ما يجب على الإنسان تجاه الفتن (التقوى وملازمة العبادة)
أهمية الصلاة وفضلها إبان الفتن:كان النبي -
صلى الله عليه وسلم - يحث أهل بيته على الصلاة تحسبا للفتن، ولنا فيه أسوة
حسنة،فقد أمر - صلى الله عليه وسلم - أهله به لمدافعة الفتن.
فعن أم
سلمة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: استيقظ رسول الله - صلى الله
عليه وسلم - ليلة فزعا يقول: (سبحان الله، ماذا أنزل الله من الخزائن؟
وماذا أنزل من الفتن؟ من يوقظ صواحب الحجرات - يريد أزواجه - لكي يصلين؟ رب
كاسية في الدنيا عارية في الآخرة) أخرجه البخاري.
ففي هذا
الحديث بيان لأهمية الصلاة وفضلها زمن الفتنة خاصة، وذكر الحافظ ابن حجر -
رحمه الله -: أن فيه الندب إلى الدعاء والتضرع عند نزول الفتنة، ولا سيما
في الليل لرجاء وقت الإجابة لتكشف أو يسلم الداعي ومن دعا له.
وذكر -
رحمه الله - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أشار بذلك إلى موجب إيقاظ
أزواجه أي: ينبغي لهن ألا يتغافلن عن العبادة ويعتمدن على كونهن أزواج
النبي صلى الله عليه وسلم.
والمراد
بصواحب الحجرات أزواجه - صلى الله عليه وسلم -، وإنما خصهن بالإيقاظ؛ لأنهن
الحاضرات حينئذ، أو من باب (ابدأ بنفسك ثم بمن تعول).
والمراد
بالإنزال في قوله: (ماذا أنزل الله من الخزائن): إعلام الملائكة بالأمر
المقدور، أو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أوحي إليه في نومه ذاك بما
سيقع بعده من الفتن فعبر عنه بالإنزال.
وفي هذا
الحديث: أن الفتوح في الخزائن تنشأ عنه فتنة المال، بأن يتنافس فيفع القتال
بسببه، وأن يبخل به فيمنع الحق أو يبطر صاحبه فيسرف، فأراد - صلى الله
عليه وسلم - تحذير أزواجه من ذلك كله، وكذا غيرهن ممن بلغه ذلك. أهـ
------------
==============
القوة في العبادة
- قَالَ سعيدُ بنُ المُسَيّب ـ رحمةُ اللهِ عليهِ ـ: «مَا لقيتُ النَّاسَ منصرفين مِنْ صلاةٍ منذُ أربعينَ سنة»(1).القوة في العبادة
- وقَالَ أيضاً: «مَا دَخَلَ عليّ وقتُ صلاةٍ إلاّ وقد أخذتُ أهبتها، ولا دَخَلَ عليّ قضاء فرضٍ إلاّ وأنا إليه مشتاقٌ».
- وقَالَ أيضاً: «مَا فاتتني التكبيرةُ الأولى منذُ خمسينَ سنة، وما نظرتُ في قَفَا رجلٍ في الصلاةِ منذُ خمسينَ سنة».
- وقَالَ بُرْدُ مولى ابنِ المُسَيّب ـ رحمةُ اللهِ عليهِ ـ: «مَا نُودي للصلاةِ منذُ أربعين سنة إلا وسعيدٌ في المسجد»(2).
- وقَالَ
رَبِيعةُ بنُ يزيد ـ رحمةُ اللهِ عليه ـ: «مَا أذّن المؤذنُ لصلاةِ الظهر
منذُ أربعين سنة إلا وأنا في المسجدِ، إلاّ أنْ أكونَ مريضاً أو
مسافراً»(3).
- وقَالَ
وَكِيعُ بنُ الجراح ـ رحمةُ اللهِ عليهِ ـ: «كَانَ الأعمشُ قَريباً مِنْ
سبعين سنةً لمْ تفتهُ التكبيرةُ الأولى، واختلفتُ إليهِ قريباً مِنْ ستين
فمَا رأيتُهُ يَقضي رَكْعةً»(4).
- وقَالَ
محمد بن سماعة القاضي ـ رحمةُ اللهِ عليهِ ـ: «مَكثتُ أربعين سنةً لم تفتني
التكبيرةُ الأولى إلا يوماً واحداً ماتتْ فيه أمي، ففاتتني صلاةٌ واحدةٌ
في جماعةٍ»(5).
- وقَالَ
أسيد بن جعفر ـ رحمةُ اللهِ عليهِ ـ: «بشرُ بنُ منصور ما فاتته التكبيرةُ
الأولى قط، ولا رأيته قام في مسجدنا سائلٌ قط فلم يُعط شيئاً إلا
أعطاه»(6).
- وقَالَ
يحيى بنُ مَعِين ـ رحمةُ اللهِ عليهِ ـ: «أقامَ يحيى بنُ سعيد(7) عشرين سنة
يختم القرآن في كلِّ ليلةٍ(، ولم يفته الزوالُ في المسجد أربعين سنة،
وما رؤي يطلب جماعة قط»(9).
قرأتُ هذه
الأقوال ووقفتُ عند «خمسين سنة»، و «أربعين سنة»، و «عشرين سنة»؛ متعجباً
من هذه الهمّة والقوة في تربية النفس على الإيمان وأسبابه ـ في ضَوءِ هدي
رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وصحابتِهِ الكرام.
ثمَّ
تأملتُ في حالي وحالِ كثيرٍ من أبناء هذا الزمان في هذه المسائل الإيمانية
العظيمة فذهلتُ من النتيجة؛ إذ لا يخلو يوم فضلاً عن أسبوع ـ دع الشهرَ
والسّنة ـ من نَظَرٍ في قفا المصلين أو وجوههم.
إنّ هذا التأخر والتفويت نوعٌ من الضعف، ينبغي أن يقابَل بالقوة والحزم والعزم، قَالَ - تعالى - :
{خُذُوا مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 63].
{خُذُوا مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا} [البقرة: 93].
{وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ} [الأعراف: 145].
{يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا} [مريم: 12].
وإذا حققنا هذه القوة في أنفسنا تحقق النصر الذي وعدنا الله إياه في كتابه الكريم.
فما أحسنَ
أنْ يعاهدَ المسلم نفسه مِنْ الآن على المحافظةِ على الصلاة كما حَافظَ
عليها أولئكَ.. فيكون في المسجدِ مع الآذان أو قبله ولا يتأخر!
قَالَ إبراهيمُ النخعيُّ: «إذا رأيتَ الرجلَ يتهاونُ في التكبيرةِ الأولى فاغسلْ يديكَ منه»(10).
وفقنا اللهُ وإيّاك للعلم النافع والعمل الصالح.