الرسول صلى الله عليه وسلم قدوتنا)وما هو حق الرسول علينا
المسلمالكريم : من يقرأ سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم سيجد الكثير من المعاني
الكريمة , ولكن لو تأملنا صورة يوم واحد في حياة رسول الله صلى الله عليه
وسلم لوجدنا بالفعل أننا في أمس الحاجة إلى أن نقتدي به في يومنا من الصباح
حتى المساء . فمثلاً نذكر موقف رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما صحا من
نومه قبل الفجر بقليل , وظلمة الليل لا تزال مخيمة على كل شيئ فيتحرك مع
طلائع الصبح المقبل قائلاً " الحمد لله الذي رد إلى روحي وعافاني في جسدي
وأذن لي بذكره " أنظر أخي المسلم : كيف يستقبل رسول الله صلى الله عليه
وسلم يومه ويستقبل الحياة بترحاب وتفاؤل قائلاً " الحمد لله الذي رد إلي
روحي " هذا يدل على أن العمر الذي ملكناه نعمة يجب أن نحمد الله عليها ويجب
أن نُحسن استخدامها , فالحياة فرصة للنجاح لمن أراد ذلك , ولذلك امتن الله
تعالى على عباده بالشروق والغروب قال تعالى: " الله الذي جعل لكم الليل
لتسكنوا فيه والنهار مبصراً إن الله لذو فضلٍ على الناس ولكن أكثر الناس لا
يشكرون "
غافر 61 ,
واعلم أخي المسلم : أن عظمة الحياة في العافية . فما أجمل أن يكون المرء
سليم البدن . تقوم أجهزته وعضلاته بوظائفها كلها دون عناء أو ملل , إن
المسلم عند ذلك ينطلق في كل أفق ليؤدي واجباته باقتدار ورغبة , وذلك سر حمد
الله تعالى على العافية .ثم نتفكر في دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم
عند الاستيقاظ " الحمد لله الذي رد إليًّ روحي , وعافاني في جسدي وأذن لي
بذكره " فانظر أخي المسلم إلى أدب العبودية الذي يُقرٌ بها العابد الرقيق
أن منحه الله تعالى يوماً جديداً . إيذاناً له باستئناف العبادة من مطلع
الفجر إلى وقت نومه , والعبد الشكور يبدأ يومه بذكر ربه بكلمات مليئة
باليقين والحب , ورسولنا صلى الله عليه وسلم علًمنا هذه الكلمات فكان يدعو
في الصباح والمساء قائلاً " اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة .
اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي , اللهم استر
عوراتي وآمن روعاتي . اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن
شمالي , ومن فوقي ,وأعوذ بعظمتك أن أُغتال من تحتي" والله ما أجمل هذا
الدعاء المبارك الكريم , الذي صدر من خير خلق الله أجمعين سيدنا
محمد صلى الله عليه وسلم . فهو بهذا الدعاء يُعلًمنا التسليم لرب الأرض
والسماء ويُعلمنا كذلك أن نطلب من الله تعال العفو والعافية , قال أبو بكر
الصًديق رضي الله عنه وأرضاه : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : قل
إذا أصبحت وإذا أمسيت ( اللهم عالم الغيب والشهادة فاطر السماوات والأرض
ربً كل شيء ومليكه أشهد أن لا إله إلا أنت أعوذ بك من شر نفسي , ومن شر
الشيطان وشركه ) وقد علًم رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه الكرام أن
يقولوا كل صباح مع بداية يومهم الجديد ( أصبحنا على فطرة الإسلام , وكلمة
الإخلاص , وعلى دين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم , وعلى ملًة أبينا
إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين ) فهذا الدعاء أيضا فيه اعتراف وإقرار
بأن العبد المؤمن ما زال على عهده متمسكاً بدينه وعلى الفطر السليمة ,
وكذلك من أذكار الصباح والمساء التي يحرص عليه النبي محمد صلى الله عليه
وسلم وعلًمها للصحابة الكرام هذا الدعاء العظيم ( اللهم ما أصبح بي من نعمة
أو بأحد من خلقك فمنك وحدك لا شريك لك فلك الحمد ولك الشكر ,اللهم إني
أصبحت منك في نعمة وعافية وستر فأتم عليً نعمتك وعافيتك وسترك في الدنيا
والآخرة ) فهذه أخي المسلم أدعية وهناك أدعية أخرى كثيرة كان يحرص عليها
رسول الله صلى الله عليه وسلم , وكان الصحابة الكرام رضوان الله عليهم
