بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
باب الصبر
25-
وعن أبي مَالِكٍ الْحَارِثِ بْنِ عَاصِم الأشْعريِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : «
الطُّهُورُ شَطْرُ الإِيمَان ، وَالْحَمْدُ للَّه تَمْلأَ الْميزانَ
وسُبْحَانَ الله والحَمْدُ للَّه تَمْلآنِ أَوْ تَمْلأ مَا بَيْنَ
السَّموَات وَالأَرْضِ وَالصَّلاَةِ نورٌ ، والصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ ،
وَالصَّبْرُ ضِيَاءٌ ، والْقُرْآنُ حُجَّةُ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ . كُلُّ
النَّاس يَغْدُو، فَبِائِعٌ نَفْسَهُ فمُعْتِقُها ، أَوْ مُوبِقُهَا» رواه مسلم .
26-
وَعَنْ أبي سَعيدٍ بْن مَالِك بْن سِنَانٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُمَا أَنَّ نَاساً مِنَ الأنصَارِ سَأَلُوا رَسُولَ الله صَلّى اللهُ
عَلَيْهِ وسَلَّم فأَعْطاهُم ، ثُمَّ سَأَلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ ، حَتَّى
نَفِد مَا عِنْدَهُ ، فَقَالَ لَهُمْ حِينَ أَنَفَقَ كُلَّ شَيْءٍ بِيَدِهِ
:
« مَا يَكُنْ مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ أدَّخِرَهُ عَنْكُمْ ، وَمَنْ يسْتعْفِفْ
يُعِفَّهُ الله وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ ، وَمَنْ يَتَصَبَّرْ
يُصَبِّرْهُ اللَّهُ . وَمَا أُعْطِىَ أَحَدٌ عَطَاءً خَيْراً وَأَوْسَعَ
مِنَ الصَّبْرِ » مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .
27- وَعَنْ أبي يَحْيَى صُهَيْبِ بْنِ سِنَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ الله صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : «عَجَباً
لأمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ لَهُ خَيْرٌ ، وَلَيْسَ ذَلِكَ
لأِحَدٍ إِلاَّ للْمُؤْمِن : إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ
خَيْراً لَهُ ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خيْراً لَهُ » رواه مسلم .
28- وعنْ أَنسٍ رضِيَ الله عنْهُ قَالَ : لمَّا
ثقُلَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم جَعَلَ يتغشَّاهُ الكرْبُ
فقَالتْ فاطِمَةُ رَضِيَ الله عنْهَا : واكَرْبَ أبَتَاهُ ، فَقَالَ : « ليْسَ عَلَى أبيك كرْبٌ بعْدَ اليَوْمِ » فلمَّا
مَاتَ قالَتْ : يَا أبتَاهُ أَجَابَ ربّاً دعَاهُ ، يا أبتَاهُ جنَّةُ
الفِرْدَوْسِ مأوَاهُ ، يَا أَبَتَاهُ إِلَى جبْريلَ نْنعَاهُ ، فلَمَّا
دُفنَ قالتْ فاطِمَةُ رَضِيَ الله عَنهَا : أطَابتْ أنفسُكُمْ أَنْ
تَحْثُوا عَلَى رسُول الله صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم التُّرابَ ؟ روَاهُ البُخاريُّ .
29-
وعنْ أبي زيْد أُسامَة بن زيد حَارثَةَ موْلَى رسُول الله صَلّى اللهُ
عَلَيْهِ وسَلَّم وحبَّهِ وابْنِ حبِّهِ رضـِيَ الله عنهُمَا ، قالَ :
أَرْسلَتْ بنْتُ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : إنَّ ابْنِي
قَدِ احتُضِرَ فاشْهدْنَا ، فأَرسَلَ يقْرِئُ السَّلامَ ويَقُول : « إن للَّه مَا أَخَذَ ، ولهُ مَا أعْطَى ، وكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بأجَلٍ مُسمَّى ، فلتصْبِر ولتحْتسبْ »
فأرسَلَتْ إِليْهِ تُقْسمُ عَلَيْهِ ليأْتينَّها. فَقَامَ وَمَعَهُ سَعْدُ
بْنُ عُبادَةَ، وَمُعَاذُ ابْنُ جَبَلٍ ، وَأُبَيُّ بْنَ كَعْبٍ ،
وَزَيْدُ بْنِ ثاَبِتٍ ، وَرِجَالٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ، فَرُفِعَ
إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم الصبيُّ ، فأقعَدَهُ
في حِجْرِهِ ونَفْسُهُ تَقعْقعُ ، فَفَاضتْ عَيْناهُ ، فقالَ سعْدٌ : يَا
رسُولَ الله مَا هَذَا ؟ فقالَ: « هَذِهِ رَحْمةٌ جعلَهَا اللَّهُ تعَلَى في قُلُوبِ عِبَادِهِ » وفي روِايةٍ : « في قُلُوبِ منْ شَاءَ مِنْ عِبَادِهِ وَإِنَّمَا يَرْحَمُ اللَّهُ منْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ » مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .
