(15) سورة الإسراء ،وَقَالَ تَعَالَى: { إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآَتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا (163) وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا (164) رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (165) } (1)[النساء/163-165]،وَقَالَ تَعَالَى عَنْ أَهْلِ النَّارِ :{ تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ ( قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ (9) } (2)[الملك/8-10]، فَأَخْبَرَ أَنَّهُ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِي النَّارِ فَوْجٌ أَقَرُّوا بِأَنَّهُمْ جَاءَهُمْ النَّذِيرُ فَكَذَّبُوهُ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ لَا يُلْقَى فِيهَا فَوْجٌ إلَّا مَنْ كَذَّبَ النَّذِيرَ . وَقَالَ تَعَالَى فِي خِطَابِهِ لإبليس {لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ} (3)(85) سورة ص، فَأَخْبَرَ أَنَّهُ يَمْلَؤُهَا بإبليس وَمَنْ اتَّبَعَهُ ؛ فَإِذَا مُلِئَتْ بِهِمْ لَمْ يَدْخُلْهَا غَيْرُهُمْ . فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ النَّارَ إلَّا مَنْ تَبِعَ الشَّيْطَانَ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَدْخُلُهَا مَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ، فَإِنَّهُ مِمَّنْ لَمْ يَتَّبِعْ الشَّيْطَانَ وَلَمْ يَكُنْ مُذْنِبًا ،وَمَا تَقَدَّمَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَدْخُلُهَا إلَّا مَنْ قَامَتْ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ بِالرُّسُلِ .
- - - - - - - - - - - - - - - - -
مِنَ النَّاسِ مَنْ يُؤْمِنُ بِالرُّسُلِ إيمَانًا مُجْمَلًا
__________
(1) - قَالَ رَجُلٌ لِلرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم : يَا مُحَمَّدُ مَا نَعْلَمُ أنَّ اللهَ أَنْزَلَ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيءٍ بَعْدَ مُوسَى ، فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى هَذِهِ الآيَةَ وَالآيَاتِ التِي تَلِيهَا . ثُمَّ ذَكَرَ فَضَائِحَ المُكَذِّبِينَ وَمَعَايِبَهُمْ ، وَمَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنَ الكَذِبِ ، وَمَا هُمْ عَلَيهِ مِنَ الافْتِرَاءِ وَالتَّعَنُّتِ ، وَذَكَرَ اللهُ تَعَالَى أنَّهُ أَوْحَى إلَى عَبْدِهِ مُحَمَّدٍ ، كَمَا أَوْحَى إلَى غَيْرِهِ مِنَ الأَنْبِيَاءِ المُتَقَدِّمِينَ عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ . وَقَالَ تَعَالَى : إنَّهُ أَنْزَلَ عَلَى دَاوُدَ كِتَاباً هُوَ الزَّبُورُ .
يَقُولُ تَعَالَى : إنَّهُ أَوْحَى إلَى رُسُلٍ قَصَّهُمْ عَلَى نَبِيِّهِ فِي الآيَاتِ السَّابِقَاتِ ، وَذَكَرَ لَهُ أَسْمَاءَهُمْ ، وَإنَّهُ أَوْحَى أَيْضاً إلَى رُسُلٍ لَمْ يَقْصُصْهُمْ عَلَيهِ ، وَلَمْ يَرِدْ ذِكْرُهُمْ فِي القُرْآنِ .
وَفِي حَدِيثٍ يَرويه أبو ذر : " إنَّ عَدَدَ الأَنْبِيَاءِ مِئَةٌ وَأَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفاً وَإنَّ عَدَدَ الرُّسُلِ مِنْهُمْ ثَلاَثُمِئَةٍ وَثَلاثَةَ عَشَرَ أو خَمْسَةَ عَشَرَ "
وَيَقُولُ تَعَالَى : إنَّهُ شَرَّفَ مُوسَى بِأَنْ كَلَّمَهُ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ، بِدُونِ وَاسِطَةٍ ( وَالوَحْيُ لِلرُّسُلِ يُسَمَّى تَكْلِيماً ) .
