أسرار (الـم) في القرآن الكريم
--------------------------------------------------------------------------------
أسرار (الـم) في القرآن الكريم
كثيرة هي التساؤلات التي طُرحت حول الحروف في أوائل بعض السور، ولماذا وضع
الله هذه الحروف وهل جاء الزمن الذي يمن الله علينا باكتشاف سرها، وهل يمكن
أن تكون هذه الحروف دليلاً مادياً على صدق كتاب الله تعالى في عصر
التكنولوجيا الرقمية الذي نعيشه اليوم؟؟
سوف نرى من خلال معجزة هذه الحروف وبنائها الرقمي المحكم مدى التعقيد
والإبداع الإلهي والذي لا يمكن لأحد أن يأتي بمثله. سوف نرى نسيجاً رائعاً
من التناسقات العددية القائمة على الرقم سبعة ومضاعفاته وفق منهج علمي
ورياضي محكم.
إشارات لوجود علاقة بين الرقم سبعة وهذه الحروف
إن أول شيء لاحظه المفسرون رحمهم الله تعالى في هذه الحروف أن عددها هو
أربعة عشر حرفاً، وعدد الافتتاحيات المشكلة منها هو أيضاً أربعة عشر
افتتاحية، طبعاً عدا المكرر منها. والشيء الذي لفت انتباهي هو هذا الرقم أي
14، وتوقعت أن يكون فيه مفتاح الحل للغز هذه الحروف بسبب تكراره مرتين أي
مرة مع الحروف المقطعة ومرة مع الافتتاحيات في أوائل السور:
عدد الحروف المميزة عدا المكرر = 14 أي سبعة في اثنان.
عدد الافتتاحيات المميزة عدا المكرر = 14 أي سبعة في اثنان.
إن العدد 14 يمكن تحليله رياضياً إلى رقمين 7 و 2 ، بكلمة أخرى إن العدد 14
هو حاصل ضرب سبعة في اثنان، ويمكن كتابة المعادلة الآتية: 14 = 7 × 2 ولكن
ماذا يعني ذلك؟
الرقم المميز
لا يخفى على أحد ما للرقم سبعة من أسرار وعجائب، فهذا العدد هو أول عدد
ذُكر في القرآن، وهو العدد الأكثر تكراراً في كتاب الله تعالى بعد الرقم
واحد، وهو العدد الذي اختاره الله تعالى لكل ذرة من ذرات الكون، فكما نعلم
عدد طبقات الذرة هو سبعة. وعدد السماوات سبع وكذلك الأراضين، وكذلك عدد
أيام الأسبوع، ومثله كثير.
إذن اختار الله تعالى عدد الحروف المميزة في القرآن لتساوي ضعف الرقم سبعة
أي 7×2، ولكن ماذا يعني الرقم 2 أيضاً؟ إن هذا الرقم ببساطة يدل على
التكرار والتثنية والمضاعفة، وكأن الله تعالى يريد أن ينبِّهنا إلى معجزة
في هذه الحروف تقوم على الرقم سبعة ومكرراته، فجعل عددها سبعة في اثنان.
أي أننا إذا تأملنا بناء هذه الأحرف والطريقة التي انتظمت بها عبر آيات
القرآن وأعداد هذه الحروف المميزة في كل كلمة من كلمات القرآن، لا بدّ أن
نحصل على تناسقات مع الرقم سبعة ومضاعفاته، أي رياضياً لا بدّ أن نحصل على
أعداد تقبل القسمة على الرقم سبعة من دون باق، وهذا ما سوف نراه فعلاً.
أول افتتاحية مميزة في القرآن
إن أول افتتاحية مميزة في القرآن هي (الم)، وهي أول آية من سورة البقرة،
ويأتي بعدها مباشرة تأكيد من ربّ العزة سبحانه وتعالى أن هذا الكتاب أي
القرآن لا ريب فيه أي لا شكّ فيه وأنه هدى للمتقين. يقول عزّ وجلّ: (ذَلِكَ
الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ) [البقرة: 2].
