<blockquote class="postcontent restore ">
[center][size=16]قصص من قرع أبواب السماء
ذكر
أحدُ العارفينَ عن ابن القيم رحمةُ الله عليه أنه رأى في بعضِ السكك باباً
قد فُتح ، و خرجَ منه صبيٌّ يستغيثُ و يبكي ، و أمُّه خلفَه تطردُه حتى
خرجَ فأغلقتِ البابَ في وجههِ و دخلتْ ، و ذهبَ الصبيُّ غيرَ بعيد، ثم وقفَ
مفكِّراً ، فلم يجدْ مأوىً غير البيت الذي أُخرج منه ، و لا مَنْ يأوي
إليه إلا والدته .. رجعَ مكسورَ القلبِ حزيناً ، فوجدَ البابَ مرتدّاً
مغلقاً ، فتوسَّد و وضعَ خدَّه على عتبة الباب فنام ، حتى خرجتْ أمه ، فلما
رأته على تلك الحال لم تمتلك إلا أنْ رمتْ بنفسِها و التزمتْه و أخذتْ
تُقبِّله و تقول : يا ولدي ، أين تذهب عني ؟ مَنْ يؤويك سواي ؟ ألم أقل لك
لا تخالفني ؟ ثم ضمَّته إلى صدرها و أدخلتْه إلى بيتها
تأمَّلوا في هذه الأم و في قول النبي صلى الله عليه و سلم :( إن الله جل و علا أرحم بعباده من الوالدة بولدها )
فأين تقعُ رحمةُ الوالدة منْ رحمةِ الله التي وسعتْ كل شيء ؟
وقفْنا ببابكَ يا ذا الملك * و قفْنا ببابك و الملكُ لك
و جئناك نطوي قفارَ السُّهاد * و ما خابَ ياربّ مَنْ أمَّلك
إنَّ
الله جلَّ و علا العفوُ أحبُّ إليه منَ الانتقام ، و الرحمةُ أحبُّ إليه
منَ العقوبة ، سبقتْ رحمتُه غضبَه ، و حلمُه عقوبتَه .. الفضلُ أحبُّ إليه
منَ العدل ، و العطاءُ أحبُّ إليه منَ المنع
إذاً بادرْ أخي بقرعِ الباب .. و أنت الذليلُ الحقيرُ .. و اضرع إلى العليِّ الكبير ..تضرُّع الأسير بقلبٍ كسير ، و قل :
يا إلهَ
العالمين .. يا أكرمَ الأكرمين .. عبدُك أسيرُ الخطايا .. صاحبُ الهفوات و
الرزايا .. واقفٌ بابك .. يقرعُ أبوابَ رحمتِك .. الخيرُ دأبك ، و الحكمُ
حكمُك ، و أنتَ أرحمُ الراحمين
هذه ناصيتي الكاذبة .. ناصيتي الكاذبة الخاطئة بين يديك .. لا ملجأ و لا مَنْجَى منك إلا إليك
أسألك مسألةَ المسكين ، و أبتهلُ إليك ابتهالَ الخاضع الذليل ، و أسألك سؤالَ الخائف الضرير
سؤالَ مَنْ خضعتْ لك رقبتُه ، و رَغِمَ لك أنفُه، و فاضتْ لك عيناه
ربَّنا لا نهلكُ و أنت رجاؤنا .. ربَّنا لانضيعُ و أنت أملنا .. ربَّنا لا نذلُّ و أنت ملاذنا
يا ذا النِّعَم التي لا تحصى .. و يا ذا المعروف الذي لا ينقضي .. ندعوك في كل لحظاتنا ، و في كل أوقاتنا .. فاستجب يا ربنا دعاءنا
ذكرُ صاحبُ كتاب الفرج بعد الشدة و الضيقة في الجزء الخامس قصةً أذكرُها بتصرُّف
عن رجلٍ
منْ أهل هذه البلد ، جلس في السجن خمسةَ عشرَ عاما خلفَ القضبان ، و في
ليلةٍ من الليالي بعد أنْ أرخى الليلُ سدولَه وجد نفسه في زنزانةِ السجن ..