وَمَعْنَى « تَقَعْقَعُ » : تَتحَرَّكُ وتَضْطَربُ .
30- وَعَنْ صُهَيْبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَالَ :
« كَانَ مَلِكٌ فيِمَنْ كَانَ قبْلَكُمْ، وَكَانَ لَهُ سَاحِرٌ ، فَلَمَّا
كَبِرَ قَالَ لِلْمَلِك : إِنِّي قَدْ كَبِرْتُ فَابعَثْ إِلَيَّ غُلاَماً
أُعَلِّمْهُ السِّحْرَ ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ غُلاَماً يعَلِّمُهُ ، وَكَانَ
في طَريقِهِ إِذَا سَلَكَ رَاهِبٌ، فَقَعَدَ إِلَيْهِ وَسَمِعَ كَلاَمهُ
فأَعْجَبهُ ، وَكَانَ إِذَا أَتَى السَّاحِرَ مَرَّ بالرَّاهِب وَقَعَدَ
إِلَيْه ، فَإِذَا أَتَى السَّاحِرَ ضَرَبَهُ ، فَشَكَا ذَلِكَ إِلَى
الرَّاهِبِ فقال : إِذَا خَشِيتَ السَّاحِر فَقُلْ : حبَسَنِي أَهْلي ،
وَإِذَا خَشِيتَ أَهْلَكَ فَقُلْ: حَبَسَنِي السَّاحرُ .
فَبيْنَمَا هُو عَلَى ذَلِكَ إذْ أتَى عَلَى دابَّةٍ عظِيمَة قدْ حَبَسَت
النَّاس فقال : اليوْمَ أعْلَمُ السَّاحِرُ أفْضَل أم الرَّاهبُ أفْضلَ ؟
فأخَذَ حجَراً فقالَ : اللهُمَّ إنْ كان أمْرُ الرَّاهب أحَبَّ إلَيْكَ
مِنْ أَمْرِ السَّاحِرِ فاقتُلْ هَذِهِ الدَّابَّة حتَّى يمْضِيَ النَّاسُ ،
فرَماها فقتَلَها ومَضى النَّاسُ، فأتَى الرَّاهب فأخبَرهُ . فقال لهُ
الرَّاهبُ : أىْ بُنيَّ أَنْتَ اليوْمَ أفْضلُ منِّي ، قدْ بلَغَ مِنْ
أمْركَ مَا أَرَى ، وإِنَّكَ ستُبْتَلَى ، فإنِ ابْتُليتَ فَلاَ تدُلَّ
عليَّ ، وكانَ الغُلامُ يبْرئُ الأكْمةَ والأبرصَ ، ويدَاوي النَّاس مِنْ
سائِرِ الأدوَاءِ . فَسَمعَ جلِيسٌ للملِكِ كانَ قدْ عمِىَ، فأتَاهُ
بهداياَ كثيرَةٍ فقال : ما ههُنَا لك أجْمَعُ إنْ أنْتَ شفَيْتني ، فقال
إنِّي لا أشفِي أحَداً، إِنَّمَا يشْفِي الله تعَالى، فإنْ آمنْتَ
بِاللَّهِ تعَالَى دعوْتُ الله فشَفاكَ ، فآمَنَ باللَّه تعَالى فشفَاهُ
اللَّهُ تَعَالَى ، فأتَى المَلِكَ فجَلَس إليْهِ كما كانَ يجْلِسُ فقالَ
لَهُ المَلكُ : منْ ردَّ علَيْك بصَرك؟ قال : ربِّي . قَالَ: ولكَ ربٌّ
غيْرِي ؟، قَالَ : رَبِّي وربُّكَ الله ، فأَخَذَهُ فلَمْ يزلْ يُعذِّبُهُ
حتَّى دلَّ عَلَى الغُلاَمِ فجئَ بِالغُلاَمِ ، فقال
لهُ المَلكُ : أىْ بُنَيَّ قدْ بَلَغَ منْ سِحْرِك مَا تبْرئُ الأكمَهَ
والأبرَصَ وتَفْعلُ وَتفْعَلُ فقالَ : إِنَّي لا أشْفي أَحَداً ، إنَّما
يشْفي الله تَعَالَى، فأخَذَهُ فَلَمْ يزَلْ يعذِّبُهُ حتَّى دلَّ عَلَى
الرَّاهبِ ، فجِئ بالرَّاهِبِ فقيل لَهُ : ارجَعْ عنْ دِينكَ، فأبَى ،
فدَعا بالمنْشَار فوُضِع المنْشَارُ في مفْرقِ رأْسِهِ، فشقَّهُ حتَّى
وقَعَ شقَّاهُ ، ثُمَّ جِئ بجَلِيسِ المَلكِ فقِلَ لَهُ : ارجِعْ عنْ