يَقُولُ تَعَالَى : إنَّهُ أَرْسَلَ الرُّسُلَ يُبَشِّرُونَ مَنْ أَطَاعَ اللهَ ، وَاتَّبَعَ رِضْوَانَهُ بِالخَيْرَاتِ وَحُسْنِ الثَّوَابِ ، وَيُنْذِرُونَ ، بِالعِقَابِ وَالعَذَابِ ، مَنْ خَالَفَ أَمْرَهُ ، وَكَذَّبَ رُسُلَهُ ، وَذَلِكَ لِكَيْلا يَبْقَى لِمُعْتَذِرٍ عُذْرٌ ، بَعْدَ أنْ أَوْضَحَتِ الرُّسُلُ لِلْنَّاسِ أوَامِرَ اللهِ وَنَوَاهِيهِ ، وَالجَزَاءُ لاَ يَكُونُ إلاَّ لِمَنْ بَلَغَتْهُ الدَّعْوَةُ عَلَى الوَجْهِ الصَّحِيحِ . وَكَانَ اللهُ عَزيزَ الجَانِبِ لا يُضَامُ ، حَكِيماً فِي شَرْعِهِ وَتَدْبِيرِهِ .
(2) - وَهِيَ تَكَادُ يَنْفَصِلُ بَعْضُهَا عَنْ بَعْضٍ مِنْ شِدَّةِ الغَضَبِ والغَيْطِ مِنْ هَؤُلاَءِ الكَفَرَةِ ، وَكُلَّمَا طُرِحَ فِيهَا فَوْجٌ مِنَ الكَفَرَةِ سَأَلَهُمْ حُرَّاسُ النَّارِ مُقَرِّعِينَ مُوَبِّخِينَ : أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبِيٌّ مِنْ رَبِّكُمْ يُنْذِرُكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا؟
وَيَرُدُّ هَؤُلاَءِ المُجْرِمُونَ عَلَى خَزَنَةِ جَهَنَّمَ قَائِلِينَ : بَلَى لَقَدْ جَاءَنَا رَسُولٌ مِنْ رَبِّنَا يَدْعُونَا إِلَى اللهِ ، وَيُنْذِرُنَا مِنْ عَذَابِهِ ، فَكَذَّبْنَاهُ وَقُلْنَا لَهُ : إِنَّ اللهَ لَمْ يُنَزِّلْ شَيْئاً ، وَلَمْ يُرْسِلْ إِلينَا رَسُولاً ، وَمَا أَنْتَ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُنَا ، فَمَا أَنْتَ ، فِيمَا تَدَّعِيهِ مِنَ الرِّسَالَةِ مِنْ اللهِ ، إِلاَّ مُجَانِبٌ لِلْحَقِّ ، بَعِيدٌ عَنْ جَادَّةِ الصَّوَابِ .
(3) - لَقَدْ أَقْسَمَ اللهُ تَعَالَى عَلَى أَنَّهُ سَيَمْلأُ جَهَنَّمَ مِنْ إِبْلِيسَ وَذُرِّيتِهِ ، وَمِمَّنْ يَتَّبعُ غَوَايَةَ الشَّيْطَانِ وَحَبَائِلَهُ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ ، فَيُضِلُّهُ الشَّيْطَانُ عَنْ طَرِيقِ اللهِ القَوِيمِ .
- - - - - - - - - - - - - - - - -
مِنَ النَّاسِ مَنْ يُؤْمِنُ بِالرُّسُلِ إيمَانًا مُجْمَلًا
__________
(1) - قَالَ رَجُلٌ لِلرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم : يَا مُحَمَّدُ مَا نَعْلَمُ أنَّ اللهَ أَنْزَلَ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيءٍ بَعْدَ مُوسَى ، فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى هَذِهِ الآيَةَ وَالآيَاتِ التِي تَلِيهَا . ثُمَّ ذَكَرَ فَضَائِحَ المُكَذِّبِينَ وَمَعَايِبَهُمْ ، وَمَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنَ الكَذِبِ ، وَمَا هُمْ عَلَيهِ مِنَ الافْتِرَاءِ وَالتَّعَنُّتِ ، وَذَكَرَ اللهُ تَعَالَى أنَّهُ أَوْحَى إلَى عَبْدِهِ مُحَمَّدٍ ، كَمَا أَوْحَى إلَى غَيْرِهِ مِنَ الأَنْبِيَاءِ المُتَقَدِّمِينَ عَلَيْهِمُ السَّلاَمُ . وَقَالَ تَعَالَى : إنَّهُ أَنْزَلَ عَلَى دَاوُدَ كِتَاباً هُوَ الزَّبُورُ .
