الثلج والجليد والبرد: كل هذه الأشياء قد تدلت على الحوادث والأسقام
والجدري والبرسام، وعلى العذاب والأغرام النازلة بذلك المكان الذي يرى ذلك
فيه، وبالبلد الذي نزل به، وكذلك الحجارة والنار، لأنّها تفسد الزرع والشجر
والثمر، وتعقل السفن، وتضر الفقير وتهلكه في القر والبرد، وتسقم في بعض
الأحيان، وربما دلت على الحرب والجراد وأنواع الجوائح، وربما دلت على الخصب
والغنى وكثرة الطعام في الأنادر، وجريان السيول بين الشجر.
فمن رأى ثلجاً نزل من السماء وعم في الأرض، فإن كان ذلك في أماكن الزرع
وأوقات نفعه، دل ذلك على كثرة النور وبركات الأرض وكثرة الخصب، حتى يملأ
تلك الأماكن بالإطعام والإنبات، كامتلائها بالثلج، وأما إن كان ذلك بها في
أوقات لا نفع فيه للأرض ونباتها، فإنّ ذلك دليل على جور السلطان وسعي أصحاب
الثغور. وكذلك إن كان الثلج في وقت نفعه أو غيره، غالباً على المساكن
والشجر والناس، فإنّه جور يحل بهم وبلاء ينزل بجماعتهم، أو جائحة على
أموالهم، على قدر زيادة الرؤيا وشواهدها. وكذلك إن رأى في الحضارة، وفي غير
مكان الثلج كالدور والمحلات، فإنّ ذلك عذاب وبلاء وأسقام، أو موتان أو
غرام يرمي عليهم وينزل عليهم، وربما دل على الحصار والقلة عن الأسفار وعن
طلب المعاش.
وكذلك الجليد: لأنّه لا خير فيه، وقد يكون ذلك جلداً من الشيطان، أو ملك أو
غيره وأما البرد: فإن كان في أماكن الزرع والنبات ولم يفسد شيئاً ولا ضر
أحداً، فإنّه خصب وخير، وقد يدل على المن والجراد الذي لا يضر، وعلى القطا
والعصفور، فكيف إن كان الناس عند ذلك يلقطونه في الأوعية، ويجمعونه في
الأسقية. وكذلك الثلج أو الجليد، فإنّها فوائد وغلات وثمار وغنائم ودراهم
بيض، وإن أضر البرد بالزرع أو بالناس أو كان على الدور والمحلات، فإنّه
جوائح وإغرام ترمى على الناس، أو جدري وحبوب وقروح تجمع وتذوب، وأما من حمل
البرد في منخل أو ثوب، أو فيما لا يحمل الماء فيه، فإن كان غنياً ذاب
كسبه، وإن كان له بضاعة في البحر خيف عليها، وإن كان فقيراً فجميع ما يكسبه
ويفيده لا بقاء له عنده، ولا يدخر لدهره شيئاً منه، وقال بعضهم: الثلج
الغالب تعذيب السلطان لرعيته، وقبح كلامه لهم، ومن رأى الثلج يقع عليه،
سافر سفراً بعيداً فيه معزة. والثلج هم إلا أن يكون من الثلج قليلاً غير
غالب في جنبه وموضعه الذي يثلج فيه الموضع، وفي الذي لا ينكر الثلج فيه،
فإن كان كذلك، فإنَّ الثلج خصب لأهل ذلك الموضع، وإن كان كثيراً غالباً لا
يمكن كسحه، فإنّه حيئنذٍ عذاب يقع في ذلك المكان.
ومن أصابه برد الثلج في الشتاء والصيف، فإنّه يصيبه فقر، ومن اشترى وقر ثلج
في الصيف، فإنّه يصيب ما لا يستريح إليه، ويستريح من غم بكلام حسن، أو
بدعاء لمكان الثلج، فإن ذاب الثلج سريعاً، فإنّه تعب وهم يذهب سريعاً، فإن
رأى أنّ الأرض مزروعة يابسة وثلوجاً، فإنّه بمنزلة المطر، وهو رحمة وخصب.
ومن ثلج وعليه وقاية من الثلج، فإنّه لا يصعب عليه، لما قد تدثر وتوقى به،
وهو رجل حازم ولا يروعه ذلك، وقيل من وقع عليه الثلِج، فإن عدوه ينال منه.
ومن أصاب من البرد شيئاً معدوداً، فإنه يصيب مالاً ولؤلؤاً.
وقيل: البرد إذا نزل من السماء، تعذيب من السلطان للناس، وأخذ أموالهم.
والنوم على الثلج يدل على التقيد، ومن رأى كأنّ الثلج علاه، فإنّه تعلوه
هموم، فإن ذاب الثلج زال الهم.
وأما أصل القر، ففقر. والجليد هم وعذاب، إلا أن يرى الإنسان أنّه جعل ماء
وعاء فجمد به، فإنَّ ذلك يدل على إصابة مال باق. والمجمدة بيت مال الملك
وغيره.