<blockquote class="postcontent restore ">
منهجالداعي الحكيم
إن الداعي إلى الله Uَ على حكمة من
أمره وبصيرة من ربه، هو الذي يجمِّله اللهبلسان البيان، وأخلاق القرآن،
ورحمة النبي العدنان وعلوم أهل الأذواق والعرفان،وفي هؤلاء الدعاة الحكماء
يقول أبو العزائم t :
{ لهم حالمع الله يجذب الكافر والنافر، فما بالك بالمؤمن المطيع ! }
ويقول الإمام أحمد ابن عطاء الله السكندري t في حكمه:{ تسبقأنوارهم
أقوالهم، فتجذب القلوب، وتؤهّلها للسماع المطلوب.}، ويقولأيضاً: { حالُ
رجلٍ في ألف رجلٍ؛ خيرٌ من كلام ألف رجلٍ في رجلٍ واحد }، ويضيف أيضاً t
مبيناً سبب إقبال الخلقعليهم: { كُلُّ كلام يَبْرز وعليه كسوةٌ من نور
القلب الذي خرج منه }
وفي هذا أيضاً يقول الإمام أبو العزائم t:أقوالهم، فتجذب القلوب، وتؤهّلها للسماع المطلوب.}، ويقولأيضاً: { حالُ
رجلٍ في ألف رجلٍ؛ خيرٌ من كلام ألف رجلٍ في رجلٍ واحد }، ويضيف أيضاً t
مبيناً سبب إقبال الخلقعليهم: { كُلُّ كلام يَبْرز وعليه كسوةٌ من نور
القلب الذي خرج منه }
{ إذا كانالكلام عن النور حدثَ لسامعيه السرور }
والمنهجالذي يبنى عليه هذا الداعي الحكيم دعوته ..الداعى الذى يدعو على بصيرة من
أمره - من بعد من بعد تحصيل العلوم الأساسية اللازمة له من علوم الشريعة،
وعلوم القرآنالكريم ، وعلوم الحديث النبوى والسيرة النبوية ولغة العرب كما
أشرنا بمقدمة الكتاب-يبنيها على أمور:
أولاً: ... أن يجعل الإخلاصلله
رائده.. في كل قول .. أو حركة .. أو سكنة..؛ فيطلب العلم أولاًليعمل به في
نفسه؛ رغبة فيما عند الله Uَ، ويَجعل نَصب عينيه قوله e :
{ مَنْغَدَا يُرِيدُ الْعِلْمَ
يَتَعَلَّمُهُ لِلَّهِ، فَتَحَ اللَّهُ لَهُ بَاباً إلَىالْجَنَّةِ،
وَفَرَشَتْ لَهُ الْمَلاَئِكَةُ أَكْنَافَهَا، وَصَلَّتْ
عَلَيْهِمَلاَئِكَةُ السَّموَاتِ، وَحِيتَانُ الْبَحْرِ، وَلِلْعَالِمِ
مِنَ الْفَضْلِعَلَى الْعَابِدِ كَالْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ عَلَى
أَصْغَرِ كَوْكَبٍ فِي السَّمَاءِ،وَالْعُلَمَاءُ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ،
إنَّ الأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوادِينَاراً وَلاَ دِرْهَماً،
وَلكِنَّهُمْ وَرَّثُوا الْعِلْمَ، فَمَنْ أَخَذَهُأَخَذَ بِحَظِّهِ،
وَمَوْتُ الْعَالِمِ مُصِيبَةٌ لاَ تُجْبَرُ وَثُلْمَةٌ لاَتُسَدُّ وَهُوَ
نَجْمٌ طُمِسَ، مَوْتُ قَبِيلَةٍ أَيْسَرُ مِنْ مَوْتِ عَالِمٍ } [1].