يحرصون عليها كذلك , ونحن مطالبون بأن نقتدي
برسول الله صلى الله عليه وسلم في ذكر هذه الأدعية كل صباح ومساء , وهي لن
تأخذ منا وقتاً طويلاً إنما هي دقائق معدودات كل صباح ومساء , وأهم شيء في
هذه الأدعية أن نقولها ونحن مُستحضرون لعظمة الله تعالى وقدرته , ويكون
اللسان مع القلب يذكر رب العالمين ويُخلص في الدعاء ويتأكد أن الله تعالى
يستجيب لعبده التقي الذي يرجو رحمة رب العالمين ويوم المسلم يبدأ من صلاة
الفجر فعلى المسلم أن يعلم أن الله تعالى أعدً لمن يمشي إلى المسجد في وقت
الفجر أعدً له الخير التام يوم القيامة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "
بشًر المشًائين إلى المساجد في ظُلَمِ الليل بالنور التام يوم القيامة "
والله إننا في أمسً الحاجة إلى أن نغتنم حياتنا في طاعة الله تعالى لننال
الجزاء العظيم من رب العباد , والله تعالى لا يضيع أجر من أحسن عملا ,
يكفينا أن نعلم أن من يمشي إلى المساجد لأداء العبادة في أوقاتها بدون
تأخير يكفينا أن نذكر هذا الحديث النبوي الشريف , وهو " ما يرفع الإنسان
قدماً ويضع أُخري إلا كتبت له حسنة ومٌحيت عنه سيئة ورُفعت له درجة " اللهم
وفقنا إلى ما تُحبه وترضاه , اللهم آمين , وآخر دعوانا أن الحمد لله رب
العالمين .
=================
الرسول قدوتنا في الأخلاق
الحمدالرسول قدوتنا في الأخلاق
لله رب العالمين حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه.. الذي خلق فسوى، وقدر
فهدى، وأخرج المرعى، فجعله غثاءً أحوى.. نحمده حمداً كثيراً كما ينبغي
لجلال وجهه، وعظيم سلطانه، ونصلي ونسلم على البشير النذير، والسراج المنير،
نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان، أما بعد:-
فقد حث
الرسول - صلى الله عليه وسلم- على مكارم الأخلاق، وكان أفضل الخلق أخلاقاً
وأحسنهم آداباً، وبين رسول الله أنه ما بعث إلا ليتمم مكارم الأخلاق، فلقد
كانت في الجاهلية أخلاق كريمة فأتى الرسول ليتممها، وذلك بإصلاح ما فسد
منها، والثناء على ما كان فاضلاً، والحث عليه حيث يقول صلى الله عليه
وسلم-: " إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق" 1.
أيها
المسلمون: لقد امتدح الله نبيه على كمال الأخلاق فقال: {وَإِنَّكَ لَعَلى
خُلُقٍ عَظِيمٍ } وذلك يظهر من خلال معاشرته للناس ومخالطته لهم، ولقد سئلت
عائشة -رضي الله عنها- كيف كان خلق النبي - صلى الله عليه وسلم-؟ قالت: "
كان خلقه القرآن" 2 فلقد كان -بأبي هو وأمي- قرآناً يمشي على الأرض، أي أنه
عمل بأخلاق القرآن، وتمثل آداب القرآن، وذلك أن القرآن أنزل للتدبر والعمل
به، فكان أولى الناس عملاً به وامتثالاً لأوامره سيد الخلق.
ومما ذكر
من الأخبار في حث الرسول على الأخلاق، عن أبي ذر قال: قال رسول الله: " اتق
الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن" 3.
وعن أبي
أمامة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: " أنا زعيم
ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقاً، وببيت في وسط الجنة لمن
ترك الكذب وإن كان مازحاً، وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه " 4.
وعن عبد الله بن عمرو أن رسول الله قال: "إن خياركم أحاسنكم أخلاقاً" 5.
وعن عائشة - رضي الله عنها - قالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن الرجل ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم" 6.
وعن أبي
الدرداء - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: "ما شيء
أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن، وإن الله ليبغض الفاحش
البذيء " 7.
وكان رسول
الله - صلى الله عليه وسلم- يدعو بهذا الدعاء: ".. واهدني لأحسن الأخلاق لا
يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت" 8.