دينِكَ فأبَى ، فوُضِعَ المنْشَارُ في مفْرِقِ رَأسِهِ ، فشقَّهُ به حتَّى
وقَع شقَّاهُ ، ثُمَّ جئ بالغُلامِ فقِيل لَهُ : ارجِعْ عنْ دينِكَ ، فأبَى
، فدَفعَهُ إِلَى نَفَرٍ منْ أصْحابِهِ فقال : اذهبُوا بِهِ إِلَى جبَلِ
كَذَا وكذَا فاصعدُوا بِهِ الجبلَ ، فـإذَا بلغتُمْ ذروتهُ فإنْ رجعَ عنْ
دينِهِ وإِلاَّ فاطرَحوهُ فذهبُوا به فصعدُوا بهِ الجَبَل فقال :
اللَّهُمَّ اكفنِيهمْ بمَا شئْت ، فرجَف بِهمُ الجَبَلُ فسَقطُوا ، وجَاءَ
يمْشي إِلَى المَلِكِ ، فقالَ لَهُ المَلكُ : ما فَعَلَ أَصحَابكَ ؟ فقالَ :
كفانيهِمُ الله تعالَى ، فدفعَهُ إِلَى نَفَرَ منْ أصْحَابِهِ فقال :
اذهبُوا بِهِ فاحملُوه في قُرقُور وَتَوسَّطُوا بِهِ البحْرَ ، فإنْ رَجَعَ
عنْ دينِهِ وإلاَّ فَاقْذفُوهُ ، فذَهبُوا بِهِ فقال : اللَّهُمَّ
اكفنِيهمْ بمَا شِئْت ، فانكَفَأَتْ بِهِمُ السَّفينةُ فغرِقوا ، وجَاءَ
يمْشِي إِلَى المَلِك . فقالَ
لَهُ الملِكُ : ما فَعَلَ أَصحَابكَ ؟ فقال : كفانِيهمُ الله تعالَى .
فقالَ للمَلِكِ إنَّك لسْتَ بقَاتِلِي حتَّى تفْعلَ ما آمُركَ بِهِ . قال :
ما هُوَ ؟ قال : تجْمَعُ النَّاس في صَعيدٍ واحدٍ ، وتصلُبُني عَلَى جذْعٍ
، ثُمَّ خُذ سهْماً مِنْ كنَانتِي ، ثُمَّ ضعِ السَّهْمِ في كَبدِ
القَوْسِ ثُمَّ قُل : بسْمِ اللَّهِ ربِّ الغُلاَمِ ثُمَّ ارمِنِي ،
فإنَّكَ إذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ قَتَلْتنِي . فجَمَع النَّاس في صَعيدٍ
واحِدٍ ، وصلَبَهُ عَلَى جذْعٍ ، ثُمَّ أَخَذَ سهْماً منْ كنَانَتِهِ ،
ثُمَّ وضَعَ السَّهمَ في كبِدِ القَوْسِ، ثُمَّ قَالَ : بِسْم اللَّهِ
رَبِّ الغُلامِ ، ثُمَّ رمَاهُ فَوقَعَ السَّهمُ في صُدْغِهِ ، فَوضَعَ
يدَهُ في صُدْغِهِ فمَاتَ . فقَالَ النَّاسُ : آمَنَّا بِرَبِّ الغُلاَمِ ،
فَأُتِىَ المَلكُ فَقِيلُ لَهُ : أَرَأَيْت ما كُنْت تحْذَر قَدْ وَاللَّه
نَزَلَ بِك حَذرُكَ . قدْ آمنَ النَّاسُ
. فأَمَرَ بِالأخدُودِ بأفْوَاهِ السِّكك فخُدَّتَ وَأضْرِمَ فِيها
النيرانُ وقالَ : مَنْ لَمْ يرْجَعْ عنْ دينِهِ فأقْحمُوهُ فِيهَا أوْ قيلَ
لَهُ : اقْتَحمْ ، ففعَلُوا حتَّى جَاءتِ امرَأَةٌ ومعَهَا صَبِيٌّ لهَا ،
فَتقَاعَسَت أنْ تَقعَ فِيهَا ، فقال لَهَا الغُلاَمُ : يا أمَّاهْ
اصبِرِي فَإِنَّكَ عَلَي الحَقِّ » روَاهُ مُسْلَمٌ .
« ذرْوةُ الجَبلِ » : أعْلاهُ ، وَهي بكَسْر الذَّال المعْجمَة وضمها و « القُرْقورُ » بضَمِّ القَافَيْن : نوْعٌ منْ السُّفُن و « الصَّعِيدُ » هُنا : الأرضُ البارزَةُ و «الأخْدُودُ»: الشُّقوقُ في الأرْضِ كالنَّهْرِ الصَّغيرِ و « أُضرِمَ » أوقدَ « وانكفَأَت» أي : انقلبَتْ و « تقاعسَت » توقَّفتْ وجبُنتْ .