ولو ذهبنا إلى آخر سورة بدأت بالحروف الثلاثة (الم) لوجدنا سورة السجدة
التي استُفتحت بهذه الحروف وجاء بعدها مباشرة في الآية الثانية تأكيد من
الله تعالى أن القرآن لا ريب فيه أيضاً وأنه تنزيل من رب العالمين. يقول
تعالى: (تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ)
[السجدة: 2]. أي أن التأكيد هنا يتكرر بأن القرآن لا شكّ فيه.
لقد فكرتُ طويلاً في سرّ هذا التكرار لتأكيد الله تعالى بأن القرآن لا ريب
فيه، ولماذا اختار الحق سبحانه هذه الحروف الثلاثة بالذات؟ وبعد بحث طويل
خطرت ببالي فكرة وهي أن الله تعالى لم يضع هذه الحروف عبثاً، أو أنها أسماء
لله أو أسماء للسور فهذا كله لم يثبت وسبب ذلك ببساطة هو أنه إذا فكر أحد
بتغيير هذه الحروف لن يؤثر ذلك على هذا التفسير، أي أن الحروف الجديدة تصلح
أسماء للسور أو أسماء لله تعالى.
والمنطق يفرض بأن الله تعالى قد وضع هذه الحروف ليؤكد لنا وجود بناء خاص
بها، أي أننا لو استبدلنا هذه الحروف بأخرى سوف يختل هذا البناء! أي أن هذه
الحروف فيها معجزة ولا يمكن تحريفها أبداً أو تغييرها أو تبديلها.
والسؤال: كيف يمكن التعبير عن هذا البناء المحكم؟ وهل يمكن أن نجد في هذا
البناء تناسقاً مع الرقم سبعة؟
توزع مذهل للحروف
قمتُ بكتابة هذه الآية كما كُتبت في القرآن وأخرجتُ من كل كلمة ما تحويه من
هذه الحروف الثلاثة أي الألف واللام والميم. فكلمة (ذلكَ) تحوي من (الم)
حرف اللام أي تحوي حرفاً واحداً من هذه الحروف الثلاثة، وبالتالي تأخذ
الرقم 1 . وكلمة (الكتاب) نجدها مكتوبة في كتاب الله تعالى من دون ألف هكذا
(الكتب) وتحوي الألف واللام ولذلك تأخذ الرقم 2، أما كلمة (لا) فتحوي
ألفاً ولاماً أي 2 وكلمة (ريب) لا تحوي أي حرف من حروف (الم) لذلك تأخذ
الرقم صفر. ومثلها كلمة (فيه) التي لا تحوي شيئاً من حروف ألف لام ميم
وتأخذ الرقم صفر، وكذلك كلمة (هدى) ليس فيها شيء من (الم) وتأخذ الصفر، أما
كلمة (للمتقين) فتحوي لاميْن وميماً أي المجموع ثلاثة وتأخذ الرقم 3.
