رددها عبد المطلب جد المصطفى صلى الله عليه وسلم عن يقين.. وتناقلتها عنه الأجيال.. ليأتي العلم الحديث فيؤكد هذه الحماية الإلهية.. التي أُسبغت على إقليم الحجاز؛ فلا يتعرض لما أصاب ما حوله من كوارث بيئية وطبيعية. فقد أثبتت الدراسات الحديثة للجغرافيا الطبيعية والجيولوجية أن العلي القدير أحاط بعنايته هذا الإقليم؛ فلم تصبه أي من الكوارث البيئية كالزلازل والبراكين، أو الطبيعية كعوامل التصحر بالرغم من وقوعه في أكثر نطاقاتها نشاطا.
وإقليم الحجاز كما يوضح الدكتور طلعت محمد عبده (أستاذ الجغرافية الطبيعية المساعد بجامعة الأزهر) ليس إلا جزءًا لا يتجزأ من إقليم الصدع الإفريقي الهائل الذي أصاب شرق إفريقيا منذ الزمن الجيولوجي الثالث. ويبدأ الصدع من نهر زمبيزي وبحيرة نياسا جنوبًا مرورا بالبحر الأحمر إلى خليج العقبة، فالبحر الميت؛ لينتهي عند هضبة حوران وجبال طوروس شمالاً.
الحجاز.. إقليم احتجز
وهذا الصدع الأخدودي الهائل -كما تجمع الدراسات الجغرافية الطبيعية والجيولوجية والجيوفيزيقية- ليس إلا مرحلة انفصال قشري يعرفها المتخصصون "بالانفصال الكرستي" أي انفصال أجزاء قشرة الأرض الخارجية عن بعضها البعض؛ مما يعني أنها منطقة براكين ونشاطات بركانية هائلة، ويؤكد ذلك البراكين ضخمة الحجم التي شوهت وجه هضبة الحبشة؛ حيث يبرز العديد من المخاريط البركانية الضخمة على سطحها مثل مخاريط أمبافريت وجوجم وأميدميت وسمين وداشان. وتتجلى عناية الله على الجانب الآخر من البحر الأحمر في شبه الجزيرة العربية؛ حيث لم يحدث إلا نشاط بركاني مصغر نتج عنه صخور الحرار البركانية lava التي يعرفها العرب باسم "الحرات".
وقد لاحظ العرب هذه الصخور منذ القدم، ووصفوها بأنها ذات أحجار نخرة محترقة بالنار التي صاحبت تدفق السائل البركاني، وأنها سوداء ذات شكل غريب يلفت الأنظار. وتعد "الحرار" أحد المعالم الأرضية الفيزيوجرافية على الطريق المستعرض بين شرقي وغربي إقليم الحجاز؛ حتى إن الأصمعي يعرِّف الإقليم بها؛ حيث يذكر أن الحجاز عند العرب هو الإقليم الذي احتجز بالحرات.
المحيط الأحمر.. ينذر بالزلازل
ويضيف الدكتور طلعت عبده أنه بين النشاط البركاني المكبر في الحبشة والمصغر في شبه الجزيرة العربية يمتد إقليم البحر الأحمر الذي يزخر بالصدوع ذات النشاط الزلزالي المكثف؛ فالبحر الأحمر ليس إلا صدعًا كبيرًا من مجموعة الصدع الإفريقي الهائل، ولكنه امتلأ بمياه المحيط الهندي؛ ليصبح بحرا أو خليجا طوليا يمثل ذراعًا مائيًّا للمحيط الهندي.