اتُّهم بالقتل ، و حُكم عليه بالقصاص .. كيف كان ذلك ؟
قال :
ما إنْ
وصل من دورة عسكرية ، و كانت الفرحةُ ترفرفُ بقلبه و مشاعره ، و كان يحدث
نفسه عن ليلة الأنس و وقت اللقاء بالأطفال و الأقارب و الأحباب
و بعد
وصوله بثلاث ساعات و الابتسامة تعلو شفاه الأسرة ، و يداعب الأطفال .. فجأة
و بدون مقدمات جاء من يطرق الباب بشدة ، فخرجت ، فإذا برجال الأمن يسألون
عني بالاسم كاملا ، فطلبوا مني مرافقتهم للشرطة ، و كنتُ لحظتَها مطمئناً
قال :
كانت المفاجأة المدوية ، و التي هزَّت كياني ، و أفقدتني القدرةَ على
التعبير ، حيث وجه الضابط المناوب تهمة القتل العمد لي ، قال أنت قتلت
المواطن فلان بن فلان
و أنت مطلوب للعدالة
يقول :
اسودَّت الدنيا بعيني ، و فقدتُ اتزاني و لم أصدق ما أسمع ، حاولت إقناع
نفسي أن التهمة قد تكون لغيري و أن الاسم مشابه ، أو أن هناك سوء فهم أو أي
خطأ .. لكنَّ المفاجأة زادت اتساعا بعد التحقيق معي بشكل جاد ، و أدخلت
الزنزانة و ازدادت المصيبة بعد أن أوضح لي المحققون أن إنكاري لا يقدم و لا
يؤخر لأنَّ الشهود موجودون و يؤكدون صدق التهمة ، و أنني القاتل الحقيقي
يقول :
واصلتُ بالدفاع عن نفسي ، و محاولات تبرئةِ نفسي ؛ حتى تمت إحالتي للقضاء ،
و لقد ظهرَ لي أشخاصٌ لا أعرفُهم شهدوا أنني القاتل ، و الأدهى منْ ذلك
أنني - و ربي - لا أعرفُ القتيلَ و لا أعرفُ الشهودَ
و جلستُ
في السجن خمسةَ عشرَ عاماً لأنَّ أبناءَ القتيل قُصَّر ، فبعدَ مرور هذه
السنوات لم يعفُ الأبناءُ و لا الوكيلُ الشرعيُّ ، بل طالبوا بالقصاص ، و
بعد خمسةَ عشرَ عاماً منَ الهمِّ و الغمِّ و الآلام و المعاناة جاءتِ
المفاجأةُ الكبرى ، ففي صباح يوم الجمعة طلبَ مني رجالُ الأمن الاستعدادَ
لكتابة الوصية ، و أبلغوني أنَّ هذا آخر يوم في حياتي ، و أنَّ وقتَ
التنفيذ للقصاص عليَّ حان وقته ، و لقَّنوني الشهادة ، و كتبوا صكَّ الوصية
بعد ذلك
اقتادوني إلى ساحة القصاص ، و كانتِ الجموعُ كبيرة كبيرة ، و رجالُ الأمن
قد عملوا سياجاً كبيراً حول الساحة ، و كان ذكرُ الله لا ينقطعُ عن لساني ،
و تمَّ تثبيتي بالعمود ، و إغلاق عيني ، و بدأ المسؤولُ في تلاوة البيان
يقول : و
في هذه اللحظاتِ ذكرتُ الله و دعوتُه ، و قلتُ : ربي .. ربي إنني مظلومٌ ،
و أنتَ وعدتَ ، و أنت الصادقُ في وعدِك ، و أنتَ تسمعُ دعوةَ المظلوم ، و
أنا مظلومٌ و أنتَ علَّامُ الغيوب ، فوَّضت أمري لك ، لا إله إلا أنت لا
شريك لك
قال : و
الله لم أكملْ دعائي أثناءَ تلاوة البيان حتى سمعتُ أصواتاً عاليةً ، و
صراخاً مرتفعاً ، و سمعتُ صوتَ رجلٍ يقول : لا تقتلوه ، أنا القاتل .. لا
تقتلوه ، أنا القاتل
سبحانَ مَنْ يسمعُ نداءَ المظلومين .. سبحانَ مَنْ يسمعُ أنات المضطهدين
يقول : و
تبعَ ذلك أصوات كثير ة ، لم أعد أسمعُ ما حولي ، و توقَّف البيانُ عن
التكملة ، و سمعتُ أحدَ رجال الأمن يقول : هؤلاء الشهود يعترفون أنهم
القتلة ، و سمعتُ آخرين يطالبون بسرعة تنفيذ القصاص
و استمرَّ الجدلُ طويلاً ، فبقيتُ في مكاني ، مكتوفَ الأيدي ، مربوطَ القدمين ، و العيونُ مغطاةٌ
ثم يقول : اتَّضحَ الحقُّ ، و زهقَ الباطلُ ، و أنطقَ الله الشهودَ في آخر لحظةٍ
يقول : فجاءَ الأمرُ في إيقاف القصاص بي ، و خرجتُ إلى الدنيا مرةً أخرى كمولودٍ جديدٍ