والآن نكتب الآية الكريمة وتحت كل كلمة عدد ما تحويه من الحروف الثلاثة (الم):
ذَلِكَ الْكِتَبُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ
1 2 2 0 0 0 3
فإذا ما قرأنا العدد كما هو دون جمعه نجده 3000221 أي ثلاثة ملايين ومئتان
وواحد وعشرون، هذا العدد له علاقة مباشرة بالرقم سبعة فهو من مضاعفات الرقم
سبعة، أي إذا قسمناه على سبعة كان الناتج عدداً صحيحاً لا فواصل فيه،
ويمكن أن نتأكد من هذه النتيجة رياضياً بقسمة هذا العدد على سبعة لنحصل على
عدد صحيح لا يحوي كسوراً أو فواصل عشريةً:
3000221 ÷ 7 = 428603
إذن العدد الذي يمثل توزع حروف (الم) في كلمات أول آية بعد (الم) هو عدد من
مضاعفات الرقم سبعة. ولكن ماذا عن آخر (الم) وهل من الممكن أن تتكرر هنا
العلاقة الرياضية ذاتها؟
لنكتب الآية التي تلي (الم) من سورة السجدة وتحت كل كلمة عدد حروف الألف
واللام والميم فيها تماماً كما فعلنا مع الآية السابقة، مع ملاحظة أن كلمة
(الكتاب) هنا أيضاً كُتبت من دون ألف (الكتب)، وكذلك كلمة (العالمين) كتبت
من دون ألف هكذا (العلمين) وهذا لحكمة سوف نكتشف جزءاً منها. الآن نكتب
الآية لنرى كيف تتوزع حروف (الم) في كلماتها:
تَنْزِيلُ الْكِتَبِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَلَمِينَ
1 2 2 0 0 1 0 4
و هنا نجد العدد 40100221 والذي يمثل توزع حروف الألف واللام والميم من مضاعفات السبعة:
40100221 ÷ 7 = 5728603
وهنا نقول إن هذا التوزع السباعي الدقيق لم يأت عن طرق المصادفة لأن
المصادفة لا تتكرر بهذا الشكل. والذي يؤكد ذلك هو أن التوزع لا يقتصر على
الحروف بل الكلمات لها نظام أيضاً. لنقرأ الفقرة التالية.
توزع مذهل للكلمات
في هاتين الآيتين كلمات تحوي حروفاً من (الم) كما رأينا وكلمات أخرى لا
تحوي أي حرف من (الم)، والسؤال: إذا كان توزع حروف (الم) عبر كلمات الآية
جاء متناسباً مع الرقم سبعة، فماذا عن الكلمات التي تحوي (الم)؟ وهل تتكرر
العلاقة السباعية أيضاً؟
ونقول: كما توزعت حروف (الم) بنظام سباعي كذلك تتوزع كلمات (الم) بنفس
النظام. ونكتب الآن كلتا الآيتين السابقتين، ولكن هذه المرة نبحث عن
الكلمات التي تحوي حروفاً من (الم) فنعطيها الرقم واحد، أما تلك الكلمات
التي لا تحوي أي حرف من حروف الألف واللام والميم فتأخذ الرقم صفر. وهنا
نتبع قاعدة رياضية معروفة هي نوع من أنواع النظام الثنائي، والذي يقتصر على
الرقمين واحد وصفر.
لنطبق هذه القاعدة على الآية الأولى، فنكتب الآية الكريمة وتحت كل كلمة رقماً يشير إلى وجود أو عدم وجود حروف (الم) في الكلمة:
ذَلِكَ الْكِتَبُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ
1 1 1 0 0 0 1
وهنا نجد العدد الذي يمثل توزع الكلمات التي تحوي حروفاً من (الم) هذا العدد هو 1000111 وهو من مضاعفات الرقم سبعة:
1000111 ÷ 7 = 142873
والعجيب أن النظام ذاته ينطبق على الآية الأخيرة! لنكتب كلمات الآية وتحت
كل كلمة رقم يمثل وجود أو عدم وجود (الم) في هذه الكلمة كما فعلنا مع الآية
السابقة:
تَنْزِيلُ الْكِتَبِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَلَمِينَ
1 1 1 0 0 1 0 1
والعدد الذي يمثل توزع الكلمات ذات حروف (الم) هو 10100111 من مضاعفات الرقم سبعة أيضاً:
10100111 ÷ 7 = 1442873
فتأمل أخي القارئ كيف أن حروف (الم) تتوزع بنظام سباعي، وبالمثل الكلمات
التي تحوي حروفاً من (الم) تتوزع بنظام سباعي أيضاً. فهل جاء هذا التوزع
بالمصادفة؟ وهل يمكن للمصادفة أن تتكرر في القرآن كله في آياته وسوره
وكلماته وحروفه؟؟
تناسق معجز!
