرَّقُ بِهَا بَيْنَ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ وَأَعْدَائِهِ، فَمَنِ اسْتَعْمَلَهُ الرَّبُّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِيمَا يُحِبُّهُ وَيَرْضَاهُ وَمَاتَ عَلَى ذَلِكَ كَانَ مِنْ أَوْلِيَائِهِ، وَمَنْ كَانَ عَمَلُهُ فِيمَا يُبْغِضُهُ الرَّبُّ وَيَكْرَهُهُ وَمَاتَ عَلَى ذَلِكَ كَانَ مِنْ أَعْدَائِهِ .
فَ " الْإِرَادَةُ الْكَوْنِيَّةُ " (1)هِيَ مَشِيئَتُهُ لِمَا خَلَقَهُ، وَجَمِيعُ الْمَخْلُوقَاتِ دَاخِلَةٌ فِي مَشِيئَتِهِ وَإِرَادَتِهِ الْكَوْنِيَّةِ.
وَالْإِرَادَةُ الدِّينِيَّةُ(2): هِيَ الْمُتَضَمِّنَةُ لِمَحَبَّتِهِ وَرِضَاهُ الْمُتَنَاوِلَةُ لِمَا أَمَرَ بِهِ وَجَعَلَهُ شَرْعًا وَدِينًا ، وَهَذِهِ مُخْتَصَّةٌ بِالْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : {فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ} (3)(125) سورة الأنعام ،وَقَالَ نُوحٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِقَوْمِهِ : {وَلاَ يَنفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدتُّ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ إِن كَانَ اللّهُ يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} (4)(34) سورة هود ،وَقَالَ تَعَالَى : { إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ}(5)
__________
(1) - انظر مجموع الفتاوى - (ج 2 / ص 412) ومجموع الفتاوى - (ج 8 / ص 82) ومجموع الفتاوى - (ج 8 / ص 131) ومجموع الفتاوى - (ج 8 / ص 188) ومجموع الفتاوى - (ج 8 / ص 189) ومجموع الفتاوى - (ج 8 / ص 440) ومجموع الفتاوى - (ج 10 / ص 25)
(2) - انظر مجموع الفتاوى - (ج 2 / ص 411) ومجموع الفتاوى - (ج 8 / ص 82) ومجموع الفتاوى - (ج 8 / ص 131) ومجموع الفتاوى - (ج 8 / ص 140) ومجموع الفتاوى - (ج 8 / ص 188) ومجموع الفتاوى - (ج 8 / ص 189) ومجموع الفتاوى - (ج 8 / ص 440)
(3) - إِذَا أَرَادَ اللهُ هِدَايَةَ أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ يُيَسِّرُهُ لِلإِسْلاَمِ ، وَيُوَسِّعُ قَلْبَهُ لِلْتَّوْحِيدِ ، وَالإِيمَانِ بِهِ ، وَيَقْذِفُ اللهُ فِي قَلْبِهِ نُوراً يَنْشَرِحُ لَهُ وَيَنْفَسِحُ ، كَمَا أَخْبَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم .
وَإِذَا أَرَادَ اللهُ أَنْ يُضِلَّ أَحَداً يَجْعَلُ صَدْرَهُ ضَيِّقاً لاَ يَتَّسِعُ لِشَيءٍ مِنَ الهُدَى وَلاَ يَخْلُصُ إِلَيهِ شَيءٌ مِنَ الإِيمَانِ ، فَإِذَا طُلِبَ إِلَيْهِ التَّأَمُّلُ فِيمَا يُدْعَى إِلَيْهِ مِنْ دَلاَئِلِ التَّوْحِيدِ وَالنَّظَرِ فِي الأَنْفُسِ وَالآفَاقِ . وَجَدَ فِي صَدرِهِ ضِيقاً عَنْ ذَلِكَ ، فَيَكُونُ مِثْلُهُ فِي ضِيقِ الصَّدْرِ مَثَلُ مَنْ يَصْعَدُ إلى الطَّبَقَاتِ العُلْيا مِنَ السَّمَاءِ إِذْ يَشْعُرُ بِضِيقٍ فِي التَّنَفُّسِ ، وَكُلَّمَا تَزَايَدَ صُعُودُهُ تَزَايَدَ شُعُورُهُ بِضِيقٍ فِي التَّنَفُّسِ .
