وَلِهَذَا اتَّفَقَ أَئِمَّةُ الدِّينِ عَلَى أَنَّ الرَّجُل لَوْ طَارَ فِي الْهَوَاءِ وَمَشَى عَلَى الْمَاءِ ، لَمْ تَثْبُتْ لَهُ وِلاَيَةٌ ، بَل وَلاَ إِسْلاَمٌ حَتَّى يُنْظَرَ وُقُوفُهُ عِنْدَ الأَْمْرِ وَالنَّهْيِ الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ بِهِ رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . (1)
- - - - - - - - - - - - - - -
الولايةُ والأولياءُ(2)
تعريفه :
إن الولي في لغة العرب خلاف العدو، وهو مشتق ومأخوذ من الولاء وهو الدنو والتقرب، فولي الله هو من والى الله بموافقته محبوباته والتقرب إليه بمرضاته، ومن صحت ولايته فهو من أهل الجنة ولا ريب. ولما كان من عقيدة أهل السنة والجماعة أنهم لا يجزمون لمعين بالجنة،فإنه لا يجوز لنا أن نجزم بولاية أحد من الناس كائنًا من كان، قال القرطبي رحمه الله تعالى في تفسيره(3): " قَالَ عُلَمَاؤُنَا - رَحْمَة اللَّه عَلَيْهِمْ - : وَمَنْ أَظْهَرَ اللَّه تَعَالَى عَلَى يَدَيْهِ مِمَّنْ لَيْسَ بِنَبِيٍّ كَرَامَات وَخَوَارِق لِلْعَادَاتِ فَلَيْسَ ذَلِكَ دَالًّا عَلَى وِلَايَته , خِلَافًا لِبَعْضِ الصُّوفِيَّة وَالرَّافِضَة حَيْثُ قَالُوا : إِنَّ ذَلِكَ يَدُلّ عَلَى أَنَّهُ وَلِيّ , إِذْ لَوْ لَمْ يَكُنْ وَلِيًّا مَا أَظْهَرَ اللَّه عَلَى يَدَيْهِ مَا أَظْهَرَ .
وَدَلِيلنَا أَنَّ الْعِلْم بِأَنَّ الْوَاحِد مِنَّا وَلِيّ لِلَّهِ تَعَالَى لَا يَصِحّ إِلَّا بَعْد الْعِلْم بِأَنَّهُ يَمُوت مُؤْمِنًا , وَإِذَا لَمْ يُعْلَم أَنَّهُ يَمُوت مُؤْمِنًا لَمْ يُمْكِنَّا أَنْ نَقْطَع عَلَى أَنَّهُ وَلِيّ لِلَّهِ تَعَالَى , لِأَنَّ الْوَلِيّ لِلَّهِ تَعَالَى مَنْ عَلِمَ اللَّه تَعَالَى أَنَّهُ لَا يُوَافِي إِلَّا بِالْإِيمَانِ .
وَلَمَّا اِتَّفَقْنَا عَلَى أَنَّنَا لَا يُمْكِننَا أَنْ نَقْطَع عَلَى أَنَّ ذَلِكَ الرَّجُل يُوَافِي بِالْإِيمَانِ , وَلَا الرَّجُل نَفْسه يَقْطَع عَلَى أَنَّهُ يُوَافِي بِالْإِيمَانِ , عُلِمَ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ يَدُلّ عَلَى وِلَايَته لِلَّهِ " اهـ.
صفاتهم :
وبالرجوع إلى قوله تعالى:{ أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ }نعرف أهم صفات أولياء الله، فقد وصفهم الله بأنهم الذين آمنوا وكانوا يتقون. فما الإيمان؟ وما الشيء الذي آمنوا به؟ وما التقوى حتى نتصف بهما، وحتى نعرف من أولياء الله؟
أمَّا الإيمان فهو الاعتراف المستلزم للقبول، وقد بينه المصطفى في حديث جبريل المشهور حينما سأله عن الإيمان فقال: « أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ »(4).
أما التقوى ـ وهي الصفة الثانية من صفات أولياء الله ـ فهي أن يجعل العبد بينه وبين عذاب الله وقاية بفعل أوامره واجتناب نواهيه، جاء في تفسير الطبري عند تفسير قوله تعالى: إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلاَّ الْمُتَّقُونَ [الأنفال:34]، يقول: مَا أَوْلِيَاء اللَّه إِلَّا الْمُتَّقُونَ , يَعْنِي : الَّذِينَ يَتَّقُونَ اللَّه بِأَدَاءِ فَرَائِضه , وَاجْتِنَاب مَعَاصِيه . (5)
وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ [الأنفال:34]، يقول: ولكن أكثر المشركين لا يعلمون أن أولياء الله المتقون". والتقوى هي المذكورة في قوله تعالى: {لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} (177) سورة البقرة .
ومن صفات أولياء الله أنهم إذا رُؤوا ذُكِر الله، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رجل: يا رسول الله، من أولياء الله؟ قال: ((الذين إذا رُؤوا ذُكِر الله)) رواه البزار (6) .