لا إله إلا الله
و لرُبَّ نازلةٍ يضيقُ بها الفتى ذرعاً * و عند الله منها المخرجُ
ضاقتْ فلما استحكمتْ حلقاتُها * فُرِجَتْ و كنتُ أظنُّها لا تُفرجُ
لا إله إلا الله
هو ناصرُ الضعيف ، و مفزعُ كلِّ ملهوف
لا إله إلا الله
مَنْ تكلمَ سمعَ نطقَه ، و مَنْ سكتَ علمَ سِرَّه ، و مَنْ عاشَ فعليه رزقُه ، و مَنْ ماتَ فإليه منقلبُه
لا إله إلا الله
مَنْ دعاه أجابَه ، إذا أراد شيئاً قال له : كنْ فيكون
ما بين طرفةِ عينٍ و انتباهتِها * يغيِّر الله منْ حالٍ إلى حالِ
جاءتِ
امرأةٌ إلى بقيّ الأندلسي فقالتْ له : إنَّ ابني قد أسرتْه الإفرنجُ ، و
إني لا أنامُ الليلَ منْ شوقي إليه ، فليسَ لي ليلٌ و لا نهار ، و لا صبرٌ و
لا قرار
فقال : انصرفي حتى ننظر في ذلك إنْ شاء الله ، و أطرق الشيخ و حرك شفتيه يدعو الله لولدها بالخلاص
فذهبت ، فما كان غير أيام حتى جاءتْ و ابنها معها ، فقال - اسمع خبرَه يرحمُك الله -فقالَ : كيفَ كانَ أمرُك ؟
قال :
إنني كنتُ فيمَنْ يخدمُ الملكَ ، و نحنُ في القيود ، و بينما أنا ذاتَ يومٍ
أمشي إذ سقطَ القيدُ منْ رجلي ، فأقبلَ عليَّ الموكَّل بي فشتمَني ، فقال :
أفككتَ القيدَ ، قلتُ : لا ، قال : مَنْ فكَّ القيدَ منْ رجليك ، فقلتُ : و
الله لا أدري ، و لكنْ سقط و لم أشعر
فجاؤوا بالحداد ، فأعادوه مرةً أخرى ، و سمَّر مسمارَه ، و قيَّد رجلَه ، ثم يقول : قمت ،
فسقطَ مرةً أخرى ذلك القيد ، قال : فسألوني ، قالوا : هل لك والدة ؟ قلتُ : نعم
قالوا : اتركوه و أطلقوه فإنَّ خلفَ هذا دعوةٌ مستجابةٌ .. إنَّ خلفَ هذا دعوةٌ مستجابةٌ
فيقول : و أطلقوني
فسأله الشيخ عن الساعة التي سقط القيدُ منْ رجليه ؛ فإذا هي نفس الساعة التي دعا له فيها الشيخ
و إني لأدعو الله و الأمر ضيق علي فما ينفك أن يتفرجا
فرب فتى ضاقت أصاب له في دعوة الله مخرجا
لا إله إلا الله
( و إذا سألك عبادي عني فإني قريبٌ أجيبُ دعوةَ الداعي إذا دعانِ )
لا إله إلا الله
قريبٌ .. يسمع و يجيب ، و يعطي البعيد و القريب ، و يرزق العدوَّ و الحبيب
لا إله إلا الله
قريبٌ .. يغيثُ اللهفان ، و يشبعُ الجوعان ، و يسقي الظمآن ، و يتابعُ الإحسن
لا إله إلا الله
قريب .. عطاؤه ممنوح ، و خيرُه يغدو و يروح ، و بابُه مفتوح ، حليمٌ كريمٌ صفوح
لا إله إلا الله
قريبٌ .. يدعوه الغريقُ في البحار ، و الضالُّ في القفار ، و المحبوسُ خلفَ الأسوار ، كما دعاه عبدُه في الغار
لا إله إلا الله
قريبٌ .. فرجُه في لمحة البصر ، و غوثُه في لفتة النظر ، المغلوبُ إذا دعاه انتصر ، اطلعَ فستر ، و علمَ فغفر ، و عُبدَ فشكر
لا إله إلا الله
قريبٌ
.. جوادٌ مجيد ، لا ضِدَّ له و لا ندَّ و لا نديد ، أقربُ للعبد و ربي منْ
حبل الوريد ، على كلِّ نفس قائمٌ و شهيد ، محمودٌ ممدوحٌ حميد
لا إله إلا الله
قريبٌ
.. دعا المذنبين للمتاب ، و فتحَ للمستغفرين الباب ، و رفعَ عن أهل الحاجات
الحجاب ، فهلَّا قرعتمُ الباب ، و ناديتمُ العزيز الوهاب ، كما دعاه عبده
يونس فجاءه الجواب
( فنادى في الظلمات أنه لا إله إلا أنتَ سبحانك إني كنتُ منَ الظالمين )
فماذا كانتِ الإجابة ؟ -اسمعوا الإجابة -قال الله :( فاستجبنا له )
استجابَ الله له بعد أنْ سمعتِ الملائكةُ صوتَه فقالتْ : صوتٌ معروفٌ ، منْ عبدٍ معروفٍ
ناداه في ظلماتٍ ثلاث : في ظلمة الليل ، و في ظلمة البحر ، و في ظلمة الحوت