وَكَمَا يَجْعَلُ اللهُ صَدْرَ مَنْ أَرَادَ إِضْلاَلَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً ، كَذَلِكَ يُسَلِّطُ اللهُ الشَّيْطَانَ عَلَيْهِ وَعَلَى أَمْثَالِهِ مِمَّنْ أَبَوا الإِيمَانَ ، فَيَغْوِيهِ ، وَيَصُدُّهُ عَنْ سَبِيلِ اللهِ .
( وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : الرِّجْسُ هُنَا هُوَ الشَّيْطَانُ . وَقَالَ مُجَاهِدٌ هُوَ مَا لاَ خَيْرَ فِيهِ ) .
(4) - وَأَيُّ شَيءٍ يُفِيدُكُمْ نُصْحِي وَإِبْلاَغِي إِيَّاكُمْ رِسَالاَتِ رَبِّي إِنْ أَرَادَ اللهُ أَنْ يُضِلَّكُمْ وَيَغْوِيكُمْ؟ فَهُوَ سُبْحَانَهُ مَالِكُ أَزِمَّةِ الأُمُورِ ، المُتَصَرِّفُ المُطْلَقُ ، العَادِلُ الذِي لا يَجُورُ ، وَإِلَيْهِ يَرْجِعُ النَّاسُ ، يَوْمَ الحِسَابِ ، لِيَجْزِيَ كُلَّ عَامِلٍ بِعَمَلِهِ ، وَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ اللهِ فِي خَلْقِهِ أَنَّ النُّصْحَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُهُ المُسْتَعِدُّ لِلرَّشَادِ ، وَيَرْفُضُهُ مَنْ غَلَبَ عَلَيهِ الغَيُّ وَالفَسَادُ .
(5) - إِنَّ اللهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَومٍ ، مِنْ خَيْرٍ إِلَى سُوءٍ ، إِلاَّ إِذَا غَيَّرُوا مَا هُمْ عَلَيهِ ، وَلا يُغَيِّرُ اللهُ مَا بِقَوْمٍ مِنْ سُوءٍ إِلَى خَيْرٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بَأَنْفُسِهِمْ .
( وَرُوِيَ : أَنَّهُ أُوحِيَ إِلَى نَبِيٍّ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ قُلْ لِقَوْمِكَ : إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ قَرْيَةٍ ، وَلاَ أَهْلِ بَيْتٍ يَكُونُونَ عَلَى طَاعَةِ اللهِ ، فَيَتَحَوَّلُونَ مِنْهَا إِلى مَعْصِيَتِهِ ، إِلاَّ حَوَّلَ اللهُ عَنْهُمْ مَا يُحِبُّونَ إِلَى مَا يَكْرَهُونَ ) .
وَإِذَا أَرَادَ اللهُ تَعَالَى أَنْ يُصِيبَ قَوْماً بِشَرٍّ عِقَاباً لَهُمْ ، فَلاَ رَادَّ لإِرَادَتِهِ وَقَضَائِهِ ، وَلَيْسَ لَهُمْ وَلِيٌّ يَنْصُرُهُمْ مِنْ دُوْنِ اللهِ ، أَوْ يَرُدُّ قَضَاءَ اللهِ عَنْهُمْ .