وقال: "إن الله -عز وجل- كريم يحب الكرم ومعالي الأخلاق، ويبغض سفسافها " 9.
وكان أول
من امتثل تلك الأخلاق وعمل بها رسولنا، ونحن نذكر من الأخلاق الحميدة التي
تخلق بها لنقتدي به في ذلك تحقيقاً لقول الله: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي
رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ
وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا } سورة الأحزاب:21.
ومن تلك
الأخلاق الرفيعة: الصدق في الكلام، والصدق في النيات، والصدق في الأعمال
كلها، فهو الذي اتصف بذلك الخلق العظيم، وشهد بذلك أعداؤه قبل أصحابه، وقد
كان يسمى الصادق الأمين، وهو القائل: " عليكم بالصدق، فإن الصدق يهدي إلى
البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب
عند الله صديقاً، وإياكم والكذب، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور
يهدي إلى النار، وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله
كذاباً) 10.
وجعل الكذب علامة من علامات النفاق حيث قال: " آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان" 11.
وهكذا عاش
رسول الله صادقاً في كلامه، وصادقاً في عمله، وصادقاً في نيته، وصادقاً في
مبادئه.. لم يصل إلى ما وصل إليه بالكذب والحيلة والمكر، بل إن كل حياته
وضوح وصدق، حتى مع أعدائه الذين آذوه وأرادوا قتله وأسره..
هكذا فليكن
المسلم -يا عباد الله- مقتدياً بنبيه في خلق الصدق، وأن يتقي الله في
كلامه وحياته كلها.. إن الصدق نجاة والكذب هلاك..إن الله - عز وجل- امتدح
الصادقين فقال:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ
وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ} سورة التوبة: 119.
ومن أخلاق
الرسول السماحة والعفو: روى البخاري ومسلم عن جابر ( أنه غزا مع النبي -
صلى الله عليه وسلم- قِبَل نجد، فلما قفل رسول الله قفل معهم، فأدركتهم
القائلة -أي نوم القيلولة ظهراً- في واد كثير العضاه - شجر- فنزل رسول الله
وتفرق الناس يستظلون بالشجر، ونزل رسول الله تحت سمرة -نوع من الشجر- فعلق
بها سيفه، ونمنا نومة؛ فإذا رسول الله يدعونا، وإذا عنده أعرابي فقال: "
إن هذا اخترط علي سيفي وأنا نائم، فاستيقظت وهو في يده صلتاً - أي جاهزاً
للضرب- فقال: من يمنعك مني؟ قلت: "الله، ثلاثاً " ولم يعاقبه وجلس )12
وفي رواية
أخرى13: " فسقط من يده فأخذ رسول الله السيف، فقال للأعرابي "من يمنعك
مني؟" فقال: كن خير آخذ، فقال - صلى الله عليه وسلم-: " تشهد أن لا إله إلا
الله وأني رسول الله؟" قال: لا، ولكني أعاهدك ألا أقاتلك، ولا أكون مع قوم
يقاتلونك، فخلى سبيله، فأتى الرجل أصحابه فقال لهم: جئتكم من عند خير
الناس!)
فهذا الرسول - صلى الله عليه وسلم- عفا عن الرجل في موقف حرج يدل على شجاعته.. لذا كان أفضل العفو عند المقدرة.
ثم إن
الرسول لا يغفل في هذه اللحظة الحرجة عن القيام بواجب الدعوة، واستغلال
الموقف لصالح الرسالة التي يحملها، فيقول للرجل: " تشهد أن لا إله إلا الله
وأني رسول الله؟".
ثم ينادي
أصحابه ليعطيهم درساً عملياً في فضائل الأخلاق لا ينسونه أبداً يتعلمون منه
الشجاعة مع الحلم والعفو عند المقدرة.. ! فأين ما عليه أدعياء الحلم
والعدل، مما كان عليه سيد الأولين والآخرين صلى الله عليه وسلم
وعن أنس بن
مالك - رضي الله عنه - قال: كنت أمشي مع رسول الله وعليه برد نجراني -نوع
من اللباس- غليظ الحاشية، فأدركه أعرابي فجبذه بردائه جبذة شديدة، فنظرت
إلى صفحة عاتق النبي - صلى الله عليه وسلم- وقد أثرت بها حاشية البرد من
شدة جبذته، ثم قال: يا محمد! مُرْ لي من مال الله الذي عندك، فالتفت إليه
فضحك، ثم أمر له بعطاء!)14.
