الجزء الجديد من سلسلة "هاري بوتر والأمير الهجينHarry Potter and the Half-Blood Prince"، يشعرك بأنه فيلم رومانسي، ولم لا، وهو يتناول العلاقات العاطفية بين مجموعة من المراهقين، هم الأشهر في السنوات الأخيرة: هاري بوتر وجيني ورونالد ويزلي وهرميوني جرينجر؟ فها هم يبلغون مبلغ الشباب، وتبدأ مشاعرهم -المشبوبة بشغف الاكتشافات الأولى- تشتعل، وتستحيل عناقا وقبلات.. وربما كان هذا سرّ اجتياح الفيلم لقمم الإيرادات في العالم.
المدقق في تتابع السلسلة المنشورة من الرواية الأشهر في العالم، يكتشف أن الجزء الجديد هو أشبه بجزء انتقالي للصعود إلى الجزء الأخير، الذي قرر صناع السلسلة السينمائية أن يقوموا بعمل فيلمين منه، هو هاري بوتر والموت المقدس، وبالفعل سيتم تصويرهما متتابعين، وهو ما أفرد مساحة واسعة في هذا الجزء إلى تتبع العلاقات العاطفية بين أبطال السلسلة، فمجموعة الفتيان المراهقين يتحركون نحو مرحلة عمرية جديدة، والأحداث تزداد تراجيدية، خاصة مع تطورات المعركة الأبدية بين الخير والشر، أو بين السحر الأبيض الذي يمثله دمبلدور -رئيس مدرسة هورجوتس السحرية- وبين سيد الظلام -اللورد فولدمورت- بكل ما يمثله من طاقة شريرة تريد أن يكتسي العالم بسواد الموت؛ حيث يتم اغتيال سيريس بلاك -مرشد بوتر وأبوه الروحي- بعد قيام سيد الظلام من الموت، واستعادة أتباعه لقوتهم.
والمتابع لسلسلة الأفلام التي بدأت منذ سنوات، يكتشف أنها المرة الأولى التي تشع فيها العلاقات بين أبطال الفيلم هذا الدفء العاطفي وتلك التلميحات والعبارات الجنسية والحميمية؛ حيث صاغ السيناريو الحبكات العاطفية بشكل مؤثر، خاصة أن تلك العلاقات خالفت ظنّ الجميع وخلقت حالة من التوتر الرومانسي الرقيق، فعلى عكس المتوقع لم يقع هاري وهرميوني في الحب، وإنما تعلق هاري بجيني ويزلي أخت رونالد صديقه الأقرب، بينما أحبت هرميوني رونالد ويزلي، في تأكيد درامي على أن مرآة الحب عمياء بالفعل.
فهرميوني طوال الوقت هي الأكثر ذكاء ونشاطا واتقادا، بل هي أكثر قدرة على حلّ المعضلات الذهنية في الأحداث من هاري الذي يبدو غير مكتمل في غياب هرميوني، فهو الطاقة السحرية، وهي سحر الذكاء، أما رونالد، فهو الفتى الغشيم "سنيد" البطل صاحب المشاعر الطيبة والذهن بطيء الفهم، فكيف لهرميوني أن تقع في حبه، ولكنه السهم الذي نفذ، والتطور الدرامي الأكثر تشويقا، وكما تقرّ العلوم الطبيعية، فإن الأقطاب المختلفة تتجاذب.
مثلثات الحب
لا تقدم لنا الأحداث قصص حب سهلة، وإنما تصنع مثلثات متداخلة تستغرق وقتا من زمن الأحداث بشكل غير مسبوق في السلسلة، فهناك مثلث هاري وجيني والفتى الأسمر الذي كان على علاقة بها، قبل أن تشعر هي بميل نحو هاري، وتعترف له بحبها، من خلال قبلة لها طاقة سحرية، ربما أكبر من طاقة هاري نفسه، ويتداخل في هذا المثلث مثلث آخر هو هاري وجيني ورونالد ويزلي -شقيق جيني- الذي يشعر بغيرة شديدة من كل من يقترب من أخته حتى لو كان صديق عمره هاري.
وهناك مثلث رونالد وهرميوني والفتاة التي تحب رونالد وتقبله بعنف وشبق طوال الوقت في مشاهد متقدة بشهوة القبلات الأولى.. وهناك مثلث هرميوني ورونالد والشاب الذي تحاول هرميوني استغلاله لكي تشعل نار غيرة رونالد وتكشف له عن تعلقها به.
ولأنه في كل الملاحم الكبيرة، تكاد تكون "التيمة" الأساسية التي تقوم على أكتافها الأحداث هي تيمة الصراع بين الشيطان أو قوى الشر أو الظلام، مع المخلص أو المختار الذي تتوحد فيه قوى الخير والنور والإيمان.. فإنه يصبح على هاري بوتر أن يتعرض لآلام كثيرة طوال الوقت، بداية من مقتل والديه في الأجزاء الأول، ثم فقدانه لمرشده سيريس بلاك، وأخيرا مشاهدته لمقتل دمبلدور، الذي كان يقوم في حياة هاري مقام الحكيم الروحي والأب الحنون الذي يدرك عذاب أن تكون على أكتاف طفل صغير مسؤولية خلاص العالم من الظلام.