وقد أثبتت عمليات المسح الجيولوجي التي أجراها العالمان دريك وجردلر بالموجات الزلزالية على قاع البحر الأحمر والتي نشرت نتائجها مجلة "الجمعية الملكية الفلكية للعلوم الأرضية" وجود خط من الصخر الناري القاعدي النوع في قاعه؛ الأمر الذي يعني أنه لا يزال يدفع باللافا البركانية على طول امتداده حتى الآن. وقد قدر العالم الجيولوجي في عام 1966معدل انفتاح البحر الأحمر عن خط الحيد الذي يمر في وسطه تماما بـ1 سم لكل عام؛ الأمر الذي يعني أن البحر الأحمر في حركة دائبة، ويتسع بمرور الزمان، حتى إن العلماء يعتقدون أنه سيتحول إلى محيط في المستقبل، ومن الطبيعي أن تُحدث تلك الحركة المزيد من الزلازل والبراكين الضخمة.
ضعف بنيوي.. يهدد الحجاز
ويشهد إقليم الحجاز -كما أشارت الدراسات الجغرافية الطبيعية التاريخية- بعض آثار القلقلة الأرضية، وتؤكد ذلك الشواهد الجغرافية؛ حيث توجد به كتل جبلية صدعية مرتبطة بأخدود البحر الأحمر، وكذلك توجد مجموعة من الشقوق الأرضية الطولية من النوع القلزمي (نسبة إلى بحر القلزم المعروف بالبحر الأحمر؛ لأنها تمتد طوليا بنفس اتجاه امتداده)، وأخرى من النوع المتوسطي (نسبة إلى البحر المتوسط؛ لأنها تمتد عرضيا بنفس اتجاه امتداده)، وقد تسربت على طولها الحرات، كما في أودية المدينة المنورة كوادي عقيق الطولي وحمض وقناة العرضيين.
تشير الدراسات الجغرافية التي أجراها الباحث الجغرافي فيشير عام 1978 إلى وجود خط ضعف بنيوي يمر بكل إقليم الحجاز؛ فتركيبه الصخري غير متماثل؛ حيث ترتكز فيه صخور صلبة على صخور أخرى لينة هشة؛ مما يجعل الفرصة مهيأة لحدوث انهيارات صخرية، يبدأ هذا الخط من إقليم تهامة الساحلي غرب شبه الجزيرة العربية مرورا بإقليم جبال الحجاز وإقليم هضبة نجد.
وتمتد على طول ذلك الخط علامات الضعف البنيوي من تدفق النشاط البركاني (الحرات)، ومن ظهور الصدوع والانبعاجات الصخرية؛ مما يعني أنه داخل إقليم الحجاز، وبالاتجاه العرضي توجد العديد من الفرص المهيأة للأنشطة البركانية والزلزالية.. وهنا تتجلى عناية الله الخبير الذي يحمي الإقليم على مدى التاريخ من التعرض لما تتعرض له المناطق المتاخمة من زلازل مدمرة كتلك التي دمرت سد مأرب باليمن، أو كتلك التي يتكرر وقوعها بشكل شبه مستمر في مناطق إيلات والعقبة والسويس والفيوم، على الرغم من أن إقليم الحجاز جزء لا يتجزأ من صدع البحر الأحمر الذي يعد بدوره جزءًا من الصدع الإفريقي الهائل.
إقليم.. ضد التصحر
ولا تقف عناية الله -جل شأنه- عند حماية إقليم الحجاز من الكوارث البيئية فقط بل تمتد لحماية الإقليم من التصحر؛ فرغم أنه يقع بأكمله داخل إطار المناخ الصحراوي الحار الجاف.. فإن تكوينه الليثولوجي (الصخري) يتنوع بين صخور نارية صماء في التكوين السفلي للإقليم لا يتسرب منها المياه، يعلوها طبقة من صخور الطفح البركاني (اللافا البركانية) النخرة؛ مما يساعد على تسرب مياه الأمطار التي تسقط من المرتفعات عبر مسام تلك الصخور، فتقوم بتنقيتها من الشوائب والصخور المتفتتة، وتجمعها أسفلها لتصبح محصورة بينها وبين الصخور السفلية النارية الصماء.
