الهائمات العشر - الدكتور سعيد الرواجفه ,
حقوق المؤلف محفوظة .
يسمح الإقتباس مع ذكر المصدر والمؤلف
الهائمات العشر
الجزء الأول
من
ديوان الغرندل
المؤلف:
الدكتور سعيد أحمد الرواجفه
المقدمة:
صوت يصرخ في البريّة
يتردّد في الصحراء
يتردّى في قاع البحر
لاشئ
غير الصّدى في المقابر
وأشباح الموتى
والأرواح المنحطة
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا الكتاب
كتب جميعه قبل نهاية عام 1988 واشترك في جائزة يوسف الخال الدولية في لندن لعام 1989واعتمد رسميا للمسابقة وفي التصفية النهائية حجبت عنه الجائزة لعدم التوافق مع شرطها الاساسي وهو أن يكون حرا وليس عموديا.
في هذا الكتاب إشارات متعدّده هنا وهناك لأحداث وقعت فيما بعدوأحداث لم تقع بعدوقد كانت تلك الإشارات سابقه لها جميعا .مضمون هذا الكتاب كاملا يدور حول وقائع عامه وليس فيه ما يتعلق بآية واقعية شخصية وهو ليس موجّه لعامة الشّارع بل للمثقفين بشكل خاص.
المؤلف:الدكتور سعيد الرواجفه
تلفون:3244484/05
خلوي:6678352/079
سجل في دائرة المطبوعات والنشر تحت رقم:
95321و841 عمان في 17 /6/1991م
الهائمة الغيبية
******
حوار مع
ميت
98 بيتا حوار مع ميت________________________________________
الدكتور سعيد أحمد الرواجفه
الموت أقبل من فتوق مجعّد
لا فرق بين موسّد ومّسهّد
الكلّ يلهث في الحطام مكبّلا
والموت يرقب من ثقوب المرصد
طعم المنايا في الحنايا مبهم
الحتف يأتي رغم أنف السّؤدد
يا ربّ عبدك قد دنا من قبره
يحثو الخطى رحماك إن لم يزهد
هذا ملاك الموت لملم شكله
نصف البياض لنصّفه المتسوّد
في الوجه ذي اللّونين عين عوّرت
في بؤيؤء الأخرى لهيب الموقد
أطرافه كثر فلم أعدد لها
أخّماصه آلآف لمّا تعدد
في كلّ إصبع مدية قد علّقت
وتسدّدت غزر كعصف المحصد
هل أنت يا هذا ذوينا المبتغى
هل أنت في روع عم متعنقد
وبدا يلملم مهجتي وحشاشتي
بين أصبعين وثالث في مكبدي
قدماي تبرد مستقيل حسّها
وكذا الأنامل والمرافق والثّدي
وشعاع نفسي في الصّفاق وفي ال
قفا متنسّل متلفلف في الصّعد
فتتلتلت أنوار روحي ودوّرت
فشخصت أنظر في دماغي فرقد
والرّغرغات تكدست في منحري
متحشرج أوّارها المستنجد
ورأيت ذاتي قد تحرّر سجنها
أطوى بكفّه مثل ضوء مبعد
ورأيت جسمي قد تحوّل جثّة
كلّ يقول فنى فلمّا أردد
فتكاثر النّوّاح حولي فجأة
ودموع ذاك الصّارخ المتوجّد
وبدأت أسمع من قريض مادح
لله درّه من طبيب أمجد
كثر الثّنا وتعدّدت أشكاله
لا ينفع الإطراء مهما يفرد
وضعوا لجسمي فوق لوح أحدب
بعد الغسيل وبعد لفّ المنضد
صلّوا فلم يركع بها أحد ولم
يذكر بها إسمي ولمّا يسجد
وتعاقب الخطباء هذا واعظ
أو ذاك أسهب في الزّغا المتوعّد
لو كنت أنطق حينها لوعظتهم
"هذي مخاوفكم تؤرّق من غد"
وتنازع العبّاد حمل جنازتي
كلّ يريد ثواب ربّ المشهد
عند المقابر والحقائق نوّم
ولسان حال لحودهم لم يصدد
عند المقابر حيث صمت ناطق
والبحر يبتلع السّكون السرمدي
هذي إلأماكن قد عفت أضرابها
في بطن دهر لم يزل يتزوّد
بلع الخلائق والحياة وكلّ ما
تعطيه لم يسأم ولم يتردّد
في ذي المقابر ألحدوا قبري أنا
والله يجزل أجر ما للملحد
وضعوا الجنازة قرب قبر ملحد
قعدوا وذاك الشّيخ لا لم يقعد
وبدا يلقّن ميّتا كلماته
هل ينفع التّلقين من لم يعدد
أدخلت في رحم حنون لا يرى
