وعلاج السحر بدوام الدعاء بالعافية منه عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - طُبَّ حَتَّى إِنَّهُ لَيُخَيَّلُ إِلَيْهِ قَدْ صَنَعَ الشَّىْءَ وَمَا صَنَعَهُ ، وَإِنَّهُ دَعَا رَبَّهُ ثُمَّ قَالَ « أَشَعَرْتِ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَفْتَانِى فِيمَا اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ » . (1)
وسحر النبي صلى الله عليه وسلم نوع من المرض لا يقدح في عصمته وتبليغه، ولم يتسلط على عقله ، ولكنه نوع من الأذى من الجن كما أوذي من الإنس فأظهره الله على أعدائه من الجن والإنس وعافاه ونصره وعافاه من هذا المرض، والله تبارك وتعالى جعل هذا ليكون فعل الرسول تشريعاً، وزيادةً في رفعة النبي صلى الله عليه وسلم وعظيم أجره.
ومما يعالج به السحر مداومة قراءة الفاتحة والمعوذات وقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1]. وآية الكرسي، فإنها تضعف سلطانه حتى يضمحل، وسواءً قرأ المسحور على نفسه أو قرأ عليه أحد الصالحين.
ولا يحوز أن يحل السحر بسحر مثله لأن الله لم يجعل شفاء الأمة فيما حُرِّم عليها، ويجوز أن يتداوى المسحور من السحر بالعقاقير المباحة من الأعشاب ونحوها.(2)
- - - - - - - - - - - - - - -
الإِلْهَامُ(3)
التَّعْرِيفُ :
1 - الإِْلْهَامُ لُغَةً : مَصْدَرُ أَلْهَمَ ، يُقَال : أَلْهَمَهُ اللَّهُ خَيْرًا أَيْ لَقَّنَهُ إِيَّاهُ ، وَالإِْلْهَامُ أَنْ يُلْقِيَ اللَّهُ فِي النَّفْسِ أَمْرًا يَبْعَثُ عَلَى الْفِعْل أَوِ التَّرْكِ ، وَهُوَ نَوْعٌ مِنَ الْوَحْيِ يَخُصُّ اللَّهُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ . (4)
وَعِنْدَ الأُْصُولِيِّينَ : إِيقَاعُ شَيْءٍ فِي الْقَلْبِ يَطْمَئِنُّ لَهُ الصَّدْرُ يَخُصُّ بِهِ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بَعْضَ أَصْفِيَائِهِ (5) .
وَقَدْ عَدَّ الأُْصُولِيِّينَ الإِْلْهَامَ نَوْعًا مِنْ أَنْوَاعِ الْوَحْيِ إِلَى الأَْنْبِيَاءِ ، وَفِي كِتَابِ التَّقْرِيرِ وَالتَّحْبِيرِ عَنِ الإِْلْهَامِ مِنَ اللَّهِ لِرَسُولِهِ : أَنَّهُ إِلْقَاءُ مَعْنًى فِي الْقَلْبِ بِلاَ وَاسِطَةِ عِبَارَةِ الْمَلَكِ وَإِشَارَتِهِ مَقْرُونٍ بِخَلْقِ عِلْمٍ ضَرُورِيٍّ أَنَّ ذَلِكَ الْمَعْنَى مِنْهُ تَعَالَى (6) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ :
أ - الْوَسْوَسَةُ :
2 - الْوَسْوَسَةُ : إِلْقَاءُ مَعْنًى فِي النَّفْسِ بِمُبَاشَرَةِ سَبَبٍ نَشَأَ مِنَ الشَّيْطَانِ لَهُ (7) .