31- وَعَنْ أَنَسٍ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : مَرَّ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم بِامْرَأَةٍ تَبْكِي عِنْدَ قَبْرٍ فَقَال : «اتَّقِي الله وَاصْبِرِي » فَقَالَتْ
: إِلَيْكَ عَنِّي ، فَإِنِّكَ لَمْ تُصَبْ بمُصِيبتى، وَلَمْ تعْرفْهُ ،
فَقيلَ لَها : إِنَّه النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ، فَأَتتْ
بَابَ النَّبِّي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ، فلَمْ تَجِد عِنْدَهُ
بَوَّابينَ ، فَقالتْ : لَمْ أَعْرِفْكَ ، فقالَ : « إِنَّما الصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الأولَى » متفقٌ عليه.
وفي رواية لمُسْلمٍ : « تَبْكِي عَلَى صَبيٍّ لَهَا » .
32- وَعَنْ أبي هَرَيرَةَ رَضي اللَّه عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قالَ : «
يَقولُ اللَّهُ تَعَالَى: مَا لِعَبْدِي المُؤْمِنِ عِنْدِي جَزَاءٌ إِذَا
قَبضْتُ صَفِيَّهُ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا ثُمَّ احْتَسَبهُ إِلاَّ
الجَنَّة » رواه البخاري .
33-
وعَنْ عائشَةَ رضي اللَّهُ عنها أنَهَا سَأَلَتْ رسولَ اللَّه صَلّى اللهُ
عَلَيْهِ وسَلَّم عَن الطَّاعونِ ، فَأَخبَرَهَا أَنَهُ كَانَ عَذَاباً
يَبْعَثُهُ اللَّه تعالى عَلَى منْ يَشَاءُ ، فَجَعَلَهُ اللَّهُ تعالَى
رحْمةً للْمُؤْمنِينَ ، فَلَيْسَ مِنْ عَبْدٍ يَقَعُ في الطَّاعُون
فَيَمْكُثُ في بلَدِهِ صَابِراً مُحْتَسِباً يَعْلَمُ أَنَّهُ لاَ
يُصِيبُهُ إِلاَّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ إِلاَّ كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ
الشَّهِيدِ » رواه البخاري .
34- وعَنْ أَنسٍ رضي اللَّه عنه قال : سَمِعْتُ رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يقولُ : « إنَّ اللَّه عَزَّ وجَلَّ قَالَ : إِذَا ابْتَلَيْتُ عَبدِي بحبيبتَيْهِ فَصبَرَ عَوَّضْتُهُ مِنْهُمَا الْجنَّةَ » يُريدُ عينيْه ، رواه البخاريُّ .
35- وعنْ عطاءِ بْن أَبي رَباحٍ قالَ :
قالَ لِي ابْنُ عبَّاسٍ رضي اللَّهُ عنهُمَا ألا أريكَ امْرَأَةً مِن
أَهْلِ الجَنَّة ؟ فَقُلت : بلَى ، قَالَ : هذِهِ المْرأَةُ السوْداءُ
أَتَتِ النبيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم فقالَتْ : إِنِّي أُصْرَعُ ،
وإِنِّي أَتكَشَّفُ ، فَادْعُ اللَّه تعالى لِي قَالَ : « إِن شئْتِ صَبَرْتِ ولكِ الْجنَّةُ، وإِنْ شِئْتِ دعَوْتُ اللَّه تَعالَى أَنْ يُعافِيَكِ » فقَالتْ : أَصْبرُ ، فَقالت : إِنِّي أَتَكشَّفُ ، فَادْعُ اللَّه أَنْ لا أَتكشَّفَ ، فَدَعَا لَهَا . متَّفقٌ عليْهِ .
36- وعنْ أَبي عبْدِ الرَّحْمنِ عبْدِ اللَّه بنِ مسْعُودٍ رضيَ اللَّه عنه قَال :
كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلى رسولِ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يحْكيِ
نَبيّاً من الأَنْبِياءِ ، صلواتُ اللَّهِ وسَلاَمُهُ عَليْهم ، ضَرَبُهُ
قَوْمُهُ فَأَدْمـوْهُ وهُو يمْسحُ الدَّم عنْ وجْهِهِ ، يقُولُ : « اللَّهمَّ اغْفِرْ لِقَوْمي فإِنَّهُمْ لا يعْلمُونَ » متفقٌ عَلَيْه .