انتصار الشر
كما سلف، فإن هذا الجزء من السلسلة يشعرك بأنه النصف الغامض من اللغز، الذي لن يكشف عن سرّه إلا في الأجزاء المقبلة.. صحيح أننا اكتشفنا في نهاية الفيلم من هو الأمير الهجين الذي عثر هاري على كتيب يحمل اسمه، وساعده ذلك في مواجهته ضد دريكو مالفوي -الشاب الذي وقع اختيار سيد الظلام عليه- لكي يقتل دمبلدور، لكن تظل هناك مشاهد متناثرة تلقي بعض الشكوك على حقيقة ما حدث.
فهناك ذلك الحوار الغامض الذي دار بين بروفسيور سنيب ودمبلدور، الذي استمع هاري إلى جزء منه ولم يفهمه، خاصة عندما قال سنيب لدمبلدور: "أنت تحملني فوق طاقتي"، ثم رفض سنيب أن يقتل دريكو مالفوي وقتله هو لدمبلدور فيما بعد، ثم مشهد طائر الفينيكس أو العنقاء الخاص بدمبلدور، وهو يطير في الأفق، وكلنا يعلم من الأجزاء السابقة أنه له قدرات شفائية.. كل هذه المشاهد المتناثرة تشعرنا بأن هناك مفاجأة تنتظرنا فيما يخص حقيقة موت دمبلدور في الأجزاء القادمة
العاطفة لون الصورة
من الصعب تقويم الخدع البصرية والإيقاع الإخراجي المميز والرائع في هذا الفيلم، لكن اللافت للنظر، إيمان صناع الأفلام العالمية، بضرورة اتساق الشكل مع المضمون بدرجة كاملة، فكما تدب حميمية العلاقات بين أجزاء الأحداث والحبكات، فإن الصورة السينمائية للفيلم تحتوي طول الوقت على ألوان رقيقة وحسيّة، وعلى لقطات للمعانقات والقبلات في كثير من زوايا الكادر، ربما بشكل مبالغ فيه في بعض الأحيان، خاصة أن جمهور بوتر لا يزال يضم أعمارا دون سن البلوغ، مما يؤثر بالسلب على تلقي الفيلم، خاصة بالنسبة للأسر المحافظة.
صحيح أن المخرج لم يصور سوى قبلة واحدة بشكل ساخن، وتعمد أن تختفي في مشاهد القبلات الأخرى عملية التقاء الشفاه، إلا أن العناق العاطفي والإيحاءات بالتلامس المكشوف في اللقطات ظلت أكثر إباحية مما يحتمل المراهقون من عشاق بوتر حول العالم.
المدقق في تتابع السلسلة المنشورة من الرواية الأشهر في العالم، يكتشف أن الجزء الجديد هو أشبه بجزء انتقالي للصعود إلى الجزء الأخير، الذي قرر صناع السلسلة السينمائية أن يقوموا بعمل فيلمين منه، هو هاري بوتر والموت المقدس، وبالفعل سيتم تصويرهما متتابعين، وهو ما أفرد مساحة واسعة في هذا الجزء إلى تتبع العلاقات العاطفية بين أبطال السلسلة، فمجموعة الفتيان المراهقين يتحركون نحو مرحلة عمرية جديدة، والأحداث تزداد تراجيدية، خاصة مع تطورات المعركة الأبدية بين الخير والشر، أو بين السحر الأبيض الذي يمثله دمبلدور -رئيس مدرسة هورجوتس السحرية- وبين سيد الظلام -اللورد فولدمورت- بكل ما يمثله من طاقة شريرة تريد أن يكتسي العالم بسواد الموت؛ حيث يتم اغتيال سيريس بلاك -مرشد بوتر وأبوه الروحي- بعد قيام سيد الظلام من الموت، واستعادة أتباعه لقوتهم.
والمتابع لسلسلة الأفلام التي بدأت منذ سنوات، يكتشف أنها المرة الأولى التي تشع فيها العلاقات بين أبطال الفيلم هذا الدفء العاطفي وتلك التلميحات والعبارات الجنسية والحميمية؛ حيث صاغ السيناريو الحبكات العاطفية بشكل مؤثر، خاصة أن تلك العلاقات خالفت ظنّ الجميع وخلقت حالة من التوتر الرومانسي الرقيق، فعلى عكس المتوقع لم يقع هاري وهرميوني في الحب، وإنما تعلق هاري بجيني ويزلي أخت رونالد صديقه الأقرب، بينما أحبت هرميوني رونالد ويزلي، في تأكيد درامي على أن مرآة الحب عمياء بالفعل.