فسبحان مَنْ سمعَه منْ قعر البحار ، و هو على عرشه واحدٌ قهار
و نادي إذا سجدتَ اعترافا * كما ناداه ذو النون بن متى
و أكثرْ ذكرَه في الأرض دأبا * لتُذكر في السماء إذا ذكرتا
لا إله إلا الله
( يسأله مَنْ في السموات و الأرض كلَّ يومٍ هو في شأن )
أين
أنتم يا أهلَ الحاجات ؟ أين المرضى ؟ أين المديونون ؟ أين المستضعَفون ؟
لماذا طرقتم الأبوابَ كلها و نسي الكثيرُ منكم بابَ الله ؟
لا تسألنَّ بني آدم حاجة * و سلِ الذي أبوابُه لا تُحجبُ
الله يغضبُ إنْ تركت سؤاله * و بني آدم حين يُسأل يغضبُ
جاءَ في
روايةٍ أنَّ سعيدَ بنَ عنبسةَ قال : بينما رجلٌ جالسٌ يعبثُ في الحصى و
يحذفُ به ، قال : إذ رجعت حصاةٌ فدخلتْ في أذنه فبقيتْ مدةً منَ الزمن ، و
هي تؤلمه ، و بينما هو ذات يوم جالسٌ إذ سمعَ رجلاً يقرأ :( أمن يجيب المضطر إذا دعاه و يكشف السوء )
فقال ذلك الرجل : يا رب يا رب أنت المجيب و أنا المضطر فاكشف ما بي من ضر
أنت المجيب و أنا المضطر فاكشف مابي من ضر
فنزلتِ الحصاةُ منْ أذنه ، نزلت الحصاةُ في الحال ، و صدقَ رسول الله صلى الله عليه و سلم يوم قال في حديث ابن عمر :( الدعاء ينفع ما نزل و ما لم ينزل )
فعليكم عبادَ الله بالدعاء
و هذا
رجل صلَّى معي في المسجد قبل تسعة أو عشرة أعوام صلاة العشاء ، فإذا بي
ألحظُ أنه يبكي طوالَ الصلاة بكاءً لفتَ أنظارَ الجميع ، و بعد الصلاةِ
التفتُّ فإذا به غريبٌ عن المسجد ، و مازال في بكائه ، صليتُ السنةَ
الراتبةَ ، و سلَّمتُ عليه ، و سألتُه عن سبب بكائه ، فأخبرني بتلك القصة
يوم قال بأنه منْ أهل الشمال في هذه المملكة المباركة ، و أنه قد أصيبَ
بحادثٍ قبل تسع سنوات منْ حديثه لي .. قال : أصبتُ على أثر ذلك الحادث بشلل
في قدميّ ، لم أترك طبيباً و لا مستشفى - يقول - و لا علاجا و لا دواء إلا
طرقتُ بابه في المملكة و في خارجها ، و كلما ذهبتُ إلى طبيبٍ قال لي بأنَّ
حالتك ميؤوسٌ منها ، فيقول : فقدتُ الأملَ منَ الناس ، و لكنْ بقي الأملُ
متعلقاً بربِّ الناس سبحانه و تعالى
يقول : أرادَ الله أنْ يكونَ لذلك سبباً ، جلستُ في المجلس الذي أجلسُ فيه متمدداً كعادتي، و كانَ عندي أحدُ الأطفال الصغار الذي يحبو و يلعبُ في الغرفة
يقول: و
أدخلَ عليَّ أهلُ البيت القهوةَ و الشايَ في صينيةٍ وُضعتْ على درج مرتفع ،
فإذا بالطفل يحبو و يتقدم إليها ، فما كانَ منه إلا أنْ شدَّ تلك الصينية
نحوه ، فانسكبتْ عليه ، فقمتُ فزعاً منْ مكاني خائفاً ، فما كان مني إلا
أنْ أحسستُ أنَّ رجلي تتحركُ ، فمشيتُ أربعَ خطواتٍ أو تزيد ، و دخلَ عليَّ
أهلُ البيت ، فلما رأوني قد قمت منْ مكاني ماشياً جلسوا يبكون ، و لا أدري
هل كان فرحاً على ممشاي أو حزناً على ذلك الطفل الذي سُكِبَ عليه ذلك
الحار
قال : و قبلها يعلمُ الله كنتُ أدعو الله أنْ يمنَّ عليَّ بالشفاء ، فجاء الفرجُ و الإجابة :( أمن يجيب المضطر إذا دعاه و يكشف السوء )
إي و ربي
فاشتدْ يديكَ بحبلِ الله معتصما * فإنه الركنُ إنْ خانتك أركانُ
و حدثني أحدُ الثقات مؤذنٌ لأحد المساجد في الرياض عن جارٍ لهم أنهم أصيبَ بشللٍ نصفي، و قد انشل لسانُه تماماً ، فتعطَّل عن الكلام و الحديث
يقول : و
في يوم من الأيام زرنا ذلك المريض بعد أنْ أمضى مدةً منَ الزمن فإذا به