إن الإعجاز والنظام والتناسق لا يقتصر على الآيات، بل يشمل أيضاً ارتباط
هذه الآيات بعضها ببعض، وهذا لكمال وتمام الإعجاز في كتاب الله تعالى. فلو
أحصينا عدد حروف الآية الأولى: (ذَلِكَ الْكِتَبُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى
لِلْمُتَّقِينَ) نجد 26 حرفاً. ولو عددنا حروف الآية الثانية: (تَنْزِيلُ
الْكِتَبِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَلَمِينَ) نجد 29 حرفاً.
والعجيب أن هذين الرقمين يتناسبان مع الرقم سبعة، فلو قمنا بوضع هذين
الرقمين حسب تسلسلهما وجدنا عدداً هو:
الآية الأولى الآية الأخيرة
26 29
والعدد الذي يمثل حروف الآيتين هو 2926 من مضاعفات السبعة:
2926 = 7 × 418
إن هذه النتيجة تؤكد ارتباط حروف الآيات بنظام سباعي، ولكن هذا ليس كل شيء،
وهذه النتيجة ليست مصادفة، والسبب هو وجود علاقة مذهلة بين عدد الكلمات
التي تحوي حروفاً من (الم) وبين عدد هذه الحروف في الآية.
التوازن العددي بين الكلمات والحروف
لو عددنا الكلمات التي تحوي (الم) في الآية الأولى أي في قوله تعالى:
(ذَلِكَ الْكِتَبُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ) وجدنا 4 كلمات
تحوي حروفاً من (الم)، ولو عددنا حروف الألف واللام والميم في الآية لوجدنا
8 أحرف أي الضعف، والمذهل وجود تناسق عددي يربط بين الكلمات والحروف:
عدد الكلمات التي تحوي (الم) عدد حروف (الم) في الآية
4 8
والعدد الناتج من صف الرقمين 4 و 8 أي العدد الذي يمثل الكلمات والحروف هو 84 من مضاعفات السبعة:
84 ÷ 7 = 12 (لاحظ أن العدد 12 هو مجموع الكلمات والحروف 4+
الآن نذهب للآية الأخيرة (تَنْزِيلُ الْكِتَبِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ
الْعَلَمِينَ) ونطبق الخطوات ذاتها ونحصي الكلمات التي احتوت على أحد حروف
(الم) لنجد عددها 5 ولكن عدد حروف الألف واللام والميم في هذه الآية يساوي
10 أي الضعف أيضاً!! تماماً كما في الآية الأولى. ويبقى هنا التناسق
السباعي ليربط بين الكلمات والحروف:
عدد الكلمات التي تحوي (الم) عدد حروف (الم) في الآية
5 10
وهنا من جديد نجد العدد الذي يمثل الكلمات والحروف هو 105 من مضاعفات السبعة أيضاً:
105 ÷ 7 = 15 (ولاحظ هنا أيضاً العدد 15 هو مجموع الكلمات والحروف 5+10)
حتى ناتجي القسمة أي العدد 12 والعدد 15 نجد بينهما تناسق سباعي محكم، فعند
صف هذين العددين 12-15 نجد عدداً جديداً هو 1512 وهذا من مضاعفات السبعة
أيضاً:
1512 ÷ 7 = 216
ولكن العجيب أن العدد النهائي الناتج لدينا وهو 216 يتناسب بشكل مذهل مع
عدد السور التي تبدأ بـ (الم) وهو 6 فالعدد 216 يساوي ستة في ستة في ستة:
216 = 6 × 6 × 6
وهنا ندرك أن كل عدد في القرآن قد وضعه الله تعالى بدقة فائقة وبتناسب مبهر
ليدلنا على إعجاز القرآن، ليس بلغته وبلاغته وعلومه فحسب، بل بأرقامه
وأعداده أيضاً.