وليحذر مما حذر منه رسول الله r في قوله e :
{ لا تَتَعَلَّمُوا
العِلْمَلِتُبَاهُوا بِهِ العُلَمَاءَ وَلِتُهَادُوا بِهِ السُّفَهَاءَ
وَلِتَصْرِفُوابِهِ وُجُوهَ النَّاسِ إِلَيْكُمْ، فَمَنْ فَعَلَ ذلِكَ
فَهُوَ فِي النَّارِ }[2]
ثانياً: .. أن يبدأ الداعىالحكيم البصير ... يبدأ بنفسه أولاً .. ثم بأهله[3] ..ثانياً، ثم الأقرب فالأقرب .. ، عملاً بقوله r:
{ إبْدَأْ بِنَفْسِكَ؛ثُمَّ بِمَنْ تَعُولُ }[4]
وأنيجعل الداعية الحكيم ديدنه دائماً وأبداً ، قولالإمام علىّ كرَّم الله
وجهه- وقيل نُسب هذا القول إلى أبى الأسود الدؤلى وكانتلميذاً للإمام علىّ،
وقيل أيضاً نسب لإبن السماك[5] فقدورد أنه t وعظ يوماً فأعجبه وعظه، ثم
رجع إلى منزله ونام،فسمع قائلاً يقول هذه الأبيات من الشعر، فانتبه! وآلى
على نفسه أن لا يعظ شهراً- وهى:
يَأَيُّهَا الرَّجُلُ المُعَلِّمُ غَيْرَهُ
هَلاَّ لِنَفْسِكَ كَانَ ذَا التَّعْلِيمُ
تَصِفُ الدَّوَاءَ لِذِي الْسِّقَامِ وَذِي الْضَّنَى
كَيْمَا يَصِحُّ بِهِ وَأنْتَ سَقِيمُ
وَنَرَاكَ تُصْلِحُ بِالْرَّشَادِ عُقُولَنَا
أَبَدَاً وَأَنْتَ مِنَ الْرَّشَادِ عَدِيمُ
ابْدَأْ بِنَفْسِكَ فَانْهَهَا عَنْ غَيِّهَا
فَإِذَا انْتَهَتْ عَنْهُ فَأَنْتَ حَكِيمُ
فَهُنَاكَ يُسْمَعُ مَا تَقُولُ وَيُشْتَفَى
بِالْقَوْلِ مِنْكَ وَيَنْفَعُ التَّعْلِيمُ
لاَ تَنْهُ عَنْ خُلُقٍ وَتَأْتِي مِثْلَهُ
عَارٌ عَلَيْكَ إذَا فَعَلْتَ عَظِيمُ
ثالثاً: ... أن يقصد بتعليمه الخلق وجه الله تبارك تعالى:هَلاَّ لِنَفْسِكَ كَانَ ذَا التَّعْلِيمُ
تَصِفُ الدَّوَاءَ لِذِي الْسِّقَامِ وَذِي الْضَّنَى
كَيْمَا يَصِحُّ بِهِ وَأنْتَ سَقِيمُ
وَنَرَاكَ تُصْلِحُ بِالْرَّشَادِ عُقُولَنَا
أَبَدَاً وَأَنْتَ مِنَ الْرَّشَادِ عَدِيمُ
ابْدَأْ بِنَفْسِكَ فَانْهَهَا عَنْ غَيِّهَا
فَإِذَا انْتَهَتْ عَنْهُ فَأَنْتَ حَكِيمُ
فَهُنَاكَ يُسْمَعُ مَا تَقُولُ وَيُشْتَفَى
بِالْقَوْلِ مِنْكَ وَيَنْفَعُ التَّعْلِيمُ
لاَ تَنْهُ عَنْ خُلُقٍ وَتَأْتِي مِثْلَهُ
عَارٌ عَلَيْكَ إذَا فَعَلْتَ عَظِيمُ
عملاً بقول رسول الله r لسيدنا أبى ذرٍ t :
{ يَا
أَبَاذَرٍّ لأَنْ تَغْدُوَ فَتَعَلَّمَ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ خَيْرٌ
لَكَ مِنْأَنْ تُصَلِّيَ مِائَةَ رَكْعَةٍ، وَلأَنْ تَغْدُوَ فَتَعَلَّمَ
بَاباً مِنَالْعِلْمِ عُمِلَ بِهِ أَوْ لَمْ يُعْمَلْ بِهِ خَيْرٌ لَكَ
مِنْ أَنْ تُصَلِّيَأَلْفَ رَكْعَةٍ} [6] وقوله r:
{أَفْضَلُالصَّدَقَةِ أَنْ يَتَعَلَّمَ الْمَرْءُ الْمُسْـــلِمُ عِلْماً، ثُمَّيُعَلِّمَهُ أَخَاهُ الْمُسْـــلِمَ}[7]