متشكّيا عددا ولم يتمرّد
هالوا التّراب وأسرعوا خطواتهم
قد كنت أسمع وقع مشي صربد
ذهبوا جميعا خائفين من الرّدى
هل يرهب الأحياء إلاّ مرقدي
وتنازع الملكان كوني بينهم
ما كنت يا هذا رفيق المعبد
ما كنت يا هذا تصلّي دائما
كثرت ذنوبك مثل بحر مزبد
هذا كتابك فاجترئ لقراءة
إنّ الكتاب محصّن لم يفقد
فرفعت من وجلي بنانا أيمنا
الله زارع ذ البنانة في يدي
قد كنت أعلم أنّ ربّي واحد
هذا النّجاء وذا بناني شاهدي
والظّنّ بالله كريم جنابه
أبدا توحّد في الأمور ومقصدي
فرأيت نفسي في الفضاء مصعّدا
جنبي خيال للملاك الأسود
ودخلت قصرا في الفراغ معلّقا
أحجاره من جوهر وزبرجد
متحمّرا متخضّرا متلوّنا
متجمّعا فيه بريق العسجد
فيه الضّياء تعددّت أشكالها
والعلم فيه منبع للوافد
وتكشّفت حجب لذي واقشوشعت
أستارها وتقلّصت لم تصمد
وبدا هنالك برزخ لا منتهي
فيه البداية والنّهاية والهدي
وتجمّعت فيه الأنام فذا الضّياء
مع الضّباب مع الشّهيد مع الدّعي
كل تشاهد روحه ما أسفلت
ليس المهمّ كثير بيع العبّد
ما كانت الصّلوات غير وسيلة
فيها إكتمال النّفس للمتوعّد
لتحمّل الأنوار من ذات العلي
لا توهج الأنوار في شيء صدي
ناموس خلق وفّقت أسراره
في تانك الدّنيا وفي ذا الموعد
والعدل مطلق والظّلام مبدّد
إلاّ على مستعبد مستبدد
وكذا أولئك من رضوا ببقائه
ندّ لذاك الضّائع المتأبّد
من يرض بالظّلم الغشوم لنفسه
طبع الظّلوم طباعه في المحشد
لا تجهد الأنفاس في متنفّس
لا تسعد الأقدار من لم يسعد
وسحبت توّا تاركا ذا البرزخ
مستصرخا شبحا ولا من منجد
ورأيت نفسي في المقابر تائها
أرنو لقبر من قبيري أجدد
قد مرّت الأّعوام مثل لحيظة
كرّت بها نفسي ولم تتشدّد
فقدمت ذاك القبر أسأل من به:
أرأيت قبري في الرّكود الرّاقد
مدّت إليّ يد نصافح بعضنا
جثث منخّرة تصافح باليد
"كيف الزّمان ومن تركت رحالهم
أأمورهم بقيت ولم تتجدّد؟"
فأجابني صوت مكركر صافرا
كالرّيح في الظّلما بغيم مرعد
"إسمي بلىبيتي الفناء وجارتي
رقطاء في الزّمن الذّي لم يوجد
متعجّل أرى جاء قبلا في هنا
متلهّف متقدّم للمورد
كيف الزّمان وكيف تحسب حاله!
إنّ الزّمان هنا كما المتجمّد!
لاشيء يعنيه لنا ما قد مضى
من ذا الزّمان وآتي المتجدّد!
كونا جديدا قد رأينا ها هنا
إنّ الممات شبيه يوم المولد"
هيّا إلى ذا الجمع نحّضر لمّهم
أهل الّمقابر جمّعوا في المعيد
هذا الّرميم لقد دعوه مخلّدا
يا للرّميم به رفات مخلّد
أنظر لذا كاس دعي
متفسّخا في هيكل متجرّد
ذا طيّب متقرّح آذانه
والدّود في الأمعاء في المتخثّرد
قد حلّ ضيفا في ركاب رحابنا
والزّاد بعد لأهله في المزود
والآخرون:معطّر ومكمّل
ومجمّل ومحّسن لم يرشد
ذاك الّذي متقوقعا متنتّنا
متكوّما مثل البقايا الرّجّد
كان الزّعيم لقومه طاغ بهم
واليوم يقعي بائسا بالمفرد
نبذوا له كرهوا رياح جيافه
لا يرغب الأموات ريح المفسد
يا كاشف العورات من ثغراتنا
لا يقنع الجهّال قول الرّوّد
هيّا لقبرك فابتلع أحداثه
وانظر لطيفك في الصّدى المّترّدّد
فدخلت قبري خاويا متعظّما
فوق الرّفات كأنّني لم أوجد
هذي بقايايا يهدّدها البنا
ما للشّيوخ لجمع مال قوّد
هاتوا شجيرات تظلّ ضيوفيا
كي يعبروا لثواء ذا المتمدّد
وليقرؤا عبرا بقبري دوّنت
ولينقلوا خبري إلى من يجحد
آثار قبري في الفلاة ترسّمت
كم يرسم القرّاء مقطع أبجد!