وبذلك تحافظ على الماء من التبخر بفعل أشعة الشمس الحارقة، فتحمي الإقليم من عوامل التصحر المائي، بل وتميزه بوفرة منابع المياه المتجددة به، مثل بئر زمزم والآبار والعيون المنتشرة بالطائف.
وبهذا تتجلى عناية الله في حماية بيته الحرام من الزلازل والبراكين والتصحر والجفاف، ومن كافة الكوارث الطبيعية، ومن كل سوء على مدى التاريخ.
وإقليم الحجاز كما يوضح الدكتور طلعت محمد عبده (أستاذ الجغرافية الطبيعية المساعد بجامعة الأزهر) ليس إلا جزءًا لا يتجزأ من إقليم الصدع الإفريقي الهائل الذي أصاب شرق إفريقيا منذ الزمن الجيولوجي الثالث. ويبدأ الصدع من نهر زمبيزي وبحيرة نياسا جنوبًا مرورا بالبحر الأحمر إلى خليج العقبة، فالبحر الميت؛ لينتهي عند هضبة حوران وجبال طوروس شمالاً.
الحجاز.. إقليم احتجز
وهذا الصدع الأخدودي الهائل -كما تجمع الدراسات الجغرافية الطبيعية والجيولوجية والجيوفيزيقية- ليس إلا مرحلة انفصال قشري يعرفها المتخصصون "بالانفصال الكرستي" أي انفصال أجزاء قشرة الأرض الخارجية عن بعضها البعض؛ مما يعني أنها منطقة براكين ونشاطات بركانية هائلة، ويؤكد ذلك البراكين ضخمة الحجم التي شوهت وجه هضبة الحبشة؛ حيث يبرز العديد من المخاريط البركانية الضخمة على سطحها مثل مخاريط أمبافريت وجوجم وأميدميت وسمين وداشان. وتتجلى عناية الله على الجانب الآخر من البحر الأحمر في شبه الجزيرة العربية؛ حيث لم يحدث إلا نشاط بركاني مصغر نتج عنه صخور الحرار البركانية lava التي يعرفها العرب باسم "الحرات".
وقد لاحظ العرب هذه الصخور منذ القدم، ووصفوها بأنها ذات أحجار نخرة محترقة بالنار التي صاحبت تدفق السائل البركاني، وأنها سوداء ذات شكل غريب يلفت الأنظار. وتعد "الحرار" أحد المعالم الأرضية الفيزيوجرافية على الطريق المستعرض بين شرقي وغربي إقليم الحجاز؛ حتى إن الأصمعي يعرِّف الإقليم بها؛ حيث يذكر أن الحجاز عند العرب هو الإقليم الذي احتجز بالحرات.
المحيط الأحمر.. ينذر بالزلازل
ويضيف الدكتور طلعت عبده أنه بين النشاط البركاني المكبر في الحبشة والمصغر في شبه الجزيرة العربية يمتد إقليم البحر الأحمر الذي يزخر بالصدوع ذات النشاط الزلزالي المكثف؛ فالبحر الأحمر ليس إلا صدعًا كبيرًا من مجموعة الصدع الإفريقي الهائل، ولكنه امتلأ بمياه المحيط الهندي؛ ليصبح بحرا أو خليجا طوليا يمثل ذراعًا مائيًّا للمحيط الهندي.
وقد أثبتت عمليات المسح الجيولوجي التي أجراها العالمان دريك وجردلر بالموجات الزلزالية على قاع البحر الأحمر والتي نشرت نتائجها مجلة "الجمعية الملكية الفلكية للعلوم الأرضية" وجود خط من الصخر الناري القاعدي النوع في قاعه؛ الأمر الذي يعني أنه لا يزال يدفع باللافا البركانية على طول امتداده حتى الآن. وقد قدر العالم الجيولوجي في عام 1966معدل انفتاح البحر الأحمر عن خط الحيد الذي يمر في وسطه تماما بـ1 سم لكل عام؛ الأمر الذي يعني أن البحر الأحمر في حركة دائبة، ويتسع بمرور الزمان، حتى إن العلماء يعتقدون أنه سيتحول إلى محيط في المستقبل، ومن الطبيعي أن تُحدث تلك الحركة المزيد من الزلازل والبراكين الضخمة.