رسم معجز
أو ترتيب سوره لاختل التناسق السباعي لهذه الحروف، ولم نعد نرى هذه المعادلات المحكمة
--------------------------------------------------------------------------------
أسرار (الـم) في القرآن الكريم
كثيرة هي التساؤلات التي طُرحت حول الحروف في أوائل بعض السور، ولماذا وضع
الله هذه الحروف وهل جاء الزمن الذي يمن الله علينا باكتشاف سرها، وهل يمكن
أن تكون هذه الحروف دليلاً مادياً على صدق كتاب الله تعالى في عصر
التكنولوجيا الرقمية الذي نعيشه اليوم؟؟
سوف نرى من خلال معجزة هذه الحروف وبنائها الرقمي المحكم مدى التعقيد
والإبداع الإلهي والذي لا يمكن لأحد أن يأتي بمثله. سوف نرى نسيجاً رائعاً
من التناسقات العددية القائمة على الرقم سبعة ومضاعفاته وفق منهج علمي
ورياضي محكم.
إشارات لوجود علاقة بين الرقم سبعة وهذه الحروف
إن أول شيء لاحظه المفسرون رحمهم الله تعالى في هذه الحروف أن عددها هو
أربعة عشر حرفاً، وعدد الافتتاحيات المشكلة منها هو أيضاً أربعة عشر
افتتاحية، طبعاً عدا المكرر منها. والشيء الذي لفت انتباهي هو هذا الرقم أي
14، وتوقعت أن يكون فيه مفتاح الحل للغز هذه الحروف بسبب تكراره مرتين أي
مرة مع الحروف المقطعة ومرة مع الافتتاحيات في أوائل السور:
عدد الحروف المميزة عدا المكرر = 14 أي سبعة في اثنان.
عدد الافتتاحيات المميزة عدا المكرر = 14 أي سبعة في اثنان.
إن العدد 14 يمكن تحليله رياضياً إلى رقمين 7 و 2 ، بكلمة أخرى إن العدد 14
هو حاصل ضرب سبعة في اثنان، ويمكن كتابة المعادلة الآتية: 14 = 7 × 2 ولكن
ماذا يعني ذلك؟
الرقم المميز
لا يخفى على أحد ما للرقم سبعة من أسرار وعجائب، فهذا العدد هو أول عدد
ذُكر في القرآن، وهو العدد الأكثر تكراراً في كتاب الله تعالى بعد الرقم
واحد، وهو العدد الذي اختاره الله تعالى لكل ذرة من ذرات الكون، فكما نعلم
عدد طبقات الذرة هو سبعة. وعدد السماوات سبع وكذلك الأراضين، وكذلك عدد
أيام الأسبوع، ومثله كثير.
إذن اختار الله تعالى عدد الحروف المميزة في القرآن لتساوي ضعف الرقم سبعة
أي 7×2، ولكن ماذا يعني الرقم 2 أيضاً؟ إن هذا الرقم ببساطة يدل على
التكرار والتثنية والمضاعفة، وكأن الله تعالى يريد أن ينبِّهنا إلى معجزة
في هذه الحروف تقوم على الرقم سبعة ومكرراته، فجعل عددها سبعة في اثنان.
أي أننا إذا تأملنا بناء هذه الأحرف والطريقة التي انتظمت بها عبر آيات
القرآن وأعداد هذه الحروف المميزة في كل كلمة من كلمات القرآن، لا بدّ أن
نحصل على تناسقات مع الرقم سبعة ومضاعفاته، أي رياضياً لا بدّ أن نحصل على
أعداد تقبل القسمة على الرقم سبعة من دون باق، وهذا ما سوف نراه فعلاً.
أول افتتاحية مميزة في القرآن
إن أول افتتاحية مميزة في القرآن هي (الم)، وهي أول آية من سورة البقرة،
ويأتي بعدها مباشرة تأكيد من ربّ العزة سبحانه وتعالى أن هذا الكتاب أي
القرآن لا ريب فيه أي لا شكّ فيه وأنه هدى للمتقين. يقول عزّ وجلّ: (ذَلِكَ
الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ) [البقرة: 2].