ويمرّ في قبري سبيل عابر
ويرى بقريي راحم متوجّدي
كم كنت يا ذا القبر تطفح فرحة
واليوم بال مثل كحل المرود
لله درّك يوم كنت شريكنا
سمحا كريما في الخلاق الأحمد
كم كنت تطمح أن تكون مخلّدا
رغم اليقين يكون يوم العوّد
كيف الغموض فهل علمتم عندكم
أإلى الفناء أم البقاء الأخلد
ويجيء من قبري صدى متهامسا
مثل السّراب العائم المتبدّد
كيف العيال وكيف أهلي كلّهم
ما بال عامر والصّغير محّمد؟
زيد ومروان(1) بنيّ فقل لهم
غزّوا على قبري نصائب شهّدي
وليحفر الحفّار فوق صفوحها
نقشا صريحا من لسان مبدّد
"لا شيءّ في الدّنيا يدوم بقاءه
غير التّوجّه نحو ربّ أوحد
________________________________________
(1)تنبأ المؤلف بمروان قبل مجيئه فعوقب بأن جاء سقطا
والحبّ للبؤساء نور خالد
إنّ المحّبة أصل كنه الموجد"
وإذا بعامر في الصّباح يشدّني
ويهزّني في النّائم المتوسّد
بالباب مرضى قد تعالى صوتهم
هيّا أبي إنهض سريعا وأرشد
فصحوت أنظر في الأمور لبرهة
هل كان رؤيا أم حقائق في غدي!!
**********************************************
*********************************
************
****
*
حقوق المؤلف محفوظة .
يسمح الإقتباس مع ذكر المصدر والمؤلف
الهائمات العشر
الجزء الأول
من
ديوان الغرندل
المؤلف:
الدكتور سعيد أحمد الرواجفه
المقدمة:
صوت يصرخ في البريّة
يتردّد في الصحراء
يتردّى في قاع البحر
لاشئ
غير الصّدى في المقابر
وأشباح الموتى
والأرواح المنحطة
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا الكتاب
كتب جميعه قبل نهاية عام 1988 واشترك في جائزة يوسف الخال الدولية في لندن لعام 1989واعتمد رسميا للمسابقة وفي التصفية النهائية حجبت عنه الجائزة لعدم التوافق مع شرطها الاساسي وهو أن يكون حرا وليس عموديا.
في هذا الكتاب إشارات متعدّده هنا وهناك لأحداث وقعت فيما بعدوأحداث لم تقع بعدوقد كانت تلك الإشارات سابقه لها جميعا .مضمون هذا الكتاب كاملا يدور حول وقائع عامه وليس فيه ما يتعلق بآية واقعية شخصية وهو ليس موجّه لعامة الشّارع بل للمثقفين بشكل خاص.