إنها أخلاق نبي الإسلام ورحمة هذا الدين! وكم في ضحكة الرسول في وجه الأعرابي الجاهل من معنى يفهمه أهل الذوق الرفيع!..
ومن أخلاق
الرسول الجود والعطاء والبذل: روى الإمام مسلم عن أنس قال: ( ما سئل رسول
الله على الإسلام شيئاً إلا أعطاه، ولقد جاءه رجل فأعطاه غنماً بين جبلين،
فرجع إلى قومه فقال: يا قوم، أسلموا فإن محمداً يعطي عطاء من لا يخشى
الفقر، وإن كان الرجل ليسلم لا يريد إلا الدنيا، فما يلبث إلا يسيراً حتى
يكون الإسلام أحب إليه من الدنيا وما فيها).
وهذا فيه تأليف القلوب للدخول في الإسلام.
ومعلوم كيف
أنفق مغانم حنين حتى كان الرجل لينال المائة ناقة وأكثر.. وروى البخاري
ومسلم عن ابن عباس قال: (كان رسول الله أجود الناس بالخير، وكان أجود ما
يكون في رمضان، وكان جبريل يلقاه كل ليلة في رمضان، يعرض عليه النبي - صلى
الله عليه وسلم- القرآن، فإذا لقيه جبريل كان أجود بالخير من الريح
المرسلة).
ومن أخلاقه
-أيضاً-: التواضع وخفض الجناح للمؤمنين: وقد أمر الله رسوله بذلك فقال:
{وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ } سورة
الشعراء: 215. وذلك أن التواضع يتألف القلوب ويملكها بالمحبة، وقد كان رسول
الله-كما أدبه الله- متواضعاً، خافض الجناح، لين الجانب، إذا جلس بين
أصحابه كان كأحدهم، لا يتعالى ولا يترفع عليهم ولا يعطي لنفسه امتيازاً إلا
ما تقتضيه طبيعة القيادة من الأمر والنهي.15
وعن أنس بن
مالك: ( أن النبي - صلى الله عليه وسلم-كان يعود المريض، ويشهد الجنازة،
ويركب الحمار، ويجيب دعوة العبد، وكان يوم بني قريظة على حمار مخطوم بحبل
من ليف عليه إكاف16 من ليف)17 وفي رواية: ( وكان يوم قريظة والنضير على
حمار ويوم خيبر على حمار مخطوم برسن من ليف وتحته إكاف من ليف)18.
وعن عائشة
-رضي الله عنها- قالت: كان رسول الله يخصف نعله ويخيط ثوبه، ويعمل في بيته
كما يعمل أحدكم في بيته)20 وقالت: ( كان بشراً من البشر، يفلي ثوبه، ويحلب
شاته، ويخدم نفسه)21.. وقالت: قال رسول الله: " آكل كما يأكل العبد، وأجلس
كما يجلس العبد " 22.
وعن أنس قال: ( إن كانت الأمة من إماء أهل المدينة لتأخذ بيد رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فتنطلق به حيث شاءت" 23.
وعن عبد
الله بن أبي أوفى قال: كان رسول الله يكثر الذكر، ويقل اللغو، ويطيل
الصلاة، ويقصر الخطبة، ولا يأنف أن يمشي مع الأرملة والمسكين فيقضي له
الحاجة" 24.
هكذا كانت
أخلاق الرسول - صلى الله عليه وسلم- ! فأين المسلمون اليوم منها، وأين طغاة
الأرض الذي عاثوا فيها فساداً بكبرهم وعتوهم، وظلمهم للفقراء والمساكين،
وإهانتهم لكرامة الإنسان في كل مكان؟؟!!..
أسأل الله أن يصلح الأوضاع وأن يميتنا مسلمين.. وأستغفر الله العظيم،،،
إن من حق
رسول الله على كل مسلم أن يتأسى به في الأخلاق، ويقتدي به في سلوكه الخاص
والعام! وإلا فأين المفر من التقصير في جنب الله ! أيها المقصرون وأيها
المفرطون وأيها الغافلون.. أين الهروب من عقوبة الله إذا خالفتم رسول الله
في محاسن الأخلاق، وتخلقتم بسيئ الأخلاق، وتركتم معاليها.. هل يعلم الجميع
أن أساس ديننا الأخلاق!.. أين الذوق الرفيع.. أين السماحة وانطلاق الوجوه
يا مسلمون!.. لماذا أصبح الواحد منا اليوم قليل الأدب، دنيء الرتب، لا يقر
له قرار إلا إذا عادى الناس وخاصمهم وشاتمهم؟!.