ب - التَّحَرِّي :
3 - التَّحَرِّي فِيهِ بَذْل جَهْدٍ وَإِعْمَال فِكْرٍ ، أَمَّا الإِْلْهَامُ فَيَقَعُ بِلاَ كَسْبٍ . (
الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ وَمَوَاطِنُ الْبَحْثِ :
4 - يَتَّفِقُ الأُْصُولِيُّونَ عَلَى أَنَّ الإِْلْهَامَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لأَِنْبِيَائِهِ حَقٌّ ، وَهُوَ بِالنِّسْبَةِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُجَّةٌ فِي حَقِّهِ ، كَذَلِكَ هُوَ فِي حَقِّ أُمَّتِهِ ، وَيَكْفُرُ مُنْكِرُ حَقِيقَتِهِ ، وَيَفْسُقُ تَارِكُ الْعَمَل بِهِ كَالْقُرْآنِ . (9)
أَمَّا إِلْهَامُ غَيْرِ الأَْنْبِيَاءِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ ، لأَِنَّ مَنْ لَيْسَ مَعْصُومًا لاَ ثِقَةَ بِخَوَاطِرِهِ لأَِنَّهُ لاَ يَأْمَنُ مِنْ دَسِيسَةِ الشَّيْطَانِ فِيهَا ، وَهُوَ قَوْل جُمْهُورِ أَهْل الْعِلْمِ ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ ، وَلاَ عِبْرَةَ بِمَا قَالَهُ قَوْمٌ مِنَ الصُّوفِيَّةِ بِأَنَّهُ حُجَّةٌ فِي الأَْحْكَامِ .
وَقِيل : هُوَ حُجَّةٌ عَلَى الْمُلْهَمِ لاَ عَلَى غَيْرِهِ ، إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مُعَارِضٌ مِنْ نَصٍّ أَوِ اجْتِهَادٍ أَوْ خَاطِرٍ آخَرَ ، وَهَذَا ذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ ، فَيَجِبُ الْعَمَل بِهِ فِي حَقِّ الْمُلْهَمِ ، وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يَدْعُوَ غَيْرَهُ إِلَيْهِ .
وَاعْتَمَدَهُ الإِْمَامُ الرَّازِيُّ فِي أَدِلَّةِ الْقِبْلَةِ ، وَابْنُ الصَّبَّاغِ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ .(10)
وَهَل هُوَ فِي حَقِّ الأَْنْبِيَاءِ مِنَ الْوَحْيِ الظَّاهِرِ أَمِ الْوَحْيِ الْبَاطِنِ ؟ خِلاَفٌ بَيْنَ الأُْصُولِيِّينَ .(11)
__________
(1) - صحيح البخارى (6391 )
(2) - انظر موسوعة خطب المنبر - (ج 1 / ص 1654) -علي بن عبد الرحمن الحذيفي -المدينة المنورة -28/12/1421
(3) - الموسوعة الفقهية الكويتية - (ج 6 / ص 188)فما بعد
(4) - لسان العرب ، كشاف اصطلاحات الفنون : باب اللام فصل الميم
(5) - جمع الجوامع 2 / 356 ط الحلبي
(6) - التقرير والتحبير 3 / 295 ط بولاق الأولى
(7) - كشاف اصطلاحات الفنون ( لهم ) ، والعقائد النسفية وحواشيها ص 41 ط الحلبي
( - ابن عابدين 1 / 290 ط بولاق الأولى ، البحر الرائق 1 / 302 ط العلمية
(9) - جمع الجوامع 2 / 356
(10) - جمع الجوامع 2 / 356 ، والتقرير والتحبير 3 / 295 ،296
(11) - التقرير والتحبير 3 / 396، مسلم الثبوت 2 / 370
وفي الفتاوى الحديثية لابن حجر الهيتمي - (ج 1 / ص 754)
مطلب في أن الإلهام ليس بحجة على ما هو الأرجح عند الفقهاء
واختلف العلماء في حجية الإلهام بقيده السابق فالأرجح عند الفقهاء أنه ليس بحجة إذ لا ثقة بخواطر غير المعصوم ، وعند الصوفية أنه حجة ممن حفظه الله من سائر أعماله الظاهرة والباطنة ، والأولياء وإن لم يكن لهم العصمة لجواز وقوع الذنب منهم ولا ينافيه الولاية ، ومن ثم قيل للجنيد أيزني الولي ؟ فقال وكان أمر الله قدرا مقدورا ،لكن لهم الحفظ فلا تقع منهم كبيرة ولا صغيرة غالبا ، وعلى القول بحجيته فهو ينسب إلى الله تعالى بمعنى أنه الملقى له في القلب كرامة لذلك الولي وإنعاما عليه بما يكون سببا للمزيد له أو صلاحا لغيره .