يتكلم و ينطق و يحرك لسانه بطلاقة ، فسألناه ، فقال ذلك الرجل
اسمعوا يا مرضى .. اسمعوا يا مَنْ أنتم على الأسرة البيضاء
قال : فسألناه عن ذلك
فقال :
إنني اتجهت بأكفي إلى السماء ، و لم أستطع أنْ أتكلمَ و لا أحرِّك لساني و
لا بحرف ، لكنَّ لسانَ قلبي نادى ربه ، و دمعتْ عيناي ، و ذرفتْ دموعي على
خدي ، و كنتُ أقولُ وقتها :
اللهم
إنَّ لساني تعطَّل عن ذكرك .. اللهم حرِّك لساني و اجعله ينطق بالذكر و
الشكر و الاستغفار .. اللهم أعدْ إليَّ كلامي حتى أستطيعَ أنْ أسبِّحك و
أستغفرَك و أذكرَك
فقال : ما هي إلا أيام و يأتيني الفرجُ منْ ربِّ الأرض و السماء ، ثم تكلمتُ و نطقَ لساني
أين أنتم أيها المرضى ؟ أين أنتم يا أهلَ الأسرة البيضاء ؟
يا مَنْ
امتلأتِ بكمُ المستشفيات ، و ضاقتْ بكمُ العيادات .. يا مَنْ سهرتْ عيونكم
منَ الأنين ، و تعبتْ أجسامكم و أجسادكم منَ البكاء و الآلام و الحنين
لماذا لجأتم للناس و ذهبتم للسحرة و المشعوذين ، و طرقتم الأبوابَ كلها ؟ هل يا تُرى نسيتم بابَ الكريم الذي يسمع دعاء المريض ؟
فعليكم
بالدعاء فهو منْ أنفع الأدوية ، فالدعاءُ عدوُّ البلاء ، يدافعُه و يعالجه
أو يمنعُ نزوله ، و يرفعُه أو يخففه إذا نزل ، و هو سلاحُ المؤمن
ارفع أكفك إلى السماء .. و اقرع بابَ السماء بمفاتيح الدعاء ، و قل يا أرحمَ الراحمين
فقد جاء
في حديث أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم - كما خرَّجه
الحاكم في المستدرك و صححه - يقول أنه قال : إنَّ لله ملكا موكَّل يؤمِّن و
يقول :( يا أرحم الراحمين فمَنْ قالها ثلاثا ، قال الملك له : إنَّ أرحمَ الراحمين قد أقبل عليك فاسأل )
قال
العباس بن مصعب حدثنا بعض أصحابنا قال سمعت أبا وهب يقول : مرَّ ابنُ
المبارك برجلٍ و قال له : أسألك أنْ تدعوَ لي أن يرد الله علي بصري ، فدعا
الله فرد الله عليه بصره و أنا أنظر
من الذي
يفزع إليه المكروب ، و يستغيث به المنكوب ، و تصمد إليه الكائنات ، و
تسأله المخلوقات ، و تلهج بذكره الألسن ، و تألهه القلوب
إنه الله الذي لا إله إلا هو
أحسنُ الأسماء ، و أجمل الحروف ، و أصدق العبارات ، و أثمن الكلمات ، هل تعلم له سميا
الله
فإذا الغنى ، و البقاء ، و القوة ، و النصرة ، و العز ، و القدرة ، و الحكمة ، و الجلال ، و العظمة ، و الهيبة ، و الجبروت
الله
إليه تُمَدُّ الأكفُّ في الأسحار ، و الأيادي في الحاجات ، و الأعينُ في الملمات ، و الأسئلة في الحوادث
باسمه تشدو الألسن ، و تستغيث ، و تلهج ، و تنادي ، و بذكره تطمئن القلوب ، و تسكن الأرواح ، و تهدأ المشاعر و يستقر اليقين
ذكر
الذهبيُّ في سيره في ترجمة الإمام محمد بن المنكدر قال في ليلة منَ الليالي
استسقى أهل الحرم – أي في المدينة – و لم يسقوا ، يقول : ذهبتُ لمسجد رسول
الله صلى الله عليه و سلم أتعبَّد في مكانٍ لي ، فقال : بينما أنا جالسٌ
في منتصف الليل إذ دخل عليَّ رجلٌ لم أعرفه ، رجلٌ أسود ، تعلوه صفرة ،
عليه رداء و إزار - يقول - جلس يلتفت يمنة و يسرة حتى اطمأن أنه لا أحد في
المسجد فرفع أكفه إلى السماء ، فقال : يا رب يا رب إنَّ أهلَ الحرم قد
استسقوك فلم تسقهم
ثم اسمعوا ماذا قال :
قال : يا رب .. اللهم إني أقسم عليك أنْ تنزل عليهم المطر
قال الإمام محمد : قلتُ هذا مجنون ، كيف يجرؤ يقسم على الله جل و علا ؟