ألا وإن من
أخلاق الرسول: كف الأذى وترك الشتم والسب وحفظ اللسان عن السوء امتثالاً
لقول الله: {مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ
}سورة ق: 18.
ثبت أن
الرسول كان جالساً فجاء يهود فقالوا: السام عليكم -أي الموت عليكم- فقالت
عائشة: وعليكم السام واللعنة! فقال رسول الله: ( يا عائشة! إن الله لا يحب
الفحش ولا التفحش ولكن قولي: "وعليكم" )25 وقد قال رسول الله: "سباب المسلم
فسوق وقتاله كفر" 26 وعن أنس قال: (لم يكن رسول الله - صلى الله عليه
وسلم- فاحشاً ولا لعاناً ولا سباباً، كان يقول عند المعتبة: "ماله ! ترب
جبينه" )27.
ومن أخلاق
الرسول - صلى الله عليه وسلم- الحياء من فعل الشر، والحياء مما يقبح فعله
أو يكره، حيث أن الحياء خصلة عفيفة تمنع من صدور القبيح أو الرضا به في غير
تقحم قال عليه الصلاة والسلام: " الحياء لا يأتي إلا بخير" 28.
وعن عبد
الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: مر النبي - صلى الله عليه وسلم- على رجل
وهو يعاتب أخاه في الحياء يقول: إنك لتستحي، حتى كأنه يقول: قد أضرَّ بك،
فقال رسول الله: "دعه فإن الحياء من الإيمان" 29. وعن أبي سعيد الخدري قال:
( كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أشد حياءً من العذراء في خدرها)30 .
والحياء لا
يكون في تعلم العلم أو الاستفسار عما أشكل على الإنسان أو في قول الحق
بحيث يمنعه من طلب العلم أ قول الحق أو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر..
بل الحياء في هذا المواضع مذموم إذا كان بتلك المثابة.
ومن حسن
خلق الرسول صلى الله عليه وسلم المزاح المتزن والانبساط مع الناس.. فعن أنس
بن مالك قال: إن كان النبي ليخالطنا، حتى يقول لأخ لي صغير: "يا أبا عمير
ما فعل النغير"31 والنغير: طائر صغير.
وقد مر
رسول الله - صلى الله عليه وسلم- بالسوق فرأى رجلاً من أصحابه فمسكه من
خلفه وقال: "من يشتري هذا العبد" -على وجه المزاح- فقال يا رسول الله: إذن
تجدني كاسداً ! -أي رخيصاً- قال: "لكنك عند الله لست بكاسد" أو قال: " لكن
عند الله أنت غالٍ " 32.
ومن أخلاق
الرسول الكريم: إكرام الضيف والجار والإحسان إليهما، وهو القائل: "من كان
يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر
فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت" 33 .
ومن
أخلاقه: احترام الكبير ورحمة الصغير: دخل أعرابي والرسول - صلى الله عليه
وسلم- يقبل الحسن والحسين فقال: تقبلون صبيانكم! فقال رسول الله: " أو أملك
أن كان الله قد نزع الرحمة من قلبك" 34 ؛ وقال: "من لا يرحم لا يرحم" 35
وقال رسول الله: " إنما يرحم الله من عباده الرحماء، ارحموا من في الأرض
يرحمكم من في السماء" 36.
وهكذا أيها
المسلمون: كانت أخلاق الرسول في جميع شؤونه، وهي كثيرة جداً على لتي ذكر
الله عنه: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ }( القلم: 4) وما ذكرناه إنما
هو قليل من كثير.. وواجبنا تجاه ذلك: الإقتداء به والتأسي به في الأخلاق
والأعمال اتباعاً لقوله -تعالى-: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ
أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ
وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا } سورة الأحزاب: 21.
اللهم
اهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عنا سيئها لا يصرف عنا
سيئها إلا أنت.. اللهم حسن أخلاقنا وأعمالنا يا رب العالمين.. اللهم أدبنا
جميعاً بآداب نبيك، وأعنا على ذلك.. يا رب العالمين....