__________
(1) - مختصر الفتاوى المصرية ص 600 و مجموع فتاوى ابن تيمية - (ج 2 / ص 488) ومجموع فتاوى ابن تيمية - (ج 6 / ص 108) والفتاوى الكبرى - (ج 1 / ص 206)
(2) - موسوعة خطب المنبر - (ج 1 / ص 4560) -عبد الله بن محمد البصري
(3) - تفسير القرطبي - (ج 1 / ص 297)
(4) - صحيح مسلم(102)
(5) - تفسير الطبري - (ج 12 / ص 161)
(6) - المجمع 1/78 وأخرجه في الحلية 1/26 و7/231 وصححه في صحيح الجامع (2587)
- - - - - - - - - - - - - - -
الولايةُ والأولياءُ(2)
تعريفه :
إن الولي في لغة العرب خلاف العدو، وهو مشتق ومأخوذ من الولاء وهو الدنو والتقرب، فولي الله هو من والى الله بموافقته محبوباته والتقرب إليه بمرضاته، ومن صحت ولايته فهو من أهل الجنة ولا ريب. ولما كان من عقيدة أهل السنة والجماعة أنهم لا يجزمون لمعين بالجنة،فإنه لا يجوز لنا أن نجزم بولاية أحد من الناس كائنًا من كان، قال القرطبي رحمه الله تعالى في تفسيره(3): " قَالَ عُلَمَاؤُنَا - رَحْمَة اللَّه عَلَيْهِمْ - : وَمَنْ أَظْهَرَ اللَّه تَعَالَى عَلَى يَدَيْهِ مِمَّنْ لَيْسَ بِنَبِيٍّ كَرَامَات وَخَوَارِق لِلْعَادَاتِ فَلَيْسَ ذَلِكَ دَالًّا عَلَى وِلَايَته , خِلَافًا لِبَعْضِ الصُّوفِيَّة وَالرَّافِضَة حَيْثُ قَالُوا : إِنَّ ذَلِكَ يَدُلّ عَلَى أَنَّهُ وَلِيّ , إِذْ لَوْ لَمْ يَكُنْ وَلِيًّا مَا أَظْهَرَ اللَّه عَلَى يَدَيْهِ مَا أَظْهَرَ .
وَدَلِيلنَا أَنَّ الْعِلْم بِأَنَّ الْوَاحِد مِنَّا وَلِيّ لِلَّهِ تَعَالَى لَا يَصِحّ إِلَّا بَعْد الْعِلْم بِأَنَّهُ يَمُوت مُؤْمِنًا , وَإِذَا لَمْ يُعْلَم أَنَّهُ يَمُوت مُؤْمِنًا لَمْ يُمْكِنَّا أَنْ نَقْطَع عَلَى أَنَّهُ وَلِيّ لِلَّهِ تَعَالَى , لِأَنَّ الْوَلِيّ لِلَّهِ تَعَالَى مَنْ عَلِمَ اللَّه تَعَالَى أَنَّهُ لَا يُوَافِي إِلَّا بِالْإِيمَانِ .
وَلَمَّا اِتَّفَقْنَا عَلَى أَنَّنَا لَا يُمْكِننَا أَنْ نَقْطَع عَلَى أَنَّ ذَلِكَ الرَّجُل يُوَافِي بِالْإِيمَانِ , وَلَا الرَّجُل نَفْسه يَقْطَع عَلَى أَنَّهُ يُوَافِي بِالْإِيمَانِ , عُلِمَ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ يَدُلّ عَلَى وِلَايَته لِلَّهِ " اهـ.
صفاتهم :
وبالرجوع إلى قوله تعالى:{ أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ }نعرف أهم صفات أولياء الله، فقد وصفهم الله بأنهم الذين آمنوا وكانوا يتقون. فما الإيمان؟ وما الشيء الذي آمنوا به؟ وما التقوى حتى نتصف بهما، وحتى نعرف من أولياء الله؟
أمَّا الإيمان فهو الاعتراف المستلزم للقبول، وقد بينه المصطفى في حديث جبريل المشهور حينما سأله عن الإيمان فقال: « أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ »(4).
أما التقوى ـ وهي الصفة الثانية من صفات أولياء الله ـ فهي أن يجعل العبد بينه وبين عذاب الله وقاية بفعل أوامره واجتناب نواهيه، جاء في تفسير الطبري عند تفسير قوله تعالى: إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلاَّ الْمُتَّقُونَ [الأنفال:34]، يقول: مَا أَوْلِيَاء اللَّه إِلَّا الْمُتَّقُونَ , يَعْنِي : الَّذِينَ يَتَّقُونَ اللَّه بِأَدَاءِ فَرَائِضه , وَاجْتِنَاب مَعَاصِيه . (5)
وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ [الأنفال:34]، يقول: ولكن أكثر المشركين لا يعلمون أن أولياء الله المتقون". والتقوى هي المذكورة في قوله تعالى: {لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} (177) سورة البقرة .
ومن صفات أولياء الله أنهم إذا رُؤوا ذُكِر الله، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رجل: يا رسول الله، من أولياء الله؟ قال: ((الذين إذا رُؤوا ذُكِر الله)) رواه البزار (6) .
__________
(1) - مختصر الفتاوى المصرية ص 600 و مجموع فتاوى ابن تيمية - (ج 2 / ص 488) ومجموع فتاوى ابن تيمية - (ج 6 / ص 108) والفتاوى الكبرى - (ج 1 / ص 206)
(2) - موسوعة خطب المنبر - (ج 1 / ص 4560) -عبد الله بن محمد البصري
(3) - تفسير القرطبي - (ج 1 / ص 297)
(4) - صحيح مسلم(102)
(5) - تفسير الطبري - (ج 12 / ص 161)
(6) - المجمع 1/78 وأخرجه في الحلية 1/26 و7/231 وصححه في صحيح الجامع (2587)