قال : أقسم عليك يا الله ، أقسم عليك يا الله أنْ تنزل المطر
قال الإمام محمد : و الله ما تحرَّك منْ مكانه إلا و قد نزلَ المطر علينا
( رُبَّ أشعثَ أغبرَ لو أقسمَ على الله لأبرَّه )
و ذكرَ صاحبُ كتاب ( لا تحزن ) تحت عنوان( و هو الذي ينزِّل الغيث )قالَ
حفظَه الله : حدثنا أحدُ الفضلاء منَ العبَّاد أنه كان بأهله في الصحراء
في جهة البادية ، و كانَ عابداً قانتاً منيباً ذاكراً لله ، قال : فانقطعت
المياه المجاورة لنا ، و ذهبتُ ألتمسُ ماءَ لأهلي فوجدتُ أنَّ الغديرَ قد
جفَّ ، فعدتُ إليهم ، ثم التمستُ الماء يمنةً و يسرةً فلم نجد و لو قطرةً ،
و أدركنا الظمأ ، و احتاجَ أطفالي للماء ، فتذكرتُ ربَّ العزة و الجلال
القريب المجيب ، فقمتُ فتيمَّمتُ و استقبلتُ القبلةَ ، و صليتُ ركعتين ، ثم
رفعتُ يدي و بكيتُ ، و سالتْ دموعي ، و سألتُ الله بإلحاح ، و تذكرتُ قوله :( أمَّنْ يجيبُ المضطرَّ إذا دعاه )، فو الله ما هو إلا أنْ قمتُ منْ مقامي ، و ليس في السماء منْ سحابٍ و لا غيمٍ ،يقولو
إذا بسحابةٍ قد توسَّطت مكاني و منزلي في الصحراء ، و احتكمتْ على المكان ،
ثم أنزلتْ ماءً ، فامتلأتِ الغدران منْ حولنا و عن يميننا و يسارنا ،
فشربنا و اغتسلنا و توضأنا ، و حمدنا الله سبحانه و تعالى ، ثم ارتحلتُ
قليلاً خلفَ هذا المكان و إذا الجدبُ و القحطُ ، فعلمتُ أنَّ الله ساقها
بدعائي ، فحمدتُ الله( و هو الذي ينزل الغيث منْ بعد ما قنطوا و ينشرُ رحمته و هو الوليُّ الحميد )
اللهم أغثْ بلادنا يا ربَّ العالمين
جاء في حديث عائشة كما ذكر الأوزاعي أنها قالت :( إنَّ الله يحبُّ الملحين في الدعاء )، و في صحيح الحاكم منْ حديث أنس أنَّ النبي صلى الله عليه و سلم قال :( لا تعجزوا في الدعاءفإنه لا يهلك مع الدعاء أحد ).
لا إله إلا الله
إذا اضطربَ البحرُ ، و هاجَ الموجُ ، وهبَّ الريحُ العاصف ، قرعَ أصحابُ السفينة الأبوابَ و نادَوا : يا الله .
إذا وقعتِ المصيبةُ ، وحلّتِ النكبةُ ، وجثمتِ الكارثةُ ، قُرعتْ أبواب السماء و نادى المصابُ المنكوبُ : يا الله .
إذا بارتِ الحيلُ ، وضاقتِ السُّبُلُ ، وانتهتِ الآمالُ ، و تقطَّعتِ الحبالُ ، قرعوا البابَ و نادَوا : يا الله .
إذا ضاقتْ عليك الأرضُ بما رحُبتْ ، و ضاقتْ عليك نفسُك بما حملتْ ، فاهتفْ و قل : يا الله .
ذكرَ
ابنُ أبي الدنيا في كتاب المجابين في الدعاء عن الحسن قال : كان رجل -
اسمعوا لهذه القصة ، اسمعوا لها جيدا – قال : كان رجلٌ منْ أصحاب النبي صلى
الله عليه و سلم من الأنصار يُكنى بأبي معلم و كان تاجرا ، يتَّجرُ بماله و
بمال غيره ، يضربُ به في الآفاق ، و كانَ ناسكاً ورعاً ، فخرج مرة فلقيَه
لصٌّ ، لصٌّ مقنع بالسلاح
قال له ذلك اللص : ضع ما معك فإني قاتلك . قال : ما تريد من دمي ؟ خذ المال . قال : أما المال فهو لي ، و لا أريد إلا دمك .
قال : إذاً اتركني أصلي أربعَ ركعاتٍ - إنها الصلاة يا عباد الله - قال : اتركني أصلي أربع ركعات . قال : صلّ ما بدا لك
يقول :
ثم صلى أربع ركعات ، فكانَ منْ دعائه في آخر سجوده أنه قال : يا ودود ، يا
ودود ، يا فعَّال لما تريد ، أسألك بعِزّك الذي لا يرام ، و بملكك الذي لا
يضام ، و بنورك الذي ملأ أركان عرشك أنْ تكفيَني شرَّ هذا اللصّ ، يا مغيث
أغثني ، يا مغيث أغثني ، يا مغيث أغثني .