وَقَدْ ذَكَرَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ الْفَرْقَ بَيْنَ " الْإِرَادَةِ " وَ " الْأَمْرِ " وَ " الْقَضَاءِ " وَ " الْإِذْنِ " وَ " التَّحْرِيمِ " وَ " الْبَعْثِ " وَ " الْإِرْسَالِ " وَ " الْكَلَامِ " وَ " الْجَعْلِ " : بَيْنَ الْكَوْنِيِّ الَّذِي خَلَقَهُ وَقَدَّرَهُ وَقَضَاهُ ؛ وَإِنْ كَانَ لَمْ يَأْمُرْ بِهِ وَلَا يُحِبُّهُ وَلَا يُثِيبُ أَصْحَابَهُ وَلَا يَجْعَلُهُمْ مِنْ أَوْلِيَائِهِ الْمُتَّقِينَ ،وَبَيْنَ الدِّينِيِّ الَّذِي أَمَرَ بِهِ وَشَرَعَهُ وَأَثَابَ عَلَيْهِ وَأَكْرَمَهُمْ وَجَعَلَهُمْ مِنْ أَوْلِيَائِهِ الْمُتَّقِينَ وَحِزْبِهِ الْمُفْلِحِينَ وَجُنْدِهِ الْغَالِبِينَ ؛ وَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ الْفُرُوقِ الَّتِي يُفَرَّقُ بِهَا بَيْنَ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ وَأَعْدَائِهِ، فَمَنِ اسْتَعْمَلَهُ الرَّبُّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِيمَا يُحِبُّهُ وَيَرْضَاهُ وَمَاتَ عَلَى ذَلِكَ كَانَ مِنْ أَوْلِيَائِهِ، وَمَنْ كَانَ عَمَلُهُ فِيمَا يُبْغِضُهُ الرَّبُّ وَيَكْرَهُهُ وَمَاتَ عَلَى ذَلِكَ كَانَ مِنْ أَعْدَائِهِ .
فَ " الْإِرَادَةُ الْكَوْنِيَّةُ " (1)هِيَ مَشِيئَتُهُ لِمَا خَلَقَهُ، وَجَمِيعُ الْمَخْلُوقَاتِ دَاخِلَةٌ فِي مَشِيئَتِهِ وَإِرَادَتِهِ الْكَوْنِيَّةِ.
وَالْإِرَادَةُ الدِّينِيَّةُ(2): هِيَ الْمُتَضَمِّنَةُ لِمَحَبَّتِهِ وَرِضَاهُ الْمُتَنَاوِلَةُ لِمَا أَمَرَ بِهِ وَجَعَلَهُ شَرْعًا وَدِينًا ، وَهَذِهِ مُخْتَصَّةٌ بِالْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : {فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ} (3)(125) سورة الأنعام ،وَقَالَ نُوحٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِقَوْمِهِ : {وَلاَ يَنفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدتُّ أَنْ أَنصَحَ لَكُمْ إِن كَانَ اللّهُ يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} (4)(34) سورة هود ،وَقَالَ تَعَالَى : { إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ}(5)
__________
(1) - انظر مجموع الفتاوى - (ج 2 / ص 412) ومجموع الفتاوى - (ج 8 / ص 82) ومجموع الفتاوى - (ج 8 / ص 131) ومجموع الفتاوى - (ج 8 / ص 188) ومجموع الفتاوى - (ج 8 / ص 189) ومجموع الفتاوى - (ج 8 / ص 440) ومجموع الفتاوى - (ج 10 / ص 25)
(2) - انظر مجموع الفتاوى - (ج 2 / ص 411) ومجموع الفتاوى - (ج 8 / ص 82) ومجموع الفتاوى - (ج 8 / ص 131) ومجموع الفتاوى - (ج 8 / ص 140) ومجموع الفتاوى - (ج 8 / ص 188) ومجموع الفتاوى - (ج 8 / ص 189) ومجموع الفتاوى - (ج 8 / ص 440)
(3) - إِذَا أَرَادَ اللهُ هِدَايَةَ أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ يُيَسِّرُهُ لِلإِسْلاَمِ ، وَيُوَسِّعُ قَلْبَهُ لِلْتَّوْحِيدِ ، وَالإِيمَانِ بِهِ ، وَيَقْذِفُ اللهُ فِي قَلْبِهِ نُوراً يَنْشَرِحُ لَهُ وَيَنْفَسِحُ ، كَمَا أَخْبَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم .
وَإِذَا أَرَادَ اللهُ أَنْ يُضِلَّ أَحَداً يَجْعَلُ صَدْرَهُ ضَيِّقاً لاَ يَتَّسِعُ لِشَيءٍ مِنَ الهُدَى وَلاَ يَخْلُصُ إِلَيهِ شَيءٌ مِنَ الإِيمَانِ ، فَإِذَا طُلِبَ إِلَيْهِ التَّأَمُّلُ فِيمَا يُدْعَى إِلَيْهِ مِنْ دَلاَئِلِ التَّوْحِيدِ وَالنَّظَرِ فِي الأَنْفُسِ وَالآفَاقِ . وَجَدَ فِي صَدرِهِ ضِيقاً عَنْ ذَلِكَ ، فَيَكُونُ مِثْلُهُ فِي ضِيقِ الصَّدْرِ مَثَلُ مَنْ يَصْعَدُ إلى الطَّبَقَاتِ العُلْيا مِنَ السَّمَاءِ إِذْ يَشْعُرُ بِضِيقٍ فِي التَّنَفُّسِ ، وَكُلَّمَا تَزَايَدَ صُعُودُهُ تَزَايَدَ شُعُورُهُ بِضِيقٍ فِي التَّنَفُّسِ .
وَكَمَا يَجْعَلُ اللهُ صَدْرَ مَنْ أَرَادَ إِضْلاَلَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً ، كَذَلِكَ يُسَلِّطُ اللهُ الشَّيْطَانَ عَلَيْهِ وَعَلَى أَمْثَالِهِ مِمَّنْ أَبَوا الإِيمَانَ ، فَيَغْوِيهِ ، وَيَصُدُّهُ عَنْ سَبِيلِ اللهِ .
( وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : الرِّجْسُ هُنَا هُوَ الشَّيْطَانُ . وَقَالَ مُجَاهِدٌ هُوَ مَا لاَ خَيْرَ فِيهِ ) .
(4) - وَأَيُّ شَيءٍ يُفِيدُكُمْ نُصْحِي وَإِبْلاَغِي إِيَّاكُمْ رِسَالاَتِ رَبِّي إِنْ أَرَادَ اللهُ أَنْ يُضِلَّكُمْ وَيَغْوِيكُمْ؟ فَهُوَ سُبْحَانَهُ مَالِكُ أَزِمَّةِ الأُمُورِ ، المُتَصَرِّفُ المُطْلَقُ ، العَادِلُ الذِي لا يَجُورُ ، وَإِلَيْهِ يَرْجِعُ النَّاسُ ، يَوْمَ الحِسَابِ ، لِيَجْزِيَ كُلَّ عَامِلٍ بِعَمَلِهِ ، وَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ اللهِ فِي خَلْقِهِ أَنَّ النُّصْحَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُهُ المُسْتَعِدُّ لِلرَّشَادِ ، وَيَرْفُضُهُ مَنْ غَلَبَ عَلَيهِ الغَيُّ وَالفَسَادُ .
(5) - إِنَّ اللهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَومٍ ، مِنْ خَيْرٍ إِلَى سُوءٍ ، إِلاَّ إِذَا غَيَّرُوا مَا هُمْ عَلَيهِ ، وَلا يُغَيِّرُ اللهُ مَا بِقَوْمٍ مِنْ سُوءٍ إِلَى خَيْرٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بَأَنْفُسِهِمْ .
( وَرُوِيَ : أَنَّهُ أُوحِيَ إِلَى نَبِيٍّ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ قُلْ لِقَوْمِكَ : إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ قَرْيَةٍ ، وَلاَ أَهْلِ بَيْتٍ يَكُونُونَ عَلَى طَاعَةِ اللهِ ، فَيَتَحَوَّلُونَ مِنْهَا إِلى مَعْصِيَتِهِ ، إِلاَّ حَوَّلَ اللهُ عَنْهُمْ مَا يُحِبُّونَ إِلَى مَا يَكْرَهُونَ ) .
وَإِذَا أَرَادَ اللهُ تَعَالَى أَنْ يُصِيبَ قَوْماً بِشَرٍّ عِقَاباً لَهُمْ ، فَلاَ رَادَّ لإِرَادَتِهِ وَقَضَائِهِ ، وَلَيْسَ لَهُمْ وَلِيٌّ يَنْصُرُهُمْ مِنْ دُوْنِ اللهِ ، أَوْ يَرُدُّ قَضَاءَ اللهِ عَنْهُمْ .