رابعاً: ... ألاَّ يطلب الدنيا بعلمه! ... وذلك عملاً و حذراًمما ورد عنه حديثه r أنه قال فى الحديث الشريف منبهاومحذراً:أَبَاذَرٍّ لأَنْ تَغْدُوَ فَتَعَلَّمَ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ خَيْرٌ
لَكَ مِنْأَنْ تُصَلِّيَ مِائَةَ رَكْعَةٍ، وَلأَنْ تَغْدُوَ فَتَعَلَّمَ
بَاباً مِنَالْعِلْمِ عُمِلَ بِهِ أَوْ لَمْ يُعْمَلْ بِهِ خَيْرٌ لَكَ
مِنْ أَنْ تُصَلِّيَأَلْفَ رَكْعَةٍ} [6] وقوله r:
{أَفْضَلُالصَّدَقَةِ أَنْ يَتَعَلَّمَ الْمَرْءُ الْمُسْـــلِمُ عِلْماً، ثُمَّيُعَلِّمَهُ أَخَاهُ الْمُسْـــلِمَ}[7]
{ من طلبعلماً مما يُبتغى به وجه الله تعالى ليصيب به عرضاً من الدنيا لم يجد عرف الجنةيوم القيامة }[8]
ومما روى عن النبي r أيضاً أنه قال:{ أوحى الله Uَ إلى بعض الأنبياء:
قل للذين يتفقهون لغير الدين، ويتعلمون لغيرالعمل، ويطلبون الدنيا بعمل
الآخرة، يلبسون للناس مسوك الكباش وقلوبهم كقلوبالذئاب، ألسنتهم أحلى من
العسل، وقلوبهم أمر من الصبر، إياي يخادعون، وبييستهزءون: لأفتحن لهم فتنة
تذر الحليم حيرانا }[9].
فإن أقل درجاتالعالم أن يدرك حقارة
الدنيا !وخستها! وكدورتها!! وزوالها!، وعظم الآخرة ودوامهاوصفاء نعيمها
وجلالة ملكها، ولذلك قال الحسن رحمه الله:{ عقوبة العلماء موت القلب، وموت
القلب طلب الدنيا بعمل الآخرة }
وقال يحي بن معاذ t أيضاً:
{ إنما يذهب بهاء العلم والحكمة إذاطلب بهما الدنيا }
وقال عمر بن الخطاب t: { إذا رأيتم العالم محباً للدنيافاتهموه على دينكم، فإن كل محب يخوض فيما أحب }[10]
وقال مالك بن دينار رحمه الله: {
قرأت في بعض الكتب السالفةأن الله تعالى يقول: إن أهون ما أصنع بالعالم إذا
أحب الدنيا أن أخرج حلاوةمناجاتي من قلبه }.[11]
[1] عن أبى الدرداء tرواه أبو داودوابن حبان والبيهقي وهذا لفظه
[2] رواه ابن ماجة من حديث جابر بإسناد صحيح
[3] ولنا فى ذلك فصل كامل فى هذا الكتاب، الفصلالثانى: دعوة الرجل لأهله وذويه.
[4] رواه الطبراني عن حكيم بن حزام، ورواه الشيخانعن أبي هريرة t.
[5] مرآة الجنان وعبرة اليقظان، شرح شذور الذهب فىأخبار من ذهب، المستطرف في كل فن مستظرف
[6] عن أبى ذر t رواه ابن ماجه بإسنادحسن
[7] رواه ابن ماجة عن أبي هريرة رضي الله عنه
[8] عن أبى هريرة رضي الله رواه أبو داود وابن ماجةبإسناد جيد
[9] رواه ابن عبد البر، عن أبى الدرداء رضي الله عنه
[10] إحياء علوم الدين للإمام أبى حامد الغزالى
[11] إحياء علوم الدين للإمام أبى حامد الغزالى
</blockquote>