ضعف بنيوي.. يهدد الحجاز
ويشهد إقليم الحجاز -كما أشارت الدراسات الجغرافية الطبيعية التاريخية- بعض آثار القلقلة الأرضية، وتؤكد ذلك الشواهد الجغرافية؛ حيث توجد به كتل جبلية صدعية مرتبطة بأخدود البحر الأحمر، وكذلك توجد مجموعة من الشقوق الأرضية الطولية من النوع القلزمي (نسبة إلى بحر القلزم المعروف بالبحر الأحمر؛ لأنها تمتد طوليا بنفس اتجاه امتداده)، وأخرى من النوع المتوسطي (نسبة إلى البحر المتوسط؛ لأنها تمتد عرضيا بنفس اتجاه امتداده)، وقد تسربت على طولها الحرات، كما في أودية المدينة المنورة كوادي عقيق الطولي وحمض وقناة العرضيين.
تشير الدراسات الجغرافية التي أجراها الباحث الجغرافي فيشير عام 1978 إلى وجود خط ضعف بنيوي يمر بكل إقليم الحجاز؛ فتركيبه الصخري غير متماثل؛ حيث ترتكز فيه صخور صلبة على صخور أخرى لينة هشة؛ مما يجعل الفرصة مهيأة لحدوث انهيارات صخرية، يبدأ هذا الخط من إقليم تهامة الساحلي غرب شبه الجزيرة العربية مرورا بإقليم جبال الحجاز وإقليم هضبة نجد.
وتمتد على طول ذلك الخط علامات الضعف البنيوي من تدفق النشاط البركاني (الحرات)، ومن ظهور الصدوع والانبعاجات الصخرية؛ مما يعني أنه داخل إقليم الحجاز، وبالاتجاه العرضي توجد العديد من الفرص المهيأة للأنشطة البركانية والزلزالية.. وهنا تتجلى عناية الله الخبير الذي يحمي الإقليم على مدى التاريخ من التعرض لما تتعرض له المناطق المتاخمة من زلازل مدمرة كتلك التي دمرت سد مأرب باليمن، أو كتلك التي يتكرر وقوعها بشكل شبه مستمر في مناطق إيلات والعقبة والسويس والفيوم، على الرغم من أن إقليم الحجاز جزء لا يتجزأ من صدع البحر الأحمر الذي يعد بدوره جزءًا من الصدع الإفريقي الهائل.
إقليم.. ضد التصحر
ولا تقف عناية الله -جل شأنه- عند حماية إقليم الحجاز من الكوارث البيئية فقط بل تمتد لحماية الإقليم من التصحر؛ فرغم أنه يقع بأكمله داخل إطار المناخ الصحراوي الحار الجاف.. فإن تكوينه الليثولوجي (الصخري) يتنوع بين صخور نارية صماء في التكوين السفلي للإقليم لا يتسرب منها المياه، يعلوها طبقة من صخور الطفح البركاني (اللافا البركانية) النخرة؛ مما يساعد على تسرب مياه الأمطار التي تسقط من المرتفعات عبر مسام تلك الصخور، فتقوم بتنقيتها من الشوائب والصخور المتفتتة، وتجمعها أسفلها لتصبح محصورة بينها وبين الصخور السفلية النارية الصماء.
وبذلك تحافظ على الماء من التبخر بفعل أشعة الشمس الحارقة، فتحمي الإقليم من عوامل التصحر المائي، بل وتميزه بوفرة منابع المياه المتجددة به، مثل بئر زمزم والآبار والعيون المنتشرة بالطائف.
وبهذا تتجلى عناية الله في حماية بيته الحرام من الزلازل والبراكين والتصحر والجفاف، ومن كافة الكوارث الطبيعية، ومن كل سوء على مدى التاريخ.