وسحر النبي صلى الله عليه وسلم نوع من المرض لا يقدح في عصمته وتبليغه، ولم يتسلط على عقله ، ولكنه نوع من الأذى من الجن كما أوذي من الإنس فأظهره الله على أعدائه من الجن والإنس وعافاه ونصره وعافاه من هذا المرض، والله تبارك وتعالى جعل هذا ليكون فعل الرسول تشريعاً، وزيادةً في رفعة النبي صلى الله عليه وسلم وعظيم أجره.
ومما يعالج به السحر مداومة قراءة الفاتحة والمعوذات وقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1]. وآية الكرسي، فإنها تضعف سلطانه حتى يضمحل، وسواءً قرأ المسحور على نفسه أو قرأ عليه أحد الصالحين.
ولا يحوز أن يحل السحر بسحر مثله لأن الله لم يجعل شفاء الأمة فيما حُرِّم عليها، ويجوز أن يتداوى المسحور من السحر بالعقاقير المباحة من الأعشاب ونحوها.(2)
- - - - - - - - - - - - - - -
الإِلْهَامُ(3)
التَّعْرِيفُ :
1 - الإِْلْهَامُ لُغَةً : مَصْدَرُ أَلْهَمَ ، يُقَال : أَلْهَمَهُ اللَّهُ خَيْرًا أَيْ لَقَّنَهُ إِيَّاهُ ، وَالإِْلْهَامُ أَنْ يُلْقِيَ اللَّهُ فِي النَّفْسِ أَمْرًا يَبْعَثُ عَلَى الْفِعْل أَوِ التَّرْكِ ، وَهُوَ نَوْعٌ مِنَ الْوَحْيِ يَخُصُّ اللَّهُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ . (4)
وَعِنْدَ الأُْصُولِيِّينَ : إِيقَاعُ شَيْءٍ فِي الْقَلْبِ يَطْمَئِنُّ لَهُ الصَّدْرُ يَخُصُّ بِهِ اللَّهُ سُبْحَانَهُ بَعْضَ أَصْفِيَائِهِ (5) .
وَقَدْ عَدَّ الأُْصُولِيِّينَ الإِْلْهَامَ نَوْعًا مِنْ أَنْوَاعِ الْوَحْيِ إِلَى الأَْنْبِيَاءِ ، وَفِي كِتَابِ التَّقْرِيرِ وَالتَّحْبِيرِ عَنِ الإِْلْهَامِ مِنَ اللَّهِ لِرَسُولِهِ : أَنَّهُ إِلْقَاءُ مَعْنًى فِي الْقَلْبِ بِلاَ وَاسِطَةِ عِبَارَةِ الْمَلَكِ وَإِشَارَتِهِ مَقْرُونٍ بِخَلْقِ عِلْمٍ ضَرُورِيٍّ أَنَّ ذَلِكَ الْمَعْنَى مِنْهُ تَعَالَى (6) .
الأَْلْفَاظُ ذَاتُ الصِّلَةِ :
أ - الْوَسْوَسَةُ :
2 - الْوَسْوَسَةُ : إِلْقَاءُ مَعْنًى فِي النَّفْسِ بِمُبَاشَرَةِ سَبَبٍ نَشَأَ مِنَ الشَّيْطَانِ لَهُ (7) .
