يطيب لجمهور السينما عقد المقارنات بين ممثل وممثل، وبين مخرج ومخرج، فيطرح أسئلة من نوع: أيهما أفضل من الآخر، وأيهما الأشهر، هذا الفنان أو ذاك؟ حتى أصبحت هذه المقارنات بين نجوم السينما مِلح المشهد السينمائي يكررها الجمهور في كل مناسبة.
ومن هذا ما يطرح من مقارنة بين النجمين روبرت دي نيرو وآل باتشينو؛ إذ لا تمر مناسبة أو نقاش في موقع إلكتروني عن أحدهما إلا ويأتي ذكر الآخر تبعا كأن قدر الاثنين أن يبقيا في دائرة التنافس منذ انطلاقتهما سويا في بداية السبعينيات!
كما لا ننسى هنا المقارنة المحدودة بأوسكار عام 2000 بين جوليا روبرتس والممثلة الكبيرة عمرا وقدرا إيلين بريستين؛ إذ لا يزال الجمهور يطرح هذا السؤال: من الأحق بأوسكار أفضل ممثلة في تلك السنة، جوليا أم إيلين؟
هذه المقارنات طالت نجوما كثرا إلا أن نجما واحدا تعامل معه الجميع بهدوء، ولم يقحموه في خانة المقارنة مع أحد ولا التنافس مع أحد، هو جاك نيكلسون، كأن الجميع قد اتفق على أن هذا الممثل العبقري خارج المنافسة تمامًا، ولا يليق به أن يدخل في مقارنة مع أي ممثل آخر، وقد لا يكون إبداعه هو سبب كل ذلك؛ لأن هوليود تحوي عددا كبيرا من المبدعين الذي يضاهون نيكلسون في جودة الأداء، لكن -ربما- أن السبب هو طريقة أداء نيكلسون الخاصة جدا، والتي تجعله استثناءً غير قابل للمقارنة.
أسلوبه في التمثيل هادئ بسيط وعفوي حتى لتشعر بأنه لا يمثل، بل يجسد نفسه فحسب، مغلِّفا ذلك بكاريزما ساحرة، ومحببة، وبأسلوب مميز في الكلام، وابتسامة مستفزة وحيوية في الحركة وطلاقة تصل إلى حد الجنون
أسلوبه سر نجاحه
بدأت ملامح هذا الأسلوب تظهر بوضوح في دوره في الفيلم الرائع "السائق البسيط Easy Rider" عام 1969، حين أدى شخصية شاب هادئ جدا يحمل في عقله أفكارا مدمرة، في تناقض مستفز، وقد نال عنه أول ترشيحاته للأوسكار كأفضل ممثل مساعد، وكان وقتها يبلغ الثانية والثلاثين من عمره، وشارك في ستة وعشرين عملا بين سينما وتلفزيون، وكلها غير محسوبة في تاريخه؛ إذ تمثل رحلة البدايات وتلمس الطريق.
أما انفجاره الأعظم، الذي برزت فيه ملامح أسلوبه الفريد في الأداء، فكان مع الرائعة السينمائية "وطار فوق عش الوقواقOne Flew Over the Cuckoo s Nest" عام 1975، الذي استحق عنه أوسكار أفضل ممثل، وفيه أدى شخصية "مكمرفي" السجين الذي نُقل إلى مصحة عقلية ليواجه تسلط المؤسسة، ويزرع أمل الحرية في أرواح زملائه المجانين.
كان أداؤه مجنونا وطليقا إلى الحد الذي جعله من أهم أسباب عظمة الفيلم وخلوده.
مثل هذا الأداء المختلف الذي تفجر مع هذا الفيلم، أصبح فيما بعد سمة لازمة لجميع أدواره اللاحقة، حتى تلك الأدوار الرومانسية التي تتطلب الدفء والهدوء. نرى ذلك في فيلم "Something s Gotta Give" عام 2003 مع ديان كيتون، كما في فيلم As Good as It Gets الذي استحق عنه أوسكاره الثاني كأفضل ممثل رئيس عام 1997.
بل وحتى أدواره التي سبقت عام 1975 كانت تحمل سمات هذا الجنون، ولعل دوره في الفيلمين الجميلين "الحي الصينيChinatown " 1974، وَفيلم "التفصيل الأخيرThe Last Detail" خير مثال على ذلك، وقد أدى في الأول منهما دور محقق خاص يتورط في قضية غامضة خلفها امرأة، وفي الفيلم الثاني أدى دور شرطي مكلف بتوصيل مجرم لينفذ فيه حكم الإعدام.
الحديث عن هذا المبدع يطول مع قائمة الأعمال التي قدمها، والتي تجاوزت السبعين، لكن ما يهم هنا هو سؤالنا الأول: لماذا ابتعدت المقارنات عن نيكلسون؟ الأدوار المذكورة أعلاه، يضاف لها دوره في رائعة كويبريك "الشعاعThe Shining" 1980، ودوره في الفيلم الملحمي "حمر Reds" مع وارن بيتي 1981، ودوره في "ساعي البريد يطرق الباب مرتينThe Postman Always Rings Twice" أيضا عام 1981، وأفلام كثيرة غيرها، كلها تعطينا الجواب: إنه مميز، وفريد في أسلوبه، مختلف عن البقية، وقبل هذا هو موهوب بالفطرة، لذلك اتفق الجميع عليه.
