حكم إيقاع الطلاق الثلاث بألفاظ متعددة
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ الكريم م . ح . ص زاده الله من العلم والإيمان وجعله مباركاً أينما كان آمين .
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أما بعد فقد وصلني كتابكم الكريم المؤرخ 1 1 1395هـ وصلكم الله بهداه وسرني منه علم صحتكم الحمد لله على ذلك .
أما رغبتكم في الإفادة عما نرى حول خطة الدعوة فليس هناك أحسن مما وجه الله به الدعاه في قوله - سبحانه = " ومن أحسن قولاً ممن دعاً إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين " . وفي قوله - سبحانه " قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني " . الآية . وقوله - عز وجل " ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن " . فنوصيكم بالسير على ضوء هذه الآيات مع الصبر والتحمل والحذر من العنف والشدة ، لأن ذلك ينفر عن قبول الحق كما لا يخفي ، ونسأل الله أن يعينكم ويبارك في جهودكم ويجعلنا جميعاً من دعاة الهدى وانصار الحق إنه خير مسؤول .
أما حكم إيقاع الطلاق الثلاث بالفاظ متعددة ففيه تفصيل حسب ما اتضح لي من الأدلة ، وقد أوضح ذلك أهل العلم في باب ما يختلف به عدد الطلاق ، وجمهور أهل العلم على أن الطلقات الثلاث تقع على الزوجة إذا كانت في العدة سواء أوقعها الزوج بكلمة أو كلمات إلا إذا ألقاها بكلمات تحتمل أنه أراد الكلمة الثانية وما بعدها ذلك التأكيد مثل قوله " أنت طالق طالق طالق " أو " أنت مطلقة مطلقة مطلقة " وما أشبه ذلك فإنه والحال ما ذكر لا يقع على زوجته بذلك إلا طلقة واحدة ويعتبر اللفظ الثاني وما بعده تأكيداً للفظ الأول إذا كان الزوج لم يرد بذلك إيقاع بل أراد التأكيد أو إفهام المرأة ، أو لم يرد شيئاً بل كرر ذلك من أجل الغضب أو قصد آخر غير إيقاع الثلاث .
أما إن كان لفظه لا يحتمل التأكيد مثل أن يقول " طالق ثم طالق ثم طالق " أو " أنت طالق وطالق وطالق " وما أشبه ذلك فهذا يقع به الثلاث عند الجمهور وهكذا قوله " أنت طالق أنت طالق أنت طالق " أو " أنت مطلقة أنت مطلقة أنت مطلقة " فإنه يقع بها الثلاث عند الأكثار كالتي قبلها إلا إذا أراد التأكيد أو الإفهام في قوله " أن طالق أنت طالق أنت طالق " أو " أنت مطلقة أنت مطلقة أنت مطلقة " . واختار شيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية - رحمة الله - أنه لا يقع بهذه الألفاظ كلها إلا طلقة واحدة كما لو طلقها بالثلاث بكلمة واحدة واحتج على ذلك بحديث بن عباس - رضي الله عنهما - المخرج في صحيح مسلم ولفظه كان الطلاق على عهد رسول الله ، - صلى الله عليه وسلم - ، وعهد أبي بكر وسنتين من خلافة عمر - رضي الله عنهما - طلاق الثلاث واحدة ، فقال عمر - رضي الله عنه - إن الناس قد استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة فول أمضيناه عليهم ، فأمضاء عليهم ، وله ألفاظ أخر عن مسلم وغيره ، وقد بسط شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمة الله عليه - حكم هذه المسألة في مؤلفاته ومن أجمع ذلك ما نقله عنه الشيخ عبد الرحمن بن قاسم في مجموع الفتاوى ويرى - رحمه الله - أن الثانية لا تقع على المرأة إلا إذا كان إيقاعها بعد نكاح أو رجعة وهكذا الثالثة ولا أعلم له في ذلك دليلاً واضحاً يعتمد عليه إلا إطلاق حديث ابن عباس المذكور وحديثه الآخر في قصة أبي ركانة وليسا صريحين في الموضوع والذي أفتي به من نحو ثلاثين عاماً أو اكثر أن الثلاث لا يقع بها إلا واحدة إذا أوقعها الزوج بكلمة واحدة ، لأن ذلك أضيق ما يحمل عليه حديثاً ابن عباس المذكوران آنفاً وهكذا الكنايات كلها لا يقع بها إلا واحدة في أصح الأقوال إذا أراد بها الزوج الطلاق لأنها أضعف من إيقاع الطلقات الثلاثة بلفظ واحد فإذا جاز اعتبار ذلك طلقة واحدة وجب أن تكون الكناية معتبرة طلقة واحدة من باب أولى ما لم يكررها .
وقد بسط الكلام في هذه المسألة أيضاً العلامة ابن القيم - رحمة الله - في إعلام الموقعين وزاد المعاد وإغاثة اللهفان ، وهذا كله إذا كان الزوج حين إيقاع الطلاق عاقلاً مختاراً أما المكره وزائل العقل وشديد الغضب الذي قد غير الغضب شعوره فإن طلاقهم لا يقع كما هو معلوم .
أما إذا كان الغضب شديداً ولكنه لم يختل معه عقله ففي وقوع الطلاق منه والحال ما ذكر خلاف مشهور بين أهل العلم .