المؤلف:الدكتور سعيد الرواجفه
تلفون:3244484/05
خلوي:6678352/079
سجل في دائرة المطبوعات والنشر تحت رقم:
95321و841 عمان في 17 /6/1991م
الهائمة الغيبية
******
حوار مع
ميت
98 بيتا حوار مع ميت________________________________________
الدكتور سعيد أحمد الرواجفه
الموت أقبل من فتوق مجعّد
لا فرق بين موسّد ومّسهّد
الكلّ يلهث في الحطام مكبّلا
والموت يرقب من ثقوب المرصد
طعم المنايا في الحنايا مبهم
الحتف يأتي رغم أنف السّؤدد
يا ربّ عبدك قد دنا من قبره
يحثو الخطى رحماك إن لم يزهد
هذا ملاك الموت لملم شكله
نصف البياض لنصّفه المتسوّد
في الوجه ذي اللّونين عين عوّرت
في بؤيؤء الأخرى لهيب الموقد
أطرافه كثر فلم أعدد لها
أخّماصه آلآف لمّا تعدد
في كلّ إصبع مدية قد علّقت
وتسدّدت غزر كعصف المحصد
هل أنت يا هذا ذوينا المبتغى
هل أنت في روع عم متعنقد
وبدا يلملم مهجتي وحشاشتي
بين أصبعين وثالث في مكبدي
قدماي تبرد مستقيل حسّها
وكذا الأنامل والمرافق والثّدي
وشعاع نفسي في الصّفاق وفي ال
قفا متنسّل متلفلف في الصّعد
فتتلتلت أنوار روحي ودوّرت
فشخصت أنظر في دماغي فرقد
والرّغرغات تكدست في منحري
متحشرج أوّارها المستنجد
ورأيت ذاتي قد تحرّر سجنها
أطوى بكفّه مثل ضوء مبعد
ورأيت جسمي قد تحوّل جثّة
كلّ يقول فنى فلمّا أردد
فتكاثر النّوّاح حولي فجأة
ودموع ذاك الصّارخ المتوجّد
وبدأت أسمع من قريض مادح
لله درّه من طبيب أمجد
كثر الثّنا وتعدّدت أشكاله
لا ينفع الإطراء مهما يفرد
وضعوا لجسمي فوق لوح أحدب
بعد الغسيل وبعد لفّ المنضد
صلّوا فلم يركع بها أحد ولم
يذكر بها إسمي ولمّا يسجد
وتعاقب الخطباء هذا واعظ
أو ذاك أسهب في الزّغا المتوعّد
لو كنت أنطق حينها لوعظتهم
"هذي مخاوفكم تؤرّق من غد"
وتنازع العبّاد حمل جنازتي
كلّ يريد ثواب ربّ المشهد
عند المقابر والحقائق نوّم
ولسان حال لحودهم لم يصدد
عند المقابر حيث صمت ناطق
والبحر يبتلع السّكون السرمدي
هذي إلأماكن قد عفت أضرابها
في بطن دهر لم يزل يتزوّد
بلع الخلائق والحياة وكلّ ما
تعطيه لم يسأم ولم يتردّد
في ذي المقابر ألحدوا قبري أنا
والله يجزل أجر ما للملحد
وضعوا الجنازة قرب قبر ملحد
قعدوا وذاك الشّيخ لا لم يقعد
وبدا يلقّن ميّتا كلماته
هل ينفع التّلقين من لم يعدد
أدخلت في رحم حنون لا يرى
متشكّيا عددا ولم يتمرّد
هالوا التّراب وأسرعوا خطواتهم
قد كنت أسمع وقع مشي صربد
ذهبوا جميعا خائفين من الرّدى
هل يرهب الأحياء إلاّ مرقدي
وتنازع الملكان كوني بينهم
ما كنت يا هذا رفيق المعبد
ما كنت يا هذا تصلّي دائما
كثرت ذنوبك مثل بحر مزبد
هذا كتابك فاجترئ لقراءة
إنّ الكتاب محصّن لم يفقد
فرفعت من وجلي بنانا أيمنا
الله زارع ذ البنانة في يدي
قد كنت أعلم أنّ ربّي واحد
هذا النّجاء وذا بناني شاهدي
والظّنّ بالله كريم جنابه
أبدا توحّد في الأمور ومقصدي
فرأيت نفسي في الفضاء مصعّدا
جنبي خيال للملاك الأسود
ودخلت قصرا في الفراغ معلّقا
أحجاره من جوهر وزبرجد
متحمّرا متخضّرا متلوّنا
متجمّعا فيه بريق العسجد
فيه الضّياء تعددّت أشكالها
والعلم فيه منبع للوافد
وتكشّفت حجب لذي واقشوشعت
أستارها وتقلّصت لم تصمد
وبدا هنالك برزخ لا منتهي
فيه البداية والنّهاية والهدي
وتجمّعت فيه الأنام فذا الضّياء
مع الضّباب مع الشّهيد مع الدّعي
كل تشاهد روحه ما أسفلت
ليس المهمّ كثير بيع العبّد
ما كانت الصّلوات غير وسيلة
فيها إكتمال النّفس للمتوعّد
لتحمّل الأنوار من ذات العلي
لا توهج الأنوار في شيء صدي
ناموس خلق وفّقت أسراره
في تانك الدّنيا وفي ذا الموعد
والعدل مطلق والظّلام مبدّد
إلاّ على مستعبد مستبدد
وكذا أولئك من رضوا ببقائه
ندّ لذاك الضّائع المتأبّد
من يرض بالظّلم الغشوم لنفسه
طبع الظّلوم طباعه في المحشد
لا تجهد الأنفاس في متنفّس
لا تسعد الأقدار من لم يسعد
وسحبت توّا تاركا ذا البرزخ
مستصرخا شبحا ولا من منجد
ورأيت نفسي في المقابر تائها
أرنو لقبر من قبيري أجدد
قد مرّت الأّعوام مثل لحيظة
كرّت بها نفسي ولم تتشدّد
فقدمت ذاك القبر أسأل من به:
أرأيت قبري في الرّكود الرّاقد
مدّت إليّ يد نصافح بعضنا
جثث منخّرة تصافح باليد
"كيف الزّمان ومن تركت رحالهم
أأمورهم بقيت ولم تتجدّد؟"
فأجابني صوت مكركر صافرا
كالرّيح في الظّلما بغيم مرعد
"إسمي بلىبيتي الفناء وجارتي
رقطاء في الزّمن الذّي لم يوجد
متعجّل أرى جاء قبلا في هنا
متلهّف متقدّم للمورد
كيف الزّمان وكيف تحسب حاله!