ب - التَّحَرِّي :
3 - التَّحَرِّي فِيهِ بَذْل جَهْدٍ وَإِعْمَال فِكْرٍ ، أَمَّا الإِْلْهَامُ فَيَقَعُ بِلاَ كَسْبٍ . (
الْحُكْمُ الإِْجْمَالِيُّ وَمَوَاطِنُ الْبَحْثِ :
4 - يَتَّفِقُ الأُْصُولِيُّونَ عَلَى أَنَّ الإِْلْهَامَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لأَِنْبِيَائِهِ حَقٌّ ، وَهُوَ بِالنِّسْبَةِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حُجَّةٌ فِي حَقِّهِ ، كَذَلِكَ هُوَ فِي حَقِّ أُمَّتِهِ ، وَيَكْفُرُ مُنْكِرُ حَقِيقَتِهِ ، وَيَفْسُقُ تَارِكُ الْعَمَل بِهِ كَالْقُرْآنِ . (9)
أَمَّا إِلْهَامُ غَيْرِ الأَْنْبِيَاءِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ ، لأَِنَّ مَنْ لَيْسَ مَعْصُومًا لاَ ثِقَةَ بِخَوَاطِرِهِ لأَِنَّهُ لاَ يَأْمَنُ مِنْ دَسِيسَةِ الشَّيْطَانِ فِيهَا ، وَهُوَ قَوْل جُمْهُورِ أَهْل الْعِلْمِ ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ ، وَلاَ عِبْرَةَ بِمَا قَالَهُ قَوْمٌ مِنَ الصُّوفِيَّةِ بِأَنَّهُ حُجَّةٌ فِي الأَْحْكَامِ .
وَقِيل : هُوَ حُجَّةٌ عَلَى الْمُلْهَمِ لاَ عَلَى غَيْرِهِ ، إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مُعَارِضٌ مِنْ نَصٍّ أَوِ اجْتِهَادٍ أَوْ خَاطِرٍ آخَرَ ، وَهَذَا ذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ ، فَيَجِبُ الْعَمَل بِهِ فِي حَقِّ الْمُلْهَمِ ، وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يَدْعُوَ غَيْرَهُ إِلَيْهِ .
وَاعْتَمَدَهُ الإِْمَامُ الرَّازِيُّ فِي أَدِلَّةِ الْقِبْلَةِ ، وَابْنُ الصَّبَّاغِ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ .(10)
وَهَل هُوَ فِي حَقِّ الأَْنْبِيَاءِ مِنَ الْوَحْيِ الظَّاهِرِ أَمِ الْوَحْيِ الْبَاطِنِ ؟ خِلاَفٌ بَيْنَ الأُْصُولِيِّينَ .(11)
__________
(1) - صحيح البخارى (6391 )
(2) - انظر موسوعة خطب المنبر - (ج 1 / ص 1654) -علي بن عبد الرحمن الحذيفي -المدينة المنورة -28/12/1421
(3) - الموسوعة الفقهية الكويتية - (ج 6 / ص 188)فما بعد
(4) - لسان العرب ، كشاف اصطلاحات الفنون : باب اللام فصل الميم
(5) - جمع الجوامع 2 / 356 ط الحلبي
(6) - التقرير والتحبير 3 / 295 ط بولاق الأولى
(7) - كشاف اصطلاحات الفنون ( لهم ) ، والعقائد النسفية وحواشيها ص 41 ط الحلبي
( - ابن عابدين 1 / 290 ط بولاق الأولى ، البحر الرائق 1 / 302 ط العلمية
(9) - جمع الجوامع 2 / 356
(10) - جمع الجوامع 2 / 356 ، والتقرير والتحبير 3 / 295 ،296
(11) - التقرير والتحبير 3 / 396، مسلم الثبوت 2 / 370
وفي الفتاوى الحديثية لابن حجر الهيتمي - (ج 1 / ص 754)
مطلب في أن الإلهام ليس بحجة على ما هو الأرجح عند الفقهاء
واختلف العلماء في حجية الإلهام بقيده السابق فالأرجح عند الفقهاء أنه ليس بحجة إذ لا ثقة بخواطر غير المعصوم ، وعند الصوفية أنه حجة ممن حفظه الله من سائر أعماله الظاهرة والباطنة ، والأولياء وإن لم يكن لهم العصمة لجواز وقوع الذنب منهم ولا ينافيه الولاية ، ومن ثم قيل للجنيد أيزني الولي ؟ فقال وكان أمر الله قدرا مقدورا ،لكن لهم الحفظ فلا تقع منهم كبيرة ولا صغيرة غالبا ، وعلى القول بحجيته فهو ينسب إلى الله تعالى بمعنى أنه الملقى له في القلب كرامة لذلك الولي وإنعاما عليه بما يكون سببا للمزيد له أو صلاحا لغيره .