ولو ذهبنا إلى آخر سورة بدأت بالحروف الثلاثة (الم) لوجدنا سورة السجدة
التي استُفتحت بهذه الحروف وجاء بعدها مباشرة في الآية الثانية تأكيد من
الله تعالى أن القرآن لا ريب فيه أيضاً وأنه تنزيل من رب العالمين. يقول
تعالى: (تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ)
[السجدة: 2]. أي أن التأكيد هنا يتكرر بأن القرآن لا شكّ فيه.
لقد فكرتُ طويلاً في سرّ هذا التكرار لتأكيد الله تعالى بأن القرآن لا ريب
فيه، ولماذا اختار الحق سبحانه هذه الحروف الثلاثة بالذات؟ وبعد بحث طويل
خطرت ببالي فكرة وهي أن الله تعالى لم يضع هذه الحروف عبثاً، أو أنها أسماء
لله أو أسماء للسور فهذا كله لم يثبت وسبب ذلك ببساطة هو أنه إذا فكر أحد
بتغيير هذه الحروف لن يؤثر ذلك على هذا التفسير، أي أن الحروف الجديدة تصلح
أسماء للسور أو أسماء لله تعالى.
والمنطق يفرض بأن الله تعالى قد وضع هذه الحروف ليؤكد لنا وجود بناء خاص
بها، أي أننا لو استبدلنا هذه الحروف بأخرى سوف يختل هذا البناء! أي أن هذه
الحروف فيها معجزة ولا يمكن تحريفها أبداً أو تغييرها أو تبديلها.
والسؤال: كيف يمكن التعبير عن هذا البناء المحكم؟ وهل يمكن أن نجد في هذا
البناء تناسقاً مع الرقم سبعة؟
توزع مذهل للحروف
قمتُ بكتابة هذه الآية كما كُتبت في القرآن وأخرجتُ من كل كلمة ما تحويه من
هذه الحروف الثلاثة أي الألف واللام والميم. فكلمة (ذلكَ) تحوي من (الم)
حرف اللام أي تحوي حرفاً واحداً من هذه الحروف الثلاثة، وبالتالي تأخذ
الرقم 1 . وكلمة (الكتاب) نجدها مكتوبة في كتاب الله تعالى من دون ألف هكذا
(الكتب) وتحوي الألف واللام ولذلك تأخذ الرقم 2، أما كلمة (لا) فتحوي
ألفاً ولاماً أي 2 وكلمة (ريب) لا تحوي أي حرف من حروف (الم) لذلك تأخذ
الرقم صفر. ومثلها كلمة (فيه) التي لا تحوي شيئاً من حروف ألف لام ميم
وتأخذ الرقم صفر، وكذلك كلمة (هدى) ليس فيها شيء من (الم) وتأخذ الصفر، أما
كلمة (للمتقين) فتحوي لاميْن وميماً أي المجموع ثلاثة وتأخذ الرقم 3.