يَقُولُ تَعَالَى : إنَّهُ أَوْحَى إلَى رُسُلٍ قَصَّهُمْ عَلَى نَبِيِّهِ فِي الآيَاتِ السَّابِقَاتِ ، وَذَكَرَ لَهُ أَسْمَاءَهُمْ ، وَإنَّهُ أَوْحَى أَيْضاً إلَى رُسُلٍ لَمْ يَقْصُصْهُمْ عَلَيهِ ، وَلَمْ يَرِدْ ذِكْرُهُمْ فِي القُرْآنِ .
وَفِي حَدِيثٍ يَرويه أبو ذر : " إنَّ عَدَدَ الأَنْبِيَاءِ مِئَةٌ وَأَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفاً وَإنَّ عَدَدَ الرُّسُلِ مِنْهُمْ ثَلاَثُمِئَةٍ وَثَلاثَةَ عَشَرَ أو خَمْسَةَ عَشَرَ "
وَيَقُولُ تَعَالَى : إنَّهُ شَرَّفَ مُوسَى بِأَنْ كَلَّمَهُ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ، بِدُونِ وَاسِطَةٍ ( وَالوَحْيُ لِلرُّسُلِ يُسَمَّى تَكْلِيماً ) .
يَقُولُ تَعَالَى : إنَّهُ أَرْسَلَ الرُّسُلَ يُبَشِّرُونَ مَنْ أَطَاعَ اللهَ ، وَاتَّبَعَ رِضْوَانَهُ بِالخَيْرَاتِ وَحُسْنِ الثَّوَابِ ، وَيُنْذِرُونَ ، بِالعِقَابِ وَالعَذَابِ ، مَنْ خَالَفَ أَمْرَهُ ، وَكَذَّبَ رُسُلَهُ ، وَذَلِكَ لِكَيْلا يَبْقَى لِمُعْتَذِرٍ عُذْرٌ ، بَعْدَ أنْ أَوْضَحَتِ الرُّسُلُ لِلْنَّاسِ أوَامِرَ اللهِ وَنَوَاهِيهِ ، وَالجَزَاءُ لاَ يَكُونُ إلاَّ لِمَنْ بَلَغَتْهُ الدَّعْوَةُ عَلَى الوَجْهِ الصَّحِيحِ . وَكَانَ اللهُ عَزيزَ الجَانِبِ لا يُضَامُ ، حَكِيماً فِي شَرْعِهِ وَتَدْبِيرِهِ .
(2) - وَهِيَ تَكَادُ يَنْفَصِلُ بَعْضُهَا عَنْ بَعْضٍ مِنْ شِدَّةِ الغَضَبِ والغَيْطِ مِنْ هَؤُلاَءِ الكَفَرَةِ ، وَكُلَّمَا طُرِحَ فِيهَا فَوْجٌ مِنَ الكَفَرَةِ سَأَلَهُمْ حُرَّاسُ النَّارِ مُقَرِّعِينَ مُوَبِّخِينَ : أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبِيٌّ مِنْ رَبِّكُمْ يُنْذِرُكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا؟
وَيَرُدُّ هَؤُلاَءِ المُجْرِمُونَ عَلَى خَزَنَةِ جَهَنَّمَ قَائِلِينَ : بَلَى لَقَدْ جَاءَنَا رَسُولٌ مِنْ رَبِّنَا يَدْعُونَا إِلَى اللهِ ، وَيُنْذِرُنَا مِنْ عَذَابِهِ ، فَكَذَّبْنَاهُ وَقُلْنَا لَهُ : إِنَّ اللهَ لَمْ يُنَزِّلْ شَيْئاً ، وَلَمْ يُرْسِلْ إِلينَا رَسُولاً ، وَمَا أَنْتَ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُنَا ، فَمَا أَنْتَ ، فِيمَا تَدَّعِيهِ مِنَ الرِّسَالَةِ مِنْ اللهِ ، إِلاَّ مُجَانِبٌ لِلْحَقِّ ، بَعِيدٌ عَنْ جَادَّةِ الصَّوَابِ .
(3) - لَقَدْ أَقْسَمَ اللهُ تَعَالَى عَلَى أَنَّهُ سَيَمْلأُ جَهَنَّمَ مِنْ إِبْلِيسَ وَذُرِّيتِهِ ، وَمِمَّنْ يَتَّبعُ غَوَايَةَ الشَّيْطَانِ وَحَبَائِلَهُ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ ، فَيُضِلُّهُ الشَّيْطَانُ عَنْ طَرِيقِ اللهِ القَوِيمِ .