37- وَعنْ أَبي سَعيدٍ وأَبي هُرَيْرة رضي اللَّه عَنْهُمَا عن النَّبيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَالَ : «مَا
يُصِيبُ الْمُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ وَلاَ وَصَبٍ وَلاَ هَمٍّ وَلاَ حَزَن
وَلاَ أَذًى وَلاَ غمٍّ ، حتَّى الشَّوْكَةُ يُشَاكُها إِلاَّ كفَّر اللَّه
بهَا مِنْ خطَايَاه » متفقٌ عليه .
و « الْوَصَب » : الْمرضُ .
38- وعن ابْن مسْعُود رضي اللَّه عنه قَالَ : دَخلْتُ عَلى النَبيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم وَهُو يُوعَكُ فَقُلْتُ يا رسُولَ اللَّه إِنَّكَ تُوعكُ وَعْكاً شَدِيداً قال : « أَجَلْ إِنِّي أُوعَكُ كَمَا يُوعَكُ رَجُلانِ مِنْكُم» قُلْتُ : ذلك أَنَّ لَكَ أَجْريْن ؟ قال : «
أَجَلْ ذَلك كَذَلك مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصِيبُهُ أَذًى ، شوْكَةٌ فَمَا
فوْقَهَا إلاَّ كَفَّر اللَّه بهَا سيئاته ، وَحطَّتْ عنْهُ ذُنُوبُهُ
كَمَا تَحُطُّ الشَّجرةُ وَرقَهَا » متفقٌ عليه.
وَ « الْوَعْكُ » : مَغْثُ الحمَّى ، وقيل : الْحُمى .
39- وعنْ أَبي هُرَيرة رضيَ اللَّهُ عنه قال : قال رسولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْراً يُصِبْ مِنْهُ » : رواه البخاري .
وضَبطُوا « يُصِب » : بفَتْحِ الصَّادِ وكَسْرِهَا .
40- وعَنْ أَنَسٍ رضي اللَّهُ عنه قال : قال رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : «
لا يتَمنينَّ أَحدُكُمُ الْمَوْتَ لِضُرٍّ أَصَابَهُ ، فَإِنْ كَانَ لا
بُدَّ فاعلاً فليقُل : اللَّهُمَّ أَحْيني ما كَانَت الْحياةُ خَيراً لِي
وتوفَّني إِذَا كَانَتِ الْوفاَةُ خَيْراً لِي » متفق عليه .
41- وعنْ أبي عبدِ اللَّهِ خَبَّابِ بْن الأَرتِّ رضيَ اللَّهُ عنه قال :
شَكَوْنَا إِلَى رسولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم وَهُو
مُتَوسِّدٌ بُردةً لَهُ في ظلِّ الْكَعْبةِ ، فَقُلْنَا : أَلا تَسْتَنْصرُ
لَنَا أَلا تَدْعُو لَنَا ؟ فَقَالَ : قَد
كَانَ مَنْ قَبْلكُمْ يؤْخَذُ الرَّجُلُ فيُحْفَرُ لَهُ في الأَرْضِ في
جْعلُ فِيهَا ، ثمَّ يُؤْتِى بالْمِنْشارِ فَيُوضَعُ علَى رَأْسِهِ فيُجعلُ
نصْفَيْن ، ويُمْشطُ بِأَمْشاطِ الْحديدِ مَا دُونَ لَحْمِهِ وَعظْمِهِ ،
ما يَصُدُّهُ ذلكَ عَنْ دِينِهِ ، واللَّه ليتِمنَّ اللَّهُ هَذا الأَمْر
حتَّى يسِير الرَّاكِبُ مِنْ صنْعاءَ إِلَى حَضْرمْوتَ لا يخافُ إِلاَّ
الله والذِّئْبَ عَلَى غنَمِهِ ، ولكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ » رواه البخاري .
وفي رواية : « وهُوَ مُتَوسِّدٌ بُرْدةً وقَدْ لقِينَا مِنَ الْمُشْركِين شِدَّةً » .
42- وعن ابن مَسعُودٍ رضي اللَّه عنه قال : لمَّا
كَانَ يَوْمُ حُنَيْنٍ آثر رسولَ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم
نَاساً في الْقِسْمَةِ : فأَعْطَى الأَقْرعَ بْنَ حابِسٍ مائةً مِنَ
الإِبِلِ وأَعْطَى عُييْنَةَ بْنَ حِصْنٍ مِثْلَ ذلِكَ ، وأَعطى نَاساً منْ
أشرافِ الْعربِ وآثَرهُمْ يوْمئِذٍ في الْقِسْمَةِ . فَقَالَ رجُلٌ :
واللَّهِ إنَّ هَذِهِ قِسْمةٌ ما عُدِلَ فِيها ، وما أُريد فِيهَا وَجهُ
اللَّه ، فَقُلْتُ: واللَّه لأُخْبِرَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ
عَلَيْهِ وسَلَّم ، فأتيتُهُ فَأخبرته بِما قال ، فتغَيَّر وَجْهُهُ حتَّى
كَانَ كَالصِّرْفِ . ثُمَّ قال : « فَمنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ يعدِلِ اللَّهُ ورسُولُهُ ؟ ثم قال : يرحَمُ اللَّهُ موسى قَدْ أُوْذِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصبرَ » فَقُلْتُ: لا جرمَ لا أَرْفعُ إلَيه بعْدها حدِيثاً. متفقٌ عليه .