والآن نكتب الآية الكريمة وتحت كل كلمة عدد ما تحويه من الحروف الثلاثة (الم):
ذَلِكَ الْكِتَبُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ
1 2 2 0 0 0 3
فإذا ما قرأنا العدد كما هو دون جمعه نجده 3000221 أي ثلاثة ملايين ومئتان
وواحد وعشرون، هذا العدد له علاقة مباشرة بالرقم سبعة فهو من مضاعفات الرقم
سبعة، أي إذا قسمناه على سبعة كان الناتج عدداً صحيحاً لا فواصل فيه،
ويمكن أن نتأكد من هذه النتيجة رياضياً بقسمة هذا العدد على سبعة لنحصل على
عدد صحيح لا يحوي كسوراً أو فواصل عشريةً:
3000221 ÷ 7 = 428603
إذن العدد الذي يمثل توزع حروف (الم) في كلمات أول آية بعد (الم) هو عدد من
مضاعفات الرقم سبعة. ولكن ماذا عن آخر (الم) وهل من الممكن أن تتكرر هنا
العلاقة الرياضية ذاتها؟
لنكتب الآية التي تلي (الم) من سورة السجدة وتحت كل كلمة عدد حروف الألف
واللام والميم فيها تماماً كما فعلنا مع الآية السابقة، مع ملاحظة أن كلمة
(الكتاب) هنا أيضاً كُتبت من دون ألف (الكتب)، وكذلك كلمة (العالمين) كتبت
من دون ألف هكذا (العلمين) وهذا لحكمة سوف نكتشف جزءاً منها. الآن نكتب
الآية لنرى كيف تتوزع حروف (الم) في كلماتها:
تَنْزِيلُ الْكِتَبِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَلَمِينَ
1 2 2 0 0 1 0 4
و هنا نجد العدد 40100221 والذي يمثل توزع حروف الألف واللام والميم من مضاعفات السبعة:
40100221 ÷ 7 = 5728603
وهنا نقول إن هذا التوزع السباعي الدقيق لم يأت عن طرق المصادفة لأن
المصادفة لا تتكرر بهذا الشكل. والذي يؤكد ذلك هو أن التوزع لا يقتصر على
الحروف بل الكلمات لها نظام أيضاً. لنقرأ الفقرة التالية.
توزع مذهل للكلمات
في هاتين الآيتين كلمات تحوي حروفاً من (الم) كما رأينا وكلمات أخرى لا
تحوي أي حرف من (الم)، والسؤال: إذا كان توزع حروف (الم) عبر كلمات الآية
جاء متناسباً مع الرقم سبعة، فماذا عن الكلمات التي تحوي (الم)؟ وهل تتكرر
العلاقة السباعية أيضاً؟
ونقول: كما توزعت حروف (الم) بنظام سباعي كذلك تتوزع كلمات (الم) بنفس
النظام. ونكتب الآن كلتا الآيتين السابقتين، ولكن هذه المرة نبحث عن
الكلمات التي تحوي حروفاً من (الم) فنعطيها الرقم واحد، أما تلك الكلمات
التي لا تحوي أي حرف من حروف الألف واللام والميم فتأخذ الرقم صفر. وهنا
نتبع قاعدة رياضية معروفة هي نوع من أنواع النظام الثنائي، والذي يقتصر على
الرقمين واحد وصفر.
لنطبق هذه القاعدة على الآية الأولى، فنكتب الآية الكريمة وتحت كل كلمة رقماً يشير إلى وجود أو عدم وجود حروف (الم) في الكلمة:
ذَلِكَ الْكِتَبُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ
1 1 1 0 0 0 1
وهنا نجد العدد الذي يمثل توزع الكلمات التي تحوي حروفاً من (الم) هذا العدد هو 1000111 وهو من مضاعفات الرقم سبعة:
1000111 ÷ 7 = 142873
والعجيب أن النظام ذاته ينطبق على الآية الأخيرة! لنكتب كلمات الآية وتحت
كل كلمة رقم يمثل وجود أو عدم وجود (الم) في هذه الكلمة كما فعلنا مع الآية
السابقة:
تَنْزِيلُ الْكِتَبِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَلَمِينَ
1 1 1 0 0 1 0 1
والعدد الذي يمثل توزع الكلمات ذات حروف (الم) هو 10100111 من مضاعفات الرقم سبعة أيضاً:
10100111 ÷ 7 = 1442873
فتأمل أخي القارئ كيف أن حروف (الم) تتوزع بنظام سباعي، وبالمثل الكلمات
التي تحوي حروفاً من (الم) تتوزع بنظام سباعي أيضاً. فهل جاء هذا التوزع
بالمصادفة؟ وهل يمكن للمصادفة أن تتكرر في القرآن كله في آياته وسوره
وكلماته وحروفه؟؟
تناسق معجز!