من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الأخ الكريم م . ح . ص زاده الله من العلم والإيمان وجعله مباركاً أينما كان آمين .
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أما بعد فقد وصلني كتابكم الكريم المؤرخ 1 1 1395هـ وصلكم الله بهداه وسرني منه علم صحتكم الحمد لله على ذلك .
أما رغبتكم في الإفادة عما نرى حول خطة الدعوة فليس هناك أحسن مما وجه الله به الدعاه في قوله - سبحانه = " ومن أحسن قولاً ممن دعاً إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين " . وفي قوله - سبحانه " قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني " . الآية . وقوله - عز وجل " ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن " . فنوصيكم بالسير على ضوء هذه الآيات مع الصبر والتحمل والحذر من العنف والشدة ، لأن ذلك ينفر عن قبول الحق كما لا يخفي ، ونسأل الله أن يعينكم ويبارك في جهودكم ويجعلنا جميعاً من دعاة الهدى وانصار الحق إنه خير مسؤول .
أما حكم إيقاع الطلاق الثلاث بالفاظ متعددة ففيه تفصيل حسب ما اتضح لي من الأدلة ، وقد أوضح ذلك أهل العلم في باب ما يختلف به عدد الطلاق ، وجمهور أهل العلم على أن الطلقات الثلاث تقع على الزوجة إذا كانت في العدة سواء أوقعها الزوج بكلمة أو كلمات إلا إذا ألقاها بكلمات تحتمل أنه أراد الكلمة الثانية وما بعدها ذلك التأكيد مثل قوله " أنت طالق طالق طالق " أو " أنت مطلقة مطلقة مطلقة " وما أشبه ذلك فإنه والحال ما ذكر لا يقع على زوجته بذلك إلا طلقة واحدة ويعتبر اللفظ الثاني وما بعده تأكيداً للفظ الأول إذا كان الزوج لم يرد بذلك إيقاع بل أراد التأكيد أو إفهام المرأة ، أو لم يرد شيئاً بل كرر ذلك من أجل الغضب أو قصد آخر غير إيقاع الثلاث .
أما إن كان لفظه لا يحتمل التأكيد مثل أن يقول " طالق ثم طالق ثم طالق " أو " أنت طالق وطالق وطالق " وما أشبه ذلك فهذا يقع به الثلاث عند الجمهور وهكذا قوله " أنت طالق أنت طالق أنت طالق " أو " أنت مطلقة أنت مطلقة أنت مطلقة " فإنه يقع بها الثلاث عند الأكثار كالتي قبلها إلا إذا أراد التأكيد أو الإفهام في قوله " أن طالق أنت طالق أنت طالق " أو " أنت مطلقة أنت مطلقة أنت مطلقة " . واختار شيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية - رحمة الله - أنه لا يقع بهذه الألفاظ كلها إلا طلقة واحدة كما لو طلقها بالثلاث بكلمة واحدة واحتج على ذلك بحديث بن عباس - رضي الله عنهما - المخرج في صحيح مسلم ولفظه كان الطلاق على عهد رسول الله ، - صلى الله عليه وسلم - ، وعهد أبي بكر وسنتين من خلافة عمر - رضي الله عنهما - طلاق الثلاث واحدة ، فقال عمر - رضي الله عنه - إن الناس قد استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة فول أمضيناه عليهم ، فأمضاء عليهم ، وله ألفاظ أخر عن مسلم وغيره ، وقد بسط شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمة الله عليه - حكم هذه المسألة في مؤلفاته ومن أجمع ذلك ما نقله عنه الشيخ عبد الرحمن بن قاسم في مجموع الفتاوى ويرى - رحمه الله - أن الثانية لا تقع على المرأة إلا إذا كان إيقاعها بعد نكاح أو رجعة وهكذا الثالثة ولا أعلم له في ذلك دليلاً واضحاً يعتمد عليه إلا إطلاق حديث ابن عباس المذكور وحديثه الآخر في قصة أبي ركانة وليسا صريحين في الموضوع والذي أفتي به من نحو ثلاثين عاماً أو اكثر أن الثلاث لا يقع بها إلا واحدة إذا أوقعها الزوج بكلمة واحدة ، لأن ذلك أضيق ما يحمل عليه حديثاً ابن عباس المذكوران آنفاً وهكذا الكنايات كلها لا يقع بها إلا واحدة في أصح الأقوال إذا أراد بها الزوج الطلاق لأنها أضعف من إيقاع الطلقات الثلاثة بلفظ واحد فإذا جاز اعتبار ذلك طلقة واحدة وجب أن تكون الكناية معتبرة طلقة واحدة من باب أولى ما لم يكررها .
وقد بسط الكلام في هذه المسألة أيضاً العلامة ابن القيم - رحمة الله - في إعلام الموقعين وزاد المعاد وإغاثة اللهفان ، وهذا كله إذا كان الزوج حين إيقاع الطلاق عاقلاً مختاراً أما المكره وزائل العقل وشديد الغضب الذي قد غير الغضب شعوره فإن طلاقهم لا يقع كما هو معلوم .
أما إذا كان الغضب شديداً ولكنه لم يختل معه عقله ففي وقوع الطلاق منه والحال ما ذكر خلاف مشهور بين أهل العلم .