فإذا هو
بفارسٍ قد أقبلَ بيده حربةٌ قد وضعَها بين أذني فرسه ، فلما بصرَ به
اللصُّ أقبلَ نحوه ، فطعنَه ، فقتله ، ثم أقبل إليَّ قال لي : قم
فيقول : قمتُ
فقلتُ : مَنْ أنت بأبي و أمي ، فقد أغاثني الله بك اليوم
فقال : أنا ملك من أهل السماء الرابعة .. يقول أنا ملك من أهل السماء الرابعة
دعوتَ بدعائك الأول فسُمعت لأبواب السماء قعقعة
لا إله إلا الله
يقولُ :
دعوتَ بدعائك الأول فسُمِعَتْ لأبواب السماء قعقعة .. ثم دعوتَ بدعائك
الثاني فسُمِعَتْ لأهل السماء ضجَّة ..ثم دعوتَ بدعائك الثالث فقيل لي :
دعاءُ مكروبٍ ، فسألتُ الله أنْ يوليني قتله
اسمعوا يا أهل الحاجات .. اسمع يا مكروب .. يا مهموم .. اسمع يا مظلوم
قال الحسن : فمَنْ توضأ و صلى أربع ركعات و دعا بهذا الدعاء استُجيبَ له مكروباً كان أو غير مكروب .
سبحان
مَنْ إذا دعاه الغريقُ نجَّاه ، و مَنْ إذا دعاه الغائبُ ردَّه ، و إذا
دعاه المبتلى عافاه ، و إذا دعاه المظلومُ نصرَه ، و إذا دعاه الضَّالُّ
هداه ، و المريضُ إذا دعاه شفاه ، و المكروبُ إذا دعاه فرَّج عنه ما أتاه
ليتنا ندعو الله كثيرا .. ليت ضعفَنا يتصل بقوته ، و فقرَنا يتصل بغناه ، و عجزَنا بقدرته
و صدق الله يوم قال :( و قال ربكم ادعوني أستجب لكم ، إنَّ الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنمَ داخرين )
و
رُوِيَ أنَّ إبراهيمَ ابنَ أدهمَ كانَ مع قومٍ في سفينة في البحر ، فهبَّت
الرياح ، و هاجت الأمواج ، فبكى الناس و ضجُّوا ، فقيل لمعيوف أو ابن معيوف
: هذا إبراهيمُ بنُ أدهمَ لو سألته أنْ يدعوَ الله
فإذا هو نائم في ناحية السفينة ، ملفوف الرأس في كساء ، فدنا منه فقال : يا أبا إسحق ، أما ترى ما في الناس و ما هم فيه
قال : اللهم قد أريتنا قدرتك فأرنا عفوك . قال : فهدأتِ السفينةُ
سبحان
الله .. حُقَّ لنا أنْ ندعوَه في الشدة و الرخاء ، و السراء و الضراء ، و
نفزع إليه في المهمات ، و نتوسل إليه في الكُرُبات ، و نطَّرح على عتبات
بابه سائلين باكين ، ضارعين منيبين
حينها يأتي مددُه ، و يصلُ عونُه ، و يسرع فرجُه ، و يحلُّ فتحه
كلُّ
الحبال تتصرَّم إلا حبله ، كلُّ الأبواب تُوصد إلا بابه ، و هو قريبٌ سميعٌ
يجيبُ دعوةَ المضطرِّ إذا دعاه ، يأمرك الله و أنت الضعيفُ المحتاجُ ، و
هو الغنيُّ القويُّ الواحد الماجد
إذا نزلتْ بك النوازلُ ، و ألمتْ بك الخطوبُ ، فالهجْ بذكْره ، و اهتفْ باسمه ، و اطلبْ مددَه ، و اسأله فتحَه و نصره
مرغ الجبين لتقديس اسمه لتحصل على تاج الحرية ، و أرغم الأنف في طيب عبوديته لتحوز أوسامَ النجاة
يا أهلَ
الجهاد ..يا أهلَ الجهاد .. يا إخواننا في كل مكان .. يا من تضطهدون و
تقتلون .. يا مَنْ تقتَّل نساؤكم .. يا مَنْ تقتَّل نساؤكم ، و يذبح
أبناؤكم .. ارفعوا أكفكم إلى السماء و أنتم موقنون بالإجابة ، و أبشروا
بالخير ، فإما حياةٌ بعزة أو موتٌ بشهادة
قال سليم بن عامر : دخلتُ على الجرَّاح ، فرع يديه ، فرع الأمراء أيديهم ، فمكث طويلا ،ثم قال لي : يا أبا يحيى ، هل تدري ما كنا فيه ؟ قلت : لا
وجدتكم في رغبة فرفعت يدي معكم
قال : سألنا الله الشهادة
فو الله ما بقي منهم أحد في تلك الغزاة إلا استشهد
( إنهم كانوا يسارعون في الخيرات و يدعوننا رغبا و رهبا و كانوا لنا خاشعين )
( قالوا ربنا أفرغ علينا صبرا و ثبِّت أقدامنا و انصرنا على القوم الكافرين )
فماذا كانت النتيجة ؟( فهزموهم بإذن الله )
يا أمةَ المليار مسلم ..هؤلا ء إخوانكم ينادونكم بلسانِ حالهم
إلى
كلِّ إمام .. و إلى كلِّ مصلٍّ .. إلى الشيخ المسنّ في مصلاه .. إلى المرأة
في خِدْرِها .. إليكم جميعاً هذا النداء .. قال الله تعالى :( حتى إذا استيأسَ الرُّسُلُ و ظنوا أنهم قد كُذِبوا جاءهم نصرُنا )
فقد حَمِيَ الوطيسُ .. و بلغتِ القلوبُ الحناجر .. و اشتدَّ الأمرُ .. و تكالبَ العدوُّ.. و تواطأ الكفارُ علينا منْ جانب
الطائراتُ
تقصفُ بأنواع القذائف .. بأنواع القذائف المدمِّرة .. و الراجماتُ تقذفُ
بأنواع الصواريخ .. و الجليد يطاول الجبال .. حتى ذكرنا إخواننا يوم
الأحزاب
( إذ
جاؤوكم منْ فوقكم و منْ أسفل منكم و إذ زاغتِ الأبصارُ و بلغت القلوب
الحناجر و تظنون بالله الظنون هنالك أبتلي المؤمنون و زلزلوا زلزالا شديدا )
أيتها
الأمة ألا يوجدُ فينا مَنْ لو أقسم على الله لأبره .. ألا يوجدُ فينا مَنْ
يرفع أكفَّ الضراعة إلى ربه فيستجيبُ له .. هل بخلتم علينا حتى بالدعاء ..