وقَوْلُهُ « كَالصِرْفَ » هُو بِكسْرِ الصادِ الْمُهْملةِ : وَهُوَ صِبْغٌ أَحْمَرُ .
43- وعن أنس رضي اللَّه عنه قال : قال رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم :
« إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بعبْدِهِ خَيْراً عجَّلَ لَهُ الْعُقُوبةَ في
الدُّنْيَا ، وإِذَا أَرَادَ اللَّه بِعبدِهِ الشَّرَّ أمسَكَ عنْهُ
بذَنْبِهِ حتَّى يُوافِيَ بهِ يَومَ الْقِيامةِ » .
وقَالَ النبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : «
إِنَّ عِظَمَ الْجزاءِ مَعَ عِظَمِ الْبلاءِ ، وإِنَّ اللَّه تعالى إِذَا
أَحَبَّ قَوماً ابتلاهُمْ ، فَمنْ رضِيَ فلَهُ الرضَا ، ومَنْ سَخِطَ
فَلَهُ السُّخْطُ » رواه الترمذي وقَالَ: حديثٌ حسنٌ .
44- وعنْ أَنَسٍ رضي اللَّه عنه قال :
كَانَ ابْنٌ لأبي طلْحةَ رضي اللَّه عنه يَشْتَكي ، فخرج أبُو طَلْحة ،
فَقُبِضَ الصَّبِيُّ ، فَلَمَّا رَجَعَ أَبُو طَلْحةَ قال : ما فَعَلَ
ابنِي ؟ قَالَت أُمُّ سُلَيْم وَهِيَ أُمُّ الصَّبيِّ : هو أَسْكَنُ مَا
كَانَ ، فَقَرَّبَتْ إِلَيْهِ الْعَشَاءَ فَتَعَشَّى ، ثُمَّ أَصَابَ
مِنْهَا، فَلَمَّا فرغَ قَالَتْ : وارُوا الصَّبيَّ ، فَلَمَّا أَصْبحَ
أَبُو طَلْحَة أَتَى رسولَ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم
فَأَخْبرهُ، فَقَالَ: « أَعرَّسْتُمُ اللَّيْلَةَ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، قال : « اللَّهمَّ باركْ لَهُما » فَولَدتْ
غُلاماً فقَالَ لِي أَبُو طَلْحَةَ : احْمِلْهُ حتَّى تَأَتِيَ بِهِ
النبيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ، وبَعثَ مَعهُ بِتمْرَات ، فقال : «أَمعهُ شْيءٌ ؟ »
قال : نعمْ ، تَمراتٌ فَأَخَذَهَا النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ
وسَلَّم فَمضَغَهَا ، ثُمَّ أَخذَهَا مِنْ فِيهِ فَجَعَلَهَا في في
الصَّبيِّ ثُمَّ حَنَّكَه وسمَّاهُ عبدَ اللَّهِ متفقٌ عليه .
وفي روايةٍ للْبُخَاريِّ : قال ابْنُ عُيَيْنَة : فَقَالَ
رجُلٌ منَ الأَنْصارِ : فَرَأَيْتُ تَسعة أَوْلادٍ كلُّهُمْ قدْ قَرؤُوا
الْقُرْآنَ ، يعْنِي مِنْ أَوْلادِ عَبْدِ اللَّه الْموْلُود .
وفي روايةٍ لمسلِم : ماتَ
ابْنٌ لأبِي طَلْحَةَ مِنْ أُمِّ سُلَيْمٍ ، فَقَالَتْ لأهْلِهَا : لا
تُحَدِّثُوا أَبَا طَلْحَةَ بابنِهِ حتَّى أَكُونَ أَنَا أُحَدِّثُهُ ،
فَجَاءَ فَقَرَّبَتْ إِلَيْهِ عَشَاءً فَأَكَلَ وشَرِبَ ، ثُمَّ تَصنَّعتْ
لهُ أَحْسنَ ما كانتْ تَصَنَّعُ قَبْلَ ذلكَ ، فَوقَعَ بِهَا ، فَلَمَّا
أَنْ رأَتْ أَنَّهُ قَدْ شَبِعِ وأَصَابَ مِنْها قَالتْ: يا أَبَا طلْحةَ ،
أَرَايْتَ لَوْ أَنَّ قَوْماً أَعارُوا عارِيتهُمْ أَهْل بيْتٍ فَطَلبوا
عاريَتَهُم ، ألَهُمْ أَنْ يمْنَعُوهَا؟ قَالَ : لا ، فَقَالَتْ : فاحتسِبْ
ابْنَكَ . قَالَ : فغَضِبَ ، ثُمَّ قَالَ : تركتنِي حتَّى إِذَا
تَلطَّخْتُ ثُمَّ أَخْبرتِني بِابْني ، فَانْطَلَقَ حتَّى أَتَى رسولَ
اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم فأخْبَرهُ بما كَانَ ، فَقَالَ رسولُ
اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « بَاركَ اللَّه لكُما في ليْلتِكُما » .