فهرميوني طوال الوقت هي الأكثر ذكاء ونشاطا واتقادا، بل هي أكثر قدرة على حلّ المعضلات الذهنية في الأحداث من هاري الذي يبدو غير مكتمل في غياب هرميوني، فهو الطاقة السحرية، وهي سحر الذكاء، أما رونالد، فهو الفتى الغشيم "سنيد" البطل صاحب المشاعر الطيبة والذهن بطيء الفهم، فكيف لهرميوني أن تقع في حبه، ولكنه السهم الذي نفذ، والتطور الدرامي الأكثر تشويقا، وكما تقرّ العلوم الطبيعية، فإن الأقطاب المختلفة تتجاذب.
مثلثات الحب
لا تقدم لنا الأحداث قصص حب سهلة، وإنما تصنع مثلثات متداخلة تستغرق وقتا من زمن الأحداث بشكل غير مسبوق في السلسلة، فهناك مثلث هاري وجيني والفتى الأسمر الذي كان على علاقة بها، قبل أن تشعر هي بميل نحو هاري، وتعترف له بحبها، من خلال قبلة لها طاقة سحرية، ربما أكبر من طاقة هاري نفسه، ويتداخل في هذا المثلث مثلث آخر هو هاري وجيني ورونالد ويزلي -شقيق جيني- الذي يشعر بغيرة شديدة من كل من يقترب من أخته حتى لو كان صديق عمره هاري.
وهناك مثلث رونالد وهرميوني والفتاة التي تحب رونالد وتقبله بعنف وشبق طوال الوقت في مشاهد متقدة بشهوة القبلات الأولى.. وهناك مثلث هرميوني ورونالد والشاب الذي تحاول هرميوني استغلاله لكي تشعل نار غيرة رونالد وتكشف له عن تعلقها به.
ولأنه في كل الملاحم الكبيرة، تكاد تكون "التيمة" الأساسية التي تقوم على أكتافها الأحداث هي تيمة الصراع بين الشيطان أو قوى الشر أو الظلام، مع المخلص أو المختار الذي تتوحد فيه قوى الخير والنور والإيمان.. فإنه يصبح على هاري بوتر أن يتعرض لآلام كثيرة طوال الوقت، بداية من مقتل والديه في الأجزاء الأول، ثم فقدانه لمرشده سيريس بلاك، وأخيرا مشاهدته لمقتل دمبلدور، الذي كان يقوم في حياة هاري مقام الحكيم الروحي والأب الحنون الذي يدرك عذاب أن تكون على أكتاف طفل صغير مسؤولية خلاص العالم من الظلام.
انتصار الشر
كما سلف، فإن هذا الجزء من السلسلة يشعرك بأنه النصف الغامض من اللغز، الذي لن يكشف عن سرّه إلا في الأجزاء المقبلة.. صحيح أننا اكتشفنا في نهاية الفيلم من هو الأمير الهجين الذي عثر هاري على كتيب يحمل اسمه، وساعده ذلك في مواجهته ضد دريكو مالفوي -الشاب الذي وقع اختيار سيد الظلام عليه- لكي يقتل دمبلدور، لكن تظل هناك مشاهد متناثرة تلقي بعض الشكوك على حقيقة ما حدث.
فهناك ذلك الحوار الغامض الذي دار بين بروفسيور سنيب ودمبلدور، الذي استمع هاري إلى جزء منه ولم يفهمه، خاصة عندما قال سنيب لدمبلدور: "أنت تحملني فوق طاقتي"، ثم رفض سنيب أن يقتل دريكو مالفوي وقتله هو لدمبلدور فيما بعد، ثم مشهد طائر الفينيكس أو العنقاء الخاص بدمبلدور، وهو يطير في الأفق، وكلنا يعلم من الأجزاء السابقة أنه له قدرات شفائية.. كل هذه المشاهد المتناثرة تشعرنا بأن هناك مفاجأة تنتظرنا فيما يخص حقيقة موت دمبلدور في الأجزاء القادمة
العاطفة لون الصورة
من الصعب تقويم الخدع البصرية والإيقاع الإخراجي المميز والرائع في هذا الفيلم، لكن اللافت للنظر، إيمان صناع الأفلام العالمية، بضرورة اتساق الشكل مع المضمون بدرجة كاملة، فكما تدب حميمية العلاقات بين أجزاء الأحداث والحبكات، فإن الصورة السينمائية للفيلم تحتوي طول الوقت على ألوان رقيقة وحسيّة، وعلى لقطات للمعانقات والقبلات في كثير من زوايا الكادر، ربما بشكل مبالغ فيه في بعض الأحيان، خاصة أن جمهور بوتر لا يزال يضم أعمارا دون سن البلوغ، مما يؤثر بالسلب على تلقي الفيلم، خاصة بالنسبة للأسر المحافظة.
صحيح أن المخرج لم يصور سوى قبلة واحدة بشكل ساخن، وتعمد أن تختفي في مشاهد القبلات الأخرى عملية التقاء الشفاه، إلا أن العناق العاطفي والإيحاءات بالتلامس المكشوف في اللقطات ظلت أكثر إباحية مما يحتمل المراهقون من عشاق بوتر حول العالم.