فأين نصرتكم لنا
أقول
لهؤلاء اصبروا و صابروا و رابطوا .. فإنَّ مع العسر يسرا ، و مع الصبر نصرا
، و بعد الليل فجر ، و بعد الشدة رخاء ، و بعد الضراء سراء ، و لكل حادثة
عزاء ، و بعد الجوع شبع ، و بعد الظمأ ري ، و بعد السهر نوم ، و بعد المرض
عافية
سوف يصل الغائب ، و يهتدي الضال ، و يُفَكُّ العاني ، و ينقشعُ الظلام ..( فعسى الله أنْ يأتيَ بالفتح أو أمر منْ عنده )
بشِّر
الليل بصبحٍ صادقٍ يطاردُه على رؤوس الجبال و مسارب الأودية ، و بشِّر
المهموم بفرج قريب ، و بشِّر المريض بعلاج سريع بإذن الله جل و علا ، بشِّر
المنكوب بلطفٍ خفيّ و كفّ حانيةٍ وادعةٍ
إذا
رأيت الصحراء تمتدُّ و تمتدُّ فاعلم أنَّ وراءها رياض خضراء وارفة الظلال
.. إذا رأيت الحبل يشتد و يشتد فاعلم أنه سوف ينقطع .. و اعلموا أنَّ مع
الدمعة بسمة ، و مع الخوف أمن ، و مع الفزع سكينة
و النارُ لا تحرقُ إبراهيمَ التوحيد لأنَّ الرعايةَ الربانيةَ فتحتْ نافذةَ( بردا و سلاما ).. البحرُ لا يُغرق كليمَ الرحمن لأنَّ الصوتَ القويَّ الصادقَ نطقَ بقوله :( كلا إنَّ معيَ ربي سيهدين )
، الرسولُ في الغار بشَّر صاحبه بأنه وحده جلَّ في علاه معنا فنزلَ الأمنُ و الفتحُ و السكينةُ
إذاً
فلا تضيقوا ذرعاً .. فمنَ المحال دوام الحال ، و أفضلُ العبادة انتظارُ
الفرج ، و الأيامُ دُوَل ، و الدهرُ متقلّب ، و الليالي حبالى
و الغيبُ مستور ، و الحكيمُ كلَّ يوم هو في شأن ، و( لعلَّ الله يُحدث بعد ذلك أمراً )، و( إنَّ مع العسر يسراً )
البابُ
الموصدُ له مفتاحٌ ، و القلعةُ المنيعةُ لها بابٌ ، و لكلّ قميصٍ منَ
الشّدَّة جيبٌ منَ اللطف ، و لكلّ غرفةٍ ضيقةٍ من الكرب سعةٌ من الفرج
..إذا ادلهم الليل انقشع ، و إذا احتبس القطر هَمَع
بشّر الفقيرَ بالغنى ، و المريضَ بالعافية ، و الغائبَ بالقدوم ، و المتعبَ بالراحة ، و المسجونَ بالخروج
و الأيامُ دول ، و الفلكُ يدور ، و لكلّ أمر حَدّ ، و الدهرُ مقبلٌ مدبر ، و الأيام آخذة معطية
و الزمان يومان ، و لكل نازلة رحيل ، و لكل صعب سهولة ، و لكل داء دواء ، و لكل علة حيلة
حكمةٌ نافذةٌ ، و قدرةٌ باهرةٌ .. فلا تجزع( فإنَّ مع العسر يسرا )، و لا تيأس فـ( إنَّ مع اليسر يسرا )، و لكنْ ليس يسراً واحداً بل يسران ..إذاً فاقرعوا بابَ السماء بالدعاء .. و قولوا :
أيا ملكَ الملوك أقلْ عثاري * فإني عنك أنأتني الذنوبُ
و أمرضَني الهوى لهوان نفسي * و لكنْ ليس لي غيرك طبيبُ
أيا ديَّان يوم الدين فرِّج * هموماً في الفؤاد لها دبيبُ
قل و اقرع بابَ السماء :
ي