قال : فحملَتْ ، قال : وكَانَ رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم
في سفَرٍ وهِي مَعَهُ وكَانَ رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم
إِذَا أَتَى الْمَدِينَةِ مِنْ سَفَرٍ لاَ يَطْرُقُها طُرُوقاً فَدنَوْا
مِنَ الْمَدِينَةِ ، فَضَرَبَهَا الْمَخاضُ ، فَاحْتَبَس عَلَيْهَا أَبُو
طلْحَةَ ، وانْطلَقَ رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم . قَالَ :
يقُولُ أَبُو طَلْحةَ إِنَّكَ لتعلمُ يَا ربِّ أَنَّهُ يعْجبُنِي أَنْ
أَخْرُجَ معَ رسولِ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم إِذَا خَرَجَ ،
وأَدْخُلَ مَعهُ إِذَا دَخَلَ ، وقَدِ احْتَبَسْتُ بِما تَرى . تقولُ أُمُّ
سُلَيْمٍ : يا أَبَا طلْحةَ مَا أَجِد الَّذي كنْتُ أَجِدُ ، انْطَلِقْ ،
فانْطَلقْنَا ، وضَربهَا المَخاضُ حينَ قَدِمَا فَولَدتْ غُلاماً . فقالَتْ
لِي أُمِّي : يا أَنَسُ لا يُرْضِعُهُ أَحدٌ تَغْدُوَ بِهِ عَلَى رسُول
اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ، فلمَّا أَصْبحَ احتملْتُهُ
فانطَلقْتُ بِهِ إِلَى رسولِ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم . وذَكَرَ تمامَ الْحَدِيثِ .
45- وعنْ أَبِي هُريرةَ رضي اللَّه عنه أَن رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : « لَيْسَ الشديدُ بالصُّرَعةِ إِنمَّا الشديدُ الَّذي يمْلِكُ نَفسَهُ عِنْد الْغَضَبِ » متفقٌ عليه .
« والصُّرَعَةُ » بِضمِّ الصَّادِ وفتْحِ الرَّاءِ ، وأصْلُهُ عنْد الْعربِ منْ يصرَعُ النَّاسَ كثيراً .
46- وعنْ سُلَيْمانَ بْنِ صُرَدٍ رضي اللَّه عنهُ قال : كُنْتُ
جالِساً مع النَّبِي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم، ورجُلان يستَبَّانِ
وأَحدُهُمَا قَدِ احْمَرَّ وَجْهُهُ . وانْتفَخَتْ أودَاجهُ . فقال رسولُ
اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : «
إِنِّي لأعلَمُ كَلِمةً لَوْ قَالَهَا لَذَهَبَ عنْهُ ما يجِدُ ، لوْ
قَالَ : أَعْوذُ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ذَهَبَ عنْهُ ما
يجدُ . فقَالُوا لَهُ : إِنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَالَ : «تعوَّذْ بِاللِّهِ مِن الشَّيَطان الرَّجِيمِ ». متفقٌ عليه .
47- وعنْ مُعاذ بْنِ أَنَسٍ رضي اللَّه عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَالَ : «
مَنْ كظَمَ غيظاً ، وهُو قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنْفِذَهُ ، دَعَاهُ اللَّهُ
سُبْحانَهُ وتَعالَى عَلَى رُؤُوسِ الْخلائقِ يَوْمَ الْقِيامَةِ حَتَّى
يُخَيِّرَهُ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ مَا شَاءَ » رواه أَبُو داوُدَ ، والتِّرْمِذيُّ وقال : حديثٌ حسنٌ .
48- وعنْ أَبِي هُريْرَةَ رَضيَ اللَّهُ عنهُ أَنَّ رَجُلاً قَالَ للنَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : أوْصِني ، قَالَ : « لا تَغضَبْ » فَردَّدَ مِراراً قَالَ ، « لا تَغْضَبْ » رواه البخاريُّ.
49- وَعَنْ أبي هُرَيْرةَ رَضِيَ اللَّهُ عنه قال : قال رسولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : «
مَا يَزَال الْبَلاءُ بِالْمُؤْمِنِ وَالْمؤمِنَةِ في نَفْسِهِ وَولَدِهِ
ومَالِهِ حَتَّى يَلْقَى اللَّه تعالى وَمَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ» رواه التِّرْمِذيُّ وقال : حديثٌ حسنٌ صحِيحٌ .