إن الإعجاز والنظام والتناسق لا يقتصر على الآيات، بل يشمل أيضاً ارتباط
هذه الآيات بعضها ببعض، وهذا لكمال وتمام الإعجاز في كتاب الله تعالى. فلو
أحصينا عدد حروف الآية الأولى: (ذَلِكَ الْكِتَبُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى
لِلْمُتَّقِينَ) نجد 26 حرفاً. ولو عددنا حروف الآية الثانية: (تَنْزِيلُ
الْكِتَبِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَلَمِينَ) نجد 29 حرفاً.
والعجيب أن هذين الرقمين يتناسبان مع الرقم سبعة، فلو قمنا بوضع هذين
الرقمين حسب تسلسلهما وجدنا عدداً هو:
الآية الأولى الآية الأخيرة
26 29
والعدد الذي يمثل حروف الآيتين هو 2926 من مضاعفات السبعة:
2926 = 7 × 418
إن هذه النتيجة تؤكد ارتباط حروف الآيات بنظام سباعي، ولكن هذا ليس كل شيء،
وهذه النتيجة ليست مصادفة، والسبب هو وجود علاقة مذهلة بين عدد الكلمات
التي تحوي حروفاً من (الم) وبين عدد هذه الحروف في الآية.
التوازن العددي بين الكلمات والحروف
لو عددنا الكلمات التي تحوي (الم) في الآية الأولى أي في قوله تعالى:
(ذَلِكَ الْكِتَبُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ) وجدنا 4 كلمات
تحوي حروفاً من (الم)، ولو عددنا حروف الألف واللام والميم في الآية لوجدنا
8 أحرف أي الضعف، والمذهل وجود تناسق عددي يربط بين الكلمات والحروف:
عدد الكلمات التي تحوي (الم) عدد حروف (الم) في الآية
4 8
والعدد الناتج من صف الرقمين 4 و 8 أي العدد الذي يمثل الكلمات والحروف هو 84 من مضاعفات السبعة:
84 ÷ 7 = 12 (لاحظ أن العدد 12 هو مجموع الكلمات والحروف 4+
الآن نذهب للآية الأخيرة (تَنْزِيلُ الْكِتَبِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ
الْعَلَمِينَ) ونطبق الخطوات ذاتها ونحصي الكلمات التي احتوت على أحد حروف
(الم) لنجد عددها 5 ولكن عدد حروف الألف واللام والميم في هذه الآية يساوي
10 أي الضعف أيضاً!! تماماً كما في الآية الأولى. ويبقى هنا التناسق
السباعي ليربط بين الكلمات والحروف:
عدد الكلمات التي تحوي (الم) عدد حروف (الم) في الآية
5 10
وهنا من جديد نجد العدد الذي يمثل الكلمات والحروف هو 105 من مضاعفات السبعة أيضاً:
105 ÷ 7 = 15 (ولاحظ هنا أيضاً العدد 15 هو مجموع الكلمات والحروف 5+10)
حتى ناتجي القسمة أي العدد 12 والعدد 15 نجد بينهما تناسق سباعي محكم، فعند
صف هذين العددين 12-15 نجد عدداً جديداً هو 1512 وهذا من مضاعفات السبعة
أيضاً:
1512 ÷ 7 = 216
ولكن العجيب أن العدد النهائي الناتج لدينا وهو 216 يتناسب بشكل مذهل مع
عدد السور التي تبدأ بـ (الم) وهو 6 فالعدد 216 يساوي ستة في ستة في ستة:
216 = 6 × 6 × 6
وهنا ندرك أن كل عدد في القرآن قد وضعه الله تعالى بدقة فائقة وبتناسب مبهر
ليدلنا على إعجاز القرآن، ليس بلغته وبلاغته وعلومه فحسب، بل بأرقامه
وأعداده أيضاً.
رسم معجز
أو ترتيب سوره لاختل التناسق السباعي لهذه الحروف، ولم نعد نرى هذه المعادلات المحكمة