ومن هذا ما يطرح من مقارنة بين النجمين روبرت دي نيرو وآل باتشينو؛ إذ لا تمر مناسبة أو نقاش في موقع إلكتروني عن أحدهما إلا ويأتي ذكر الآخر تبعا كأن قدر الاثنين أن يبقيا في دائرة التنافس منذ انطلاقتهما سويا في بداية السبعينيات!
كما لا ننسى هنا المقارنة المحدودة بأوسكار عام 2000 بين جوليا روبرتس والممثلة الكبيرة عمرا وقدرا إيلين بريستين؛ إذ لا يزال الجمهور يطرح هذا السؤال: من الأحق بأوسكار أفضل ممثلة في تلك السنة، جوليا أم إيلين؟
هذه المقارنات طالت نجوما كثرا إلا أن نجما واحدا تعامل معه الجميع بهدوء، ولم يقحموه في خانة المقارنة مع أحد ولا التنافس مع أحد، هو جاك نيكلسون، كأن الجميع قد اتفق على أن هذا الممثل العبقري خارج المنافسة تمامًا، ولا يليق به أن يدخل في مقارنة مع أي ممثل آخر، وقد لا يكون إبداعه هو سبب كل ذلك؛ لأن هوليود تحوي عددا كبيرا من المبدعين الذي يضاهون نيكلسون في جودة الأداء، لكن -ربما- أن السبب هو طريقة أداء نيكلسون الخاصة جدا، والتي تجعله استثناءً غير قابل للمقارنة.
أسلوبه في التمثيل هادئ بسيط وعفوي حتى لتشعر بأنه لا يمثل، بل يجسد نفسه فحسب، مغلِّفا ذلك بكاريزما ساحرة، ومحببة، وبأسلوب مميز في الكلام، وابتسامة مستفزة وحيوية في الحركة وطلاقة تصل إلى حد الجنون
أسلوبه سر نجاحه
بدأت ملامح هذا الأسلوب تظهر بوضوح في دوره في الفيلم الرائع "السائق البسيط Easy Rider" عام 1969، حين أدى شخصية شاب هادئ جدا يحمل في عقله أفكارا مدمرة، في تناقض مستفز، وقد نال عنه أول ترشيحاته للأوسكار كأفضل ممثل مساعد، وكان وقتها يبلغ الثانية والثلاثين من عمره، وشارك في ستة وعشرين عملا بين سينما وتلفزيون، وكلها غير محسوبة في تاريخه؛ إذ تمثل رحلة البدايات وتلمس الطريق.
أما انفجاره الأعظم، الذي برزت فيه ملامح أسلوبه الفريد في الأداء، فكان مع الرائعة السينمائية "وطار فوق عش الوقواقOne Flew Over the Cuckoo s Nest" عام 1975، الذي استحق عنه أوسكار أفضل ممثل، وفيه أدى شخصية "مكمرفي" السجين الذي نُقل إلى مصحة عقلية ليواجه تسلط المؤسسة، ويزرع أمل الحرية في أرواح زملائه المجانين.
كان أداؤه مجنونا وطليقا إلى الحد الذي جعله من أهم أسباب عظمة الفيلم وخلوده.
مثل هذا الأداء المختلف الذي تفجر مع هذا الفيلم، أصبح فيما بعد سمة لازمة لجميع أدواره اللاحقة، حتى تلك الأدوار الرومانسية التي تتطلب الدفء والهدوء. نرى ذلك في فيلم "Something s Gotta Give" عام 2003 مع ديان كيتون، كما في فيلم As Good as It Gets الذي استحق عنه أوسكاره الثاني كأفضل ممثل رئيس عام 1997.
بل وحتى أدواره التي سبقت عام 1975 كانت تحمل سمات هذا الجنون، ولعل دوره في الفيلمين الجميلين "الحي الصينيChinatown " 1974، وَفيلم "التفصيل الأخيرThe Last Detail" خير مثال على ذلك، وقد أدى في الأول منهما دور محقق خاص يتورط في قضية غامضة خلفها امرأة، وفي الفيلم الثاني أدى دور شرطي مكلف بتوصيل مجرم لينفذ فيه حكم الإعدام.
الحديث عن هذا المبدع يطول مع قائمة الأعمال التي قدمها، والتي تجاوزت السبعين، لكن ما يهم هنا هو سؤالنا الأول: لماذا ابتعدت المقارنات عن نيكلسون؟ الأدوار المذكورة أعلاه، يضاف لها دوره في رائعة كويبريك "الشعاعThe Shining" 1980، ودوره في الفيلم الملحمي "حمر Reds" مع وارن بيتي 1981، ودوره في "ساعي البريد يطرق الباب مرتينThe Postman Always Rings Twice" أيضا عام 1981، وأفلام كثيرة غيرها، كلها تعطينا الجواب: إنه مميز، وفريد في أسلوبه، مختلف عن البقية، وقبل هذا هو موهوب بالفطرة، لذلك اتفق الجميع عليه.