50- وَعَنْ ابْن عَبَاسٍ رضي اللَّه عنهما قال : قَدِمَ
عُيَيْنَة بْنُ حِصْنٍ فَنَزلَ عَلَى ابْنِ أَخيِهِ الْحُر بْنِ قَيْسٍ ،
وَكَانَ مِن النَّفَرِ الَّذِين يُدْنِيهِمْ عُمرُ رضِيَ اللَّهُ عنهُ ،
وَكَانَ الْقُرَّاءُ أَصْحابَ مَجْلِسِ عُمَرَ رضي اللَّهُ عنه
وَمُشاوَرَتِهِ كُهولاً كَانُوا أَوْ شُبَّاناً ، فَقَالَ عُييْنَةُ لابْنِ
أَخيِهِ : يَا ابْنَ أَخِى لَكَ وَجْهٌ عِنْدَ هَذَا الأمِيرِ
فَاسْتَأْذِنْ لى عَلَيْهِ ، فاستَأذنَ فَأَذِنَ لَهُ عُمرُ . فَلَمَّا
دخَلَ قَالَ : هِيْ يا ابْنَ الْخَطَّاب ، فَوَاللَّه مَا تُعْطِينَا
الْجَزْلَ وَلا تَحْكُمُ فِينَا بالْعَدْل ، فَغَضِبَ عُمَرُ رضيَ اللَّه
عنه حتَّى هَمَّ أَنْ يُوقِعَ بِهِ فَقَالَ لَهُ الْحُرُّ : يا أَمِيرَ
الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ اللَّه تعَالى قَال لِنبِيِّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ
وسَلَّم : { خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الجاهلينَ } [ سورة الأعراف: 198 ] وإنَّ هَذَا مِنَ الجاهلينَ ، وَاللَّه ما جاوَزَها عُمَرُ حِينَ تلاها ، وكَانَ وَقَّافاً عِنْد كِتَابِ اللَّهِ تعالى رواه البخارى .
51- وعَن ابْنِ مسْعُودٍ رضي اللَّه عنه أنَّ رسولَ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : « إِنَّهَا سَتكُونُ بَعْدِى أَثَرَةٌ وَأُمُورٌ تُنْكِرونَها ، قَالُوا : يا رسُولَ اللَّهِ فَما تَأمرُنا ؟ قالَ : تُؤَدُّونَ الْحقَّ الَّذي عَلَيْكُمْ وتَسْألونَ اللَّه الذي لكُمْ » متفقٌ عليه . « والأَثَرَةُ » : الانفرادُ بالشيْءِ عمَّنْ لَهُ فيهِ حقٌّ .
52- وَعن أبي يحْيَى أُسَيْدِ بْنِ حُضَيْرٍ رضي اللَّهُ عنهُ أَنَّ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ قال : يا رسولَ اللَّهِ أَلا تَسْتَعْمِلُني كَمَا اسْتْعْملتَ فُلاناً وفلاناً فَقَالَ : « إِنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ بَعْدي أَثَرَةً فاصْبِرُوا حَتَّى تلقَوْنِي علَى الْحوْضِ » متفقٌ عليه .
« وأُسَيْدٌ » بِضَمِّ الْهمْزةِ . « وحُضَيْرٌ » بِحاءٍ مُهْمَلَةٍ مضمُومَةٍ وضادٍ مُعْجَمَةٍ مفْتُوحةٍ ، واللَّهُ أَعْلَمُ .
53-
وَعنْ أبي إِبْراهيمَ عَبْدِ اللَّه بْنِ أبي أَوْفي رضي اللَّهُ عنهمَا
أَنَّ رسولَ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم في بعْضِ أَيَّامِهِ التي
لَقِيَ فِيهَا الْعَدُوَّ ، انْتَظرَ حَتَّى إِذَا مَالَتِ الشَّمْسُ
قَامَ فِيهمْ فَقَالَ: «
يَا أَيُّهَا النَّاسُ لا تَتَمنَّوا لِقَاءَ الْعدُوِّ ، وَاسْأَلُوا
اللَّه العَافِيَةَ ، فَإِذَا لقيتُموهم فاصْبرُوا ، وَاعْلَمُوا أَنَّ
الْجَنَّة تَحْتَ ظِلاَلِ السُّيُوفِ » ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الْكِتَابِ وَمُجْرِيَ السَّحَابِ ، وَهَازِمَ الأَحْزابِ ، اهْزِمْهُمْ وَانْصُرْنا عَلَيْهِمْ » . متفقٌ عليه وباللَّه التَّوْفيقُ .
اللهم اجعلها في ميزان حسنات مصطفى الحسني أبوعائشة واجعل مثواه الجنة .