إنّ الزّمان هنا كما المتجمّد!
لاشيء يعنيه لنا ما قد مضى
من ذا الزّمان وآتي المتجدّد!
كونا جديدا قد رأينا ها هنا
إنّ الممات شبيه يوم المولد"
هيّا إلى ذا الجمع نحّضر لمّهم
أهل الّمقابر جمّعوا في المعيد
هذا الّرميم لقد دعوه مخلّدا
يا للرّميم به رفات مخلّد
أنظر لذا كاس دعي
متفسّخا في هيكل متجرّد
ذا طيّب متقرّح آذانه
والدّود في الأمعاء في المتخثّرد
قد حلّ ضيفا في ركاب رحابنا
والزّاد بعد لأهله في المزود
والآخرون:معطّر ومكمّل
ومجمّل ومحّسن لم يرشد
ذاك الّذي متقوقعا متنتّنا
متكوّما مثل البقايا الرّجّد
كان الزّعيم لقومه طاغ بهم
واليوم يقعي بائسا بالمفرد
نبذوا له كرهوا رياح جيافه
لا يرغب الأموات ريح المفسد
يا كاشف العورات من ثغراتنا
لا يقنع الجهّال قول الرّوّد
هيّا لقبرك فابتلع أحداثه
وانظر لطيفك في الصّدى المّترّدّد
فدخلت قبري خاويا متعظّما
فوق الرّفات كأنّني لم أوجد
هذي بقايايا يهدّدها البنا
ما للشّيوخ لجمع مال قوّد
هاتوا شجيرات تظلّ ضيوفيا
كي يعبروا لثواء ذا المتمدّد
وليقرؤا عبرا بقبري دوّنت
ولينقلوا خبري إلى من يجحد
آثار قبري في الفلاة ترسّمت
كم يرسم القرّاء مقطع أبجد!
ويمرّ في قبري سبيل عابر
ويرى بقريي راحم متوجّدي
كم كنت يا ذا القبر تطفح فرحة
واليوم بال مثل كحل المرود
لله درّك يوم كنت شريكنا
سمحا كريما في الخلاق الأحمد
كم كنت تطمح أن تكون مخلّدا
رغم اليقين يكون يوم العوّد
كيف الغموض فهل علمتم عندكم
أإلى الفناء أم البقاء الأخلد
ويجيء من قبري صدى متهامسا
مثل السّراب العائم المتبدّد
كيف العيال وكيف أهلي كلّهم
ما بال عامر والصّغير محّمد؟
زيد ومروان(1) بنيّ فقل لهم
غزّوا على قبري نصائب شهّدي
وليحفر الحفّار فوق صفوحها
نقشا صريحا من لسان مبدّد
"لا شيءّ في الدّنيا يدوم بقاءه
غير التّوجّه نحو ربّ أوحد
________________________________________
(1)تنبأ المؤلف بمروان قبل مجيئه فعوقب بأن جاء سقطا
والحبّ للبؤساء نور خالد
إنّ المحّبة أصل كنه الموجد"
وإذا بعامر في الصّباح يشدّني
ويهزّني في النّائم المتوسّد
بالباب مرضى قد تعالى صوتهم
هيّا أبي إنهض سريعا وأرشد
فصحوت أنظر في الأمور لبرهة
هل كان رؤيا أم حقائق في غدي!!
**********************************************
*********************************
************
****
*